الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

لمع من الشريعة الإسلامية

لُمع بيضاء من الشريعة الإسلامية، وهي: (الطهارة) و(مراكز العبادة) و(المشاهد المشرفة) و(الدعاء) و(الجماعة) و(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) و(الاعتكاف) و(الدعوة إلى الخير) و(الذكريات) و(التولي والتبري)، نذكرها بإيجاز، إشارة إلى بعض جوانب الإسلام.

ـ 1 ـ

س: ما هي الطهارة؟

ج: الطهارة في الإسلام على أربعة أقسام:

1 ـ طهارة الروح من الملكات الفاسدة، كالحسد والبخل والبغضاء والجبن، وسائر الرذائل.

2 ـ طهارة الأعضاء من المنافيات، كطهارة العين عن النظرة الخائنة، وطهارة اللسان عن اللغو، وهكذا..

3 ـ طهارة الجسد وما إليه عن القذارات، فقد أوجب الإسلام التطهير عن (البول) و (الدم) و (الغائط) وسائر النجاسات.. كما حبّذ التطهير والتنظيف عن الأوساخ والقذارات، لا بالنسبة إلى البدن فقط، بل بالنسبة إلى كل ما يزاوله الإنسان، من ثوب، وآنية، وفرش، وغيرها..

4 ـ تطهير الجسد والروح ـ معاً ـ بأحد أمور ثلاثة:

(الأول): الوضوء ـ عقب الحدث ـ.

س: ما هو الحدث؟

ج: (البول)، و(الغائط)، (الريح)، (النوم)، (قسم من دم النساء يسمى بالاستحاضة القليلة)، (كل ما أزال العقل) من مسكر، وإغماء، وما أشبه.

س: ما هي كيفية الوضوء؟

ج: كيفية الوضوء هي كالآتي:

1 ـ غسل الوجه من قصاص الشعر إلى الذقن.

2 ـ غسل اليد اليمنى من المرفق إلى رؤوس الأصابع.

3 ـ غسل اليد اليسرى من المرفق إلى رؤوس الأصابع.

4 ـ مسح مقدم الرأس ببلل الكف اليمنى.

5 ـ مسح ظاهر الرجلين ببلل الكفين.

(الثاني): الغسل، وهو على قسمين:

1 ـ الغسل الواجب.

2 ـ الغسل المستحب.

س: كم هي الأغسال الواجبة؟

ج: الأغسال الواجبة هي ستة:

1 ـ غسل الجنابة، والجنابة تحصل بنزول المني، أو الدخول.

2 ـ غسل الحيض، وهو دم تراه المرأة، والغالب اعتيادها شهرياً في رؤية هذا الدم.

3 ـ غسل النفاس، وهو الدم الذي يأتي عند الولادة.

4 ـ غسل الاستحاضة، وهو الدم الذي تراه المرأة مما ليس بحيض ولا استحاضة (وله تفصيل).

5 ـ غسل مس الميت، فمن لامس ميتاً آدمياً بعد برده وقبل أن يُغسل، وجب عليه الغسل.

6 ـ غسل الميت، فإذا مات الإنسان وجب غسله.

س: كم هي الأغسال المستحبة؟

ج: الأغسال المستحبة كثيرة، مثل: غسل يوم الجمعة، وغسل أيام الأعياد، وغسل ليالي شهر رمضان، وما أشبه.

س: ما هي كيفية الغسل؟

ج: للغسل كيفيتان:

(الأول): الارتماس في الماء الطاهر الحلال، مرة واحدة، بحيث يشمل الماء جميع الجسد.

(الثاني): الترتيب، بأن يغسل رأسه ورقبته أولاً، ثم الطرف الأيمن من جسده ثم الطرف الأيسر ثالثاً.

(الثالث): من لم يتمكن من (الماء) للوضوء والغسل، أجاز له الإسلام (التيمم).

س: ما معنى التيمم؟

ج: التيمم عبارة عن:

1 ـ ضرب الكفين على الأرض الطاهرة المباحة، ثم نفضهما، والمسح بهما على الجبهة من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى.

2 ـ المسح بالكفين على ظاهر اليدين، بأن يمسح ببطن الكف اليسرى على ظهر الكف اليمنى، وبالعكس.

3 ـ ضرب اليدين ثانياً على الأرض، والمسح بهما على ظاهر الكفين ـ كما ذكر ـ.

ولا يخفى أن (الطهارات) تحتاج إلى (النية)، بأن يأتي بها ناوياً، مع قصد القربة إلى الله تعالى، ولذا فهي تطهير لظاهر الإنسان، وتطهير لباطنه، لأن التوجه إلى الله تعالى يوجب طهارة الروح.

ـ 2 ـ

س: ماذا تقصدون بـ (مراكز العبادة)؟

ج: لقد قال نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): (جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً)(1). فالأرض كلها ـ في نظر الإسلام ـ صالحة للعبادة، لا ان هناك محلاً خاصاً لها.. كما انه ليس في الإسلام تخصيص محل عبادة بجمع، ومحل عبادة بآخرين ولذا قال الله تعالى: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)(2). ولكن مع ذلك، فقد جعل الإسلام مراكز خاصة للعبادة، تسمى بـ (المساجد)، وأحبَّ العبادة فيها، والاجتماع إليها، وجعل الثواب الكبير لبنائها وإنارتها، والقيام بسائر شؤونها، وفضَّل الصلاة فيها على الصلاة في غيرها، وهي تنقسم إلى:

1 ـ المراكز التي هي في الرعيل الأول من الأهمية: كالمسجد الحرام بمكة المكرمة, ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة المنورة, ومسجد الكوفة قرب النجف الأشرف, ومسجد البصرة في مدينة البصرة, وبيت المقدس في فلسطين.

2 ـ المراكز التي هي في الرعيل الثاني من الأهمية: كمسجد السهلة قرب النجف الأشرف, ومسجد براثا بين الكاظمية وبغداد.

3 ـ المراكز التي هي في الرعيل الثالث من الأهمية: كسائر المساجد التي أحدثها المسلمون في شرق الأرض وغربها، وهي مختلفة في الفضيلة، كما فصِّل في فقه الإسلام.

س: هل للمساجد أحكام خاصة؟

ج: نعم لها أحكام خاصة، كتحريم تنجيسها، وحرمة هدمها اعتباطاً، وحرمة مكث الجنب، والحائض، والنفساء فيها، بل وحرمة المرور لهم في المسجد ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).. إلى غيرها من الأحكام.

ـ 3 ـ

س: ما هي (المشاهد المشرفة)؟

ج: المشاهد المشرفة، عبارة عن المحلات التي دُفن فيها الرسول والأئمة الطاهرون، وهي:

1 ـ حجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة المنورة بأرض الحجاز.

2 ـ البقيع، الذي هو مثوى الإمام الحسن المجتبى، والإمام زين العابدين, والإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق (عليهم السلام)، بل مثوى سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ـ على احتمال ـ في المدينة المنورة بأرض الحجاز.

3 ـ حرم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في النجف الأشرف في العراق.

4 ـ حرم الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدسة في العراق.

5 ـ حرم الإمام موسى الكاظم، والإمام محمد الجواد (عليهما السلام) في الكاظمية في العراق.

6 ـ حرم الإمام علي الرضا (عليه السلام) في خراسان في إيران.

7 ـ حرم الإمام علي الهادي، والإمام الحسن العسكري، وسرداب الإمام المهدي، (عليهم السلام)، في سامراء في العراق.

8 ـ وشبه هذه المشاهد في بعض الفضيلة بعض المشاهد الأخر، كحرم سيدنا العباس (عليه السلام) في كربلاء، وحرم السيدة زينب (عليها السلام) في الشام، ومشاهد الأنبياء، كمشهد ذي الكفل (عليه السلام)، ومشهد موسى الكليم (عليه السلام)… إلى غيرها.

س: هل لهذه المشاهد فضل خاص؟

ج: نعم، حيث ثوى فيها أنبياء الله وأوصياؤه، والذين لهم قرب وزلفى إليه.

س: اذكروا بعض ذلك الفضل؟

ج: المشاهد في حكم المساجد ـ على ما تقدم ـ بالإضافة إلى استجابة الدعاء في حرم الحسين (عليه السلام)، وبعض فضائل أُخَر فيه وفي سائر المشاهد المشرفة.

س: وهل للحضور في هذه المشاهد أجر وثواب؟

ج: نعم، لقد حبّذ الإسلام زيارة النبي وبنته والأئمة عليهم السلام وجعل لزيارتهم من الأجر والثواب، قدراً كبيراً، وخصّص أوقات خاصة لزيارتهم، وجعل زيارتهم في تلك الأوقات أفضل من زيارتهم في غيرها ـ لمناسبات أوجبت الأفضلية ـ.

ودنيا اليوم، إن كان جعل لـ (الجندي المجهول) مزاراً، تحفيزاً للناس على الدفاع عن الوطن، وتقديراً للجنود الذين يُقتلون في ساحات القتال ففي الإسلام (قادة معلومون) إن اتبعهم الناس فازوا بخير الدنيا وسعادة الآخرة.

ولذا نرى ان مشاهد الرسول والأئمة الطاهرين، مشع الإسلام، ومبعث مختلف أنواع السعادة، يستنير الزائر بأنوارهم، ويقتبس من آثارهم، ويهتدي بهداهم، ويتخذهم قدوة وأسوة، فيفوز بألوان من السعادة والرفاه.

وبالأخص، للرسول والأئمة، زيارات كلها دروس ومناهج مثلاً، تقول في إحدى زيارات الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (العادل في الرعية، والقاسم بالسوية)(3)، فتأخذ منه دستور العدالة، ومنهج التساوي في إعطاء الحقوق.. وفي إحدى زيارات الإمام الحسين (عليه السلام): (اشهد أنك طُهُرٍ، طاهرٍ، مُطَّهرٍ، من طُهُرٍ طاهرٍ مُطهرٍ، طهرتَ وطهرتْ بك البلاد، وطهرتْ أرضٌ أنت بها وطَهُرَ حرمك)(4) فتأخذ منها درساً في لزوم (طهارة الإنسان) قلباً وجسداً وسائر ما يتعلق به، ولزوم تطهير الإنسان للبلاد.. أفليس الزائر يقتدي بالإمام الحسين (عليه السلام)، الذي (طهرت به البلاد)؟

س: وهل لمواسم الزيارة فوائد أخرى؟

ج: نعم، وهي الفوائد التي تقدمت في الحج، لأن مواسم زيارة الأئمة الطاهرين يجتمع إليها الناس من كل حدب وصوب، فتترتب عليها تلك الفوائد المترتبة على (الحج) حسب ما ذكرناها سابقاً.

ـ 4 ـ

س: ما المراد بـ (الدعاء)؟ وما هي فائدة الدعاء؟

ج: (الدعاء) عبارة عن الكلام الذي يوجهه الإنسان إلى بارئه تعالى، يطلب فيه حاجة منه، أو يظهر له شكاية، أو يقدّسه سبحانه، أو يعدّد نعمه وآلاءه، أو يظهر رغبة أو رهبة، أو ما أشبه ذلك.

وأما فائدة الدعاء، فهي:

1 ـ صلة بين الإنسان وخالق الكون.

2 ـ تقوية للروح، حيث إذا علم الإنسان أنه مربوط بـ (قوي) قويت روحه، وقوة الروح مبعث الشجاعة والإقدام.

3 ـ اطمئنان القلب والسكينة، والاطمئنان مشعّ السعادة.

4 ـ تركيز للفضائل في النفس، وتنفير عن الرذائل، بسبب الايحاء الذي يحصل من الدعاء.

5 ـ تعرّف إلى الخير والشر، اللذين اشتمل عليهما الدعاء.

6 ـ بالإضافة إلى أن الله سبحانه يجيب الدعاء، كما قال: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)(5)، وفي ذلك نيل حوائج الدنيا والآخرة.

وبالجملة، فـ (الدعاء) الإسلامي (مدرسة) سيارة، لا يوجد مثلها في مبدأ أو دين، وهي تنفع الإنسان منذ شعوره إلى آخر ساعة من أيام حياته.

س: مثلوا للدعاء؟

ج: نذكر نتفاً من أدعية الإمام السجاد (عليه السلام)، في دعائه المعروف بـ (مكارم الأخلاق):

(اللهم أوسع عليّ في رزقك، ولا تفتني بالنظر، واعزَّني ولا تبتليني بالكبر، وعبدني لك ولا تفسد عبادتي بالعجب، وأجر للناس على يدي الخير، ولا تمحقه بالمنَّ، وهب لي معالي الأخلاق، واعصمني من الفخر)(6).

(اللهم صل على محمد وآل محمد، وسددني لأن أعارض من غشني بالنصح وأجزي من هجرني بالبر, وأثيب من حرمني بالبذل، وأكافي من قطعني بالصلة، وأخالف من اغتابني إلى حسن الذكر، وان أشكر الحسنة، وأغضي عن السيئة)(7).

(اللهم صل على محمد وآله محمد، ولا أُظْلَمن وأنت مطيق للدفع عني، ولا أظلِمن وأنت القادر على القبض مني، ولا أضلن وقد أمكنتك هدايتي، ولا أفتقرن ومن عندك وسعي، ولا أطغين ومن عندك وجدي)(8) إلى غيرها..

ومن طالع بدقة، أدعية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو أدعية الأئمة المجموعة قسم منها في كتاب (القرآن والدعاء) من البحار، وفي كتاب مفاتيح الجنان، وفي الصحيفة السجادية لعلم ان الأدعية من أكبر الكنوز التي تصلح لإسعاد الإنسان في دنياه وآخرته.

ـ 5 ـ

س: ما المراد بالجماعة؟

ج: المراد بها (صلاة الجماعة)، فإن الإسلام حبذ أن يصلي الإنسان صلواته اليومية في (الجماعة) بأن يقتدي المسلمون في صلواتهم، بـ (إمام) عادل أي مستقيم في الدين.

ومنذ أيام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المشرِّع لصلاة الجماعة ـ إلى هذا اليوم ـ تنعقد صلاة الجماعة في طول البلاد الإسلامية وعرضها، فيجتمع المسلمون في (الصباح) لأداء صلاة الصبح، وفي (الظهر) لأداء صلاة الظهر والعصر، وفي (المغرب) لأداء صلاة المغرب والعشاء، في أماكن مخصوصة ـ غالباً ـ كالمشاهد المشرفة، والمساجد، ويقتدون بأحدهم، ممن عرفوه بالسير المستقيم والصلاح، ويؤدون فريضتهم معه، قياماً وقعوداً، وركوعاً وسجوداً.

س: وما هي فائدة الجماعة؟

ج: فوائد الجماعة كثيرة، نذكر منها:

1 ـ توحيد المسلمين عملاً، كل يوم، فيقف الرئيس إلى جانب المرؤوس، والأبيض إلى جانب الأسود، والغني إلى جانب الفقير، وهكذا.. أمام رب واحد، لا ميزة لأحد على أحد، وحينذاك، يشعر الجميع بشعور واحد وتذوب من قلوبهم الفوارق والميزات، وذلك مبعث كل خير.

2 ـ التعاون الذي يحصل بينهم عند اجتماعهم، إذ يتعرّف كل فرد منهم على الآخر، ويقوم كل واحد بحوائج صديقه، ويتفقد أحدهم الآخر عند الغيبة، والشدة, والحاجة.

3 ـ ترسيخ النظام في نفوس المصلين، لأن الجماعة من أفضل أقسام النظام، وإذا صار النظام ملكة في الإنسان أصبح نظاميّاً في جميع حركاته وسكناته.

4 ـ الاستفادة من الوعظ والإرشاد، الذي يلقى على أهل الجماعة قبل الصلاة أو بعدها ـ غالباً ـ واطلاع أهل الجماعة على الحوادث التي تنتاب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليشاركونهم في الأسى قلباً، وعملاً...

وما تزال هذه الحالة مستمرة إلى اليوم، ولذا نرى وعي أهل الجماعات.. كثيراً، كما نرى ان من جراء الوعظ والإرشاد الذي يلقى على أهل الجماعة يكون أهل الجماعة أكثر من غيرهم نزاهة وطهارة ـ في مختلف ميادين الحياة ـ.

ـ 6 ـ

س: ما معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

ج: ان الإسلام أمر بكل خير، أمر إيجاب أو أمر ندب، وسمى الخير (معروفاً) ونهى عن كل شر، نهي تحريم، أو نهي تنزيه، وسمى (منكراً). ومن المعلوم أن بعض الناس يترك (المعروف) جهلاً أو لعدم المبالاة كما أن بعضهم يأتي بـ (المنكر) جهلاً أو لعدم المبالاة.

ولذا أمر الإسلام المسلمين بأن يأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر وفي ذلك تقويم لاعوجاج المجتمع، وإرشاد الناس نحو الصالح، وإنقاذ لهم من المفاسد والجرائم.

ففي القرآن الحكيم.. (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر..)(9).

وقد مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمر والنهي بشخص يثقب السفينة الجارية على وجه الماء، فإن أخذ الركاب بيده، نجى ونجوا، وإن تركوه حتى يثقب السفينة، هلك وهلكوا.

وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لتأمرون بالمعروف ولتنهن عن المنكر، وإلا ليسلطنَّ عليكم أشراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم)(10).

ـ 7 ـ

س: ما هو الاعتكاف؟

ج: الاعتكاف هو اللبث في المسجد ثلاثة أيام، أو أكثر، يصوم في النهار، ويترك كثيراً من الأمور المنافية للتقرب إلى الله سبحانه ولا يخرج من المسجد إلا للحوائج الضرورية.

س: وما فائدة الاعتكاف؟

ج: فائدته السمو بالروح، والانقطاع عن العلائق الجسدية المكدرة لصفاء الفكر، فهو فترة استجمام واستراحة لتنظيف البدن، وتطهير النفس.

وقد نرى أن الناس ـ في الحال الحاضر ـ ينقطعون عن أعمالهم ـ حتى رؤساء الحكومات الكبار ـ فترة الاستجمام، فيذهبون إلى منزل في الريف، أو شاطئ البحر، أو ما أشبه، ليستعيدوا نشاطهم، ويفكروا في أمورهم، بعيداً عن ضوضاء المجتمع.

والاعتكاف أفضل من ذلك:

أولاً: بالصيام، الذي قد عرفت فيما سبق بعض فوائده.

وثانياً: بالتوجه إلى الله سبحانه، الذي هو مصدر كل خير، وملهم كل طمأنينة وسكينة.

وثالثاً: بأنه في المسجد الذي هو محل الطاعة والعبادة والصدق والصفاء والتجرد عن المعاصي والآثام.. وقد ثبت في العلم: إن المكان يؤثر في النفس، ويلهم الطهارة أو الجريمة ـ حسب اختلاف الأمكنة ـ.

ـ 8 ـ

س: ما المراد بالدعوة إلى الخير؟

ج: لقد سمى الإسلام كل عمل حسن (خيراً) وأمر الناس بالدعوة إلى الخير، فقال الله سبحانه، (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير)(11) كما أمر بعمل الخير.. بل فوق ذلك جعل الإسلام ثواب من أرشد إلى الخير كثواب من عمل الخير، ففي الحديث، (الدال على الخير كفاعله)(12).

والخير ينقسم إلى قسمين:

1 ـ الخير الذي نص عليه الإسلام، مثل (الصلاة) و(إسعاف المحتاج) و(إطعام الجائع) وما أشبه.

2 ـ الخير الذي يشمله هذا العموم، وإن لم يكن له نص في الإسلام بالخصوص، كبناء المدارس، والمستشفيات، وتكوين الجمعيات الخيرية لغرض الإكساء، والإطعام، والتزويج، وما أشبه.

وعلى هذا، فالمسلم ـ في نظر الإسلام ـ هو الذي يعمل الخير، ويأمر بالخير.. حتى ورد في الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (تنحية الأذى عن الطريق صدقة)(13)، ولو أخذ أهل العالم بالمنهاج الإسلامي، في العمل بالخير والدعوة إلى الخير لم يبق محتاج واحد، ولانقلبت الدنيا جنة نعيم، وعمَّ الخير والرخاء والألفة من أقصى الأرض إلى أقصاها.

ـ 9 ـ

س: ما معنى (الذكريات)؟

ج: لقد جعل الإسلام الاحتفال والاجتماع في ذكريات الرسول والأئمة الطاهرين ـ سواء ذكريات الأفراح كالمواليد، وذكريات الأحزان، كالوفيات ـ أمراً مندوباً إليه، مرغوباً فيه.. وذكر لجملة منها مقداراً كبيراً من الأجر والثواب.

وقد ورد في الحديث (شيعتنا منا يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا)(14).

س: ما هي فائدة الذكريات؟

ج: للذكريات فوائد كثيرة، نذكر جملة منها:

1 ـ التشجيع، فإن الناس لو رأوا إكرام أهل الخير والإصلاح، جاشت نفوسهم إلى الخير، ليكونوا مورد اعتزاز الناس وإكرامهم... وبقدر كونه تشجيعاً للخير والصلاح يكون تنفيراً عن الشر والفساد.

2 ـ الأسوة، فإن الإنسان إذا عظم في نفسه شخص اتخذه أسوة، وصبغ حياته بمثل صبغته، فإن النفس مجبولة على السمو والارتفاع إلى مصاف الذين هم في قمة الإنسانية، وفي مستوى رفيع من المجد والفضل.

3 ـ التقدير للذين اهتموا بصلاح المجتمع، فإن من حق المصلح أن يقدره الناس حياً وميتاً.

4 ـ بالإضافة إلى أن الذكريات غالباً، تكون في الاجتماعات والندوات وفي ذلك الفوائد الاجتماعية التي سبق جملة منها في (الحج) و (صلاة الجماعة).. كما أن الغالب مزج الذكريات بالإرشاد والإصلاح مما يوجب الفائدة المزدوجة, فائدة الذكرى بذاتها، وفائدة الإرشاد الملقى في أثناء الذكرى.

5 ـ وإذا اشتملت الذكرى على المظاهر, كالزينة وما إليها في الأفراح، والتسويد وما إليه في الأحزان.. كان الأثر المطلوب أكثر، لأن العين تشارك الأذن ـ حينذاك ـ في الاستفهام والاستيحاء، فيكون التركيز أكثر، والاستجابة إلى الخير والابتعاد عن الشر أقوى.

س: مثلوا للذكريات؟

ج: الذكريات أمثال:

1 ـ عيد ميلاد الرسول، وفاطمة الزهراء، والأئمة الإثني عشر (عليهم الصلاة والسلام).

2 ـ عيد المبعث النبوي.. الذي بعث فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى البشر في يوم (27) رجب.

3 ـ عيد الغدير.. الذي نصب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً خليفة على المسلمين، في غدير خم يوم: 18 ذي الحجة.

4 ـ ومن الأعياد الإسلامية (عيد الفطر) أول شوال و(عيد الأضحى) العاشر من ذي الحجة.

5 ـ كما أن من الذكريات الأليمة يوم أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) 20 / صفر.

6 ـ وفاة الرسول، وفاطمة الزهراء، والأئمة الأحد عشر من الإثني عشر (عليهم السلام).

س: ما معنى التولي والتبري؟

ج: الإنسان إذا أحب شخصاً، اقترب إليه، وإذا اقترب إلى شخص، اقتدى به في أعماله وأقواله.. وإذا كره شخصاً ابتعد عنه، وإذا ابتعد عن شخص خالفه في أعماله وأفعاله.. والحب والاقتداء يسمى بـ (التولي) والكره والابتعاد يسمى بـ (التبري).

س: لمن ينبغي (التولي)؟ ولمن ينبغي (التبري)؟

ج: ينبغي التولي (لله) و (رسله) و (الأئمة) و (الصالحين).. كما ينبغي التبري (من أعداء الله، وأعداء رسله، وأعداء الأئمة، وأعداء الصالحين). وذلك لأن الإنسان الذي يتولى الله والصلحاء، يقترب إليهم قلباً وقالباً، ويطيعهم ويقتدي بهم، وفي ذلك صلاح الدنيا والآخرة.. وكذلك إذا تبرأ الإنسان من أعداء هؤلاء، ابتعد عنهم وفارقهم وباينهم في أعماله وأموره، فلا يشقى كما شقي أولئك الأعداء.

هذا بالإضافة إلى أن الإنسان لابد وان يشبع غرائزه النفسية، التي منها (الحب والكره) وهناك ثلاث فئات:

1 ـ الله والصالحين من عباده.

2 ـ أعداء الله وأعداء الصالحين.

3 ـ الذين ليسوا لله، ولا لأعداء الله ـ كالجهال القاصرين وأهل الأرياف والمنقطعات من الصحاري ـ.

فإذا أراد الإنسان إشباع غريزة الحب، كان اللازم أن يشبعها بمن هو جميل وحبه نافع.. وإذا أراد إشباع غريزة الكره، كان اللازم أن يشبعها بمن هو قبيح وحبه ضار.

ولذا كان (التولي) و (التبري) كما ذكر (أولاً) صرف لهذه الغريزة التي لابد من صرفها، و (ثانياً) ينتفع الإنسان بذلك في دنياه وآخرته.

س: وهل للغريزة إشباع؟

ج: إن الغرائز كلها من حب، وكره، وحزن، وفرح، وشجاعة، وغيرها.. مثلها مثل البطن، لابد أن تشبع.. وقد بيَّن الإسلام (الصالح) من الغذاء لهذه الغرائز، حتى يكون الإنسان على علم بما يسعده وما يشقيه فيتبع النافع، ويترك الضار.

 

1 ـ الغوالي: ج 2 ص 13 و ص 208 وزاد فيه: (أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت).

2 ـ سورة الأعراف: الآية 29.

3 ـ مفاتيح الجنان: ص 368 في زيارة أمير المؤمنين (ع) يوم الغدير.

4 ـ مفاتيح الجنان: ص 439 في زيارة الإمام الحسين (ع).

5 ـ سورة غافر: الآية 60.

6 ـ الصحيفة السجادية (دعاؤه في مكارم الأخلاق) الدعاء رقم 21.

7 ـ الصحيفة السجادية.

8 ـ الصحيفة السجادية.

9 ـ سورة آل عمران: الآية 110.

10 ـ نهج البلاغة: ص 421 كتاب 47.

11 ـ سورة آل عمران: الآية 104.

12 ـ كنز العمال: خ 16052 والبحار: ج 71 ص 409.

13 ـ في البحار: ج 72 ص 50 وفي الدعوات (للراوندي): ص 98. وفيه (اماطتك الأذى عن الطريق صدقة).

14 ـ غرر الحكم: ص 184 ع 3636 وفيه (ان الله اطلع إلى الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا...).