الفهرس

فهرس الفصل الثامن

المؤلفات

 السياسة والدولة

الصفحة الرئيسية

 

العامل الرابع

الاستبداد الحزبي

هنالك بعض التنظيمات تعاني من الاستبداد، فالقمة تتخذ القرارات دون استشارة القاعدة والوسط ولا استشارة سائر الناس، مما يوجب:

أولاً: عدم شد الوسط والقاعدة بالقمة، وكذلك عدم شد القاعدة بالوسط، ويسبب ذلك الانفراط المعنوي في النفوس، ويتبع الانفراط المعنوي الانفراط الخارجي، كما رأينا ذلك في بعض الأحزاب الإسلامية حيث تمزقت وحارب بعضهم بعضاً ووقع بينهم النزاع والتشاجر.

وثانياً: ابتعاد الناس وعدم تفاعلهم مع التنظيمات، لأن الناس لا يتفاعلون إلا مع من يتفاعل معهم، لا التفاعل معهم في الحاجات فحسب، بل في الآراء والأعمال أيضاً، فإن الناس يريدون من هو منهم وإليهم، وهم منه وإليه، ولا يريدون جماعة يعملون خارج نطاقهم، ويتكبرون عليهم، ويستبدون بالآراء دونهم، ولذا لا تتمكن أمثال هذه التنظيمات من تحريك الناس.

فالواجب على المنظمات الإسلامية وأشباهها ـ ممن يريد إنقاذ المسلمين ـ أمران: الاستشارة والتواضع.

روايات حول الاستشارة

وقد وردت في الاستشارة آيات وروايات، وقد ذكرنا بعض الآيات في السابق، أما الروايات فهي كثيرة جداً.

منها: ما رواه ابن القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام) قال: (قيل يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ما الحزم؟

قال: (مشاورة ذوي الرأي واتباعهم)(1).

وعن السري خالد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (فيما أوصى به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) قال: (لا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير)(2).

وعن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (في التوراة أربعة أسطر: من لا يستشير يندم، والفقر الموت الأكبر، كما تدين تدان، ومن ملك استأثر)(3).

وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (لن يهلك أمرء عن مشورة)(4).

وروى السيد الرضي في نهج البلاغة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا ظهير كالمشاورة)(5).

وقال (عليه السلام): (من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها)(6).

وقال (عليه السلام): (خاطر بنفسه من استغنى برأيه)(7).

وعن المفضل بن عمر قال: قال الصادق (عليه السلام): (من لم يكن له واعظ من قلبه، وزاجر من نفسه، ولم يكن له قرين مرشد استمكن عدوه من عنقه)(8).

وعن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (ما يمنع أحدكم إذا ورد عليه ما لا قبل له به أن يستشير رجلاً عاقلاً له دين وورع)، ثم قال أبو عبدالله (عليه السلام): (أما أنه إذا فعل ذلك لم يخذله الله بل يرفعه الله ورماه بخير الأمور وأقربها إلى الله)(9).

وعن معمر بن خلاد قال: هلك مولى لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) يقال له سعد وقال: (أشر عليّ برجل له فضل أمانة).

فقلت: أنا أشير عليك؟

فـــقال (عليه السلام): شبـــه المغـــضب : (إن رســــول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يستشير أصحابه ثم يعزم على ما يريد)(10).

وعن الفضيل بن يسار قال: استشارني أبو عبدالله (عليه السلام) مرة في أمر فقلت: أصلحك الله مثلي يشير على مثلك؟ قال: (نعم إذا استشرتك)(11).

وعن الحسن بن الجهم قال: كنا عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فذكر أباه فقال: (كان عقله لا توازن به العقول، وربما شاور الأسود من سودانه، فقيل له: تشاور مثل هذا؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه). قال: (فكانوا ربما أشاروا عليه بالشيء فيعمل به من الضيعة والبستان)(12).

وعن عمر بن جميل، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (من لم يستشر يندم)(13).

وقال: (من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ)(14).

وعنه (عليه السلام) قال: (لا رأي لمن انفرد برأيه)(15).

وقال (عليه السلام): (ما عطب من استشار)(16).

وقال (عليه السلام): (من شاور ذوي الأسباب دل على الرشاد)(17).

وقال (عليه السلام): (لا تشر على المستبد برأيه)(18).

وعن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: (من استشار لم يعدم عند الصواب مادحاً، وعند الخطأ عاذراً)(19).

المعصومون (عليهم السلام) يستشيرون أصحابهم

ومن المعروف عند العامة والخاصة كثرة استشارة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لأصحابه، وكان يقول لهم: (أشيروا علي)(20).

وكذلك جعل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) من حق الأمة عليه أن يستشيرهم.

وكذلك وردت روايات في استشارة سائر الأئمة (عليهم السلام) لأصحابهم.

وفي حديث يرويه مهج الدعوات: إن موسى بن المهدي العباسي هدد موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: قتلني الله إن أبقيت عليه.

قال: وكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) بصورة الأمر، فورد الكتاب، فلما أصبح أحضر الإمام (عليه السلام) أهل بيته وشيعته فأطلعهم (عليه السلام) على ما ورد عليه من الخبر وقال لهم: (ما تشيرون في هذا؟).

فقالوا: نشير عليك ـ أصلحك الله ـ أن تباعد شخصك من هذا الجبار(21).

 

1 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص424.

2 ـ المصدر السابق.

3 ـ المصدر السابق.

4 ـ المصدر السابق.

5 ـ المصدر السابق: ص425.

6 ـ المصدر السابق.

7 ـ المصدر السابق.

8 ـ المصدر السابق.

9 ـ المصدر السابق: ص426.

10 ـ المصدر السابق: ص428.

11 ـ المصدر السابق.

12 ـ المصدر السابق.

13 ـ مستدرك الوسائل: ج8، ص341.

14 ـ المصدر السابق.

15 ـ المصدر السابق.

16 ـ المصدر السابق: ص342.

17 ـ المصدر السابق.

18 ـ المصدر السابق.

19 ـ المصدر السابق.

20 ـ بحار الأنوار: ج19، ص218.

21 ـ مستدرك الوسائل: ج8، ص347.