المؤلفات

اللغة والادب والشعر

الصفحة الرئيسية

 

قُلت اعمل

شعر ذو أبعاد، عن عظيم ذي أبعاد.. يشكل بعده الشعري، أقصر أبعاده، على الرغم من استطالته، حتى على الشمس.

أَوَليس كل مميزات هذا الشعر: تسجيل الشعور الواقع، ممارسة الأدب المتقدم،  وتحليل الإسلام، السهل الممتنع، بالشكل الممتنع.

وربما يكون فحوى رسالة الشعر، في دعوة الشعراء المسلمين إلى:

تفهم الإسلام على حقيقته..

وعرضه على حقيقته..

في ثوب عصري جميل..

يضاهي جماله جمال الإسلام ..

وأخيراً: معرفة هذا الشعر، لا تكون إلا، عبر قراءته قراءة متأملة وخبيرة.

أما الشاعر: فلا يكشف عن كل أبعاده، إلا بعد انكشاف كل لحظات حياته المفعمة، وذلك: ما تكون في وسع مجلدات ضخمة عديدة فقط.

وأية محاولة أخرى بهذا الصدد، تذهب هدراً من دون نتيجة مرجوة.

السيد حسن الشيرازي


قال لي:

إبكِ على الأمجادْ!

إبكِ الأرضَ عاقتها البلادْ!

إبكِ شعباً في مزاد!

إبكِ فجرا في رمادْ!

 

إبكِ رأساً مِنْ سمادْ!

إبكِ أفكاراً صديّةْ

تُنتقى من مُتحفِ التاريخِ..

مثل المومياءِ الأثريّة

تتوالى موسميّةْ

 

ومبادٍ مثل أهواءِ السُكارى،

مثل أزياء المُمثِّلْ

تتحدّي، وتحوِّلْ.

 

إبك أوضاعاً كأنواءِ الفُصولْ..

تخبص الدنيا،

فتسطو،

وتجولْ..

 

وتصولْ..

لتُعرّى .. وتزولْ

 

وتصاوير نسورٍ فوق أعلامٍ..

تُسوى، وتباعْ.

ومداها نِصفُ باع

إبكِ مأساةَ المقاييسِ..

تلاشت بِغَباءْ

 

إبكني!

إبكِ على نفسكَ!

إبكِ الضعفاءْ!

إبكِ حتى الأقوياء!

 

كُلُّ شيءٍ ضاعَ..

حتى الأرضُ ـ منّا ـ والسماءْ!

 

قلت:

دعني..

للتحدِّي!

لستُ أبكي!

 

أنا لا تعرف آماقي البُكاء!

أنا لا أعرف: ما معنى البُكاء؟

أنا لا أعرفهُ إلاّ انهزماً وانحناءْ!

 

قال:

لا.

لا..

فالبكاء،

رفض هذا الواقعِ الفاسدِ،

رفضٌ ورثاءْ.

 

وإذا كان له عِندَكَ طَعمٌ الانحناء،

فإذن:

ماذا؟

وما الموقفُ؟

في هذا المجالْ

 

أأُغنّي كلَّ هذا الانحلال؟

أم أُعاني ـ عبثاً ـ من أجل تطويع المُحال؟

وإذن:

ماذا؟

وما الموقفُ..؟

 

هل هذا قضاء؟

وعلى من ليس يرضى أن يرى مالا يشاء؟

ثُمَّ: ماذا..؟

لو بَخلنا بالبُكاء

 

ثُمَّ: ماذا؟

أين؟

أين الكِبرياءْ؟

أين أهدافُ السماءْ؟

 

قلتُ:

إعمل!

قَوْلِبِ الدنيا، كما تَهوى!

كَما تَرضى السماء

إننَّا مرضى فجئنا بالدواءْ

ليس يُجديِنا البُكاء!

 

كيف أبكي مُنتَهانا،

حيثُ تُختارُ يدانا..؟

أنا قد أبكي على الماضي،

 

على مافاتنا في مُبتدانا..

حيثُ يعلو عن مدانا

حيثُ تنهارُ قوانا

دونَ تصنيعِ رُؤانا..

حيث لا أقدر فيه أن أُؤثِّرْ!

 

وعلى الحاضر.. والمقبل.. لا أبكي،

لأنّي،

إن تَحدَّيتُ أُغيِّر

 

قال:

إن لم أتفجرَّ بالبكاء،

أختشي أن يَزرعَ الحقدُ بقلبي

حيث لا يسري إليه أيُّ طبِّ

 

فإذا أبلغ ما في الليل من حبَّاتِ حُبِّ

كُلُّها تُصبِحُ حبّات عِدَاءْ

فأُعادي ـ لا لتقصيرٍ ـ جميعَ الناسِ،

حتى الأصدقاء!

أختشي أنْ أنثُرَ الدُنيا هباءْ!

 

أختشي أن أُحرِقَ الأرض،

وأجتاح الفضَاء!

أختشي أن أَتقيأَ كُلَّ طاقاتي هُراءْ!

 

قلتُ:

ـ بالتحديدِ ـ هذا ما أشاء!

فهو أَقوى فلسفات الأنبياء!

وهو مجموع وصايا العُظماء.

 

وأفاد الحكماءْ:

إنَّ في الدنيا صراعينِ:

بلاءٌ ورجاءٌ

فصراع الشرِّ والخير بلاء

وصراع الحقدِ والحبِّ رجاء

 

وقلوبٌ ترفضُ الحقدَ خلاء

كقلوبٍ ترفضُ الحبَّ،

سواءاً بسواء.

 

أنا لا أبكي!

ولا تبكِ!

ولا توصِ سوانا بالبكاء!

 

دعهُ في قلبك حقداً أسوداً،

ينذِرُ الأوضاع والأشياءَ،

ـ يوماً ـ بفناءْ!

دعهُ شيطاناً على قلبِكَ !

كابوساً على صدرِكَ!

عفريتَ صليبينَ يرّوي،

دمَكَ المجنونَ بالنارِ،

كتيّارٍ من الذَّرةِ في بحر من البترولِ،

ينمو ويعاني

فيغورْ..

ويفورْ..

ويثورْ

يتمادى..

يتخَثَّرْ.

يتكَرَّرْ..

يتطوَّرْ..

فعساهُ يتفجَّرْ.