فهرس الفصل الأول | المؤلفات |
زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) |
إن المتتبع للأحاديث التي جاءت حول فضل زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) يدرك عظمة هذا الشهيد الطاهر، وعلو مكانه، وارتفاع شأنه وشموخه في العالمين ومقامه عند الله عز وجل. يقول الراوي: استأذنت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقيل لي: أدخل، فدخلت، فوجدته في مصلاه في بيته، فجلست حتى قضى صلاته، فسمعته يناجي ربه وهو يقول: «اللهم يا من خصنا بالكرامة، ووعدنا بالشفاعة، وخصنا بالوصية، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولأخواني وزوار قبر أبي (عبد الله) الحسين، الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برنا، ورجاءً لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيك، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضاك، فكافئهم عنا بالرضوان، وأكلِئْهُم بالليل والنهار، وأخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك وشديد، وشر شياطين الإنس والجن، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم. اللهم إن أعدائنا عابوا عليهم بخروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا، خلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حضرة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا. اللهم إني أستودعك تلك الأبدان، وتلك الأنفس حتى توفيهم على الحوض يوم العطش الأكبر» . ـ قال الراوي ـ : فما زال يدعو وهو ساجد بهذا الدعاء فلما انصرف قلت: جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله عز وجل لظننت أن النار لا تطعم منه شيئاً أبداً، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج. فقال لي (عليه السلام): «ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته؟». ثم قال (عليه السلام): «لم تدع ذلك؟». قلت: جعلت فداك لم أر أن الأمر يبلغ هذا كله. فقال: «من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض»(1). روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه في أول ولاية أبي جعفر ـ المنصور ـ نزل النجف، قال لأعرابي كان في الطريق: « من أين قدمت؟» قال: من أقصى اليمن... ثم قال له: «فبما جئت هاهنا؟». قال: جئت زائراً للحسين (عليه السلام). فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فجئت من غير حاجة ليس إلا للزيارة؟». قال: جئت من غير حاجة إلا أن أصلي عنده وأزوره فأسلم عليه وأرجع إلى أهلي. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «وما ترون في زيارته؟». قال: نرى في زيارته البركة في أنفسنا وأهالينا وأولادنا، وأموالنا، ومعايشنا وقضاء حوائجنا. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أفلا أزيدك من فضله فضلاً يا أخا اليمن؟». قال: زدني يا بن رسول الله. قال: « إن زيارة الحسين (عليه السلام) تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)» ، فتعجب من ذلك. قال (عليه السلام): «إي والله وحجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)» فتعجب، فلم يزل أبو عبد الله (عليه السلام) يزيد حتى قال: « ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)». وروي عن ابن عباس قول النبي (صلى الله عليه وآله) له والحسين (عليه السلام) على عاتقه يقبله: «من زاره عارفاً بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة، ومن زاره كمن زارني ومن زارني كمن زار الله في عرشه، وحق الزائر على المزور وهو الله تعالى أن الله لا يعذبه في النار ألا أن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربته، والأئمة من ذريته..»(2) الحديث. |
1ـ كامل الزيارات: ص116 ب40 ح2. 2ـ الصراط المستقيم: ج2 ص145، فصل. |