الفهرس

المؤلفات

الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

الحوزة وعلاقتها بالعلوم

الإسلام دينٌ ودُنيا، هذا ما أشارت إليه الآية الكريمة :((وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً))[1] ، والمراد بالحسنة الجنس الذي يشمل كل الحسنات ، كقولهم : (تمرة خير من جرادة)[2] ، كما أشارت إلى ذلك الرواية الشريفة: (ليس منّا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه)[3].

والحوزة هي عصب الدين، وهي التي تقود المسلمين إلى شاطىء الأمن والسلام، فاللازم على هذه المؤسسة أن تقود الناس إلى ما يسعدهم في دنياهم وآخرتهم، وقد فعل المعصومون ذلك، فكانوا (عليهم السلام) أول المفسرين للقرآن الكريم، وحيث إنّ القرآن يشمل كلّ شيء ويتضمن كل العلوم فقد جاءت أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم شاملة لكل شيء ولكل علم، من الفقه والطب والتاريخ والحساب والفلك وغيره .

ولاشك أنّ الإنسان بحاجة إلى هذه العلوم، وهو يحوم حول مَن عنده هذه العلوم ، فإذا كان الأئمة (عليهم السلام)عاجزين عن تلبية طلب هؤلاء ولو في بعض العلوم فإنّ الناس سيتركونهم إلى غيرهم.

وبهذا الدليل العقلي نستطيع أنْ نقرر أنّ الأئمة محيطون بكل العلوم ؛ لذا فمن الواجب على مؤسسة الحوزة أنْ تكون مستوعبة لكل العلوم لا خصوص الفقه والأصول أو العبادات والمعاملات والحديث والأخلاق والتفسير ، بمعنى أنْ تكون مستوعبة لأصول كل ما يحتاجه الإنسان في دينه ودنياه ، وليس مرادنا معرفة الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء وما أشبه ذلك، وإنّما أنْ تصطبغ هذه العلوم بالصبغة الإسلامية الإيمانية . قال:((صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ))[4].

ومن اللازم أن تجدد ألبسة المطالب العلمية وإفراغها في قوالب تلائم العصر .

 


[1] سورة البقرة : الآية 201.

[2] عن معاوية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : (ليس للمحرم أن يأكل جراداً ولا يقتله ، قال : قلت : ما تقول في رجل قتل جرادة وهو محرم ؟ قال (عليه السلام) : تمرة خير من جرادة ، وهي من البحر ، وكل شيء أصله من البحر ويكون في البر والبحر فلا ينبغي للمحرم أن يقتله ، فإن قتله متعمداً فعليه فداء كما قال الله) تهذيب الأحكام : ج5 ص363 ب16 ح177 ، وسائل الشيعة : ج13 ص76 ب37 ح 17269 وقريب منه في بحار الأنوار : ج96 ص357 ب63 ح23 ، وورد عن الصادق (عليه السلام) في محرم قتل جرادة قال (عليه السلام) : (يطعم تمرة ، والتمرة خير من جرادة) الكافي (فروع) : ج4 ص393 ح4 ، الاستبصار : ج2 ص207 ب133 ح1 ، وورد أيضاً : (ومن قتل جرادة تصدّق بتمرة لأنّ تمرة خير من جرادة) مستدرك الوسائل : ج9 ص277 ب27 ح10890 و10891.

[3] من لايحضره الفقيه : ج3 ص156 ب2 ح3568 ، وسائل الشيعة : ج17 ص76 ب28

[4] سورة البقرة : الآية 138.