|
9 ـ لا ضرر لا يفي بالضمان |
|
الإشكال التاسع: ما ذكره الشيخ محمد حسن المامقاني ـ قده ـ في البشرى(1) قال: (ان لا ضرر بكل المعاني الخمسة المذكورة لها لا يفي بإثبات الضمان، ثم ذكر واحداً واحداً منها ما حاصله: أما المعنيان الأولان ـ: كون النفي بمعنى النهي، فلا ضرر يعني: لا يضر أحدٌ أحداً، وكون النفي على حقيقته لكن الأمر التكليفي ينشأ من تقدير بمعنى: لا ضرر مأذوناً، وقد ذكرهما في البشرى ص / 577 وقال ـ فعدم افادتهما الضمان ظاهر لعدم التلازم بين التحريم وبين الضمان). أقول فيه: انه لا يبعد دلالتهما على الضمان ـ ولو اجمالاً ـ بتقريب ان النهي في الماليات يفيد الضمان، نظير قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) فإنه ظاهر في أن الأكل بالباطل موجب للضمان بإضافة حرمته، وذلك للظهور العرفي. وقد استدل الفقهاء بـ: (ولا تأكلوا) على الضمان، وبطلان العقد في كثير من الموارد في المعاملات، منها: في المكاسب، في الاستدلال على بطلان عقد الفضولي بهذه الآية المباركة(2)، ومنها: في المكاسب أيضاً في خيار الغبن ـ قال الشيخ بعد استدلال العلامة له بـ (تجارة عن تراض). (ولو ابدل قدس سره هذه الآية بقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) كان أولى...)(3) إلى غير ذلك. ونظيره الأوامر في الماليات التي تفيد الوضع والضمان مثل: (أوفوا بالعقود) الذي استدل به الشيخ تبعاً للمشهور(4) على اصالة اللزوم في البيع، فإنه لا يدل على مجرد الحكم التكليفي فقط، وهو الوجوب، بل يدل على اللزوم للعقد أيضاً. قال في البشرى: وأما المعنى الثالث لـ (لا ضرر) وهو: (لا ضرر غير المتدارك في الإسلام) فهو أيضاً لا يشمل العدميات، لأن غايته هو الأمر التشريعي بضمان من بدون ضمانه يكون ضرر على الآخر، وظاهر ان الأمربالضمان ليس تداركاً للضرر، بل التدارك هو رفع الضرر تكويناً. وفيه أولاً: (لا ضرر) في الحكومة على الوجوديات أيضاً لا يفيد التدارك التكويني، فلا يختص هذا الايراد في العدميات. وثانياً: لاشك ان (لا ضرر) حكم تشريعي وفي وعاء الشريعة، لا حكم تكويني، ومعنى التدارك التشريعي هو الأمر به، وهو لا يختلف وجوديه عن عدميه. قال في البشرى: (وأما المعنى الرابع وهو ان يكون معنى (لا ضرر): ان الأحكام الواقعية كلها منافع للعباد ليس فيها ضرر عليهم فهذا أيضاً لا يشمل العدميات، بتقريب: ان فتح القفص وطيران الطائر مثلاً، لو كان حكمه الواقعي غير الحرمة ـ من الوجوب أو الاستحباب أو الكراهة أو الاباحة ـ كان ضررياً ومرتفعاً، لكنه يحتمل في الواقع كون حكمه الحرمة، وليس ضررياً إذن، ولا يعلم الحل الواقعي حتى يكون (لا ضرر) إخباراً عن عدم مثله، وأما الحِل الظاهري ـ وهو أصل الحِل ـ فلم يعلم كونه حكماً شرعياً، أي أحد الأحكام الخمسة حتى يكون (لا ضرر) أخباراً عن عدمه). أقول: فيه أولاً: ان كان الفعل الذي تضرر به زيد، تصرفاً في مال زيد، فلا شك في حرمته، ولا كلام فيه، إنما الكلام في الضمان، وان كان ذاك الفعل تصرفاً فيما يجوز له، كالأكل من باب حق المارة، أو من بيوت من تضمنته الآية الكريمة، أو النظر شزراً إلى الطائر فخاف وطار ـ على القول بجوازه لأنه ليس تصرفاً، ولا دليل على حرمة هذا النوع من ايذاء الحيوان ـ فهو مسلّم الحلّية الواقعية، و (لا ضرر) ينفي مثله، فيضمن الضار ـ على قول ـ وأما أصل الحل فهو مع عدم العلم بكونه حكماً شرعياً، لكنه نازل منزلته في التنجيز والاعذار، فهو من هذه الجهة كالحل الواقعي. وثانياً: ان كان مدار هذا المعنى الرابع على التكليفي، فمرجعه إلى المعنيين الأولين وقد مرّ جوابهما. وان كان مدار المعنى على الحكم الوضعي وهو الضمان، فهو يثبت الضمان، سواء كان الحكم الواقعي أو الظاهري. قال في البشرى: (وأما المعنى الخامس وهو عدم جعل الحكم الضرري فلا ريب ان عدم الضمان ليس حكماً حتى يرفع بـ (لا ضرر). وفيه: ما مرّ مفصّلاً في أول المبحث السابع من ان عدم الضمان في مثله ضرر، فلا نعيد. والحاصل: ان (لا ضرر) حاكم على العدميات أيضاً بكل واحد من المعاني الخمسة التي ذكرها المامقاني لجملة (لا ضرر). هذا تمام الكلام فيما عثرت عليه من الاشكالات على حكومة (لا ضرر) على العدميات أيضاً كالوجوديات، وما فيها ـ، فتأمل. |
|
(تتمّات: الأولى) النائيني (ره): الضرر لا يوجب الضمان |
|
ذكر المحقق النائيني في رسالة لا ضرر: (قد يتوهم ان بعض الروايات بدل على أن نفس الضرر موجب للضمان، مثل ما ورد في من حوّل نهره عن رحى الغير انه يرجعه إلى حاله، ومثل ما ورد فيمن اسقط الشرافة الساترة بينه وبين جاره انه يعيدها إلى حالها الأولى)(5). ثم اورد على الخبرين بأمور قابلة للمناقشة: أحدها: خبر اعادة بناء السترة، قال فيها: (فلم نجده في مجامع الأخبار). أقول: انه قد سبق انا ذكرنا الرواية عن المستدرك عن الدعائم. ثانيهاً: ان الرواية الأولى لا تدل على ارجاع النهر إلى حاله بل فيها: (يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضار اخاه الؤمن) وهذا نهي عن الاضرار، لا اثبات للضمان. وفيه: قد سبق البحث عنه، وظهوره في الضمان، كما أن في الجواهر ما يلي: (وفي النافع: لو كان للإنسان رحى على نهر مملوك لآخر، لم يجز لصاحب النهر ان يعدل بالماء، يصرفه عنها إلاّ برضا صاحبها)(6) أي صاحب الرحى. ثم ذكر الجواهر الخبر وسماه بالصحيح، ثم قال في الجواهر بعد نقل الرواية: (مؤيداً بقاعدة نفي الضرر والضرار...) استدلالاً للمحقق في النافع. وقال المحقق القمي في جامع الشتات ـ نقلاً عن (الفقه) احياء الموات(7): (مقتضى بعض الأحاديث الصحيحة ودليل لا ضرر انه لا يحق له تغيير النهر، وقد قال به بعض علمائنا، وهو اظهر واحوط). ثالثها: قال النائيني: (ولعل الأمر بالإعادة، أي إعادة الماء إلى الرحى، وإعادة بناء السترة، كان لمعلومية ثبوت الحق كل من صاحب الطاحونة والجار، في بقاء ما أمر باعادته وان كان ظاهر السؤال انه لا يعلم بالحال...). وفيه أولاً: ان كان عن حق لصاحب الرحى في الماء، وللجار في بناء السترة بشرط ونحوه، لم يكن وجه للسؤال عن جواز التغيير. وثانياً: لكان الجواب معللاً بوجود الحق، لا باستلزام الضرر. رابعها: قال: (لعل الأمر بإعادة النهر، وبناء الستارة ليس لمجرد تحويل النهر، وتخريب الستارة، بل لنتيجة ذلك وهي تضرر صاحب الرحى بفقد الماء، وتضرر الجار بفقد ستر نسائه، ومقتضى ذلك وجوب إعادة النهر والستارة، لا الضمان). وفيه: وهل المراد بالضمان إلاّ ذلك؟ والله العالم. |
|
(التتمة الثانية) العدم لا يؤثر في الوجود |
|
قال العلامة المامقاني في البشرى: ان أصل هذا التنبيه وهو: هل ان (لا ضرر) حاكم على عدم الحكم أم لا؟ مبني على قبول إمكان تأثير الأمر العدمي أثراً وجودياً، لكن التحقيق خلافه، لاستحالة تأثير العدم أثراً وجودياً لقاعدة: (فاقد الشيء لا يعطيه). وما ذكرنا من الأمثلة من (ان عدم ضمان فاتح القفص وطيران الطائر موجب لضرر مالك الطائر) و (عدم ضمان حابس الشاة موجب لضرر صاحبها) وهذا مستحيل، بل الموجب هو الأمر الوجودي وهو: (فتح القفص، وحبس الشاة) ونحو ذلك(8). وفيه أولاً: الضرر بنفسه أيضاً أمر عدمي لا وجودي، لأنه ـ كما سبق في أول لا ضرر ـ هو النقص، والنقص عدم، وتعليل الاعدام بعضها ببعض شائع عرفاً، فعدم نمو الطفل ـ مثلاً ـ علته عدم الحديد الكافي في بدنه، وعدم الأمن في بلد، علته عدم سيطرة الحاكم، وهكذا، والقاعدة العقلية المذكورة صحيحة دقياً في محلها. وثانياً: ـ على فرض كون الضرر أمراً وجودياً، ولو باعتبار كونه عدم ملكة لا عدماً محضاً ـ فنجيب. أما نقضاً: فبأن أدلّ دليل على صحة شيء ثبوته، وهناك الكثير من الاعدام لها آثار وجودية، مثل: (ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولى عليكم شراركم...) و (لا تتركوا الصلاة و...) و (لا تتركوا... فـ...). وأما حلاً: فبأن كل عدم نقيض لأمر وجودي، وكل أمر وجودي ملازم لعدم ضده فيكون هناك تلازم في الضدين بين عدم كلّ منهما ووجود الآخر. مثلاً: في مسألة من فتح القفص فطار الطائر، ضمان الفاتح ملازم لعدم ضر مالك الطائر، فيكون عدم ضمان الفاتح ملازماً لضرر مالك الطائر، ويصح نسبة أحد المتلازمين إلى الآخر إذا كان بينهما سببية ومسببية، كحركة الخاتم بحركة الإصبع، فتأمل. |
|
(التتمة الثالثة) |
|
هل (الحق) يحل محمل عدمه الضرري؟ إذا كان عدم الحق في مورد ضررياً بالنسبة لشخص، فهل يرتفع بلا ضرر ليحل محله الحق؟ مثلاً: عدم حق الطبع بالنسبة للمؤلف الذي طبع كتابه ولا يقدر على صرفه سريعاً ضرري، فهل للمؤلف المنع عن طبع كتابه؟ وهكذا غير الحق من الأحكام الوضعية الأخرى، كالطهارة والنجاسة، والصحة والفساد، والسببية والشرطية، وهكذا دواليك. مثلاً: كرٌ من الشربت قطرت فيه قطرة نجاسة، فعدم الطهارة ضرري خصوصاً مع فقر صاحبه، فهل يرتفع ويكون طاهراً، فيجوز شربه، وبيعه، والصلاة معه و...؟ ومثلاً: لو نسيا التقابض في المجلس في عقد الصرف، وكان عدم الصحة ضررياً. وهكذا: عدم ولاية الأم على الصغير لو كان ضررياً، فهل (لا ضرر) يؤسس الولاية؟ أقول: لم أر من تعرض لذلك، إلاّ انه قد يقال: بأن ذلك على قسمين: أحدهما: ما ثبت ـ ولو بمعونة المتشرعة ـ عدم صلاحيته للانقلاب إلاّ بالأسباب المعهودة الخاصة، كالطهارة والنجاسة فلا يحكم لا ضرر على اعدامها، كما لا يحكم على وجودياتها، فلو كانت النجاسة ضررية لا ترتفع بـ (لا ضرر) بل إنما للضرورة يجوز استعمالها تكليفاً بقدرها. ثانيهما: ما لم يثبت فيه ذلك، فمقتضى اطلاقات (لا ضرر) حكومتها على مثله، ولا يضر عدم تعرض الفقهاء بل عدم لزوم عملهم في حجية (لا ضرر) ـ كما سبق ـ، ولعل من امثلته: عدم صحة التقليد للمجتهد غير المتفرغ الذي إذا أراد الاجتهاد تضرر، والله العالم. |
|
(التتمة الرابعة) موارد لا يلتزمون بالضمان فيها |
|
إن المحقق الأصفهاني في آخر بحث (لا ضرر) من حاشيته على الكفاية ذكر موارد مما يتوهم كونها من الاضرار وحكومته على العدميات، ومع ذلك لا يلتزم الفقهاء بالضمان فيها، ووجّهها بتوجيهات تخرجها عن موضوع الاضرار، نذكرها مع توجيهاتها وما لنا عليها من التأمل بإذن الله تعالى. |
|
المورد الأول: خلف الوعد |
|
المورد الأول: ما لو وعده بشيء ان وهب ماله لرحمه، فوهب، فلم يف الواعد بوعده فإن عدم ضمان الواعد ضرر على الموعود، ومع ذلك لا يقولون بالضمان، مع أن الوعد كالوعيد والتغرير، الذين يقولون بالضمان فيهما. واجاب: بالفرق بينه وبينهما، أما الوعد: فلأنه لا يتحقق به التسبيب ليترتب عليه الفعل قهراً، فلا ضمان لتقييد الضمان بالتسبيب. وأما الوعيد: فلتحقق التسبيب الذي يترتب عليه الفعل قهراً والتسبيب من موجبات الضمان. وأما التغرير: فلأنه ليس من التسبيب الموجب للابدية لكن الضمان فيه لقاعدة الغرور: (المغرور يرجع إلى من غره) لا إلى (لا ضرر)(9)
مآخذ عليه أقول: قد يؤخذ على ذلك أولاً: لم لا يكون الوعد في المثال المذكور من باب الغرور؟ فإنه تغرير عرفاً، نظير من وصف أمة على أنها حرة، فتزوجها رجل على ذلك، فإن على الزوج المهر بما استحل من فرجها، ويرجع به على الغار ـ كما عليه النص والفتوى، ولذا قال في الجواهر: (لقاعدة الغرور)(10). ونحوها مسائل أخر أوردها في نفس الجزء من الجواهر إلى آخر الجزء، وفي الحديث: (وعلى الذي زوّجه قيمة الولد... كما غرّ الرجل وخدعه) وفي الحديث: (المغرور يرجع إلى من غرّه). وثانياً: ما الدليل على لزوم كون التسبيب الموجب للضمان مقيداً بما يترتب عليه الفعل قهراً وبلا اختيار؟ إذ كلمة السبب لا توجد في النصوص حتى يدار مدارها في الشمول والضيق قال في كتاب الديات من الجواهر: (ليس في شيء من النصوص جعل لفظ السبب، والعلة، والشرط، عنواناً للحكم، فالاختلاف في تعريفها... خال عن الفائدة وإنما المدار على صدق نسبة الفعل...)(11). مضافاً إلى ذهاب الفقهاء إلى الضمان في موارد لا يترتب عليه الفعل قهراً وبلا اختيار. 1 ـ مثل ما في الشرائع: (من دخل دار قوم فعقره كلبهم، ضمنوا ان دخل باذنهم) وفي الجواهر بعد ذلك: (بلا خلاف اجده بل قيل يظهر من المبسوط الاجماع عليه)(12). 2 ـ ومثل من اعطى طعام زيد إليه فاكله وهو لا يعلمه طعام نفسه، قال الشيخ في المكاسب: (لقاعدة الغرور المتفق عليها ظاهراً في من قدم مال الغير إلى غيره الجاهل فاكله، ويؤيده قاعدة نفي الضرر...)(13). 3 ـ ومثل ما في الجواهر: قال: (وفي الدروس: ولو فتح باباً على عبد محبوس فذهب في الحال ضمنه عند الشيخ، ونقل عن كل العامة عدم الضمان، ولا فرق بين كونه عاقلاً أو مجنوناً آبقاً أو غير آبق، بالغاً أو صبياً)(14). الشاهد: في العبد العاقل البالغ غير الآبق، فإنه مع الاختيار يضمنه المسبب. وثالثاً: فلأن قاعدة (الغرور) ليست قاعدة برأسها مسلّمة عند الجميع، بل مستندها الوحيد في بعض الموارد ـ أو من مستنداتها في بعض آخر ـ قاعدة لا ضرر. |
|
مقالة الشيخ (ره) |
|
قال الشيخ في المكاسب: (فما في الرياض من انه لا دليل على قاعدة الغرور إذا لم تنطبق مع قاعدة نفي الضرر المفقود في المقام.. لا يخلو عن شيء مضافاً إلى ما قيل (وهو صاحب الجواهر) عليه من منع مدخلية الضرر في قاعدة الغرور... لكنه لا يخلو من نظر، لأنه إنما يدعى اختصاص دليل الغرور ـ من النصوص الخاصة والاجماع ـ بصورة الضرر)(15). أقول: واضح ميل الشيخ إلى لزوم انطباق الغرور مع قاعدة الضرر، كما هو صريح صاحب الرياض، وما أجاب به المحقق الأصفهاني في حاشية المكاسب من: ان المرتفع بلا ضرر، ان كان الحكم الضرري الذي ذهب إليه الشيخ، فهو معارض بتضرر موضوع الضرر، لينتفي بنفي الموضوع حكمه المناسب ـ كما هو مذهبه تبعاً لشيخه الآخوند ـ فهو وان كان قد تضرر الموعد بهبة أمواله إلى أرحامه، لكن هذا التضرر غير مستند إلى الواعد حتى يجب عليه تداركه)(16). |
|
ملاحظات عليها |
|
أقول: قد يلاحظ عليه أولاً: ان نفس اشكال تعارض ضرر الواعد مع ضرر الموعود له، يأتي في الموارد التي تمسكوا فيها بلا ضرر في حكومته على العدميات لاثبات الضمان، كما تقدم في طيّ المباحث الآنفة أمثلة منها. وكان حل ذلك كله بقاعدة عدم التعارض بين السبب والمسبب وما نحن فيه من هذا القبيل، إذ شمول لا ضرر للموعود له بانفاق أمواله هو الذي سبب الضرر للواعد بالضمان، نظير التعارض بين استصحاب الكرّيّة مع استصحاب نجاسة اليد المغسولة به، حيث لا يقولون بالتعارض بينهما، بل يعتبرون استصحاب الكرية سبباً، واستصحاب نجاسة اليد مسبباً. وثانياً: الفقهاء يفتون في بعض أمثاله بالضمان، ففي كتاب الديات من الجواهر مزجاً بالشرائع: (ولو قال: الق متاعك في البحر لتسلم السفينة فلا ضمان ولو قال: وعليّ ضمانها، ضمنه دفعاً لضرورة الخوف... بلا خلاف اجده فيه بيننا، بل وبين غيرنا إلاّ من أبي ثور وهو شاذ...)(17). وعن المبسوط ـ كما في مفتاح الكرامة(18) كتاب الديات: (كما لو قال: اطلق هذا الاسير ولك كذا، واعتق عبدك عني على كذا). نعم، اشكلوا في الضمان فيما لا فائدة فيه، كما لو قال: مزق ثوبك وعليّ ضمانه، واهدم دارك وعليّ ضمانه ونحوهما. وفي كفالة مفتاح الكرامة: (ولو لم يكن خوف (أي في الق متاعك في البحر) فالأقرب بطلان الضمان، بخلاف طلق زوجتك وعليّ كذا، فإنه يصح ذلك جعالة إذا اتى بالمجعول عليه، ودليل الصحة انه عمل مقصود محلل)(19). بل في جعالة الجواهر: (لو فسخ الجاعل قبل تمام العمل... استحق العامل أجرة المثل... لقاعدة الغرور، واحترام عمل المسلم، ونفي الضرر)(20) فاستدل بنفي الضرر لذلك. وثالثاً: قول الشيخ محمد حسين الأصبهاني: (التضرر غير مستند إلى الواعد) فإن قصد الاستناد العرفي، فهو ثابت بلا اشكال، وان قصد الاستناد الشرعي الخاص، فلا دليل خاص عليه ظاهراً، إذن فمقتضى القاعدة ضمان من قال لغيره: (هب مالك لارحامك وعليّ ضمانها)، ويدل عليه أمور: لا ضرر، قاعدة الغرور، أدلة الجعالة، ونحوها. نعم، استثنوا موضعين: 1 ـ ما لو كان بمصلحة المنفق فقط دون الواعد. 2 ـ ما لو كان لا نفع فيه. أقول: ان تحقق الاجماع عليهما فهو، والاّ فمقتضى القاعدة الضمان فيهما أيضاً. وليعلم ان عدم استدلال غالب الفقهاء بلا ضرر فيما نحن فيه لا يكفي دليلاً لعدم صلاحيته للاستدلال له بعد عمومه وعدم المانع، والتفصيل في الفقه في أبواب (الجعالة، والضمان، والكفالة، والديات). |
|
مناقشة كلام الأصفهاني |
|
ورابعاً: ان ما ذكره المحقق الأصفهاني ومرّ بيانه: من (ان ما التزمه الفقهاء من أمثال الوعد، فهو لقاعدة الغرور، لا لقاعدة لا ضرر)(21). ففيه أولاً: انه بنفسه ردّ كلية قاعدة الغرور: بأن مستندها أحد ستة كلها مخدوشة: أحدها: لا ضرر، وقد خدش فيه بما ذكرنا مجمله. ثانيها: قاعدة الاتلاف من باب قوة السبب على المباشر، وقد خدش فيها بلزوم صدق الاتلاف على السبب وعدم صدقه على المباشر. ثالثها: قاعدة سببية الغار لخسارة المغرور، وقد خدش فيها باشتراطها بأمرين: 1 ـ السببية لتلك الخسارة. 2 ـ صدق الاتلاف على السبب. رابعها: الاجماع، وقد خدش فيه بقوله: (ولا اظن قيامه على هذه الكلية). خامسها: الأخبار الخاصة، مثل روايات تدليس المرأة في النكاح وغير ذلك، وقد خدش فيها بعدم دلالتها على عموم قاعدة الغرور. سادسها: المرسلة النبوية (صلى الله عليه وآله وسلم): (المغرور يرجع إلى من غرّه) وقد خدشها بأنه لم يعلم كونه حديثاً يجبر ضعفه بالعمل، مضافاً إلى عدم معلومية استنادهم إليها فلعلهم استندوا إلى غيرها من الأدلة الأخرى. والحاصل: ان عدم قبول المحقق الأصفهاني قاعدة الغرور كلية كيف يسوّغ له الفرق بين وعد اعطائه ما وهبه لرحمه، وبين ما التزمه الفقهاء من أمثاله، بكون الثاني من قاعدة الغرور دون الأول؟ وثانياً: استدل بعض الفقهاء بلا ضرر في بعض تلك الموارد، كما نقلناه عن الجواهر، قبل قليل(22). |
|
المورد الثاني: حبس المتمتع |
|
المورد الثاني: (ما إذا تمتع بامرأة فحبسه حابس إلى أن انقضت مدة التمتع، فإنه اضرار من الحابس على المحبوس بذهاب ما بذله للتمتع). ثم أجاب عن ذلك: (بأنه عدم منفعة، لا اضرار، إذ الحبس أوجب عدم انتفاعه بها، وليس هو بمال حتى يكون ضرراً، ويلزم ضمانه على المفوّت...). أقول: فيه أولاً: الضرر اعم من عدم النفع المالي، إذ هو كما صرّح به المحقق الأصفهاني نفسه في حاشية المكاسب: (الضرر في المال، أو البدن، أو العرض)(23). وحبس المتمتع حتى تنقضي المدة اضرار عرضي، أو بدني إذا كان محتاجاً إلى التمتع في بدنه. وثانياً: انه ضرر مالي أيضاً ـ إذا كان قد بذل للمتمتع بها مالاً ـ لذهاب المهر عنه بلا حصول البضع، وهو ضرر عرفاً، نظير ما لو دلسه بأنها حرة، فظهرت أنها أمة، فإنه أيضاً تضرر المهر بلا حصول رغبته، مع أنه يمكن توجيهه أيضاً: بأنه عدم نفع بالحرة لا انه ضرر. وثالثاً: لو كان الحابس حبسها حتى انقضت المدة هل كان يضمن مع أن المرأة ليست مالاً؟، فتأمل. ورابعاً: ان لم يكن مالاً فهو حق البتة (ولا يتوى حق امرئٍ مسلم) والحاصل: انه لا يبعد شمول (لا ضرر) لمثل من حبس زوجاً حتى انقضت مدة التمتع فيكون الحابس ضامناً، إذ عدم الضمان ضرر على الزوج، ولا ضرر في الإسلام، اللهم إلاّ بالإعراض الدلالي ـ ان كان ـ على القول به ـ، فتأمل. |
|
المورد الثالث: قتل الزوجة |
|
المورد الثالث: قال: (ما إذا تزوج بامرأة جميلة، واعطى عليها مهراً كثيراً، فقتلها رجل فإنه اضرّه باذهاب المهر الكثير هدراً). وأجاب كالثاني: بأن الفائت من الزوج المستند إلى القاتل ليس مالاً حتى يضمنه، بل النفع هو الفائت. ويرد عليه أولاً: انه ـ على ما اسلفنا ـ لا مانع من شمول (لا ضرر) المالي، والبدني والعرضي في الجملة لما نحن فيه، فإن الزوج تضرر بهذا القتل. وثانياً: الظاهر صدق التسبيب ـ الذي هو ملاك الضمان ـ عرفاً، فإن القتل كان سبب تضرر الزوج. وثالثاً: ذكر صاحب الجواهر ـ قده ـ وغيره أيضاً في موارد عديدة عدم الدليل على لزوم صدق التسبيب، بل الملاك التعدي عرفاً وفيما نحن فيه تعدي القاتل على الزوج بقتله لزوجته، وخسارة الزوج عرفاً واضح. قال في الجواهر: (بل قيل: ان المستفاد منها (أي من النصوص) كون التعدي موجباً للضمان...)(24). ورابعاً: البضع أما ملك للزوج ـ كما ذكره الشهيد الأول ـ فيمن زنى بزوجة شخص ان عليه الضمان لزوجها؟ أو حق للزوج، وعلى كليهما فقد خسر الزوج ملكه، أو حقه، فالضمان على الخسارة لـ: (لا يتوى حق امرئٍ مسلم) المعمول به. |
|
المورد الرابع: قتل الشهود |
|
المورد الرابع: (ما إذا اشترى داراً، وأخذ عليه كتاباً بشهادة الشهود، فقتل الشهود رجل، فإنه اضره باسقاط كتابه عن الاعتبار الموجب لذهاب ماله من يده). واجاب عن ذلك: بأنه ليس ضرراً مالياً، حتى ينفى بـ (لا ضرر). أقول: وفيه ما مضى في الثالث:ـ 1 ـ من كون عدم ضمان القاتل ضرراً مالياً على المشتري. 2 ـ وصدق التسبيب للضرر عرفاً. 3 ـ وصدق التعدي على المشتري بهذا القتل، نعم، لو تم اجماع على عدم الضمان في مورد، نلتزمه لذلك تخصيصاً. إن قلت: ان القتل لم يكن سبباً لتضرر المشتري، بل السبب هو سقوط الكتاب عن الاعتبار، والقتل سبب للسبب، لا نفس السبب. قلت: السبب العرفي اعم منهما، وهو ما صح نسبة لا ضرر إليه عرفاً، ولو لم يكن هو السبب، بل كان سبب السبب نظير ما نص عليه وافتوا به من ضمان شهود الزور الدية في القتل، مع أن المباشر للقتل هو المأمور من قبل الحاكم، والسبب هو الحاكم وشهود الزور سبب السبب. وهناك أمثلة أخرى كثيرة من هذا القبيل ذكرت في الشرائع والجواهر ـ كتاب الغصب(25) فليلاحظ. والحاصل: قد لا يبعد الالتزام بحكومة لا ضرر على عدم الحكم إذا كان ضررياً، كحكومته على الحكم نفسه، والتزام كل موارد ذلك إلاّ ما خرج باجماع أو نحوه من دليل آخر، كضمان منفعة الحر غير المستوفاة، فإنه مع شمول لا ضرر له، لكن لا نقول به للاجماع ـ كما قالوا ـ والله العالم. |
|
المبحث الثامن |
|
لا فرق في رفع الضرر بين توجه ضرر الحكم إلى نفس المكلف وإلى غيره، كالمرأة تصوم، أو تحج، أو تصلي من قيام، فيتضرر جنينها أو ولدها المرتضع لقلة اللبن ونحو ذلك. وذلك لعموم (لا ضرر) لمثله ولو باعتبار الولد، بل عرفاً يصح اطلاق تضرر الأم بذلك، بل ربما دخل ذلك في (الاضرار). هذا الكلام يسع كل من يعتبر ضرره عرفاً ضرراً له، كالأولاد، والأرحام، وكل من يتولى الشخص شؤونهم وأمورهم، كشيخ العشيرة بالنسبة إلى أفرادها، وكذلك الخدم ونحو ذلك، وأما بالنسبة إلى غيرهم فسيأتي بحثه ـ انشاء الله تعالى ـ في المبحث الثالث عشر. كما لا فرق أيضاً بين التضرر والاضرار في الحال أو في المستقبل، للاطلاق والصدق العرفي. نعم، المستقبل البعيد الذي لا يعد عرفاً معه التضرر والاضرار للانصراف ونحوه، يكون بحكم الضرر الحالي القليل الذي لا يعد عرفاً ضرراً، مثل التدخين، فيتضرر بعد خمسين سنة شيئاً فشيئاً، فهو نظير من يتخم بالأكل، فتضعف في الحال معدته بنسبة واحدة بالألف أو أقل. (ولذا) ذكر الفقهاء في المكروهات لا المحرمات التملي من الطعام، والأكل على الأكل، والأكل على الشبع، ونحوها مع استفاضة الروايات بأنها تهدم البدن ونحو ذلك، المؤيد بالاعتبار(26). |
|
المبحث التاسع |
|
هل (لا ضرر) يرفع الأحكام الوضعية؟ مقتضى الاطلاق نعم إلاّ ما خرج بدليل ـ لأمور: الأول: ان الأحكام الوضعية أحكام شرعية أولية واصطلاح الوضعي والتكليفي متشرعي لا شرعي، ومقتضى اطلاق حكومة العناوين الثانوية، حكومة (لا ضرر) على الوضعيات أيضاً. الثاني: أولوية شمول (لا ضرر) للوضعي منه للتكليفي، إذ التكليفي إنما يكون ضررياً إذا اراد المكلف طاعته، بخلاف الوضعي فإنه بمجرد جعله يكون ضررياً دون واسطة. فالصوم الضرري وجوبه ليس ضررياً، بل الضرر في اختيار المكلف الاتيان به، أما اللزوم في بيع مغبون فيه، فبنفسه ضرري بلا واسطة اختيار. قال الشيخ في خيار الغبن: (فحاصل الرواية: ان الشارع لم يحكم بحكم يكون فيه الضرر... ولم يمض لهم من التصرفات ما فيه ضرر على الممضى عليه، ومنه يظهر صحة التمسك لتزلزل كل عقد يكون لزومه ضرراً على الممضى عليه، سواء كان من جهة الغبن أم لا، وسواء كان في البيع أم في غيره، كالصلح غير المبنيّ على المسامحة والاجارة وغيرها من المعاوضات)(27). والمستفاد من حواشي المحققين على المكاسب للشيخ، موافقتهم له في أن: (لا ضرر) دليل خيار الغبن، وحيث لا خصوصية للغبن، فيكون العلة: حكومة (لا ضرر) على الحكم الوضعي، كحكومته على الحكم التكليفي، مثل الآخوند، واليزدي، والإيرواني، والأصفهاني ـ قدّست أسرارهم ـ، وغيرهم. الثالث: خصوص موثقة إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون عليه اليمين (الدين خ ل) فيحلفه غريمه بالأيمان المغلّظة ان لا يخرج عن البلد إلاّ بعلمه، فقال عليه السلام: لا يخرج حتى يعلمه، قلت: ان اعلمه لم يدعه، قال عليه السلام: ان كان علمه ضرراً عليه وعلى عياله فليخرج ولا شيء عليه)(28). وظاهره: ـ ان اليمين ـ وهي حكم وضعي يستتبع الكفارة ـ تنحل إذا صارت ضررية ولم تنعقد ان كانت من الأول ضررية. |
|
اشكال سندي وجوابه |
|
والاشكال في الموثقة سنداً ودلالة في غير محله ظاهراً. أما سنداً: فبأنّ في الطريق، محمد بن سهل عن محمد بن سنان، والأول مشترك بين جماعة لاحظ لأحد منهم في الوثاقة، كما صرّح به المحقق محمد أمين الكاظمي في مشتركاته. والثاني: ضعيف على ما نسب إلى المشهور. ففيه: أما محمد بن سهل: فالظاهر أنه (محمد بن سهل بن اليسع الأشعري) كما صرّح به المحقق الكاظمي في مشتركاته، حيث إنه هو ان كان الراوي عنه (أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه، عنه، أو هو بنفسه عنه بلا واسطة أبيه) ـ كما هو كذلك في الرواية ـ. وليس هو حينئذ محمد بن سهل بن اليسع الكوفي الإمامي المجهول. ومحمد بن سهل الأشعري، معتبر عندنا ولو بالحسن على الأقل. من باب الظنون الرجالية لقرائن تعضد بعضها بعضاً ـ كما فصلناه في الدراية بمناسبة ـ. وأما محمد بن سنان، فهو معتبر عندنا تبعاً لجمع من الأعيان، والتفصيل في الرجال وقد مضى بعض الكلام عنه في أول البراءة عند البحث عن حديث الرفع. وأما الإشكال في دلالة الخبر فبالاجمال، أو ظهور ان المراد: ان الدائن يحلف له ان لا يخرج، لا ان المديون يحلف، وبرّ الحلف ليس بواجب اجماعاً. ففيه ـ مضافاً إلى أن ظاهر: (فيحلفه غريمه بالإيمان المغلظة) هو حمل الغريم المديون على الحلف، لا حلف الدائن هو ـ انه لا ينسجم مع نهي الإمام عليه السلام له عن الخروج حتى يعلمه إذ ليس برّ اليمين واجباً. اللهم إلاّ أن يقال: بأن النهي تنزيهي، وهو خلاف ظاهر النهي ولا يصار إليه إلاّ بقرينة واضحة. ويؤيد ما ذكرناه: فهم صاحب الوسائل الرواية كذلك، فإنه عنوان الباب هكذا: (باب ان من حلف لغريمه ان لا يخرج من البلد إلاّ بعلمه وكان عليه في ذلك ضرر لم تنعقد) وكذا افتى بها جمع منهم الأخ الأكبر في الفقه ـ ج 74 ص 369 السادس ـ، فتأمل. والله العالم. |
|
الأحكام الوضعية قسمان |
|
ثم إن الأحكام الوضعية، على قسمين ـ كما يستفاد من الأدلة ـ: أحدهما. ما هو اعتبار شرعي، كاللزوم في العقود اللازمة وفي الشروط. ثانيهما: ما قد يستفاد من الأدلة، انها حقائق تكوينية ثابتة كشف الشارع عنها، كالحرية، والرقية، والنجاسة، والطهارة، والمتطهرية، والمحدثية، والملكية، والضمان، والقصاص، ونحو ذلك. وحيث إن (لا ضرر) منطوقه رفع الضرر، ففي القسم الأول يرتفع نفس الحكم الوضعي، لأنه المجعول شرعاً حقيقة، وفي القسم الثاني: يرتفع أحكامه التكليفية، لأنها هي المجعولة شرعاً حقيقة. لا نفس الحكم الوضعي فيها. مضافاً إلى أن الضرر في أحكامها التكليفية اللازمة، لا في نفس الوضعيات، فالنجاسة ليست ضررية، وإنما وجوب الاجتناب مع الضرر ضرري، وكذا المحدثية ليست ضررية، وإنما حرمة دخول المحدث المساجد ضرري، فيرتفع الوجوب والحرمة. والفرق بين القسمين يظهر: في أن في القسم الأول ـ كاللزوم في العقود ـ إذا ارتفع اللزوم ارتفع كلّ أحكامه نهائياً. بخلاف القسم الثاني ـ كالنجاسة ـ فحيث لم ترتفع النجاسة ـ مثلاً ـ لم يرتفع جميع أحكام النجاسة ولا دائماً، فيرتفع أحكامها الضررية، وما دام ثبوت الضرر، فمثلاً: ترتفع حرمة شرب النجس ولا ترتفع نجاسة الفم، ولا حرمة بيع النجس ولا إذا وجد الطاهر، ذلك كله لما هو المتبادر من (لا ضرر) عرفاً، والله العالم. |
|
ضررية نفس الحكم الوضعي |
|
ولو صار نفس الحكم الوضعي ـ بما هو هو، لا بما له من أحكام تكليفية ـ ضررياً كما لو صارت ولاية الأب بنفسها ضررية، أو الوصاية ضررية، كما لو كان السلطان يعذّب وصي زيد، وان لم يعمل الوصي شيئاً، أو كونها زوجة زيد لو سببت له التعذيب من الظالم. فمقتضى القاعدة الأولية ـ وهي اطلاقات لا ضرر ـ نفي الولاية، والوصاية والزوجية، ونحوها، إلاّ أن المستفاد من الأدلة الشرعية ولو الارتكاز لاذهان المتشرعة والتسالم ونحو ذلك: هو أنها كالأمور التكوينية إذا ثبتت دامت، ولا مزيل لها إلاّ الأمور الخاصة المذكورة في الفقه: ـ كالطلاق، والجنون في الولاية والوصاية، ونحو ذلك. (إلا) أن جمعاً في عديد من الموارد صرحوا بزوال الولاية بالضرر والحرج ونحوهما، كما في ولاية الأب على البنت الرشيدة البالغة البكر، فانها تزول مع عضله لها، وفيما استدلوا به لسقوط الولاية أدلة لا حرج في مواردها، كما هو صريح المستمسك، والفقه، والمستند، وغيرها(29). |
|
المبحث العاشر (لا ضرر) ضرورة تقدر بقدرها |
|
(لا ضرر) من الضرورات، فيقدر بقدره، وذلك لانتفاء موضوع الضرر بدفع الضرر أو رفعه. ولذلك نرى الفقهاء في الموارد التي كان الحكم فيها مبتنياً على الضرر يحكمون بضيق الحكم بمقدار الضرر. ففي خيار الغبن من مكاسب الشيخ(30) نقل عن الرياض قوله: (وان كان المستند لخيار الغبن نفي الضرر، وجب الاقتصار على الزمان الأول (أي الفور لا التراخي) إذ به يندفع الضرر). وقال الشيخ أيضاً: (إلا ان يدعي انه إذا استند الحكم إلى الضرر فالموضوع للخيار هو المتضرر العاجز عن تدارك ضرره، وهو غير متحقق في الزمان اللاحق)(31). ولذا قالوا في الجاهل بالخيار: انه له الخيار مطلقاً حتى يعلم، لعدم اندفاع الضرر بالنسبة إليه بالفور، وادعى الشيخ عدم الخلاف فيه، فقال: (ثم ان الظاهر انه لا خلاف في معذورية الجاهل بالخيار، في ترك المبادرة، لعموم نفي الضرر، إذ لا فرق بين الجاهل بالغبن والجاهل بحكمه...)(32). |
|
فروع مترتبة على المقام |
|
وحينئذ يترتب على ذلك فروع: منها: انه لو صار أحد أفراد الواجب التخييري ضررياً، تعين الباقي، ولا يسقط الوجوب لأن الضرر في بعضها، لا في كلها، كخصال الكفارة وأنواع الدية من ألف دينار وعشرة آلاف درهم، ونحو ذلك. ومنها: انه لو تعذر الواجب الموسع في أول الوقت، فإنه ينتقل إلى بدله إذا علم بقاء العذر إلى آخر الوقت، وإلا فلا. فمن لم يتمكن من القيام لضرر فيه، لا تنتقل وضيفته إلى الجلوس في الصلاة، إلاّ مع العلم ببقاء العذر إلى آخر الوقت، والأصل هو هذا مطلقاً، إلاّ ما خرج بدليل خاص كما قاله بعضهم في التيمم لأدلة خاصة، وصرح بذلك في موارد عديدة صاحب العروة (قده) ووافقه معظم المعلقين بالسكوت وعدم التعليق، ولتتميم الفائدة نذكر بعض تلك الموارد. الأول، قال في كتاب الصلاة: (وأما في غيره (أي غير التيمم) من الاعذار فالأقوى وجوب التأخير وعدم جواز البدار)(33). الثاني: قال فيه أيضاً: (يجب تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الاعذار مع رجاء زوالها أو احتماله في آخر الوقت)(34). الثالث: قال في أحكام الجباير: (يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة أول الوقت مع اليأس عن زوال العذر في آخره، ومع عدم اليأس الأحوط التأخير)(35) وسكت عليه معظم المعلقين وإنما علق السيد الحكيم في المستمسك بما حاصله: (ان الملاك ارتفاع العذر إلى آخر الوقت وعدمه، فإن ارتفع بطل وضوؤه الجبيري، وان كان آيساً من البرء أول الوقت وان لم يرتفع صح الوضوء الجبيري أول الوقت، وان لم يكن آيساً أول الوقت إذا حصل منه قصد القربة)(36). أقول: وهو في محله، ويؤيده ما في المستدرك عن الجعفريات بسنده عن الصادق عليه السلام: (كان أبي يقول: من غرقت ثيابه أو ضاعت وكان عرياناً فلا يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت، فليصل جالساً...)(37). ثمّ إن ما ذهب إليه البعض من جواز البدار لذوي الاعذار مطلقاً، استصحاباً لبقاء العذر إلى آخر الوقت، مستدلاً بشمول اطلاق (لا تنقض اليقين بالشك) للأزمنة الحالية والاستقبالية. لا ينافي ما ذكرناه: من ان (الضرر) ضرورة، فيقدر بقدره، إذ الاستصحاب دليل آخر، فيبقى كلامنا ثابتاً في الضرر، إذا لم يتم الاستصحاب لوجوه عديدة: ـ 1 ـ أما إذا لم نقل بالاستصحاب في الاستقباليات. 2 ـ وأما لو عارضه استصحاب آخر، فتساقطا. 3 ـ وأما لو كان هذا الاستصحاب مثبتاً ـ كما قد يحتمل ـ والله العالم. ومنها: انه لو تعذر في الواجب الكفائي، قيام بعض الأفراد بالواجب لأجل الضرر، تعيّن الوجوب على غيره. ومنها: انه لو حل حرام لأجل الضرر، يحل بمقدار رفعه بأقل القليل، كأكل وشرب الحرام. ومنها: غير ذلك. |
|
المبحث الحادي عشر الدفع والرفع بـ (لا ضرر) |
|
(لا ضرر) دافع ورافع جميعاً، لأن في كليهما تحقق موضوع الضرر ثابت، فكما ان (لا ضرر) يدفع الصوم الضرري من أوله، كذلك يرفع الصوم إذا حصل الضرر في الاثناء وكما يدفع (لا ضرر) الشرط الضرري، كذلك يرفع (لا ضرر) الشرط الذي طرأ الضرر عليه، كما إذا التزم بشرط ضمن عقد لازم ـ مثل كنس دار كل يوم ـ فتمرض وصار الكنس في يوم من الأيام ضررياً. وهذا واضح ودليله اطلاق (لا ضرر) وصدق موضوع الضرر على الابتدائي والطارئ جميعاً. |
|
الدوران بين دفعين، ورفعين |
|
أما لو دار الأمر في المنع عن الضرر بين أمرين: كل واحد منهما دفع للضرر، أو كلّ واحد منهما رفع للضرر، أو أحدهما دفع والآخر رفع: ـ فقد يقال بكون الدوران بين دفعين، كما لو غبن المشتري في المعاملة، فنفي ضرر الغبن كما يتحقق بحكومة (لا ضرر) على لزوم المعاملة: (اوفوا بالعقود) كذلك يتحقق بحكومة (لا ضرر) على صحة المعاملة: (أحل الله البيع). فإن كان كهذا المثال الذي مجيء الضرر كان من اللزوم لا الصحة، فلا ضرر يرفع اللزوم لا الصحة لأن صحة العقد لا توجب الضرر، بل اللزوم هو الذي اورث الضرر، ولذا لا يقول الفقهاء ببطلان العقد بذلك. وان كان الضرر ناشئاً من كليهما على سبيل مانعة الخلو، كما لو صار الشرط المهم في العقد ضررياً فهل يحكم (لا ضرر) على المشروط، وهو العقد، فيخصص (اوفوا بالعقود) أم على الشرط، ويخصص (المؤمنون عند شروطهم)؟. وبعبارة أخرى: هل للمتضرر بالشرط فسخ أصل العقد، أم مجبور على التزام العقد، وفسخ الشرط فقط؟ مثاله: اشترى زيد داراً بألف، بشرط ان يعمل هو المسيل، فصار ذلك على زيد ضررياً، وكانت الدار بلا مسيل يعمله زيد ضررية، لأنها لا قيمة لها سوى خمسمائة. قد يقال: بأن مقتضى القاعدة جواز كلا الأمرين لزيد المتضرر، لصدق ضررية العقد، وضررية الشرط، فلزيد عدم التزام الشرط لضرريته، مع التزام العقد الضرري، لأنه رضى منه بالضرر، وله أيضاً فسخ أصل العقد لضرريته. وقد يقال بكون الدوران بين رفعين لضررين، كما لو كانت العين تالفة، ثم تبين الغبن في المعاملة، فالكلام ظاهراً كما في الدفع، فإن كان سبب الضرر اللزوم لا الصحة، كان الضرر حاكماً على اللزوم، وان كان كل واحد سبباً للضرر عرفاً حكم (لا ضرر) على اللزوم أو الصحة، على سبيل منع الخلو. |
|
الدوران بين دفع ورفع |
|
وقد يقال: بكون الدوران بين الدفع والرفع، كما في كلّ غبن كانت العين فيه موجودة، وليس في ردها ضرر على المغبون ولا الغابن، فاسترداد زائد الثمن رفع للضرر، لأن جعل الضمان وتدارك الخسارة رفع للضرر اللازم من لزوم العقد، وتخير المغبون بين القبول بتمام الثمن، والرد، دفع للضرر، لأنه دفع للزوم العقد الذي إذا لزم توجه الضرر إلى المغبون، فهل مع إمكان دفع الضرر بالفسخ يجوز رفع الضرر بإيجاب تدارك الغابن الخسارة أم لا؟ وبعبارة أخرى: عموم لزوم العقد: (اوفوا بالعقود) شامل ـ بطبعه الأولي ـ لكل الأحوال فلا يجوز فسخه، ولا استرداد الثمن، فهل (لا ضرر) يرفع كليهما على سبيل منع الخلو، فيكون اختيار الفسخ، أو استرداد الزيادة بيد المغبون، أم يكون المغبون مسلطاً على مجرد الفسخ الذي هو دفع للزوم العقد. ولا يخفى انه ربما يظهر من كلمات الشيخ وجمع ممن رأيت تعليقاتهم من المحققين ـ قدهم ـ استعمال للدفع في موضع الرفع وبالعكس (موضوعاً) وعلى أثره، وقعت اشكالات وأجوبة في بيع الشيخ وتعليقاته، ليس هنا محل طرحها. وصرح بعضهم: بأنه مادام الدفع لوقوع الضرر ممكناً، لا تصل النوبة إلى الرفع، لأنه نوع تسليم لوقوع الضرر، ثم رفعه، والقاعدة تنفي الضرر بلا النافية للجنس. إذن: فالمغبون له حق الفسخ فقط، لا مطالبة الارش لقصور (لا ضرر) عن افادته. نعم، لو لم يمكن دفع الضرر ـ كما لو تلف المبيع ـ وقلنا: بأن رد العين شرط في الفسخ، كما عن العلامة وغيره، وخلافاً للشهيد الأول وغيره، حيث اعتبر رد البدل مثلاً أو قيمة فسخاً أيضاً، فيحينئذ تصل النوبة إلى رفع الضرر بتدارك الخسارة. |
|
الدفع والرفع قسمان |
|
أقول: الدفع والرفع قسمان: ـ أحدهما: ما كان الفرق بين الدفع والرفع خفيّاً جداً: مثل ارش الغبن وفسخ العقد المغبون فيه. وربما خفي على الشيخ وجمع من المحققين المعلقين على مكاسبه في هذا المثال، كون ايهما دفعاً وايهما رفعاً، مع أنّ في مثله يكون الرفع أيضاً كالدفع عرفاً ـ وان اختلفا دقة عقلية ـ. فيكون للمتضرر وهو المغبون نفي ضرره بأي نحو اراد، فإن طالب بالفسخ، كان له حق رفع لزوم العقد الموجب هذا اللزوم للضرر، وان طالب بالارش كان له ذلك إذا لم يتضرر الغابن به، وإلا فيكون من تعارض الضررين، وليس للمغبون في طريق دفع الضرر عن نفسه اضرار الآخر، وإنما جاز للمتضرر الامران، الدفع والرفع، لأنه متضرر، وقد نفى الشارع الضرر، وكل من الدفع والرفع مصداق لنفي الضرر، فهو مخير بينهما، ما لم يضر الآخر. ثانيهما: ما كان الفرق بين الدفع والرفع للضرر فيه جلياً واضحاً، كما لو غصب زيد ـ في غير الحرام ـ طعام عمرو، وكان بإمكان عمرو (بلا ضرر) استرداده، فلم يسترده حتى اكله زيد، فيطالبه لرفع الضرر بثمن الطعام، فالاسترداد دفع للضرر وطلب ثمنه رفع للضرر، فهل يجوز تكليفاً ويحق وضعاً لعمرو ترك الدفع إلى الرفع؟ قد يقال: لا، إذ (لا ضرر) ينفي الضرر المتوجه من الشرع، لا الضرر الذي ليس من الشرع، وعدم استرداد عمرو طعامه حتى آل إلى التلف، ليس اضراراً من الشارع. ولا أقل من قصور (لا ضرر) عن افادة الاطلاق في الدوران بين الدفع والرفع. وإنما قلت: (غير الحرام) لكي لا يقال: ان الغاصب يأخذ باشق الأحوال، فتأمل والله العالم. هذا كله في الدوران بين الدفع والرفع الطوليين، وأما العرضيين فأولى بذلك كما لا يخفى، ومثاله: سقوط شجرة الجار على دواجن زيد، فتردد امره بين رفع الشجرة عنها قبل موتها، أو عدم رفعها حتى تموت الدواجن ويطالب بالغرامة والكلام في ذلك طويل ومحله المعضلات من الفقه. |
|
المبحث الثاني عشر |
|
(هل خوف الضرر، من مصاديق الضرر؟). لا اشكال في ذلك، إذا كان الاحتمال، أو المحتمل، أو كلاهما مهماً، لصدق كون الحكم الشرعي ضررياً عرفاً. فالاحتمال: كمن يتوضأ، ويحتمل قويّاً، التمرض من الوضوء. والمحتمل: كمن يتوضأ، ويحتمل ضعيفاً: الموت من الوضوء. وكلاهما: كمن يتوضأ، ويحتمل قوياً: الموت من الوضوء. كما لا اشكال في جريان أصل عدم الضرر والاضرار، بالاحتمال الضعيف الذي لا يعتني به العقلاء كمن يركب السيارة، فإنه يحتمل الاصطدام، ومن يأكل من السوق ويحتمل التمرض لعدم النظافة الدقيقة، وهكذا. إنما الكلام في أن خوف الضرر ـ بالحمل الشائع ـ هل يكون مطلقاً ـ أي بما هو هو ـ موجباً لرفع الحكم الشرعي أم لا؟ لا يخفى أن الخوف المنصرف إلى خوف الضرر ـ الشامل أحياناً للضرر المالي والعرضي والبدني، والمجمل أحياناً من هذه الجهة، والمنصرف أحياناً إلى الضرر على النفس وحدها، أو هو مع الضرر العرضي ـ قد ورد في القرآن والسنة كثيراً، مما قد يمكن معه اعتبار الخوف بما هو ـ دون خصوص المقيد منه بالشديد مثلاً ـ رافعاً للتكليف وكذا في كلمات الفقهاء الماضين رضوان الله عليهم أجمعين. ونحن نذكر بالترتيب بعض الآيات والروايات وكلمات الفقهاء في مختلف الأبواب وعلى الله الاتكال. |
|
(القرآن الكريم) |
|
ففي قصة موسى عليه السلام وفراره من فرعون: 1 ـ (ففررت منكم لما خفتكم)(38). 2 ـ (فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فاصلح بينهم فلا اثم عليه) بعد قوله تعالى: (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما اثمه على الذين يبدّلونه)(39). وفي التفسير: الجنف: الوصية بالباطل جهلاً، والاثم، الوصية بالباطل عن علم وعمد. تدل الآية على رفع الاثم بالخوف من الجنف والإثم. 3 ـ (ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئاً، إلاّ أن يخافا إلاّ يقيما حدود الله، فإن خفتم ان لا يقيما حدود الله، فلا جناح عليهما فما افتدت به)(40). 4 ـ وفي صلاة الخوف: (فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً..)(41) فالصلاة التي لا تجوز رجالاً ولا ركباناً، جازت، أو وجبت عند الخوف. 5 ـ (وان خفتم ان لا تقسطوا في اليتامى، فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ان لا تعدلوا فواحدة...)(42). فمع خوف عدم القسط في اليتامى رفع جواز نكاحهنّ، ومع خوف عدم العدالة العملية رفع جواز تعدد الزوجات كما هو ظاهر الآية. 6 ـ وفي نشوز النساء (واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهن واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ، فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهم سبيلاً، ان الله كان علياً كبيراً وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا...)(43) فجعل الخوف من النشوز موضوعاً لجواز الضرب الذي هو حرام بطبعه الأوّلي، وإنما جاز ـ بشروطه ـ بسبب الخوف من النشوز. وكذا خوف الشقاق، وان لم يكن في المقام حسب الظاهر حكم الزامي رفعه الخوف. 7 ـ (وان امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو اعراضاً...)(44). 8 ـ وفي صلاة الخوف (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا...)(45). فصار خوف الفتنة موضوعاً لرفع حكم صلاة التمام، وتبديلها بالقصر. |
|
1ـ بشرى الوصول: ج 6، ص 611. 2ـ كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري: ص 126، السطر الأخير. 3ـ كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري ـ قده ـ ص 234، س 6 من الآخر. 4ـ كتاب المكاسب / ص 85، ص 9 من الآخر. 5ـ رسالة (لا ضرر): ص 222. 6ـ جواهر الكلام: ج 38، ص 130. 7ـ الفقه / ج 80/ ص 357. 8ـ بشرى الوصول: ج 6، ص 615. 9ـ نهاية الدراية: ج 2 ص 17 ـ 316. 10ـ جواهر الكلام: ج 30، ص 368. 11ـ جواهر الكلام: ج 43، ص 97. 12ـ المصدر السابق: ص 134. 13ـ المكاسب للشيخ الأنصاري: ص 147. 14ـ جواهر الكلام: ج 37 (كتاب الغصب): ص 67. 15ـ المكاسب: ص 147، سطر 15. 16ـ حاشية المكاسب: ص 191. 17ـ جواهر الكلام: ج 43، ص 149. 18ـ مفتاح الكرامة: ج 10، ص 343. 19ـ مفتاح الكرامة: ج 5، ص 452. 20ـ جواهر الكلام: ج 35، ص 200. 21ـ نهاية الدراية / ج 2 / ص 17 ـ 316. 22ـ الجواهر / ج 43 / ص 149. 23ـ حاشية المكاسب / 191. 24ـ جواهر الكلام: ج 37، ص 53. 25ـ جواهر الكلام: ج 37، ص 50 ـ 75. 26ـ انظر الجواهر: ج 36، ص 5 ـ 461. 27ـ كتاب المكاسب: ص 235. 28ـ وسائل الشيعة: ج 16، ص 207، باب 40، ح 1. 29ـ المستمسك / ج 14 / ص 448 / الفقه / النكاح / ج 2 / ص 249 الطبعة الأولى / مستند العروة الوثقى / ج 2 من النكاح / ص 269. 30ـ المكاسب: ص 242. 31ـ المصدر السابق: ص 243. 32ـ المصدر السابق: ص 244. 33ـ العروة الوثقى، كتاب الصلاة، أوقات الرواتب، المسألة 13، الثالث. 34ـ المصدر السابق: المسألة 15. 35ـ المصدر السابق، أحكام الجبائر، المسألة 32. 36ـ مستمسك العروة الوثقى: ج 2 ص 561. 37ـ مستدرك الوسائل: ج 1 ص 205، باب 34، ح1. 38ـ سورة الشعراء: الآية 21. 39ـ سورة البقرة: الآية 2 ـ 181. 40ـ سورة البقرة: الآية 229. 41ـ سورة البقرة: الآية 239. 42ـ سورة النساء: الآية 3. 43ـ سورة النساء: الآية 34 و 35. 44ـ سورة النساء: الآية 128. 45ـ سورة النساء: الآية 101. |