|
الفرض الثالث |
|
أن يناط الأمر بالمهم بالعصيان على نحو الشرط المتأخر، قال المحقق النائيني (قده) ـ بصدد نقل كلام بعضهم ـ: (إن عصيان الأمر بالأهم متحد مع زمان امتثال خطاب المهم، فلابد من فرض تقدم خطاب المهم على زمان امتثاله، وهو يستلزم الالتزام بالشرط المتأخر والواجب المعلق، وكلاهما باطل). وفي (المباحث): (وأما أخذ العصيان بنحو الشرط المتأخر فلأنه يستلزم القول بإمكان الشرط المتأخر والجواب المعلق، إذ يستلزم أن يكون الأمر بالمهم متقدماً زماناً على زمان عصيان الأهم ـ الذي هو زمان امتثال المهم أيضاً ـ فيكون كل من الشرط والواجب في الأمر بالمهم متأخراً عنه، وهو مستحيل. أقول: محذور (الشرط المتأخر) يرد بلحاظ إناطة الوجوب بـ (العصيان المتأخر) ومحذور (الواجب المعلق) يرد بلحاظ سبق زمان وجوب المهم على زمان امتثال المهم، بتقريب: أن عصيان الأهم متأخر عن وجوب المهم ـ لفرض كونه شرطاً متأخراً ـ فيكون زمان امتثال الأهم متأخراً ـ إذ لا يعقل انفكاك زمان الامتثال عن زمان العصيان ـ وإذا كان زمان امتثال الأهم متأخراً كان زمان امتثال المهم متأخراً أيضاً، للزوم تعاصر الزمانين في الترتب، فيلزم كل من الشرط المتأخر ـ لتأخر زمان عصيان الأهم عن زمان وجوب المهم المشروط به ـ والواجب المعلق ـ لتقدم زمان وجوب المهم على زمان امتثاله ـ. ولكن يرد عليه: أولاً: ما قرر في محله من معقولية كل من (الشرط المتأخر) و (الواجب المعلق). ثانياً: عدم كلية ما ذكروه من (لزوم التعليق) في إناطة الأمر بالمهم بالشرط المتأخر إذ يمكن فرض وقوع التزاحم بين واجبين ـ أحدهما مهم والآخر أهم ـ في زمانين بحيث لا تفي قدرة المكلف بالجمع بينهما، مع سبق زمان المهم على زمان الأهم، ومقارنة زمان امتثال المهم لزمان وجوبه، فيأمر المولى بإتيان الأهم في الزمان اللاحق، معلقاً الأمر بالمهم في الزمان السابق على عصيان الأمر بالأهم في الزمان اللاحق، فلا يكون ثمة تعليق في الواجب لتقارن زمني الوجوب والواجب. لكن لا يخفى أن تحقق العصيان خارجاً في هذا الفرض يتوقف على مضي الزمان، إذ لا عصيان قبل زمان الامتثال ـ وإن كان تحققه فيما بعد منكشفاً من حين فعل المهم، لما فرضناه من عدم وفاء القدرة بالجمع، فلا قدرة على فعل الأهم في حينه، لاستنفاد المهم قدرة المكلف من قبل، لكن عدم القدرة هنا غير مناف لكون الترك عصياناً، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار. و (أما) ما ذكره المحقق الأصفهاني (قده) من إناطة إمكان المشروط بالشرط المتأخر بإمكان المعلق لاتحاد ملاك الاستحالة والإمكان فيهما، فيتوقف تصحيح جريانه في الفرض المذكور على إمكان المعلق (فقد) سبق التأمل في إطلاقه، وإنه لا يتم إلا بناءً على بعض الوجوه في تقرير استحالة المعلق، أما على بعض الوجوه الأخر فيمكن القول باستحالة المعلق، مع الذهاب إلى إمكان المشروط بالشرط المتأخر، وعليه يمكن تصحيح جريان الترتب في الصورة المفروضة دون حاجة إلى القول بإمكان المعلق (مع) أن الكلام في فعلية التعليق لا في إمكانه. ثم إنه قد انقدح مما ذكر عدم لزوم التعاصر بين الأمرين في تحقق موضوع الترتب، بل يكفي كونهما بحكم المتعاصرين وإن لم يتعاصرا إطلاقاً كما في الفرض المذكور في صورة تأخر وجوب الأهم ـ كنفس الأهم ـ عن زمان المهم وعدم تقارنهما، فتأمل. |