فهرس الفصل الأول | المؤلفات |
من كرامات سيد الشهداء (عليه السلام) |
نعم، إن الإمام الحسين (عليه السلام) حيّ وسيبقى حياً كما وَعَد الله بذلك في كتابه الكريم(1)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً»(2)، وقد ذكرنا أن من مصاديق حياتهم (عليهم السلام) هو استمرارية كراماتهم ومعاجزهم والتي يمكن للإنسان أن يدرك من خلالها عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وعظمة سيد الشهداء (عليه السلام) ومقام الشهادة. يذكر إن شخصاً سافر من إيران إلى كربلاء المقدسة لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، ولم تكن آنذاك أية وسيلة للنقل من وسائل هذه الأيام، وحينما وصل ذلك الزائر الإيراني إلى قرب نهر الفرات في قضاء (المسيّب)(3). رآه أحد المزارعين وكان من النواصب، فضحك منه، وقال له: أنتم الشيعة إلى متى تصدّقون هذه الخرافات، وتظلّون تبكون، وتقرؤون التعازي، وتأتون لزيارة شخص مات قبل (1200) عام. فلما سمع الزائر قول ذلك الناصبي تأثر كثيراً، وقال له سأشكوك عند أمير المؤمنين، فأخذ الرجل يستهزئ به، فلما وصل الزائر الإيراني إلى النجف الأشرف خاطب الإمام (عليه السلام) قائلاً: يا مولاي، يا ابن عمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إني كنت قد جئتك بعشرات الحاجات، ولكني الآن لي حاجة واحدة فقط، وهي مجازاة ذلك المزارع الناصبي حيث أخذ يستهزأ بي وبعقيدتي. وفي الليل وبينما كان الزائر نائماً، رأى في منامه أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) يكلمه، ويقول له: يا فلان إنك ومن أجل زيارتنا قطعت هذه المسافات الطويلة، فلك عندنا المنزلة والجاه والمقام، ولكنا لا نستطيع أن نجيبك إلى ما طلبت من معاقبة الرجل الناصبي، فإن لذلك الناصبي حقاً علينا: ففي أحد الأيام، وحينما كان يحرث الأرض بقرب الفرات، وقع بصره مرّة على الماء، فتذكر عطش أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وقال في نفسه: كم هم ظالمون أهل الكوفة، إذ لم يسقوا الحسين (عليه السلام) وعياله قطرة من هذا الماء الجاري، ثم سقطت من عينه قطرة من الدمع، لذا فإن له حقاً عندنا. بعد ذلك وبعد أن قضى عدة أيام في النجف وكربلاء، عاد الزائر ومن نفس الطريق إلى إيران، فمر أثناء عودته بذلك المزارع، فقال له المزارع: أيها الإيراني هل اشتكيتني إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال له الإيراني: نعم شكوتك، ولكن الإمام (عليه السلام) أجابني بكذا وكذا، ثم ذكر له جواب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مفصّلاً، فبكى ذلك المزارع كثيراً، وتشيَّع من ساعته. فسأله الإيراني: عن سبب بكائه وتشيعه؟ فقال له المزارع: إن ما قاله لك الإمام (عليه السلام) صحيح جداً، ولم يعلم بهذا الخبر إلا الله وأنا. لذا فعرفت أن إمامكم على الحق، لأنه اطّلع على ما في باطني. |
1ـ حيث قال تعالى: ((وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون)) سورة آل عمران: 169. 2ـ مستدرك الوسائل: ج10 ص318 ب49 ح12084. 3ـ يمر بهذا القضاء نهر الفرات الذي يفصل بين بغداد وكربلاء والحلة وهو قضاء تابع لمدينة بابل يبعد عن كربلاء المقدسة (42كم). |