تمهيد |
من هو الإمام (المهدي)؟ وما هو شأنه؟ ومتى ولد؟ وكم يعيش؟ ومتى يظهر؟ ومن أي سلالة انحدر؟ ومن أبواه، وأجداده؟ ولماذا غاب؟ وما فائدته في غيبته؟ ومن أخبر عنه؟ وما هي الإرهاصات قبل ظهوره؟ وما هي مصاحبات ظهوره؟ ومن أصحابه وما عددهم؟ وكيف يتولى قيادة هذه الكرة، وهذا الكون كله؟ وكيف يتعامل مع المؤمنين؟ ويعامل المنافقين والكافرين؟ وأين يظهر؟ وكيف يظهر؟ وكيف يعيش؟ وكيف يحكم؟ وما هي سيرته وعشرته بين الناس؟ إلى غير ذلك من عشرات الأسئلة يجيب عليها هذا الكتاب من خلال الأحاديث الشريفة المجموعة كلها من الصحاح الستة، ومن كتب التفسير، والحديث، والتاريخ التي ألفها غير الشيعة من علماء المذاهب الأربعة (الأحناف) و (الشوافع) و (الحنابل) و (المالكية). وكان القصد ـ من بادئ ذي بدء ـ أن لا يذكر في هذا الكتاب شيء من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) من طرق شيعتهم وأوليائهم وأتباعهم، وإن كان أهل البيت هم المعين لمثل ذلك ولغيره أيضاً، وأهل البيت أدرى بما في البيت. (وذلك) سداً للطرق على من زعم، أو بالأحرى أدعى أنه زعم أن ما يتعلق بالإمام المهدي (عليه السلام) مما يختص به الشيعة، وأن نقلته ورواته هم فقط الشيعة. لكي يعلم ـ أو تتم الحجة عليه، ويعلم غيره وتتم حجة الله عليه أيضاً ـ أن الكثير.. الكثير مما ورد في الإمام المهدي إنما هو من كتب غير الشيعة، وبأقلام غير الشيعة، ورواة غير الشيعة، ونقل غير الشيعة. |
هذا وكفى |
(ولذلك) فلم نحاول جمع كل ما ورد في الإمام المهدي (عليه السلام) من كتب المذاهب الأخرى، بل الإلماع، والاختيار، وذكر نماذج، فقط وفقط. (وإلا) فالجمع، والاستيعاب يستدعي تدوين مجلدات.. ومجلدات وهذا ما نفسح به المجال لغيرنا، ممن يوفقه الله تعالى لذلك من بعدنا. (فإن) هناك جمهرة من أعيان علماء المذاهب الأخرى، وحفاظهم، وأئمتهم، ومؤلفيهم، قد خصصوا كتاباً خاصاً في الإمام المهدي (عليه السلام) وأفردوا مؤلفاً مستقلاً في بعض أحواله، وشؤونه، ونقل الأحاديث الشريفة عنه. مثل علامة (الشافعية) الشيخ جمال الدين يوسف بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي المقدس السلمي الدمشقي ألف كتاباً خاصاً في الإمام المهدي (عليه السلام) أسماه (عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر). |
الأئمة اثنا عشر |
(البخاري في صحيحه) عن جابر بن سمرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش. (محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يكون من بعدي اثنا عشر أميراً. ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش. (مسلم بن الحجاج القيثري في صحيحه) عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبي (صلّى الله عليه وآله) فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة. قال: ثم تكلم بكلام خفي علي فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: كلهم من قريش. (صحيح مسلم) وعنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً. ثم تكلم النبي بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال رسول الله؟ فقال: كلهم من قريش. |
اثنا عشر خليفة |
(صحيح مسلم) وعنه أيضاً قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش. (صحيح أبي داود السجتاني) وعنه أيضاً، عن رسول الله قال: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. فكبر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفيت علي قلت لأبي: يا أبت ما قال؟ قال: كلهم من قريش. (مسند أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة. (الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين) عن عون بن جحيفة عن أبيه قال: كنت مع عمي عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: لا يزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة. ثم قال كلمة وخفض بها صوته فقلت لعمي، وكان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: يا بني قال: كلهم من قريش. (تيسير الوصول إلى جامع الأصول) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر كلهم من قريش. قيل: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج. (منتخب كنز العمال): يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً لا يضرهم من خذلهم كلهم من قريش. (الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة) عن جابر بن سمرة قال: كنت مع أبي عند النبي (صلّى الله عليه وآله) فسمعته يقول: بعدي اثنا عشر خليفة. ثم أخفى صوته فقلت لأبي: ما الذي أخفى صوته؟ قال: قال: كلهم من بني هاشم. |
كعدّة نقباء بني إسرائيل |
(مسند أحمد ـ إمام الحنابلة) عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل. (ينابيع المودة) عن ابن مسعود عن النبي قال: الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل. (التعليق): اتفقت كلمة المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم، وأجمعت كتبهم في التفسير والحديث والتاريخ، وخاصة (الصحاح الستة) على: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تفوه بهذه الكلمة. (الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش). وإن اختلف التعبير حسب اختلاف الرواة فبعضهم رواه (النقباء) وبعض نقله (الأئمة) وبعض ضبطه (اثنا عشر قيماً) وبعض أخرجه (وهم اثنا عشر رجلاً) وبعض أثبته (اثنا عشر أميراً) والمعنى في الكل واحد، والمقصود متحد وهو واضح لا غبار عليه. |
تأمل وتدبر |
والكلام الذي ينبغي التأمل عنده هو: من هؤلاء الاثنا عشر؟ والجواب المقنع الحاسم، الذي لا يقبل النقاش: إنهم هم الذين سماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحاديث أخرى بأسمائهم وهم: علي بن أبي طالب والحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين (السجاد) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمد (الهادي) والحسن بن علي (العسكري) والحجة المهدي (القائم) |
من هم غير العترة؟ |
أضف إلى ذلك: أن غير هؤلاء لا تجد اثني عشر خليفة (آخرين) يعتقد بهم جميعاً حتى طائفة من المسلمين فكيف بالمسلمين بجميع طوائفهم ومذاهبهم. وكيف؟ الجواب: أما (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) فهم أربعة فأين الثمانية الآخرون؟ |
بنو أمية ومروان |
وأما بنو أمية وبنو مروان فهل يمكن أن يوصي بهم النبي (صلى الله عليه وآله)؟ وهل يمكن أن يعينهم الرسول (صلى الله عليه وآله) خلفاء له؟ كلا.. وألف كلا؟ لأنهم هم الذين ارتكبوا أفظع المآثم، وأشنع الجرائم بحق آل النبي (صلى الله عليه وآله) وبحق المسلمين، وصفحات تاريخهم مسودة في كل مكان. فهذا معاوية وقوله لما ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) وشهادة الرسالة في الأذان: لا والله سحقاً سحقاً، لا والله دفناً دفناً[1]. وهذا يزيد بن معاوية وقتله للحسين ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والخيرة الطيبين من أهل بيته، وأخوته، وأنصاره، وسبيه لبنات الرسالة، وعقائل النبوة، كأنهم نساء المشركين والكفار. وذلك إنكاره لله، وللقرآن، وللوحي، وللنبوة، وللمعاد حيث يقول: لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل[2] والمقصود، بـ (هاشم) وهو رسول الله (صلّى الله عليه وآله). وتعبيره عن النبوة بـ (الملك). وهذا (الوليد) المرواني يمزق القرآن بالسهام وينشد يخاطب القرآن: تهـــــدد كـــــــل جبار عنيد *** فــــها أنا ذاك جبار عنيد إذا ما جئت ربك يوم حشر *** فقل يا ربّ مزّقني الوليد[3] وهكذا دواليك. ضع يدك على كل واحد منهم تجده تجسيداً للرذائل والكفر والفسق، والظلم. (ثم) أليس بنو أمية ومروان الذين رآهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) (قردة) ينزون على منبره، فساءه ذلك، فنزل قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) [4]. ثم أليس بنو أمية ومروان هم الذين وصفهم القرآن الحكيم حين قال: (والشجرة الملعونة في القرآن) [5]. فقد أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن عمر بن الخطاب أن الشجرة الملعونة هم بنو أمية[6]. فهل هؤلاء خلفاء النبي (صلّى الله عليه وآله)؟ |
بنو العباس |
(وأما بنو العباس) فهل هم يصلحون للخلافة؟ وهل يمكن أن يوصي بهم النبي (صلّى الله عليه وآله)؟ ومن هم؟ هل هم الذين كانوا يتقاتلون على الملك؟ ويقتل بعضهم بعضاً؟ ويقتل الأخ أخاه على الملك؟ (أم) قتلة أولاد النبي (صلّى الله عليه وآله) وأحفاده، وذرية الرسول (صلّى الله عليه وآله)، علماء الأمة، وزهادها من أمثال: (موسى بن جعفر الكاظم). (وعلي بن موسى الرضا). (ومحمد بن علي الجواد). (وعلي بن محمد الهادي). (والحسن بن علي العسكري). هل قتلة هؤلاء هم خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله). وهم الذين كانوا يشربون الخمر، ويلعبون القمار، ويقتلون النفس المحترمة وصفحات تواريخهم مليئة بالمخازي والمساوئ؟ فكيف يكونون خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟ وكيف يمدحهم الرسول بأن عصرهم خير؟ (إذن) فمن هم خلفاء الرسول؟ الجواب: ليسوا سوى الأئمة الاثني عشر، عترة النبي (صلّى الله عليه وآله) الذين نص عليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لجابر بن عبد الله الأنصاري[7]، وسلمان، ولغيرهما أيضاً. |
قصة طريفة |
وهنا ننقل قصة طريفة عن (الهند): يقال: أن أحد (الرجوات) في الهند وكان ممن لا يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر من عترة رسول (صلى الله عليه وآله)، سمع بحديث النبي (صلى الله عليه وآله) المتواتر: (الخلفاء بعدي اثني عشر). فبحث عن أسمائهم، وأعيانهم، لكي لا يموت ميتة جاهلية دون أن يعرف خلفاء الرسول (صلى الله عليه وآله). فأرسل إلى علماء المذاهب الأربعة (الأحناف) و (الحنابلة) و (الشوافع) و (الموالك) وجلبهم في غرفة أخرى. ثم جلبهم واحداً واحداً إلى (غرفته) الخاصة. |
من الاثنا عشر الأئمة؟ |
فسأل أحدهم: هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (الخلفاء بعدي اثنا عشر)؟ نعم، إنه حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). من هم هؤلاء الاثنا عشر؟ جعل يردد: أبا بكر، عمر، عثمان، علي، معاوية. توقف. الراجا: هؤلاء خمسة ثم من؟ العالم: ثم عبد الملك بن مروان. الراجا: فهذا السادس ثم من؟ العالم: ثم عمر بن عبد العزيز. الراجا: فهذا السابع، ثم من؟ العالم: ثم أبو العباس السفاح، ثم المنصور، ثم هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المأمون. فهؤلاء اثنا عشر. الراجا: اكتب أسماءهم لي في ورقة احتفظ بها. والعالم ـ بدوره ـ كتب الأسماء الاثني عشر في ورقة بهذا الترتيب: (أبو بكر، عمر، عثمان، علي). (معاوية، عبد الملك بن مروان، عمر بن عبد العزيز، السفاح). (المنصور، هارون، الأمين، المأمون). وشكره الراجا، وودعه، وأكرمه. سؤال عن عالم آخر ثم جلب (الراجا) عالماً منفرداً آخر إلى (غرفته). ووجه إليه نفس السؤال: هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (الخلفاء بعدي اثنا عشر)؟ العالم: نعم ورد ذلك مستفيضاً عن النبي (صلى الله عليه وآله). الراجا: تفضل علي بأسمائهم. العالم: أسرع في الأربعة الأولى. (أبو بكر، عمر، عثمان، علي). الراجا: ثم من؟ العالم: ـ في تلكؤ وتأمل ـ: ثم عمر بن عبد العزيز. ثم من؟ ثم المنصور. ثم من؟ ثم هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المعتصم. فهؤلاء تسعة، ثم من؟ ثم المعتمد، ثم المستعين، ثم المتوكل. ... فهؤلاء اثنا عشر.. وودع (الراجا) العالم الثاني ليطلب عالماً ثالثاً، ويوجه إليه نفس السؤال، وإنما هو كالعالمين السابقين يتلعثم، ويذكر بعد (أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) ثمانية من بني العباس، ويترك ذكر بني أمية وبني مروان إطلاقاً حتى عمر بن عبد العزيز، ويترك المعتمد، والأمين، ليذكر مكانهما المأمون، والهادي. (وهكذا) جعل الراجا يطلب واحداً واحداً منهم، ويسأله عن أسماء الأئمة الاثني عشر، وكل واحد منهم يذكر أسماء غير ما قاله الآخرون، ثم يطلب منه كتابة الأسماء على ورقة. ثم جمع الأوراق وإذا واحدة منها لا تطابق الأخرى ثم دعا العلماء مرة أخرى جميعاً، وقال لهم: ما هذا التناقض في أقوالكم، وكيف لا تعرفون معنى حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أعلن لهم إني سأترككم كلكم، وأتمسك بعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن علماءهم لا يختلفون في أسماء أئمتهم الاثني عشر. وكلهم من زمن النبي (صلى الله عليه وآله) حتى اليوم يعرفون أسماء أئمتهم. (وهكذا) انتهى المجلس دون أن يكون لأحد من أولئك العلماء رد مقنع لذاك (الراجا) الهندي. |
ويل لمبغض (المهدي) |
(ينابيع المودة للحافظ الحنفي) قال: عن أبي طفيل عامر بن واثلة ـ وهو آخر من مات من الصحابة بالاتفاق عن علي (رضي الله عنهما) قال قال رسول الله: يا علي أنت وصي حربك حربي وسلمك سلمي وأنت الإمام وأبو الأئمة الأحد عشر الذين هم المطهرون المعصومون ومنهم (المهدي) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فويل لمبغضيهم. |
يصلي عيسى خلفه |
(ينابيع المودة): عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب. قيل فمن ولدك؟ قال (صلى الله عليه وآله): (المهدي) الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي (المهدي) فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنوره ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب. |
مع النبي في الجنة |
(ينابيع المودة): في قضية مجيء يهودي من يهود المدينة إلى علي (كرم الله وجهه) وسؤالاته عنه قال اليهودي: أخبرني كم لهذه الأمة بعد نبيها من إمام؟ وأخبرني عن منزل محمد أين هو في الجنة؟ وأخبرني من يسكن معه في منزله؟ قال علي (كرم الله وجهه) لهذه الأمة بعد نبيها اثنا عشر إماماً لا يضرهم خلاف من خالفهم. قال اليهودي: صدقت. قال علي: ينزل محمد (صلى الله عليه وآله) في جنة عدن وهي وسط الجنان وأعلاها وأقربها من عرش الرحمن جل جلاله قال اليهودي: صدقت. قال علي: والذي يسكن معه في الجنة هؤلاء الاثني عشر أولهم أنا وآخرنا القائم (المهدي). قال: صدقت. (كفاية الأثر): عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله يقول: (أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء) قيل: يا رسول الله فالأئمة بعدك من أهل بيتك؟ قال: نعم بعدي اثنا عشر إماماً تسعة من صلب الحسين أمناء معصومون ومنا مهدي هذه الأمة ألا إنهم من أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي ما بال أقوام يؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي. |
حديث المناشدة |
(ينابيع المودة للحافظ القندوزي الحنفي): في حديث مناشدة علي أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نزلت (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) [8]، فقال (صلّى الله عليه وآله): الله أكبر بإكمال الدين وإتمام النعمة ورضاء ربي برسالتي وولاية علي بعدي. قالوا: يا رسول الله هذه الآيات في علي خاصة؟ قال: بل فيه وفي أوصيائي يوم القيامة قالوا: بيّنهم لنا قال: علي أخي ووارثي ووصيي وولي كل مؤمن بعدي ثم ابني الحسن ثم الحسين ثم التسعة من ولد الحسين القرآن معهم وهم مع القرآن ولا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض (إلى أن قال) قال: نشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير...) [9] فقام سلمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم؟ قال: بذلك ثلاثة عشر رجلاً خاصة قال سلمان: بيّنهم لنا يا رسول الله؟ قال: أنا وأخي علي وأحد عشر من ولدي. |
تاسعهم قائمهم |
(مسند أحمد بن حنبل، إمام الحنابلة) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) للحسين (رضي الله عنه): هذا ابني إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم. |
نعثل يسأل النبي (صلى الله عليه وآله) |
(ينابيع المودة للحافظ القندوزي الحنفي) قال: عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله) أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك قال (صلى الله عليه وآله): سل يا أبا عمارة فقال: يا محمد (إلى أن قال): أخبرني عن وصيك من هو؟ فما من نبي إلا وله وصي وإن نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون؟ فقال: إن وصيي علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين. قال: يا محمد سمّهم لي، فقال (صلى الله عليه وآله): إذا مضى الحسين فابنه علي فإذا مضى علي فإنه محمد فإذا مضى محمد فابنه جعفر فإذا مضى جعفر فابنه موسى فإذا مضى موسى فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه علي فإذا مضى علي فابنه الحسن ثم فإذا مضى الحسن فابنه الحجة (عجل الله فرجه) محمد (المهدي)، فهؤلاء اثنا عشر. |
(المهدي) يظهر لا محالة |
(محمد بن علي الترمذي في صحيحه): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. (مسند أحمد بن حنبل، إمام الحنابلة): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. (صحيح الترمذي): عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. وعن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي. وأخرج أحمد في (مسنده) عن النبي: لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. |
في أمتي (المهدي) |
(صحيح الترمذي): عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله قال: فقال: إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً. (التعليق): المقصود بكلمة (حدث) هو انتهاء الإسلام، واضمحلاله، كما انتهى واضمحل أديان كثيرة لأنبياء كثيرين. وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (إن في أمتي المهدي) يعني: إن أمتي لا تنتهي ولا تبيد لأن فيها (المهدي) ولعله إشارة إلى وعد الله تعالى (ليظهره على الدين كله) [10] فيكون دين الإسلام هو الغالب والظاهر على سائر الأديان، فكيف ينتهي دوره والحال هذه. (صحيح أبي داود): عن النبي قال: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً. (صحيح أبي داود): عن النبي (صلّى الله عليه وآله): لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. قال: وفي حديث آخر: يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. |
(المهدي) من ولد فاطمة |
(صحيح أبي داود): عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. (صحيح أبي داود): عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يملك سبع سنين. (التعليق): (أجلى الجبهة) يعني واسع الجبة وحسنها (أقنى الأنف) أي: طويله وجميله. (صحيح البخاري): عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال: قال رسول الله: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟! |
(المهدي) من ولد الحسين |
(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي) قال: روى قاضي القضاة عن إسماعيل بن عبادة بإسناد متصل بعلي (كرم الله وجهه) أنه ذكر (المهدي) وقال: إنه من ولد الحسين وذكر حليته فقال: رجل أجلى الجبين أقنى الأنف ضخم البطن أذيل الفخذين أبلج الثنايا بخده الأيمن شامة. (صحيح ابن ماجة): عن علقمة عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي (صلّى الله عليه وآله) اغرورقت عيناه وتغير لونه قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطاً كما ملأوها جوراً، فمن أدرك ذلك الزمان فليأتهم ولو حبواً على الثلج، (وفي البرهان): فإنه المهدي. (البيان للكنجي الشافعي): عن أبي هارون العبدي قال: أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له: هل شهدت بدراً؟ فقال نعم فقلت: ألا تحدثني بشيء مما سمعته من رسول الله في علي وفضله؟ فقال بلى أخبرك أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مرض مرضة نقه منها فدخلت عليه فاطمة (رضي الله عنها) تعوده وأنا جالس عن يمين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلما رأت ما برسول الله (صلّى الله عليه وآله) من الضعف خنقتها العبرة فقال لها رسول الله: ما يبكيك يا فاطمة؟ (إلى أن قال): يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت: نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عم أبيك ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك ومنا مهدي الأمة الذي يصلي عيسى خلفه ثم ضرب على منكب الحسين فقال: من هذا مهدي الأمة. (التعليق): في هذا الحديث (أعطينا ست خصال) وفي حديث سابق (سبع) بزيادة (جعفر الطيار) ولعله هنا حذف من الناسخ أو الراوي خطأً أو سهواً أو نسياناً. أضف إلى ذلك: أن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه، كما يقول علماء الأصول. |
(المهدي) من أهل البيت |
(صحيح ابن ماجة): قال رسول الله: المهدي من أهل البيت يصلحه الله في ليلة. (صحيح ابن ماجة): عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يقول: نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي. (مسند أحمد بن حنبل): عن أبي سعيد إن رسول الله قال: تملأ الأرض ظلماً وجوراً ثم يخرج رجل من عترتي يملك سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً. |
(المهدي) في آخر الزمان |
(المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري): عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال نبي الله (صلّى الله عليه وآله): ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة وحتى تملأ الأرض جوراً وظلماً لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسط وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلا أجرته ولا السماء من قطرها شيئاً إلا صبه الله عليه مدراراً يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسعاً تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره. (التعليق): (يرضي عنه ساكن السماء، وساكن الأرض) يعني: يكون محبوباً عند الله، وعند الناس، يبلغ رضى الله، ورضى الناس. (لا تدخر الأرض) أي: تزداد المزارع وتكثر في كل مكان، ولا تنقطع عنهم الأمطار، فلا يصابون بجدب أو قحط. (تتمنى) يعني: الأموات يتمنون لو كانوا أحياء فينظرون إلى الازدهار الغريب الفريد. |
[1] مروج الذهب / ج 3 / ص 361. [2] البداية والنهاية / ج 8 / ص 192. [3] مروج الذهب / ج 3 / ص 216. [4] سورة الإسراء / 60. [5] سورة الإسراء / 60. [6] تاريخ بغداد / ج 3 / 343 ـ شرح نهج البلاغة / ج 3 / 115. [7] يأتي في غضون الأحاديث الآتية حديث جابر وسلمان، وغيرهما عن قريب بإذن الله تعالى. [8] سورة المائدة / آية 3. [9] تمام السورة هكذا: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) الحج / 77 ـ 78. [10] سورة التوبة / 33. |