يقول الإمام السجّاد سلام الله عليه: «اللهُمَّ صَلّ
عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلْ لي يَداً عَلى مَنْ ظَلَمَني، وَ
لِسَاناً عَلى مَنْ خَاصَمَني».
مقدّمة يحسن بيان الفرق بين الظلم والمخاصمة، ونذكر في
المقام أمرين:
الأوّل: إنّ الظلم عادةً يكون من طرف واحد، أمّا
المخاصمة فغالباً ما تكون من طرفين، ويجوز أن يخاصم الإنسان غيره من دون أن
يعاديه.
الثاني: إذا كان الظلم صادراً من الطرفين لم يكن إذاً
من موارد الدعاء، إذ لا معنى لأن يطلب أحد الظالمين من الله تعالى أن يهبه
القدرة على الظالم الآخر؛ لأنّ الله تعالى لا يحبّ الظالمين.
وهذا المعنى غير متصوّر بالنسبة للإمام المعصوم الذي لا
يرتكب ذنباً فكيف بالظلم وهو ذنب عظيم، فضلاً عن أن يطلب من الله تعالى مثل
هذا الطلب، وهو يعلم أنّ الله تعالى لا ينصر ظالماً على ظالم بوسيلة
الدعاء(1)، بل إنّ كلا الظالمَين في النّار، كما ورد: القاتل والمقتول في
النار وفي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وآله: «... قيل: يا رسول الله
هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: لأنّه أراد قتلاً»(2).
بعد هذه المقدّمة نقول: إنّ الإمام سلام الله عليه طلب من الله تعالى
أن يمنحه القوّة لدفع الظلم عنه – وهو ما يصدر عادةً من طرف واحد وهو
الظالم – وكنّى عن القوّة هنا باليد، وحيث إنّ المخاصمة تكون بين طرفين
يحاول كلّ منهما إفحام الآخر، فإنّ الإمام يطلب من الله تعالى في هذه
الحالة أن يمنحه القوّة التي تجعله متفوّقاً على خصمه وهي قوّة الردّ التي
عبّر عنها باللسان.
|