الفهرس

فهرس الفصل الثامن

المؤلفات

 السياسة والدولة

الصفحة الرئيسية

 

العامل السادس

العزلة عن الجماهير

من أسباب تخلف المسلمين وعدم تمكن المنظمات والأحزاب والجمعيات الإسلامية من النهضة ومن الوصول إلى الحكم (عدم الجماهيرية)، فإن هذه الأحزاب وأشباهها لا تعمل إلا في حقل واحد تنتخبه لأجل تقديم الإسلام مثل تربية الشباب وتوعيتهم وإيصالهم إلى رتب رفيعة سواء في المجتمع أو في الدولة كجعلهم موظفين أو كتاباً أو خطباء أو من إليهم، ثم يتركون الجماهير وشأنها، ومن الواضح أن الطلائع التي تقودها الأحزاب والمنظمات والجمعيات الإسلامية قليلة جداً (حتى وإن وصلوا إلى مئات الألوف)، بينما الجماهير هي كل شيء وهي إنما تلتف حول من أعطاهم الحاجات وشاركهم في أحزانهم وأفراحهم وحل مشكلاتهم أما من لم يعطهم ذلك فإنهم يتركونه وشأنه، وإذا تركوه وشأنه حصل له (التحجيم) فلا يتمكن من التأثير والتغيير.

وحاجات الجماهير كثيرة أمثال: تزويج العزاب، وتشغيل العاطلين، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وزيارة المسافرين، والحضور في المراسم الاجتماعية والدينية ـ كمجالس الوعظ والإرشاد والأعراس والفواتح وصلوات الجماعة وما أشبه ـ، والمشاركة في بناء المساجد والمستشفيات والمدارس والحسينيات وغيرها، وإسعاف المحتاجين، والقيام بالخدمات الاجتماعية وإصلاح ذات البين.. إلى غيرها من الأمور التي تعطي للإنسان ـ الفرد أو المنظمة والهيئة والحزب إذا مارسها ـ (الصبغة الجماهيرية) وحينذاك تتعاطف الجماهير مع مثل هذا الفرد أو الجماعة وتتفاعل معه فكرياً ونفسياً وعاطفياً، أما إذا لم يقم الإنسان ـ فرداً أو جماعة ـ بهذه الخدمات فإن المجتمع يظل في ناحية وتبقى المنظمة أو الحزب أو الهيئة أو الجماعة أو الفرد في ناحية أخرى فلا تتمكن من تحريك الجماهير وتوجيهها الى حيث تريد.

القران الكريم والجماهيرية

وقد ألمع إلى هذا القرآن الحكيم حيث يقول تعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم يعلِّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (آل عمران: 164).

وقال عز من قائل نقلاً عن إبراهيم الخليل (عليه السلام) ـ في دعائه وتضرعه إلى الله تعالى أن يبعث في ذريته الرسول ـ: (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) (البقرة: 129).

وقال تعالى: (كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكّيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) (البقرة: 151).

الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) يعلمنا الجماهيرية

وقد روى زيد بن ثابت: إنا كنا إذا جلسنا إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) إن أخذنا بحديث في ذكر الآخرة أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الدنيا أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا، وكل هذا أحدثكم عن رسول الله.

وروى سلمان الفارسي (رحمه الله) أنه قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو متكأ على وسادة فألقاها إلي، ثم قال (صلّى الله عليه وآله): (يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم يلقي له الوسادة إكراماً له إلا غفر الله له)(1).

وفي رواية جرير بن عبد الله قال: إن النبي (صلّى الله عليه وآله) دخل بعض بيوته فامتلأ البيت (يعني بالمسلمين) ودخل جرير فقعد خارج البيت، فأبصره النبي (صلّى الله عليه وآله)، فأخذ ثوبه فلفه فرمى به إليه وقال: (إجلس على هذا) فأخذه جرير فوضعه على وجهه فقبله(2).

ويروي ابن عباس يقول: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويحتلب الشاة، ويجيب دعوة المملوك)(3).

وفي حديث عنه (صلّى الله عليه وآله): (لو أهدي إلي كراع لقبلت ولو دعيت إلى ذراع لأجبت)(4).

وعن أبي ذر (رحمه الله) أنه قال: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو؟ حتى يسأل.

وعن ابن مسعود أنه قال: أتى النبي (صلّى الله عليه وآله) رجل يكلمه فأرعد فقال (صلّى الله عليه وآله): (هون عليك، فلست بملك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد)(5). (والقد هو اللحم المجفف بالشمس، ومراده (صلّى الله عليه وآله) أنه واحد من سائر الناس، فاللازم أن لا يعاشره معاشرة الملوك، وإنما معاشرة الأشخاص العاديين فلماذا الارتعاد عند التكلم معه؟ وقد قال سبحانه: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي) (الكهف: 110).

وروى أنس قال: (كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار العاري، وكان يوم خيبر ويوم قريظة والنظير على حمار مخطوم بحبل من ليف تحته أكاف من ليف)(6).

وكان (صلّى الله عليه وآله) ـ كما في جملة من الأحاديث ـ إذا مر على إنسان بدأه بالسلام، وكان (صلّى الله عليه وآله) يسلم على الرجل وعلى المرأة وعلى الطفل حتى قال بعض أصحابه: أنه كلما أراد أن يُبدِئ النبي (صلّى الله عليه وآله) بالسلام إذا التقى به، فإذا بالنبي يسبقه ويسلم عليه.

ومن كثرة تبسّمه (صلّى الله عليه وآله) مع الناس لقب (صلّى الله عليه وآله) (بالضحوك) كما في بحار الأنوار.

وعن بن أنس: أن النبي (صلّى الله عليه وآله) فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي (صلّى الله عليه وآله) وقد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال مر لي من مال الله الذي عندك.

فالتفت إليه فضحك ثم امر له بعطاء(7).

قال الأعرابي: لا.

قال النبي: ولم؟

قال: لأنك كريم لا تقابل السيئة بالسيئة.

ثم أمر له النبي باعطائه حمل بعيرين: حملاً تمراً، وحملاً شعيراً.

ويروي أنس بن مالك قال: كنا إذا أتينا النبي (صلّى الله عليه وآله) جلسنا حلقة(8).

أقول: حتى لا يكون للمجلس صدر وذيل ويتصور بعضهم أنه في صدر المجلس وبعضهم أنه في ذيله.

وقد روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه ما صافح أحداً قط فنزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده.

وما فاوضه أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف.

وما نازعه الحديث حتى يكون هو الذي يسكت.

وما رؤي مقدماً رجليه بين يدي جليس له قط.

ولا عرض له قط أمران إلا أخذ بأشدهما.

وما انتصر لنفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى.

وما سئل شيئاً قط فقال: لا.

وما رد سائلاً حاجة إلا بها، أو بميسور من القول.

وكان يعد الناس إذا لم يتمكن من قضاء حاجاتهم فوراً أنه (صلّى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام) في وصيته: (تقضي ديني وتنجز عداتي)(9).

وكان أخف الناس صلاة في تمام إذا صلى جماعة (ملاحظة للمأمومين).

وكان أقصر الناس خطبة إذا خطب (حتى لا ينزعج السامعون).

وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل حتى يستبشر الناس بقدومه إليهم.

وكان إذا أكل مع القوم كان أول من يبدأ وآخر من يرفع يده لئلا يستحي من يريد الاستمرار في الأكل آخراً أو يريد الإسراع في الأكل أولاً.

وكان إذا دعا دعا ثلاثاً وإذا تكلم تكلم وتراً وإذا استأذن استأذن ثلاثة.

وكان لا يكلم أحداً بشيء يكرهه قط.

وكان المحدث عنه يقول: لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده.

وكان يقول: إن خياركم أحسنكم أخلاقاً.

إلى غير ذلك من الصفات والتي ذكرنا بعضها أيضاً في موضع آخر من هذا الكتاب.

الإمام علي (عليه السلام): دروس في الجماهيرية

ووفق سيرة النبي (صلّى الله عليه وآله) سار علي (عليه السلام) في كونه جماهيرياً وفي قضاء حوائج الناس والمشاركة معهم في أمورهم وكونه كأحدهم كما قال ضرار بن ضمرة عنه (عليه السلام): (كان فينا كأحدنا).

الإمام (عليه السلام) يتوسط في مشكلة اجتماعية

وفي رواية يرويها الكليني (رحمه الله) في الكافي، بسنده عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (أتت الموالي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا: نشكوا إليك هؤلاء العرب، إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يعطينا معهم العطاء بالسوية، وزوج سلمان وبلالاً وصهيباً، وأبوا علينا هؤلاء وقالوا: لا نفعل.

فذهب إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فكلمهم فيهم فصاحت الأعاريب: أبينا ذلك يا أبا الحسن (عليه السلام) أبينا ذلك.

فخرج وهو مغضب يجرّ رداءه وهو يقول: يا معشر الموالي إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم، ولا يعطونكم مثل ما يأخذون، فأبحروا بارك الله لكم، فإني سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة وواحد في غيرها)(10).

فإن هذا الحديث يدل على أن الإمام (عليه السلام) كان يتوسط بين الناس في الأمور، وكان يأمر الموالي بالتجارة ليحصلوا على الكرامة الاجتماعية فمن المعروف (إن الكرامة الاقتصادية توجب الكرامة الاجتماعية) وبالفعل ذكر المؤرخون أنهم سلكوا سبيل الكرامة الاقتصادية فحصلوا على الكرامة الاجتماعية وصاروا تجاراً فأخذ العرب ينظرون إليهم نظر عطف ولطف ومساواة، يتزوجون منهم ويزوجونهم.

الإمام (عليه السلام) يمشي مع جارية إلى قصّاب

وروى البحار: أن قصاباً باع اللحم لجارية فجار عليها، فبكت المرأة وخرجت، فرأت علياً (عليه السلام) فشكت إليه، فمشى علي (عليه السلام) معها نحو القصاب ودعاه إلى الإنصاف في حقها وكان يعظه ويقول له: ينبغي أن يكون الضعيف عندك بمنزلة القوي فلا تظلم الناس.

وهكذا كان الإمام (عليه السلام) يتوسط في حوائج الناس، ويحل مشاكلهم، ويقضي لهم ما يطلبون حتى أنه (عليه السلام) كان يمشي مع الجارية إلى القصاب!

الإمام (عليه السلام) في سوق التمّارين

ونقل (المناقب) عن أبي مطر البصري قال: إن أميرالمؤمنين (عليه السلام) مرّ بأصحاب التمر، فإذا هو بجارية تبكي، قال: (يا جارية ما يبكيك؟).

قالت: بعثني مولاي بدراهم فابتعت من هذا درهماً فأتيتهم به فلم يرضوه، فلما أتيته به أبى أن يقبله.

فقال (عليه السلام) ـ للتمار ـ: (يا عبد الله إنها خادمة، وليس لها أمر فاردد درهمها، وخذ التمر).

فقام الرجل ولكز الإمام (عليه السلام) في صدره.

فقال الناس: هذا أمير المؤمنين!

فربى الرجل (والمراد بربى أخذه الربو وهي علة تحدث في الرئة من شدة الخوف فيخرج التنفس بصعوبة) واصفرّ لونه، وأخذ التمر، ورد إليها درهماً ثم قال: يا أمير المؤمنين ارض عني.

فقال (عليه السلام): (ما أرضاني عنك إن أصلحت أمرك) أو قال: ما أرضاني عنك إن وفيت الناس حقوقهم(11).

عملية إصلاح بين زوج وزوجة

وفي (المناقب) عن الإمام الباقر (عليه السلام) في خبر (أنه رجع الإمام أمير المؤمنين إلى داره في وقت القيظ، فإذا امرأة قائمة تقول: إن زوجي ظلمني وأخافني وتعدّى علي وحلف ليضربني.

فقال: (يا أمة الله اصبري حتى يبرد النهار ثم أذهب معك إن شاء الله).

فقالت: يشتد غضبه عليّ.

فطأطأ أمير المؤمنين رأسه ثم رفعه وهو يقول: (لا والله، أو يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع، أين منزلك؟).

فمضى (عليه السلام) إلى بابه فوقف فقال: (السلام عليكم).

فخرج شاب وهو لا يعرف الإمام علي (عليه السلام) فقال الإمام: (يا عبد الله اتق الله، فإنك قد أخفتها وأخرجتها).

فقال الفتى: وما أنت وذاك؟ والله لأحرقنها لكلامك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر تستقبلني بالمنكر وتنكر المعروف؟).

فأقبل الناس من الطرق يقولون: السلام عليكم يا أمير المؤمنين، فسقط الرجل في يديه فقال: يا أمير المؤمنين أقلني في عثرتي، فوالله لأكونّن لها أرضاً تطأني.

فأغمد علي (عليه السلام) سيفه الذي كان قد أخرجه من الغمد تخويفاً له وقال (عليه السلام): (يا أمة الله ادخلي، ولا تلجئي زوجك إلى مثل هذا وشبهه)(12).

وهكذا يمشي الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وهو رئيس أكبر دولة في العالم ذلك اليوم تمتدّ من ليبيا إلى داغتسان في الاتحاد السوفيتي ـ يمشي مع امرأة للإصلاح بينها وبين زوجها،ومع أن الشاب تعدى على الإمام (عليه السلام) فإنه (عليه السلام) تركه وشأنه ولم يعاقبه.

ما خرجت إلا لأعين مظلوماً

وفي حديث آخر ذكره الشيخ المفيد (رحمه الله) قال: ذكر الكوفيون أن سعيد بن قيس الهمداني رأى علياً (عليه السلام) في شدة الحر في فناء حائط فقال له: يا أمير المؤمنين بهذه الساعة؟

قال (عليه السلام): (ما خرجت إلا لأعين مظلوماً أو أغيث ملهوفاً)(13).

في ميضاة المسجد

وفي رواية أخرى رواها المفيد أيضاً، أنه (عليه السلام) توضأ مع الناس في ميضاة المسجد فزحمه رجل فرمى به، فأخذ الدرة فضربه ثم قال له: (ليس هذا لما صنعت بي، ولكن يجيء من هو أضعف مني فتفعل به مثل هذا فتضمن)(14).

وهكذا كان الإمام (عليه السلام) يعيش كالآخرين، ويتوضأ مع الناس في ميضاة المسجد حتى يزاحمه الرجل ويلقيه إلى الأرض.

الإمام (عليه السلام) ينهى عن سير الرجال خلفه

وروى المجلسي عن الكافي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) على أصحابه وهو راكب فمشوا خلفه فالتفت إليهم فقال: (لكم حاجة؟).

فقالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنا نحب أن نمشي معك.

فقال لهم: (انصرفوا، فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي).

وفي رواية أخرى: أنه ركب مرة فمشوا خلفه فقال (عليه السلام) لهم: (انصرفوا فإن خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النوكى) (نوكا جمع أنوك بمعنى أحمق)(15).

الإمام (عليه السلام) في الأسواق

وفي (المناقب) عن زادان: أنه (عليه السلام) كان يمشي في الأسواق وحده وهو يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن فيقرأ هذه الآية لهم: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الارض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) (القصص: 83).

وقصة جلوس الإمام (عليه السلام) على دكان ميثم التمار وبيعه التمر أحياناً ـ فيما إذا كان ميثم غائباً ـ مشهورة.

إلى غير ذلك من قصص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وسائر خلفائه الراشدين الذين كانوا يسعون في حوائج الناس ليل نهار، وكانوا شعبيين إلى أبعد حد، ولذا قال الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث يرويه الوسائل: (ولان أعول أهل البيت من المسلمين أشبع جوعتهم وأكسو عورتهم وأكف وجوههم عن الناس أحبّ إلي من أن أحج حجة وحجة وحجة حتى أنتهي إلى عشر وعشر وعشر ومثلها (ومثلها) حتى أنتهي إلى سبعين) وفي هذا الباب روايات كثيرة جداً معروفة في كتب الأحاديث وفي كتب الفقه.

.. اذاً.. فلكي تكون المنظمات والأحزاب والجمعيات الإسلامية جماهيرية يجب عليها أن تكون مع الناس ومنهم وإليهم، فتقضي حوائجهم، وتكون كأحدهم، لا أن تترفع أو تحبس نفسها في أطر خاصة، فإن ذلك يوجب انفضاض الناس من حولها فلا تصل تلك الأحزاب إلى الهدف وإن دام أمرها ستين سنة.

من اجتماعيات الإسلام

الحقوق الإلهية والاجتماعية

عن ثابت بن دينار، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: حق الله الأكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئاً، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسك أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة.

وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّ وجل.

وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائد لها، والبرّ بالناس، وحسن القول فيهم.

وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحلّ سماعه.

وحق البصر أن تغمضه عما لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به.

وحق يديك أن لا تبسطهما إلى مالا يحل لك.

وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى مالا يحل لك، فبهما تقف على الصراط، فانظر أن لا تزل بك فتردى في النار.

وحق بطنك أن لا تجعله وعاءً للحرام، ولا تزيد على الشبع.

وحق فرجك عليك أن تحصنه من الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه.

وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل وأنت فيها قائم بين يدي الله، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها.

وحق الصوم أن تعلم أنه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك.

وحق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله عز وجل على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك يسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك.

وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها وكنت بما تستودعه سرّاً، أوفق منك بما تستودعه علانية، وتعلم أنها تدفع عنك البلايا والأسقام في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة.

وحق الهدى أن تريد به الله عز وجل، ولا تريد خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمته ونجاة روحك يوم تلقاه.

وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة، وإنه مبتلى فيك بما جعل الله له عليك من السلطان، وإن عليك أن لا تتعرض لسخطة فتلقي بيدك إلى التهلكة وتكون شريكاً له فيما يأتي إليك من سوء (هذا في مورد التقية وأما في غيره فقد ورد إن أفضل من ذلك كلمة حق عند إمام جائر).

وحق سائسك بالعلم التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحداً، ولا تغتاب عنده أحداً، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عورته وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوّاً ولا تعادي له وليّاً فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته، وتعلّمت علمه لله جل اسمه لا للناس.

وأما حق سائسك بالملك فإن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم إنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم، وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عز وجل على ما أتاك من القوة عليهم.

وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيماً عليهم فيما آتاك من العلم، وفتح لك من خزانته، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقاً على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط من القلوب محلك.

وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عز وجل عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها، لأنها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها.

وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك، وأمك ولحمك ودمك لم تملكه لأنك صنعته دون الله، ولا خلقت شيئاً من جوارحه، ولا أخرجت له رزقاً، ولكنّ الله عز وجل كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عز وجل ولا قوة إلا بالله.

وأما حق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتضلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها، وإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.

وأما حق أبيك فأن تعلم إنه أصلك فإنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله.

وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وإنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل، والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعمل إنه مثاب على الإحسان إليه، معاقب على الإساءة إليه.

وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحاً على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فإن أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها فأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك قيد العبودية، وأخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك، وتعلم إنه أولى الخلق بك في موتك، وإن نصرته عليك واجبة بنفسك، وما احتاج إليه منك، ولا قوة إلا بالله.

واما حق مولاك الذي أنعمت عليه، فأن تعلم إن الله عز وجل جعل عتقك له وسيلة إليه وحجاباً لك من النار، وإن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقت من مالك، وفي الآجل الجنة.

وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه المقالة الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرّاً وعلانية ثم إن قدرت على مكافأته يوماً كافيته.

وأما حق المؤذن أن تعلم أنه مذكر لك ربك عز وجل، وداع لك إلى حظك وعونك على قضاء ما فرض الله عز وجل عليك فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك.

وأما حق إمامك في صلاتك أن تعلم أنه تقلّد السفارة فيما بينك وبين ربك عز وجل، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عز وجل، فإن كان نقص كان به دونك، وإن كان تمام كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه، وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك.

وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاته، وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيراً.

وأما حق جارك فحفظه غائباً وإكرامه شاهداً، ونصرته إذا كان مظلوماً، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءً سترته عليه وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والإنصاف، وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافيته، وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية الله، وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذاباً، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الشريك فإن غاب كافيته، وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخنه فيما عز أو هان من أمره فإن يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مالك فإن لا تأخذه إلا من حلّه، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله.

وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسراً أعطيته وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك رداً لطيفاً.

وحق الخليط أن لا تغرّه ولا تغشه ولا تخدعه وتتقي الله في أمره.

وأما حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعيه عليك حقاً كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقه، وإن كان ما يدعي باطلاً رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم يسخط ربك في أمره، ولا قوة إلا بالله.

وحق خصمك الذي تدعي عليه إن كنت محقاً في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلاً في دعواك اتقيت الله عز وجل وتبت إليه، وتركت الدعوى.

وحق المستشير إن علمت أن له رأياً حسناً أشرت عليه، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم.

وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، وإن وافقك حمدت الله عز وجل.

وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة وليكن مذهبك الرحمة له والرفق.

وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى بالصواب حمدت الله عز وجل، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقاً للتهمة فلا تعبأ بشيء من أمره على حال، ولا قوة إلا بالله.

وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الإسلام ولا تستجهله، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الإسلام وحرمته.

وحق الصغير رحمته من نوى تعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له.

وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته.

وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله، وإن منع فاقبل عذره.

وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله عز وجل أولاً ثم تشكره.

وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم وتألفهم، واستصلاحهم، وشكر محسنهم، وكف الأذى عن مسيئهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة أخوتك.

وحق من أساء إليك أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر انتصرت، قال الله تعالى: (ولمن انتصر بعد ظُلمِهِ فأولئك ما عليهم من سبيل) (الشورى: 41).

وعجائزهم بمنزلة أمك، والصغار منهم بمنزلة أولادك.

وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عز وجل بعهده(16).

إنصاف الناس حتى من النفس

عن ابن محـــبوب، عـــن بـــعض أصحـــابه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (من أنصف الناس من نفسه رضي به حكماً لغيره)(17).

وعن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الأخ في الله وذكر الله على كل حال)(18).

وعن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: (ألا إنه من ينصف الناس من نفسه لم يزده الله إلا عزاً)(19).

وعن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (ثلاث هم اقرب الخلق إلى الله يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه أن يحيف على من تحت يده، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، ورجل قال بالحق فيما له وعليه)(20).

وعن جعفر بن إبراهيم الجعفري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (من واسى الفقير من ماله وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقاً)(21).

وعن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول في آخر خطبته: (طوبى لمن طاب خلقه، وطهرت سجيته، وصلحت سريرته، وحسنت علانيته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله وأنصف الناس من نفسه)(22).

وعن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة: أنفق ولا تخف فقراً، وافش السلام في العالم واترك المراء وإن كنت محقاً، وأنصف الناس من نفسك)(23).

وعن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (ألا أخبرك بأشد ما افترض الله على خلقه؟ إنصاف الناس من أنفسهم، ومواساة الإخوان في الله عز وجل، وذكر الله عز وجل على كل حال، فإن عرضت له طاعة عمل بها، وإن عرضت له معصية تركها)(24).

وعن علي بن ميمون الصائغ قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: (من أراد أن يسكنه الله جنته فليحسن خلقه، وليعط النصفة من نفسه، وليرحم اليتيم وليعن الضعيف وليتواضع لله الذي خلقه)(25).

وعن معاوية، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ما نصح الله عبد في نفسه فأعطى الحق منها وأخذ الحق لها إلا أعطي خصلتين، رزقاً من الله يسعه، ورضا عن الله يغنيه)(26).

أحب لأخيك ما تحب لنفسك

عن أبي البلاد رفعه قال: (جاء أعرابي إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله علمني عملاً أدخل به الجنة فقال: (ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فإته إليهم وما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم).

وعن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (أوحى الله إلى آدم (عليه السلام) إني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات).

إلى أن قال: (وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك)(27).

وعن عثمان بن جبلة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم ورجل لم يقدم رجلاً ولم يؤخر رجلاً حتى يعلم أن ذلك لله رضاه ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي ذلك العيب عن نفسه فإنه لا ينفي عيباً إلا بدا له عيب وكفى بالمرء شغلاً بنفسه عن الناس)(28).

وعن أبي ذر، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (في حديث) قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال: أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله.

قلت: زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيراً.

قلت: زدني، قال: عليك بطول الصمت.

قلت: زدني، قال: إياك وكثرة الضحك.

قلت: زدني، قال: عليك بحب المساكين ومجالستهم.

قلت: زدني، قال: قل الحق وإن كان مرّاً.

قلت: زدني، قال: لا تخف في الله لومة لائم.

قلت: زدني، قال: ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي مثله ثم قال: كفى بالمرء عيباً أن يكون فيه ثلاث خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويستحي لهم مما هو فيه، ويؤذي جليسه فيما لا يعنيه، ثم قال: يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق(29).

وقال الصادق (عليه السلام): (من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضى رزق الله لم يحزن على ما فاته (إلى أن قال): ومن نظر في عيوب الناس ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه)(30).

وقال (عليه السلام): (أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله)(31).

وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: (كان بالمدينة أقوام لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس فأسكت الله عن عيوبهم الناس فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس فأظهر الله لهم عيوباً لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا)(32).

كراهة الخُرْق وإساءة الخلق

عن ابن أبي ليلى عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (من قسم له الخرق حجب عنه الإيمان)(33).

وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لو كان الخرق خلقاً يرى ما كان في شيء من خلق الله أقبح منه)(34).

وعن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلّى الله عليه وآله): (أبى الله لصاحب الخلق السيئ بالتوبة، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله، قال لأنه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه)(35).

وعن سيف بن عــميـــرة، عمـــن ذكـــــره، عن أبي عبدالله (عليه السلام): (إن سوء الخلق ليفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل)(36).

وعن إسحاق بن غالب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (من ساء خلقه عذب نفسه)(37).

وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: أوصى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه: (الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل)(38).

وعن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (عليكم بحسن الخلق فإن حسن الخلق في الجنة لا محالة، وإياكم وسوء الخلق فإن سوء الخلق في النار لا محالة)(39).

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام): (ما من ذنب إلا وله توبة، وما من تائب إلا وقد تسلم له توبته ما خلا السيئ الخلق لأنه لا يتوب من ذنب إلا وقع في غيره أشر منه)(40).

التحلي بمكارم الأخلاق

عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إنا لنحب من كان عاقلاً فهماً فقيهاً حليماً مدارياً صبوراً صدوقاً وفياً، إن الله عز وجل خص الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك، ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى الله عز وجل وليسأله إياها).

قال: قلت: جعلت فداك وما هن؟ قال: (هنَّ الورع والقناعة والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة والبر وصدق الحديث وأداء الأمانة)(41).

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (ألا أخبركم بخير رجالكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: إن خير رجالكم التقي النقي السمح الكفين، النقي الطرفين، البر بوالديه ولا يلجئ عياله إلى غيره)(42).

وعن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إن الله عز وجل ارتضى لكم الإسلام ديناً فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق)(43).

وعن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الإيمان أربعة أركان: الرضا بقضاء الله، التوكل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والتسليم لأمر الله)(44).

وعن حماد بن عثمان قال: جاء رجل إلى الصادق (عليه السلام) فقال: يا بن رسول الله أخبرني عن مكارم الأخلاق فقال: (العفو عمن ظلمك، وصلة من قطعك، وإعطاء من حرمك، وقول الحق ولو على نفسك)(45).

وعن جرّاح المدائني قال: قال لي أبو عبدالله (عليه السلام): (ألا أحدثك بمكارم الأخلاق؟ الصفح عن الناس، ومواساة الرجل أخاه في ماله، وذكر الله كثيراً)(46).

وعن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: (عليكم بمكارم الأخلاق فإن الله عز وجل يحبها وإياكم ومذام الأفعال فإن الله عز وجل يبغضها، وعليكم بتلاوة القرآن ـ إلى أن قال ـ وعليكم بحسن الخلق فإنه يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وعليكم بحسن الجوار، فإن الله جل جلاله أمر بذلك، وعليكم بالسواك، فإنه مطهرة وسنة حسنة وعليكم بفرائض الله فأدوها، وعليكم بمحارم الله فاجتنبوها)(47).

أقسام الصبر

عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيقال: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر فيقال لهم: على م صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله، ونصبر عن معاصي الـــله، فيقول الله عز وجــــل صدقوا أدخــــلوهم الجنة، وهو قول الله عز وجل: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (الزمر: 10)(48).

وعن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عليك، والذكر ذكران: ذكر الله عز وجل عند المصيبة، وأفضل من ذلك ذكر الله عندما حرم الله عليك فيكون حاجزاً)(49).

وعن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): (لما حضرت علي بن الحسين (عليه السلام) الوفاة ضمني إلى صدره قال: يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، ومما ذكر أن أباه أوصاه به: يا بني اصبر على الحق وإن كان مراً)(50).

وعن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (اصبروا على الدنيا فإنما هي ساعة فإن ما مضى منه لا تجد له ألماً ولا سروراً، وما لم يجئ فلا تدري ما هو، وإنما هي ساعتك التي أنت فيها، فاصبر فيها على طاعة الله، واصبر فيها عن معصية الله)(51).

وعن عمرو بن شمر اليماني، يرفع الحديث إلى علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، وصبر عند الطاعة، وصبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة الى الدرجة كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش)(52).

وفي (نهج البلاغة): عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (الصبر صبران: صبر على ما تحبّ، وصبر على ما تكره، ثم قال (عليه السلام): إن وليّ محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدوّ محمد من عصى الله وإن قربت قرابته).

قال: وقال (عليه السلام): (شتان بين عملين: عمل تذهب لذته وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره)(53).

الصبر الشامل

عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (يا حفص إن من صبر صبر قليلاً، وإن من جزع جزع قليلاً ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز وجل بعث محمداً (صلّى الله عليه وآله) فأمره بالصبر والرفق، فقال: (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً وذرني والمكذبين أولى النعمة) (المزمل: 10 ـ 11).

وقال: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) (فصلت: 34 ـ 35).

فصبر حتى نالوه بالعظائم، ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله تعالى عليه: (ولقد نعلم أَنك يضيق صدرك بما يقولون فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين) (الحجر: 97 ـ 98).

ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله تعالى: (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) (الأنعام: 33 ـ 34).

فألزم النبي (صلّى الله عليه وآله) نفس الصبر فتعدّوا فذكر الله تبارك وتعالى فكذبوه فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله عز وجل: (فاصبر على ما يقولون) (طه: 130).

فصبر في جميع أحواله، ثم بشر في عترته بالأئمة (عليهم السلام) ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) (السجدة: 24).

فعند ذلك قال النبي (صلّى الله عليه وآله): الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فشكر الله ذلك له فأنزل الله: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) (الأعراف: 137).

فقال: إنه بشرى وانتقام، فأباح الله تعالى له قتال المشركين فأنزل الله تعالى: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) (التوبة: 5).

فقتلهم الله تعالى على يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادّخر له في الآخرة، فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه مع ما يدخر له في الآخرة).

وعن العزرمي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (سيأتي على الناس زمان لا ينال فيه الملك إلا بقتل إلى أن قال: فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقاً ممن صدق بي)(54).

وعن محمد بن علي بن الحسين بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) (في وصيته لمحمد بن الحنفية) قال: (ألق عنك واردات الهموم بعزائم الصبر، وعـــود نفسك الــــصبر فنعم الخلـــــق الصبر، واحملها على ما أصابك من أهوال الدنيا وهمومها)(55).

وعن عبد الله بن ميمون، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام) قال: قال الفضل بن عباس: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب، فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً)(56).

وعن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: (إني لأصبر من غلامي هذا ومن أهلي على ما هو أمرّ من الحنظل إنه من صبر نال بصبره درجة الصائم القائم، ودرجة الشهيد الذي قد ضرب بسيفه قدام محمد (صلّى الله عليه وآله) )(57).

وقال (عليه السلام): (من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع).

وعن الحسن بن محمد الديلمي، عن الصادق (عليه السلام) أنه جاءت إليه امرأة فقالت إن ابني سافر عني وقد طالت غيبته عني واشتد شوقي إليه فادع الله لي، فقال لها: عليك بالصبر، فاستعملته، ثم جاءت بعد ذلك فشكت إليه طول غيبة ابنها، فقال لها: ألم أقل لك عليك بالصبر، فقالت: يا بن رسول الله كم الصبر فوالله لقد فني الصبر، فقال: ارجعي إلى منزلك تجدي ولدك قد قدم من سفره، فنهضت فوجدته قد قدم، فأتت به إليه فقالت: أوحي بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؟ قال: لا، ولكن عند فناء الصبر يأتي الفرج، فلما قلت فني الصبر عرفت أن الله قد فرّج عنك بقدوم ولدك(58).

تسكين الغضب

عن صفوان الجمال قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (إنما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق، وإذا رضى لم يدخله رضاه في باطل، وإذا قدر لم يأخذ أكثر مما له)(59).

وعن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل)(60).

وعن داود بن فرقد قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (الغضب مفتاح كل شر)(61).

وعن ميسر قال: ذكر الغضب عند أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنه يذهب عنه رجز الشيطان، وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه فإن الرحم إذا مسّت سكنت)(62).

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (من كف نفسه عن أعراض الناس أقال الله نفسه يوم القيامة، ومن كف غضبه عن الناس كف الله تبارك وتعالى عنه عذاب يوم القيامة)(63).

وعن القاسم بن سليمان، عن أبي عبدالله (عليه السلام): (في حديث) قال: سمعت أبي يقول: (أتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) رجل بدويّ، فقال: إني أسكن البادية فعلمني جوامع الكلم، فقال آمرك أن لا تغضب، فأعاد عليه الأعرابي المسألة ثلاث مرات حتى رجع الرجل إلى نفسه، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا ما أمرني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلا بالخير، فقال: وكان أبي يقول: أي شيء أشدّ من الغضب إن الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرم الله، ويقذف المحصنة)(64).

وعن عبد الأعلى قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): علمني عظة أتعظ بها، فقال: (إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أتاه رجل فقال: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) علّمني عظة أتعظ بها، فقال: انطلق فلا تغضب، ثم عاد إليه فقال: انطلق فلا تغضب ثلاث مرات)(65).

وعن سيف بن عميرة، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (من كفّ غضبه ستر الله عورته)(66).

وعن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (مكتوب في التوراة فيما ناجى الله به موسى (عليه السلام) يا موسى أمسك غضبك عمّن ملكتك عليه أكفّ عنك غضبي)(67).

وعن أحمد، عن بعض أصحابه رفعه، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (الغضب ممحقة لقلب الحكيم).

وقال: (من لم يملك غضبه لم يملك عقله)(68).

وعن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم، وإن أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه، وانتفخت أوداجه، ودخل الشيطان فيه، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الأرض، فإن رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك)(69).

وعن أبي حمزة الثـــمالي، عـــن أبي جعــــفـر (عليه السلام) قال: (من كفّ غضبه عن الناس كفّ الله عــنـــه عذاب يوم القيامة)(70).

وعن محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: (مر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بقوم يتشايلون حجراً فقال: ما هذا؟ فقالوا: نختبر أشدّنا وأقوانا، فقال: ألا أخبركم بأشدكم وأقواكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أشدكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الــــحق، وإذا ملــــك لم يتعاط ما لــــيس له بحق)(71).

وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (قال الحواريّون لعيسى (عليه السلام): أي الأشياء أشد؟ قال: أشد الأشياء غضب الله عز وجل، قالوا: بما نتقي غضب الله؟ قال: بأن لا تغضبوا، قالوا: وما بدء الغضب؟ قال: الكبر والتجبّر ومحقرة الناس)(72).

وعن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) قالت: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (ثلاث من كن فيه يستكمل خصال الإيمان: الذي إذا رضى لم يدخله رضاه في باطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له)(73).

وعن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (أوحى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه يا بن آدم أذكرني في غضبك أذكرك في غضبي لا أمحقك فيمن أمحق، وأرض بي منتصراً، فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك)(74).

 

1 ـ بحار الأنوار: ج16، 235.

2 ـ المصدر السابق.

3 ـ المصدر السابق: 222.

4 ـ المصدر السابق: ج44، ص122.

5 ـ المصدر السابق: ج16، ص229.

6 ـ المصدر السابق.

7 ـ صحيح البخاري: ج4، ص61.

8 ـ بحار الأنوار: ج16، ص237.

9 ـ المصدر السابق: ج35، ص33.

10 ـ وسائل الشيعة: ج12، ص5.

11 ـ بحار الأنوار: ج37، ص48.

12 ـ بحار الأنوار: ج37، 57.

13 ـ مستدرك الوسائل: ج12، ص416.

14 ـ بحار الأنوار: ج36، ص115.

15 ـ المصدر السابق: ج69، ص299.

16 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص138.

17 ـ المصدر السابق: ص224.

18 ـ المصدر السابق: ص225.

19 ـ المصدر السابق.

20 ـ المصدر السابق.

21 ـ المصدر السابق.

22 ـ المصدر السابق.

23 ـ المصدر السابق: ص226.

24 ـ المصدر السابق.

25 ـ المصدر السابق: ص227.

26 ـ المصدر السابق.

27 ـ المصدر السابق: ص228.

28 ـ المصدر السابق: ص229.

29 ـ المصدر السابق: ص230.

30 ـ المصدر السابق: ص231.

31 ـ المصدر السابق.

32 ـ المصدر السابق: ص232.

33 ـ المصدر السابق: ص323.

34 ـ المصدر السابق.

35 ـ المصدر السابق.

36 ـ المصدر السابق: ص324.

37 ـ المصدر السابق.

38 ـ المصدر السابق: ج8، ص506.

39 ـ المصدر السابق.

40 ـ المصدر السابق: ج11، ص325.

41 ـ بحار الأنوار: ج63، ص374.

42 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص155.

43 ـ المصدر السابق.

44 ـ المصدر السابق.

45 ـ المصدر السابق: ص156.

46 ـ المصدر السابق.

47 ـ المصدر السابق.

48 ـ المصدر السابق: ص186.

49 ـ المصدر السابق.

50 ـ المصدر السابق.

51 ـ المصدر السابق: ص187.

52 ـ المصدر السابق.

53 ـ المصدر السابق: ص188.

54 ـ المصدر السابق: ص207.

55 ـ المصدر السابق.

56 ـ المصدر السابق: ص209.

57 ـ المصدر السابق.

58 ـ المصدر السابق.

59 ـ المصدر السابق: ص286.

60 ـ المصدر السابق: ص287.

61 ـ المصدر السابق.

62 ـ المصدر السابق.

63 ـ المصدر السابق.

64 ـ المصدر السابق.

65 ـ المصدر السابق: ص288.

66 ـ المصدر السابق.

67 ـ المصدر السابق.

68 ـ المصدر السابق.

69 ـ المصدر السابق.

70 ـ المصدر السابق: ص289.

71 ـ المصدر السابق.

72 ـ المصدر السابق.

73 ـ المصدر السابق: ص290.

74 ـ المصدر السابق: ص291.