الفهرس

فهرس الفصل الأول

المؤلفات

 العلوم الاخرى

الصفحة الرئيسية

 

دار الصناعة

يراد بدار الصناعة عندهم ما نعبر عنه اليوم بالترسانة أو الترسخانة وهما منقولتان عن تلك، وكانت تصنع في هذه الدور المراكب على أنواعها ومنها النيلية والحربية، فالنيلية كانوا ينشئونها لتمر في النيل من أعلى الصعيد إلى مصاب النيل تحمل الغلال وغيرها، والحربية هي مراكب الحرب لحمل المقاتلة للجهاد وهي التي يقال لمجموعها الأُسطول.

الصدقة

الصدقة والزكاة لفظان مترادفان، وهي تؤخذ من أغنياء المسلمين وتفرق في فقرائهم وقد ذكرنا أصلها في ما تقدم، وللصدقة ديوان في مركز الخلافة له فروع في سائر الولايات والبلدان، ويستقل ولي الصدقة في كل بلد بالاستيلاء على أموال الصدقة من أغنياء ذلك البلد وتفريقها على فقرائه.

الجهات التي تصرف فيها الزكاة

وأما الجهات التي تصرف فيها أموال الزكاة فقد جاء ذكرها صريحاً في القرآن وهو (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ)(1).

الغنيمة

الغنيمة ما يكسبه المسلمون بالقتال وتشتمل على أربعة أقسام: أسرى وسبي وأرضين وأموال. فالأسرى هم الرجال المقاتلون الذين يقعون في الأسر، ولهم في الشريعة الإسلامية شروط وأحكام.

وأما السبي فهم النساء والأطفال الذين يقعون في أيدي المسلمين فلا يجوز قتلهم وإنما هم من جملة الغنائم ويجوز قبول الفدية عنهم.

أما الأموال المنقولة فهي ما يمكن نقله كالماشية والمال وهي تفرق في المقاتلة، وكانت تفرق في أول الإسلام بلا قاعدة فكان النبي يقسمها على ما يراه.

وأول غنائمهم غنائم بدر في السنة الثانية للهجرة فتنازع المهاجرون والأنصار في اقتسامها ففرقها النبي (صلّى الله عليه وآله) فيهم على السواء وهو كواحد منهم. ثم جاء الأمر بالتخميس في الآية: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(2).

وأول غنيمة خمِّست على هذه الصورة غنيمة غزوة بني قينقاع بتلك السنة فقسّمت أموالها إلى خمسة أقسام تفرقت أربعة منها في المقاتلة، والخمس الخامس كان للنبي (صلّى الله عليه وآله).

ويعدُّ من قبيل الأموال أيضاً الأسلاب وهي ثياب القتلى أو أسلحتهم فهذه كانوا يفرقونها بين المقاتلين فيأخذ كل رجل أسلاب الذي قتله.

وأما الأراضي التي كانت تقع في أيديهم عنوة أو صلحاً فلها أحكام خاصة مذكورة في كتب الفقه.

الفيء

هو سائر ما بقي من أموال بيت المال، وفي الشرع: (الفيء كل مال وصل من المشركين عفواً من غير قتال ولا بإيجاف خيل ولا ركاب) وقد بيّن في القرآن أنه لله والرسول.

الجزية

الجزية والخراج متشابهان بأنهما يؤخذان من غير المسلمين وهما من جملة أموال الفيء ويجبيان بأوقات معينة كل سنة، ولكنهما يختلفان بأن الجزية موضوعة على الرؤوس وتسقط بالإسلام وأما الخراج فهو موضوع على الأراضي فلا يسقط.

والجزية ليست من محدثات الإسلام بل هي قديمة من أول عهد التمدن القديم، وقد وضعها يونان أثينا على سكان سواحل آسيا الصغرى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد مقابل حمايتهم.

أما مقدار الجزية في الإسلام فقد كان النبي (صلّى الله عليه وآله) يقدّرها بحسب الأحوال وعلى مقتضى التراضي الذي كان يقع بين المسلمين وأعدائهم.

وتقبل الجزية من غير المسلمين أيّاً كانوا إلاّ إذا كانوا من العرب عبدة الأوثان أو من المرتدّين، فهؤلاء لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف. أما النصارى واليهود والمجوس وعبدة الأوثان من العجم فيقبل منهم الإسلام أو الجزية أو السيف، له تفصيل مذكور في الفقه.

الخراج

والخراج ما يوضع من الضرائب على الأرض أو محصولاتها وهو أقدم أنواع الضرائب، والأصل في وضعه أن الناس كانوا يعتبرون الأرض ملكاً للسلطان أو الملك وهذا الاعتقاد قديم جداً.

وعلى هذا المبدأ كان الرومان يضعون الضرائب على أراضي مملكتهم، وفي جملتها مصر والشام وغيرهما مما فتحه المسلمون من بلادهم.

فلما ظهر المسلمون وفتحوا الشام ومصر والعراق وغيرها أقروا الدواوين على ما كانت عليه من قبل ولم يغيّروا فيها شيئاً، وظل كتّاب الدواوين من أهل البلاد أنفسهم من النصارى والمجوس كما كانوا في عهد الدول السابقة.

وينقل مما ذكره المقريزي أن جباية خراجهم كانت بالتعديل وهو ما يعبّرون عنه بالمقاسمة، إذا عمرت القرى وكثر أهلها زيد خراجهم وإن قل أهلها وخربت نقصوه.

أما ملكية الأرض فظلّت كما كانت عليه في أول الإسلام أي أن الأرض ملك للإمام، وأن الناس يستغلّونها وللحكومة حق من غلتهم. هذا في المفتوح عنوة وهي ملك المسلمين أما سائر الأراضي فلأربابها.

ارتفاع الخراج

ويراد به مقدار ما يجتمع من خراج البلاد في كل عام. وهو أمر يعسر تعيينه لاختلافه باختلاف الزمان والمكان.

فالسواد بلغ ارتفاع خراجه في أيام عمر بن الخطاب (سنة 20هـ) 120 مليون درهم. وفي أيام عبيد الله بن زياد (نحو سنة 62هـ) 135 مليون درهم. وفي أيام الحجاج بن يوسف (سنة 85هـ) 188 مليون درهم. وجباه عمر بن عبد العزيز (سنة 100هـ) 120 مليون درهم. وكان ابن هبيرة بعده يجبيه 100 مليون درهم سوى طعام الجند وأرزاق المقاتلة. ثم كان يوسف بن عمر يحمل منه إلى دار الخلافة 60 مليون درهم إلى 70 مليون درهم وينفق على من معه من جند الشام 160 مليون وعلى البريد: أربعة ملايين وعلى الطوارق مليوني درهم ويبقى عنده للنفقة على بيوت الأحداث والعواتق عشرة ملايين فكان مجموع جباية السواد على أيامه نحو مائة مليون درهم.

ضرائب أخرى

وكان من موارد الأموال في الدولة الإسلامية غير خراج الأراضي وعشورها والصدقات والجزية أعشار والسفن وأخماس المعادن والمراعي وغلة دار الضرب والمراصد والضياع وأثمان الماء وضرائب الملاحات والآجام وغيرها مما يعد من قبيل الخراج.

ومن الضرائب التي كانت تؤخذ (المكوس)، فلما ظهر الإسلام أقره عمر بن الخطاب وكانت هذه الضريبة لا تؤخذ من التاجر إلا إذا انتقل من بلاده إلى بلادٍ أخرى، ولم يرج المكس في الإسلام لأن أهل الورع كانوا يكرهونه.

الإقطاع

ومما يلحق بالخراج أيضاً مال القطائع، والإقطاع قديم في الدول، وأصله أن الملك إذا فتح بلاداً وأراد استبقاءها واستغلالها فرّقها على قوّاده في مقابل حربهم وأتعابهم كأنها أُجرة لهم، ويؤيد ذلك أن أصل لفظ الإقطاع في الإفرنجية معناه الأجرة، والقواد يفرقون تلك الأرض في ضباطهم وهؤلاء يفرقونها في العساكر أو من يقوم مقامهم.

أما في الإسلام فالإقطاع كان على كيفية أخرى، وينقل مما كتبه أبو يوسف أن الأرض التي تقع في أيدي المسلمين وليس لها مالك يطالب بها، كالأرض التي تكون لحاكم البلاد قبل فتحها أو تكون لرجل قتل في الحرب أو أن تكون من مغيض ماء أو نحو ذلك، فهذه الأصناف من الأرض كان الخلفاء يجيزون إقطاعها لمن شاءوا على أن يؤدي عُشر مالها لبيت المال أو أكثر أو أقل على ما يتراءى للخليفة.

سورة التوبة: 60.

سورة الأنفال: 41.