الفهرس

فهرس الفصل الأول

المؤلفات

 السياسة والدولة

الصفحة الرئيسية

 

نصوص في بيت المال الإسلامي

التسوية في العطاء

الإسلام يساوي بين الناس في قسمة العطاء فإن أموال الدولة (التي هي الخمس والزكاة والخراج والجزية) إذا زادت عن الموظفين ومن إليهم قسمها الوالي بين الناس بالسوية واليك جملة من الروايات في ذلك:

فعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لما ولي علي (عليه السلام) صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

أما أني والله ما أرزئكم من فيئكم هذا درهماً ما قام لي عذق بيثرب، أفتروني مانعاً نفسي ومعطيكم؟

قال: فقام إليه عقيل (كرم الله وجهه) فقال: فتجعلني وأسود في المدينة سواء؟

فقال (عليه السلام): (اجلس ما كان ههنا أحد يتكلم غيرك؟ وما فضلك عليه إلا بسابقة أو تقوى)(1).

وعن أبي مخنف الازدي قال: أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) رهط من الشيعة فقالوا: يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الأموال ففرقتها في هؤلاء الرؤساء والأشراف وفضلتهم علينا حتى إذا استوثقت الأمور عدت إلى أفضل ما عودل الله من القسم بالسوية والعدل في الرعية.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أتأمروني ـ ويحكم ـ أن أطلب النصر بالظلم والجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام؟ لا والله لا يكون ذلك ما سمر السمير، وما رأيت في السماء نجماً، والله لو كانت أموالهم ملكي لساويت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم؟)(2).

أقول: الانحراف يجب أن يقوّم وإن كره أقوام، كما قوم الرسول (صلّى الله عليه وآله) الانحراف إلى الكفر وإن حاربه أقوام، والتقويم هو الذي سبب بقاء الرسول (صلّى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) وتحطّم أبي جهل ومعاوية وأضرابهما.

وعن عاصم، عن أبيه قال: أتى علياً (عليه السلام) مال من أصفهان، فقسمه فوجد فيه رغيفاً فكسره سبع كسر ثم جعل كل جزء منه كسرة ثم دعا أمراء الأسباع فأقرع بينهم أيهم يعطيه أولاً وكانت الكوفة يومئذٍ أسباعاً(3) (أي سبع محلات، أو سبع قبائل).

وعن عاصم، عن أبيه، أنه قال: كنت عند علي فجاءه مال من الجبل فقام وقمنا معه واجتمع الناس إليه فأخذ حبالاً وصلها بيده وعقد بعضها إلى بعض ثم أدارها حول المتاع، ثم قال: لا أحل لأحد أن يجاوز هذا الحبل قال: فقعدنا من وراء الحبل ودخل علي (عليه السلام) فقال: أين رؤوس الأسباع؟ فدخلوا عليه فجعلوا يحملون هذا الجوالق إلى هذا الجوالق وهذا إلى هذا حتى قسموه سبعة أجزاء، قال: فوجد مع المتاع رغيفاً فكسره سبع كسر ثم وضع على كل جزء كسرة، ثم قال:

هذا جناي وخياره فيه          إذ كل جان يده إلى فيه

قال: ثم أقرع عليها فجعل كل رجل يدعو قومه فيحملون الجوالق(4).

وروي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، أنه أمر عمار بن ياسر وعبيد الله بن أبي رافع وأبا الهيثم بن التيهان أن يقسموا مالاً من الفيء بين المسلمين وقال: (اعدلوا بينهم ولا تفضلوا أحداً على أحد) فحسبوا فوجدوا الذي يصيب كل رجل من المسلمين ثلاثة دنانير فأتوا الناس، فأقبل عليهم طلحة والـــزبير ومع كل واحد ابنه، فدفعوا إلى كل واحد منهم ثلاثة دنانير، فقال طلحة والزبير: ليس هكذا كان يعطينا عمر فهذا منكم، أو عن أمر صاحبكم؟ قالوا: هكذا أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام). فمضيا إليه (عليه السلام) فوجداه في بعض أحواله قائماً في الشمس على أجير له يعمل بين يديه، فقالا له: ترى أن ترتفع معنا إلى الظل؟ قال: نعم.

فقالا له: إنا أتينا إلى عمالك على قسمة هذا الفيء فأعطونا كما أعطى سائر الناس.

قال: فما تريدان؟

قالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر.

قال (عليه السلام): فما كان يعطيكما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؟ فسكتا.

فقال (عليه السلام): أليس كان النبي (صلّى الله عليه وآله) يقسم بين المسلمين بالسوية؟

قالا: نعم.

قال: فسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أولى بالاتباع عندكما أم سنة عمر؟

قالا: سنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولكن لنا يا أمير المؤمنين سابقة وعناء وقرابة، فإن رأيت أن لا تسوينا بالناس فافعل.

قال: سابقتكما أسبق أم سابقتي؟

قالا: سابقتك.

قال: فقرابتكما أقرب أم قرابتي؟

قالا: قرابتك.

قال: فعناؤكما أعظم أم عنائي؟

قالا: بل أنت يا أمير المؤمنين اعظم عناءً.

قال: فوالله ما أنا وأجيري هذا في المال إلا بمنزلة واحدة، وأومأ بيده إلى الأجير الذي بين يديه..(5).

أقول: إن ذلك الانحراف في العطاء أوجب تفرقة المسلمين وإلا فلو عمل كما كان يفعل الرسول (صلّى الله عليه وآله) لكان الإسلام اليوم يسود العالم ولم يكن في العالم ـ اليوم ـ ألف مليون جائع.

وفي خبر آخر أنه قام سهل بن حنيف فأخذ بيد عبده فقال: يا أمير المؤمنين قد أعتقت هذا الغلام فأعطاه ثلاثة دنانير مثل ما أعطى سهل بن حنيف.

وفي خبر: أنه كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) في أول خلافته إلى حذيفة بن اليمان بالمدائن، وفيه: (وآمرك أن تجبي خراج الأرضين على الحق والنصفة، ولا تتجاوز ما تقدمت به إليك، ولا تدع منه شيئاً، ولا تبتدع فيه أمراً ثم اقسمه بين أهله بالسوية والعدل)(6).

أقول إن كل ولاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) كانوا يقسمون المال في بلادهم فإذا زاد عن احتياج البلد أرسلوه إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام).

وعن ذازان قال: انطلقت مع قنبر إلى علي (عليه السلام) فقال: قم يا أمير المؤمنين فقد خبأت لك خبيئة.

قال: مما هو؟

قال: قم معي.

فقام؛ فانطلق إلى بيته، فإذا بأسنة مملوءة جامات من ذهب وفضة فقال: أمير المؤمنين إنك لا تترك شيئاً إلا قسمته فادخرت هذا لك.

قال علي (عليه السلام): (لقد أحببت أن تدخل بيتي ناراً) فسل سيفه فضربه فانتشرت من بين إناء مقطوع نصفه أو ثلثه، ثم قال: قسموه بالحصص، ففعلوا فجعل يقول:

هذا جناي وخياره فيه          وكل جان يده إلى فيه(7)

وفي رواية في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه لما ترك التفضيل لنفسه وولده على أحد من الإسلام دخلت عليه أم هاني بنت أبي طالب، فدفع إليها عشرين درهماً، فسألت أم هاني مولاتها العجمية، فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت: عشرين درهماً، فانصرفت مسخطة، فقال لها: (انصرفي رحمك الله ما وجدنا في كتاب الله فضلاً لإسماعيل على إسحاق)(8).

وبعث إليه (عليه السلام) من غوص البحرين عقد من غوص من لا ندري ما قيمته فقالت له ابنته أم كلثوم: أتجمّل به ويكون في عنقي فقال: (يا أبا رافع أدخله في بيت المال، ليس إلى ذلك سبيل حتى لا تبقى امرأة من المسلمين إلا ولها مثل مالك)(9).

وأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) سهل بن حنيف بمولى له اسود فقال: كم يؤتى هذا؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كم أخذت فقال: ثلاثة دنانير وكذلك أخذ الناس، فقال: فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير(10).

وعن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وقد سألت عن (قسم) من بيت المال ـ فقال: (أهل الإسلام هم أبناء الإسلام، أسوّي بينهم في العطاء، وفضائلهم بينهم وبين الله أجعلهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد منهم لفضله وصلاحه في الميراث على آخر ضعيف منقوص).

قال: وهذا فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(11).

وعن أبي إسحاق الهمداني: إن امرأتين أتتا علياً (عليه السلام) عند القسمة، إحداهما من العرب والأخرى من الموالي، فأعطى كل واحدة خمسة وعشرين درهماً وكرّاً من الطعام، فقالت العربية: يا أمير المؤمنين إني امرأة من العرب، وهذه امرأة من العجم، فقال (عليه السلام): (والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلاً عن بني إسحاق)(12).

وعن ربيعة وعمارة إن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) مشوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين أعط هذه الأموال، وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومن تخاف عليه من الناس فراره إلى معاوية.

فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): (أتأمروني أن أطلب النصر بالجور؟ لا والله لا أفعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم، والله لو كان ما لهم لي لواسيت بينهم، وكيف وإنما هو أموالهم؟..)(13).

تعجيل القسمة

عن هلال بن مسلم، عن جده قال: شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام) أتى بمال عند المساء، فقال: (اقسموا هذا المال).

فقالوا: قد أمسينا يا أمير المؤمنين فأخره إلى غد.

فقال لهم: (تتقبلون أني أعيش إلى غد)؟

قالوا: وماذا بأيدينا!

قال: (فلا تؤخروه حتى تقسموه).

قال: فأتى بشمع فقسموا ذلك المال من غنائمهم(14).

وعن مجمع: أن علياً (عليه السلام) كان يكنس بيت المال كل يوم جمعة، ثم ينضحه بالماء ثم يصلي فيه ركعتين ثم يقول: (تشهدان لي يوم القيامة)(15).

وعن علي (عليه السلام) قال: (كان خليلي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لا يحبس شيئاً لغد، وكان أبو بكر يفعل، وقد رأى عمر في ذلك أن دوّن الدواوين وأخر المال من سنة إلى سنة، وأما أنا فأصنع كما صنع خليلي رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، قال: وكان علي يعطيهم من الجمعة إلى الجمعة وكان يقول:

هذا جناي وخياره فيه          إذ كل جان يده إلى فيه(16)

أقول: الظاهر أن هذا التأخير كان عند قلة المال، أما إذا كان يمكن تقسيمه في نفس الوقت فكان (عليه السلام) يقسمه.

وعن مجمع التيمي: أن علي (عليه السلام) كان ينضح بيت المال ثم يتنقل فيه ويقول: (اشهد لي يوم القيامة إني لم أحبس فيك المال على المسلمين)(17).

وعن بكر بن عيسى قال: كان علي (عليه السلام) يقول: (يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي وغلامي فأنا خائن).

وكانت نفقته تأتيه من غلته بالمدينة من ينبع، وكان يطعم الناس الخل واللحم ويأكل من الثريد بالزيت ويجللها بالتمر من العجوة وكان ذلك طعامه وزعموا أنه كان يقسم ما في بيت المال فلا يأتي الجمعة، وفي بيت المال شيء، ويأمر ببيت المال في كل عشية خميس فينضح بالماء ثم يصلي فيه ركعتين)(18).

وروى القمي في تفسيره في قوله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون) (البقرة: 84).

أنه لما أمر عثمان بنفي أبي ذر (رحمه الله) إلى الربذة دخل عليه أبو ذر وكان عليلاً متوكأ على عصاه وبين يدي عثمان مئة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي وأصحابه حوله ينظرون إليه ويطمعون أن يقسمها فيهم، فقال أبو ذر لعثمان: ما هذا المال؟

فقال عثمان: مائة ألف درهم حملت إليّ من بعض النواحي أريد أن أضم إليها مثلها، ثم أرى فيها رأيي.

فقال أبو ذر: يا عثمان أيهما أكثر مائة ألف درهم أو أربعة دنانير؟

فقال عثمان: بل مائة ألف درهم.

فقال أبو ذر: أما تذكر أنا وأنت دخلنا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عشاءً فرأيناه كئيباً حزيناً فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام (أي رداً ببشر)، فلما أصبحنا أتيناه فرأيناه ضاحكاً مستبشراً فقلنا له: بآبائنا وأمهاتنا، دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيباً حزيناً وعدنا إليك اليوم فرأيناك ضاحكاً مستبشراً؟ فقال (صلّى الله عليه وآله): نعم كان عندي من فيء المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها وخفت أن يدركني الموت وهي عندي وقد قسمتها اليوم فاسترحت..)(19) الخبر.

وعن هارون بن مسلم البجلي، عن أبيه قال: أعطى علي (عليه السلام) الناس في عام واحد ثلاثة أعطية، ثم قدم عليه خراج أصفهان فقال: (أيها الناس اغدوا فخذوا، فوالله ما أنا لكم بخازن) ثم أمر ببيت المال فكنس ونضح وصلى فيه ركعتين، ثم قال: (يا دنيا غري غيري) ثم خرج فإذا هو بحبال على باب المسجد، فقال: ما هذه الحبال؟ فقيل جيء بها من أرض كسرى فقال: (اقسموها بين المسلمين)(20).

أقول: (ثلاثة أعطية) أي عامة للكل أما العطايا الأخر فكانت لأجل الجهاد ونحوه.

كيفية تقسيم الغنائم

عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) السرية يبعثها الإمام فيصيبون بها غنائم كيف تقسم؟ قال: (إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليهم أخرج منها الخمس لله وللرسول وقسم بينهم أربعة أخماس، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام يجعله حيث أحب(21).

أقول: وذلك لأن الحرب يلزم أن تكون بأمر الإمام ـ كما قرر في الفقه ـ.

وعن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث قال: (يؤخذ الخمس من الغنائم فيجعل لمن جعله الله له ويقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليه وولى ذلك) قال: (وللإمام صفو المال أن يأخذ الجارية الفارهة والدابة الفارهة والثوب والمتاع مما يحب أو يشتهي فذلك له قبل قسمة المال وقبل إخراج الخمس) قال: (وليس لمن قاتل شيء من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر، وليس للأعراب من الغنيمة شيء، وإن قاتلوا مع الإمام،لأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صالح الأعراب أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أنه إن دهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من عدوه دهم أن يستفزهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب، وسنته جارية فيهم وفي غيرهم، والأرضون التي أخذت عنوة بخيل أو ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها ويحييها ويقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقاتهم من الحق الخراج النصف أو الثلث أو الثلثين على قدر ما يكون لهم صلاحاً ولا يضرهم (إلى أن قال): ويؤخذ بعد ما بقي من العشر فيقسم بين الوالي وبين شركائه الذين هم عمال الأرض واكرتها فيدفع إليهم أنصبائهم على ما صالحهم عليه ويؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله، وفي مصلحة ما يبنونه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد، وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير)(22).

أقول: (الصفايا) للإمام حيث إنه يهدي الناس إلى ما فيه تقوية الإسلام وصلاح حال المسلمين، ولذا لا تقسم الصفايا بين المقاتلين.

وعن عبد الكريم بن عتبة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، في حديث طويل أنه (عليه السلام) قال لعمرو بن عبيد: أرأيت إن هم أبو الجزية فقاتلهم فظهرت عليهم وكيف تصنع بالغنيمة؟

قال: أخرج الخمس وأقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليه (إلى أن قال (عليه السلام) ): أرأيت الأربعة أخماس تقسمها بين جميع من قاتل عليها؟

قال: نعم.

قال (عليه السلام): (فقد خالفت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، بيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم وأسألهم فإنهم لا يختلفون أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أنه إن دهمهم من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم، وليس لهم في القسمة نصيب، وأنت تقول بين جميعهم فقد خالفت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في كل ما قلت في سيرته في المشركين)(23).

أقول: إنما لزمت الهجرة لتقوية الدين بكثرة الجماعة ولتعلمهم معالم الإسلام، فإذا لم يهاجروا حرموا من الغنيمة مع وجوب الجهاد عليهم.

وعن ابن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: (من الغنيمة يخرج منها الخمس ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولى ذلك، وأما الفيء والأنفال فهو خالص لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)(24).

أقول: الفيء ما انجلى عنها أهلها بغير حرب، والأنفال رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام ونحوها.

وعن أبي عبدالله (عليه السلام)، أنه قال: (الغنيمة تقسّم على خمسة أخماس فتقسم إلى أربعة أخماس على من قاتل عليها، والخمس لنا أهل البيت في اليتيم منا والمسكين وابن السبيل وليس فينا مسكين ولا ابن السبيل اليوم بنعمة الله فالخمس لنا موفراً ونحن شركاء الناس فيما حضرناه في الأربعة أخماس)(25).

أقول: ذلك لمكان القيادة المحتاجة إلى أموال كثيرة لإدارة الشؤون.

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: (ليس للعبيد من الغنيمة شيء، وإن حضر وقاتل عليها فرأى الإمام أو من أقامه الإمام أن يعطيه على بلائه إن كان منه أعطاه من المتاع ما يراه)(26).

أقول: وذلك لأن مصارف العبيد على مواليهم.

وعنه (عليه السلام)، أنه قال: (من مات في دار الحرب من المسلمين قبل أن يحرز الغنيمة فلا سهم له فيها، ومن مات بعد أن أحرزت فسهمه ميراث لورثته)(27).

وعن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه قسم في النفل للفارس سهمين وللراجل سهماً.

وبعث أسامة بن زيد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن إبعث إلي بعطائي، فوالله لتعلم أنك إن كنت في فم الأسد لدخلت معك، فكتب إليه: (إن هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن هذا مالي بالمدينة فأصب منه ما شئت)(28).

وعن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الأعراب عليهم جهاد؟ قال: (لا.. إلا أن يخاف على الإسلام فيستعان بهم)(29).

قلت: فلهم من الجزية شيء؟

قال: لا).

عن سماعة، عن أحدهما (عليه السلام) قال: (إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى ولم يقسم لهن من الفيء شيئاً ولكنه نفلهن)(30).

أقول: أي أعطاهن نافلة من الغنيمة.

وعن جميل بن دراج، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إنما تضرب السهام على ما حوى العسكر)(31).

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه: أن علياً (عليه السلام) قال: (إذا ولد المولود في أرض الحرب قسم له مما أفاء الله عليهم)(32).

وعن أبي البختري، عن جعفر عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: (إذا ولد المولود في أرض الحرب أسهم له)(33).

وعن المنهال بن عمرو، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: قلت له: قوله تعالى: (ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الحشر: 7).

قال: (هم أقرباؤنا ومساكيننا وأبناء سبيلنا)(34).

أقول: إن الله سبحانه جعل الخمس للسادة والزكاة لمن عداهم، لأجل أن تكون للرسول (صلّى الله عليه وآله) شؤون خاصة، في أقربائه، كما له شؤون خاصة أخر، لأجل تذكير المسلمين دائماً به (صلّى الله عليه وآله).

 

1 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص80.

2 ـ المصدر السابق.

3 ـ المصدر السابق: ص88.

4 ـ المصدر السابق.

5 ـ مستدرك الوسائل: ج11، ص90.

6 ـ المصدر السابق: ص92.

7 ـ المصدر السابق.

8 ـ المصدر السابق: ص93.

9 ـ المصدر السابق: ص94.

10 ـ المصدر السابق.

11 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص81.

12 ـ المصدر السابق.

13 ـ المصدر السابق: ص82.

14 ـ المصدر السابق: ص83.

15 ـ المصدر السابق.

16 ـ المصدر السابق.

17 ـ المصدر السابق.

18 ـ المصدر السابق.

19 ـ تفسير القمي: ج1، ص52.

20 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص84.

21 ـ المصدر السابق.

22 ـ المصدر السابق: ص85.

23 ـ المصدر السابق: ص86.

24 ـ المصدر السابق: ج6، ص316.

25 ـ مستدرك الوسائل: ج11، ص96.

26 ـ المصدر السابق: ص97.

27 ـ المصدر السابق.

28 ـ المصدر السابق.

29 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص86.

30 ـ المصدر السابق.

31 ـ المصدر السابق.

32 ـ المصدر السابق: ص87.

33 ـ المصدر السابق.

34 ـ المصدر السابق.