الفهرس

المؤلفات

الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

المجتمع الاسلامي المثالي

وهكذا نريد لبلاد الإسلام أن تكون بعضها محبة لبعض، تناقش بعضها بعضاً بالحكمة والموعظة الحسنة..ولا تتشاجر وتتحارب ولو بالإذاعات والتلفزيونات والصحف وما أشبه ذلك.

فالقوي منها يساعد الضعيف، والغني يساعد الفقير، والكبير يرحم الصغير، والصغير يحترم الكبير، والمتعلم يهتم ويجد في طلب العلم ويضع علمه في خدمة من دونه في المستوى العلمي، والمعلم يكون عالماً عاملاً حليماً.

وتكون فيها الحريات بكل معنى الكلمة..

وفيها الدين بكل معنى الكلمة..

وفيها التسامح بكل معنى الكلمة

فلا حواجز جغرافية، ولا أسلاك شائكة، ولا جوازات، ولا تعصبات، وانما قلوب ملؤها الحب، وعقول ملؤها العلم، وأيد ملؤها الجود، واجتماع ملؤه الخير.

وجيوشها إنما تكون جيوشاً لأجل رد المهاجمين ودفع المعتدين، كما قال سبحانه: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم(1)، لا للتناحر فيما بينهم.

ونريد أن تكون بلاد الإسلام كلها وحدة واحدة بلا حدود جغرافية ولا بعضها عن بعض أجنبية، وانما اُخوة إسلامية، كما قال سبحانه: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم(2).

ونريد حريات في كل شأن من شؤون الزراعة والتجارة والصناعة والسفر والإقامة والثقافة وغير ذلك، باستثناء المحرمات كالقتل والزنا والاختطاف والسرقة وما أشبه.

كما نريد لبلاد الإسلام أن يزرع فيها الحب بدل الحقد، والعطف بدل الكراهية، والاجتماع بدل الفرقة ـ كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يد الله مع الجماعة)(3)ـ والتواضع بدل الأنانية، والصداقة بدل العداوة، والألفة بدل التدابر.

ويبنى فيها رجال كناطحات السحاب.. كبار في أنفسها وعقولها، عمالقة في قواها وأفكارها، قوية في أبدانها، صحيحة في أجسادها.

كما نريد عدم التحطيم لكل متفوق كما هو الحال في بلاد الإسلام على الأعم، بل الاهتمام بجميع الكفاءات ونموها.

ولا نريد ثورات ولا انفجارات ولا انقلابات عسكرية ولا ما أشبه..

ولا جوعا، ولا عريا، ولا حقا منهوبا، ولا شخصا محروقا، ولا خرائب، ولا أراضي قاحلة، ولا يبابا، ولا وساخات، ولا قباحات..

ولا تضخما، ولا تكفيرا، ولا تفسيقا، ولا استبدادا، ولا انتهاك حقوق الآخرين، ولا روابط بدل الضوابط؟.

وعلى أي، نرجو ونسأل الباري عزوجل أن يوفقنا لنتمكن من إعادة مجتمع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام أمير المؤمنين فيكون ملؤه الحب والعفو والصفح والتسامح والخير وغير ذلك، مع ملاحظة شرائط الزمان والمكان، حتى تكون بلاد الإسلام باقة من الحرية والرخاء والانطلاق، بدل الاستبداد والجوع والتخلف التي تعيشها الآن بكل معنى الكلمة..

هذا ما نريده وندعو إليه، وذلك بحاجة إلى ثقافة كبيرة ورجال مخلصين..

وقد جيء إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بأسرى بعضهم كانوا في الحبل لئلا يفرّوا، فتبسّم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال أحدهم: كيف تأتي بنا هكذا ثم تتبسم؟

فقال الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): ما تبسمت احتقاراً لكم وإنما تبسمت لأني أريد أن أسحبكم بالحبال إلى الجنة وأنتم تريدون أن تفرّوا إلى النار‍.

نعم هكذا يريد الإسلام، و جملة من الحكام والأحزاب يريدون غير ذلك..ولكن الحق يعلو ولا يعلى عليه، والله المستعان.

وهذا آخر ما أردناه في هذا الكتاب، نسأل سبحانه وتعالى أن يجمع شمل الجميع لما فيه خيرهم ورضاه، انه سميع مجيب.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

قم المقدسة / 1417هـ

محمد الشـيرازي

1 ـ سورة البقرة: 194.

2 ـ سورة الحجرات: 10.

3 ـ راجع الفصول المختارة: ص237، وفيه: (إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يد الله على الجماعة).