المؤلفات |
1 2 |
كراهة السلام على من لا إزار عليه |
مسألة: يكره السلام على من لا إزار عليه، والظاهر إنه خاص بغير المحارم لأن الزوجين لا كراهة بينهما. عن عبد الرحمن بن مسلم قال: (كنت في الحمام في البيت الأوسط فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وعليه أزار فوق النورة فقال: «السلام عليكم» فرددت عليه ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت وخرجت) [1]. وهناك روايات نهت عن السلام في الحمام لكن الفقهاء استنبطوا الكراهة منها وحملوها على من يكون بغير إزار، فعن الصادق (عليه السلام) قال: «ثلاثة لا يسلمون: الماشي مع الجنازة، والماشي إلى الجمعة، وفي بيت الحمام»[2]. |
لا تدخل الحمام على الريق |
مسألة: يكره دخول الحمام على الريق ومع الجوع وعلى البطنة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا تدخل الحمام إلا وفي جوفك شيء يطفأ به عنك وهج المعدة، وهو أقوى للبدن، ولا تدخله وأنت ممتلئ من الطعام»[3]. أقول: قد ثبت طبياً أن كليهما مضر بالصحة. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه كان إذا أراد دخول الحمام تناول شيئاً فأكله، قال: قلت له: إن الناس عندنا يقولون أنه على الريق أجود ما يكون، قال: «لا، بل يؤكل شيءٌ قبله يطفئ المرار ويسكن حرارة الجوف»[4]. وعن الصدوق (رحمه الله) قال: وقال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): «لا تدخلوا الحمام على الريق ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئاً»[5]. وقال الصادق (عليه السلام): «ثلاثة يهدمن البدن وربما قتلن: أكل القديد الغاب، ودخول الحمام على البطنة، ونكاح العجائز»[6]. وزاد فيه أبو إسحاق النهاوندي «وغشيان النساء على الامتلاء»[7]. |
لا تدخل مع أبيك الحمام |
مسألة: قد يقال بكراهة دخول الولد مع والده الحمام، فإنه ربما كان خلاف الأدب. عن النبي (صلى الله عليه وآله) في وصيته لعلي (عليه السلام) قال: «وحق الوالد على ولده أن لا يسميه باسمه ولا يمشي بين يديه ولا يجلس أمامه ولا يدخل معه في الحمام»[8]. |
إخلاء الحمام |
مسألة: يكره تخلية الحمام لشخص معين أو ما أشبه، فإن المؤمن خفيف المؤونة. فقد ورد عن أبي بصير قال: دخل أبو عبد الله (عليه السلام) الحمام فقال له صاحب الحمام: أخليه لك، فقال: «لا حاجة لي في ذلك، المؤمن أخف من ذلك»[9]. وفي رواية محمد بن علي بن الحسين قال: دخل الصادق (عليه السلام) الحمام، فقال له صاحب الحمام: نخلّية لك، فقال: «لا، إن المؤمن خفيف المؤونة»[10]. أما ما ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) من تخليته الحمام لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) فلعله كان يخشى عليه من الاغتيال أو ما أشبه. بالإضافة إلى انه دليل على عدم حرمته كما لا يخفى. ففي رواية عبد الله بن رزين نأخذ منها موضع الشاهد: فقال الطلحي: إن أردت دخول الحمام فقم فادخل فانه لا يتهيأ لك بعد ذلك ساعة، قلت: ولم؟ قال: لأن ابن الرضا (عليه السلام) يريد دخول الحمام، قال: قلت: ومن ابن الرضا، قال: رجل من آل محمد له صلاح وورع، قلت له: ولايجوز أن يدخل معه الحمام غيره، قال: نخلي له الحمام إذا جاء[11]. إلى غير ذلك من بعض الروايات. |
غسل الرأس |
مسألة: من المستحب غسل الرأس، على تفصيل ذكرناه في (فقه النظافة). أما ما ورد في بعض الروايات من النهي عن غسل الرأس بطين مصر فلا يبعد كونه خارجياً لا قضية حقيقية، أو من جهة أن غسل الرأس بالطين يكره لما ورد عن الصادق (عليه السلام) قال: «ولا تغسل رأسك بالطين فانه يسمِّج الوجه»[12]. وربما كان ذكر مصر من باب أنه المتعارف في ذلك الزمان. فعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لا تغسلوا رؤوسكم بطين مصر فانه يذهب بالغيرة ويورث الدياثة»[13]. وربما قيل بالكراهة مطلقاً إذا كان مصرياً لكن الأمر يحتاج إلى دقة أكثر. |
غسل الرأس بالخطمي |
مسألة: يستحب غسل الرأس بالخطمي، سواء كان في الحمام أو غيره كمن هو على بحر أو نهر أو في البيت، صيفاً أو شتاءً، أو ما أشبه ذلك. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «تقليم الأظفار والأخذ من الشارب وغسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق»[14]. وقد ذكرنا في بعض مجلدات الآداب والسنن أن نفي الفقر وزيادة الرزق يمكن أن يكون غيبياً، أو للترابط بين عالمي التشريع والتكوين، أو لكونه أمراً خارجاً عن إرادتنا فلم تصل أيدينا إليه بعد، أو لغير ذلك. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): غسل الرأس بالخطمي يذهب بالدرن وينفي الأقذاء»[15]. وهذا أمر طبيعي كما لا يخفى. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «غسل الرأس بالخطمي نشرة»[16]. وعنه (عليه السلام) قال: «غسل الرأس بالخطمي أمان من الصداع وبراءة من الفقر وطهور للرأس من الحزاز»[17]. أي الحزاز الذي في الرأس، وفي اللغة: «الحَزَاز: هِبرِيَةٌ في الرأس كأنه نُخالة، واحدته حَزَازَةٌ»[18]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق، وقال هو نشرة»[19]. وفي رواية إسماعيل بن منصور قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «غسل الرأس بالخطمي يجلب الرزق جلباً»[20]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «النشرة في عشرة أشياء، وعدّ منها غسل الرأس بالخطمي»[21]. إلى غير ذلك، فما كان سببه ظاهراً فهو كما ذكروا، وما كان خفياً فيمكن أن يكون ظاهراً لم نصل إليه بعد، أو أمراً غيبياً كما في بعض الروايات الأخرى. |
غسل الرأس بورق السدر |
مسألة: يستحب غسل الرأس بورق السدر، وفي زماننا كانوا يخلطون السدر والخطمي فيغسلون بهما رؤوسهم في يوم الجمعة وغيره. قال الصادق (عليه السلام): «اغسلوا رؤوسكم بورق السدر فانه قدّسه كل ملك مقرب وكل نبي مرسل، ومن غسل رأسه به صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوماً، ومن صرف عنه وسوسة الشيطان لم يعص ومن لم يعص دخل الجنة»[22]. وقال منصور: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلباً»[23]. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «لما أمر الله رسوله (صلى الله عليه وآله) بإظهار الإسلام وظهر الوحي رأى قلة من المسلمين وكثرة من المشركين فاهتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هماً شديداً وبعث الله عزوجل إليه جبرئيل بسدر من سدرة المنتهى فغسل به رأسه فجلى به همَّه»[24]. أقول: لعل الخاصية لطبيعة ورق السدر، وسدرة المنتهى مصداق. |
النورة وآدابها |
مسألة: من المستحبات النورة وتركها مكروه، فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «النورة طهور»[25]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): النورة نشرة وطهور للجسد»[26]. وعن خلف بن حماد عمن رواه قال: بعث أبو عبد الله (عليه السلام) ابن أخيه في حاجة فجاء وأبو عبد الله قد أطلى بالنورة ـ إلى أن قال: ـ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن النورة طهور»[27]. وفي رواية أخرى عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) في حديث قال: «وشعر الجسد إذا طال قطع ماء الصلب وأرخى المفاصل وورث الضعف والسل، وإن النورة تزيد في ماء الصلب وتقوي البدن وتزيد في شحم الكليتين وتسمن البدن»[28]. وعن سعدان بن مسلم قال: (كنت في الحمام في البيت الأوسط فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وعليه النورة، قال: فقال: «السلام عليكم» فرددت عليه وتأخرت فدخل البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت وخرجنا) [29]. |
الدعاء عند النورة |
مسألة: يستحب الدعاء بالمأثور عند الاطلاء بالنورة. ففي رواية عن سدير: إنه سمع علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: «من قال إذا أطلى بالنورة: (اللهم طيب ما طهر مني، وطهر ما طاب مني، وأبدلني شعراً طاهراً لا يعصيك، اللهم إني تطهرت ابتغاء سنة المرسلين، وابتغاء رضوانك ومغفرتك، فحرّم شعري وبشري على النار، وطهّر خلقي وطيب خلقي وزكِ عملي واجعلني ممن يلقاك على الحنيفية السمحة السهلة ملة إبراهيم خليلك ودين محمد (صلى الله عليه وآله) حبيبك ورسولك، عاملاً بشرائعك، تابعاً لسنة نبيك (صلى الله عليه وآله) آخذاً به متأدباً بحسن تأديبك وتأديب رسولك وتأديب أوليائك، الذين غذوتهم بأدبك وزرعت الحكمة في صدورهم وجعلتهم معادن لعلمك صلواتك عليهم) من قال ذلك طهّره الله من الأدناس في الدنيا ومن الذنوب، وأبدله شعراً لا يعصي، وخلق الله بكل شعرة من جسده ملكاً يسبح له إلى يوم القيامة إلى أن تقوم الساعة، وإن تسبيحة من تسبيحهم تعدل بألف تسبيحة من تسبيح أهل الأرض»[30]. أقول: قد يكون الإنسان طيباً في ذاته وطاهراً في ظاهره، ومن هنا ورد اللفظين. |
تكرار التنوير |
مسألة: يستحب تكرار التنوير، فإن الطلي بالنورة بالإضافة إلى انه مزيل للشعر مطهر، حيث يفتح مسام البدن فيتنفس بسببها. عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: دخلت مع أبي عبد الله (عليه السلام) الحمام فقال لي: «يا عبد الرحمن أطلِ» فقلت: إنما أطليت منذ أيام فقال: «أطل فإنها طهور»[31]. وفي رواية محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين قال: دخل أبو عبد الله (عليه السلام) الحمام وأنا أريد أن أخرج منه وقال: «يا محمد ألا تطلي» فقلت: عهدي به منذ أيام، فقال: «أما علمت أنها طهور»[32]. وعن علي بن أبي حمزة قال: دخلت مع أبي بصير الحمام فنظرت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قد أطلى ـ إلى أن قال: ـ فقال لأبي بصير: «أطل يا أبا محمد» فقال: قد أطليت منذ أيام، فقال: «أطل فانه طهور»[33]. وعن أبي بصير قال: كنت معه أقوده فأدخلته الحمام فرأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يتنور، فدنا منه أبو بصير فسلم عليه فقال: «يا أبا بصير تنور»، فقال: إنما تنورت أول من أمس واليوم الثالث، فقال: «أما علمت أنها طهور فتنور»[34]. إلى غير ذلك من الروايات الدالة على استحبابه والإسراع في الاطلاء بالنورة. |
إزالة الشعر |
مسألة: ولا يخفى أن إزالة الشعر ـ في غير الحرام كاللحية ـ مستحب، ولو بغير النورة، كشفرة الحلاقة في هذا الزمان، أو كبعض الوسائل الأخرى، نعم إن استعمال النورة أفضل. |
كل خمسة عشر يوما |
مسألة: يستحب التنوير في كل خمسة عشر يوماً، ففي رواية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) أحب للمؤمن أن يطلي في كل خمسة عشر يوماً»[35]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «السنة في النورة في كل خمسة عشر يوماً، فمن أتت عليه أحد وعشرون يوماً ولم يتنور فليستدن على الله عزوجل وليتنور فمن أتت عليه أربعون يوماً ولم يتنور فليس بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة»[36]. والمراد: بيان شدة استحباب ذلك، فهو ليس بمؤمن كامل ولا مسلم كامل، والإيمان أخص من الإسلام في بعض الروايات كما هو ظاهر. |
الاستقراض للنورة |
مسألة: يستحب لمن لا يملك أن يستقرض للنورة، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «السنة في النورة في خمسة عشر، فان أتت عليك عشرون يوماً وليس عندك شيء فاستقرض على الله»[37]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في رواية أخرى قال: «السنة في النورة في كل خمسة عشر يوماً فإن أتت عليك عشرون يوماً وليس عندك فاستقرض على الله»[38]. وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يترك حلق عانته فوق الأربعين، فان لم يجد فليستقرض بعد الأربعين ولا يؤخر»[39]. إلى غير ذلك من الروايات. |
الحناء بعد النورة |
مسألة: من المستحب خضاب جميع البدن بالحناء بعد النورة، بل الخضاب مطلقا، على ما ذكرناه في فقه النظافة. ففي الحديث الذي رواه الحسين بن موسى قال: كان أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) إذا أراد دخول الحمام ـ إلى أن قال: ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من دخل الحمام فأطلى ثم أتبعه بالحناء من قرنه إلى قدمه كان أماناً له من الجنون والجذام والبرص والآكلة إلى مثله من النورة»[40]. وفي رواية أحمد بن أبي عبد الله عن بعض أصحابه رفعه قال: «من أطلى فتدلك بالحناء من قرنه إلى قدمه نفي عنه الفقر»[41]. ونفي الفقر إما غيبي وإما بسبب أن الإنسان ينشط ويصح بدنه، والنشاط سبب للعمل وكذلك الصحة، والعمل يرفع الفقر. وروى الصدوق (رحمه الله) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أطلى واختضب بالحناء آمنه الله تعالى من ثلاث خصال: الجذام والبرص والآكلة، إلى طلية مثلها»[42]. وفي رواية أخرى روي «أن من أطلى وتدلّك بالحناء من قرنه إلى قدمه نفى الله عنه الفقر»[43]. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) كما يرويه الإمام الرضا (عليه السلام): «الحناء بعد النورة أمان من الجذام والبرص»[44]. |
خضاب اليد والأظافر بالحناء |
مسألة: يستحب خضاب اليد بالحناء وجعل الحناء على الأظفار بعد الطلي بالنورة، وذلك لأن النورة غالباً تؤثر على الأظفار، كما يستحب صلاة ركعتين شكراً عند الخروج من الحمام. وفي رواية عن الحكم قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) وقد أخذ الحناء وجعله على أظافيره فقال: «يا حكم ما تقول في هذا» فقال: ما عسيت أن أقول فيه وأنت تفعله وان عندنا يفعله الشبان، فقال: «يا حكم إن الأظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى تشبه أظافير الموتى فغيّرها بالحناء»[45]. وعن الصدوق (رحمه الله) قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «إن الأظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى إنها تشبه أظافير الموتى فلا بأس بتغييرها»[46]. وعن الحسين بن موسى قال: كان أبو الحسن (عليه السلام) مع رجل عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنظر إليه وقد أخذ الحناء من يديه، فقال بعض أهل المدينة: أما ترون إلى هذا كيف أخذ الحناء من يديه، فالتفت إليه فقال له فيه ما تخبره وما لا تخبره ثم التفت إليَّ فقال: «إنه من أخذ من الحناء بعد فراقه من إطلاء النورة من قرنه إلى قدمه أمن من الأدواء الثلاثة: الجنون والجذام والبرص»[47]. وعن الحسين بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه خرج يوماً من الحمام فاستقبله رجل من آل الزبير يقال له كنيد وبيده اثر حناء فقال: ما هذا الأثر بيدك، فقال: أثر حناء، فقال: ويلك يا كنيد حدثني أبي وكان أعلم أهل زمانه عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من دخل الحمام فاطلى ثم أتبعه بالحناء من قرنه إلى قدمه كان أماناً له من الجنون والجذام والبرص والأكلة، إلى مثله من النورة»[48]. وفي معاني الأخبار، نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى رجل قد خرج من الحمام مخضوب اليدين، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أيسرك أن يكون الله خلق يديك هكذا» قال: لا والله وإنما فعلت ذلك لأنه بلغني عنكم أنه من دخل الحمام فلير عليه أثره، يعني الحناء، فقال: «ليس ذلك حيث ذهبت إنما معنى ذلك إذا خرج أحدكم من الحمام وقد سلم فليصلي ركعتين شكراً»[49]. أقول: لعل الرجل أفرط في جعل الحناء حيث لا يستحب له الإكثار منه، وإنما المستحب للرجل في الجملة بأن يصير كالورد، بقرينة قوله «خلق الله يديك»، ويؤيده ما في الروايات من كون ذلك من قرنه إلى قدمه. إلى غيرها من الروايات. |
التبول وقوفاً للمتنور |
مسألة: يجوز للمتنور أن يبول قائماً من دون كراهة في ذلك، بل ربما كره جلوسه. عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يطلي فيبول وهو قائم، قال: «لا بأس به»[50]. وفي رواية أخرى قال (عليه السلام): «إن من جلس وهو متنور خيف عليه الفتق»[51]. أقول: سبب ذلك انه بعد التنور تظهر مسام البدن فيصبح رقيقاً فربما سبّب الفتق كما يحدث أحياناً. |
التدليك بالدقيق والزيت |
مسألة: يجوز التدليك بالدقيق والزيت بعد النورة، ولا يكون ذلك إسرافاً إذا كان بالقدر المتعارف لا أكثر منه. قال عبد الرحمن الحجاج: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يطلي بالنورة فيجعل الدقيق بالزيت يلته به يتمسح به بعد النورة ليقطع ريحها عنه قال: «لا بأس»[52]. وقال الكليني (رحمه الله): وفي حديث آخر لعبد الرحمن قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) وقد تدلك بدقيق ملتوت بالزيت، فقلت له: إن الناس يكرهون ذلك، قال: «لا بأس به»[53]. وسببه أن كل شيء نافع للبدن لا كراهة فيه ولا إسراف إذا كان بالمقدار المتعارف، والتدليك بمثل هذه المواد ينفع البدن فلا يعتبر من الإسراف. وعن هشام بن الحكم عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يطلي ويتدلك بالزيت والدقيق، قال: «لا بأس به»[54]. وفي رواية أخرى قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن التدلك بالدقيق بعد النورة فقال: «لا بأس»، قلت: يزعمون أنه إسراف فقال: «ليس فيما أصلح البدن إسراف، إني ربما أمرت بالنقي فيلت لي بالزيت فاتدلك به، إنما الاسراف فيما اتلف المال واضرّ بالبدن»[55]. وعن إبان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إنا لنسافر ولا يكون معنا نخالة فنتدلك بالدقيق، فقال: «لا بأس إنما الفساد فيما أضرّ بالبدن وأتلف المال، فأما ما أصلح البدن فانه ليس بفساد، إني ربما أمرت غلامي فلتّ لي النقي الزيت فأتدلك به»[56]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث، قال له: إنا نكون في طريق مكة نريد الإحرام ولا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة فنتدلك بالدقيق فيدخلني من ذلك ما الله به عليم، قال: «مخافة الإسراف» فقلت: نعم، فقال: «ليس فيما يصلح البدن إسراف، أنا ربما أمرت بالنقي يلت بالزيت فاتدلك به، وإنما الإسراف فيما أتلف المال واضرّ بالبدن»[57]. أقول: وهذه الأمور وأمثالها هي أسباب صحة أبدان الناس سابقاً فان مثل هذا الطلي يقوي الأعصاب ويليّن البشرة ويظهر الجمال وما أشبه ذلك مما ذكروه في الطب. فإن من اسباب كثرة الأمراض في هذا النصف الأخير من القرن الحاضر هو أن المستحبات والمكروهات لا يعمل بهما، وهي كثيرة جداً موزعة على مختلف أبواب الفقه، فإنها مؤثرة سلباً وإيجاباً على صحة الإنسان. هذا مضافاً إلى تناول المواد الغذائية غير الطبيعية، وكذلك تلوث الأجواء والمياه بالنفط وما أشبه، بالإضافة إلى عدم وجود الراحة النفسية وتوتر الأعصاب، وما يسمعه الإنسان يومياً من الأخبار المزعجة، من الحروب والثورات وما أشبه ذلك. |
النورة يوم الأربعاء |
مسألة: ينبغي توقي النورة يوم الإربعاء، فإنه نحس، نعم ترتفع النحوسة بالصدقة وقراءة آية الكرسي وما أشبه. قال الصادق (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ينبغي للرجل أن يتوقى النورة يوم الأربعاء فانه يوم نحس مستمر وتجوز النورة في سائر الأيام»[58]. ومثله في الفقيه[59]. وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال: «قلّموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحموا يوم الأربعاء»[60]. |
النورة يوم الجمعة |
مسألة: لا تكره النورة يوم الجمعة، وإنما الكراهة خاصة بالأربعاء. أما ما ورد من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «خمس خصال تورث البرص، النورة يوم الجمعة ويوم الأربعاء، والتوضي والاغتسال بالماء الذي تسخنه الشمس، والأكل على الجنابة، وغشيان المرأة في حيضها، والأكل على الشبع»[61]، فقد ذكروا عدم الكراهة يوم الجمعة في أحاديث الجمعة. ولعل ما تضمن الكراهة أو النفي أو ما أشبه على نحو خفيف، وعدمها على نحو العادية، فمقتضى الجمع بينهما إما بهذا النحو أو غيره. |
[1] ـ مكارم الأخلاق: ص53 الفصل الأول في كيفية دخول الحمام. [2] ـ الكافي: ج2 ص645 باب التسليم ح11. [3] ـ الكافي: ج6 ص497 باب الحمام ح5. [4] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص53 ب17 ح1453. [5] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص116 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح245. [6] ـ الكافي: ج6 ص314 باب القديد، ح6. [7] ـ المحاسن: ج2 ص463 ب54 ح425. [8] ـ من لا يحضره الفقيه: ج4 ص372 باب النوادر ح5762. [9] ـ الكافي: ج6 ص503 باب الحمام ح37. [10] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص58 ب22 ح1472. [11] ـ الكافي: ج1 ص494 باب مولد أبي محمد بن علي الثاني (عليهما السلام) ح2. [12] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص116 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح243. [13] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص58 ب23 ح1473. [14] ـ مكارم الأخلاق: ص64 الفصل الأول في تقليم الأظفار من الباب الرابع. [15] ـ الكافي: ج6 ص504 باب غسل الرأس ح3. [16] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص124 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح292. [17] ـ ثواب الأعمال: ص19 ثواب غسل الرأس بالخطمي. [18] ـ لسان العرب: ج5 ص235 مادة حزز. [19] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص61 ب25 ح1484. [20] ـ ثواب الأعمال: ص20 ثواب غسل الرأس بالخطمي. [21] ـ المحاسن: ج1 ص14 ب8 ح40. [22] ـ أعلام الدين: ص364 باب عدد أسماء الله تعالى الحديث الواحد والثلاثون. [23] ـ الكافي: ج6 ص504 باب غسل الرأس ح6. [24] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص62 ب26 ح1488. [25] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص119 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح254. [26] ـ الكافي: ج6 ص506 باب النورة ح7. [27] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص65 ب28 ح1497. [28] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص66 ب28 ح1499. [29] ـ قرب الأسناد: ص131 ما جاء في الشهادات. [30] ـ الكافي: ج6 ص507 باب النورة ح15. [31] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص68 ب32 ح1506. [32] ـ الكافي: ج6 ص505 باب النورة ح3. [33] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص69 ص1508. [34] ـ الكافي: ج6 ص505 باب النورة ح6. [35] ـ الكافي: ج6 ص506 باب النورة ح8. [36] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص72 ب33 ح1516. [37] ـ تهذيب الأحكام: ح1 ص375 ب18 ح15. [38] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص119 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح259. [39] ـ الخصال: ج2 ص538 في النهي عن ترك حلق العانة ح5. [40] ـ الكافي: ج6 ص509 باب الحناء بعد النورة ح1. [41] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص73 ب35 ح1521. [42] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص121 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح269. [43] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص74 ب35 ح1525. [44] ـ مستدرك الوسائل: ج1 ص390 ب20ح950. [45] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص75 ب36 ح1530. [46] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص123 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح284. [47] ـ الكافي: ج6 ص509 باب الحناء بعد النورة ح5. [48] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص77 ب36 ح1533. [49] ـ معاني الأخبار: ص254 باب معنى قول العالم (عليه السلام) من دخل الحمام فلير عليه أثره ح1. [50] ـ الكافي: ج6 ص500 باب الحمام ح18. [51] ـ وسائل الشيعة: ج1 ص352 ب33 ح936. [52] ـ الاستبصار: ج1 ص155 ب92 ح3. [53] ـ الكافي: ج6 ص499 باب الحمام ح13. [54] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص78 ب38 ح1540. [55] ـ الكافي: ج6 ص499 باب الحمام ح14. [56] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص79 ب38 ح1542. [57] ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص376 ب18 ح18. [58] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص80 ب40 ح1546. [59] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص120 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح266. [60] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص81 ب40 ح1547. [61] ـ وسائل الشيعة: ج2 ص82 ب40 ح1549. |