الفهرس

المؤلفات

 التاريخ

الصفحة الرئيسية

 

الميرزا الشيرازي وفتوى تحريم الدخان

الناس يعدون اللحظات، وهم ينتظرون القرار النهائي من الميرزا الشيرازي (قدس سره)، وقد طلب علماء طهران وأصفهان وباقي المدن مراراً من الميرزا أن يصدر حكمه بتحريم الدخان، وأخيراً تلقوا حكم التحريم، وكانت فتوى الميرزا قصيرة وقاطعة وتتلخص بهذه العبارة: (بسم الله الرحمن الرحيم: اليوم استعمال التنباكو والتوتون بأي نحو كان في حكم محاربة إمام الزمان ـ صلوات الله عليه ـ حرره الأحقر محمد حسن الحسيني).

وكان انتظار الناس وحاجتهم إلى مثل هذه الفتوى قد تجاوز حد التصور، فما أن وصلت الفتوى إلى طهران بيد الميرزا الآشتياني حتى انتشرت بعد دقائق في جميع أنحاء المدينة، وفي كل مكان كان الوعاظ والخطباء يقرؤونها بصوت عال على مسامع الناس.

وكان حاكم طهران قد أمر مأموري الدولة أن يعملوا ما بوسعهم للحد من انتشار تلك الفتوى، وأن يقوموا بإيذاء كل من يقرأها، فأخذ كل من وجد بحوزته نسخة من تلك الفتوى وأحيل للعقاب، ومع كل هذه المضايقات من قبل الدولة فقد استنسخت فتوى الميرزا الشيرازي (رحمه الله) في حدود مائة ألف نسخة في نصف يوم، وكان الناس يعتبرون هذا العمل إحدى الوظائف الشرعية، ومن كان متعلماً كان يكتب عدداً من النسخ، ومن لا يعرف الكتابة كان يعطي مبلغاً من المال لمن يجيد الكتابة ليكتب له عدداً من النسخ، حتى يشارك في هذا الواجب الشرعي، وقد وصل هذا الحكم المبارك وانتشر في أقصى نقاط إيران، كما ذكره الشيخ محمد رضا الزنجاني في كتاب (تحريم تنباكو)، وقد أخضعت هذه الفتوى إيران كلها ونفذت إلى القلوب فأصبح الناس في دار الخلافة وغيرها منقادين لها.

كتب الدكتور فووريه قال:… راعى الناس الانضباط في هذه الفتوى فأغلق باعة التبغ محلاتهم وكسرت قناني النارجيلات حتى امتنع خدام الشاه من تقديم ذلك في القصر، واليوم الحكم بيد الملالي وفي قبضتهم.

فتوى التحريم تدخل قصر السلطان

كان لفتوى الميرزا الشيرازي (رحمه الله) أثر بالغ على ناصر الدين شاه وأمين السلطان فحاصرتهما حتى في عقر دارهما، فلم يجد ناصر الدين شاه الغليون الذي اعتاد أن يشربه، فقد قام حرمه وعبيده بكسر النارجيلات وجمعوها أمام مكان نومه ليطلع عليها الشاه، فجاء الشاه إلى زوجته أنيس الدولة وكان للشاه بها علاقة واهتمام فوق ما يتصور، في الوقت الذي كانت خادمات أنيس الدولة يبحثن عن النارجيلات الفضية المرصعة، وكانت أنيس الدولة تشرف عليهن، فقال لها الشاه: أيتها السيدة! لماذا تعزلين النارجيلات وتجمعينها؟

فأجابت: لأن الغرشة أصبحت حراماً.

فالتفت إليها ناصر الدين شاه وقال لها: من الذي حرمه؟

فقالت له أنيس الدولة: الذي حللني لك!

فلم يقل الشاه شيئاً ورجع ولم يأمر أحداً من خدامه أن يأتي إليه بالنارجيلة، وكذلك مقهى السلطان فقد امتنع من الدخانية، وبلغ الأمر إلى حد أن اليهود والنصارى تابعوا المسلمين، فقد تركوا الدخانيات ظاهراً.

وكان لهذا الحكم صدى واسع عند عموم الناس واستقبل استقبالاً حاراً وبطوعية دون تهديد أو وعيد، حتى أصبح اجتناب الدخانيات عند بعض الناس أهم من المحرمات الأخرى.

نقل التيموري: أن الأوباش الذين لا يخشون أي معصية كسروا الأواني التي كانوا يستعملونها في الدخان، وبعض منهم وقف أمام عمارة الكمباني وقال: أنا لم أتخلى عن المعاصي، ولكن لا أضع الدخان في فمي ما لم يحلله الآقا الميرزا.

الشيخ محمد تقي البافقي والجهاد ضد البهلوي

كان المرحوم الشيخ محمد تقي البافقي من أعاظم العلماء، جليل القدر، وصاحب مقامات عالية وكرامات باهرة، وكان شجاعاً شديداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رأى في أحد الحمامات عقيداً في الجيش يحلق لحيته، فاقترب منه وقال له: ألم تعلم أن الإسلام قد حرم حلق اللحى واعتبرها خطيئة، فكيف تقدم على شيء محرم؟

فغضب العقيد من جرأة الشيخ عليه، وبلغ به الأمر أن لطم الشيخ على وجهه، وقال له: ما علاقتك بحلق لحيتي.

فأدار الشيخ له الصفحة الأخرى من وجهه وقال له: اضرب هذا الطرف أيضاً والذي أرجو أن لا يتكرر منك حلق اللحية، يخاطبه بهدوء كامل، وكأنه أب حريص على نصيحة ابنه.

فلما شاهد العقيد هذا الحلم من الشيخ والنصيحة والموعظة البالغة ندم على ما صدر منه، فسأل حلاق الحمام: من هذا الشيخ؟

فأجابه الحلاق: إنه الشيخ محمد تقي البافقي، فلما عرف العقيد أنه هو، تألم كثيراً وجاء إليه يقبل يده ويطلب المعذرة، وتاب على يديه.

وأخيراً، اهتدى ببركات أنفاس الشيخ وكان الشيخ محمد تقي البافقي يحذر وينكر على الذين يحلقون لحاهم في كل مكان، وأخذ تعهداً من الحلاقين على أن لا يحلقوا اللحى.

الثورة العراقية ودور العلماء والمراجع المجاهدين

في الحرب العالمية الأولى دخلت الدولة العثمانية الحرب بمساعدتها لألمانيا ضد البريطانيين والفرنسيين، فجرت العراق إلى الحرب، وأصبح هذا البلد الإسلامي معرضاً للخطر.

وفي هذه الأثناء قام علماء الشيعة المقيمون في ـ كربلاء والنجف ـ وعلى رأسهم المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي بإعلان الجهاد، ودخل شخصياً معركة الجهاد، واستقر ولده في أحد الخنادق الواقعة في أطراف بغداد للدفاع عن الدولة الإسلامية، ومن جملة العلماء المشهورين الذين شاركوا في تلك الحرب والجهاد ضد الاستعمار، والذين خلد أسماءهم التاريخ الإسلامي، المرحوم السيد محمد الطباطبائي الابن الأكبر لآية الله العظمى السيد مصطفى الكاشاني وابنه آية الله السيد أبو القاسم الكاشاني، وآية الله السيد محمد تقي الخونساري، وآية الله الشيخ مهدي الخالصي، وابنه الشيخ محمد الخالصي، وآية الله الشيخ محمد باقر الزنجاني، ولكل واحد من هؤلاء قدم راسخة في قيادة النهضة الإسلامية تحت لواء الميرزا الثاني ـ الشيخ محمد تقي الشيرازي ـ، وكان لهم أثر بالغ وموقع حساس في بناء التاريخ الجديد.

وهذه القوة المتشكلة من العلماء المجاهدين استطاعت أن تحطم قوة الإنكليز، لتجر وراءها أذيال الـــخيبة والحرمان والتقهقر، كما أسرت العديد منهم، وأخيرا، وبعد مقاومة باسلة حمل العراقيون حملة عنيفة من كل جانب فهزموا الإنكليز وألحقوا بهم خسائر فادحة وانتزعوا العراق.

مقاطعة الانتخابات

في سنة (1341هـ) أراد الملك فيصل الأول إجراء انتخابات وتأسيس مجلس برلمان وطني، وقد ضيق على علماء الشيعة، لأنهم كانوا يرون أن الانتخابات يجب أن تكون حقيقية ويراعى فيها حقوق الشيعة الذين كانوا يشكلون ثلثي سكان العراق، وعلى فيصل أن لا يتجاهل هذا الأمر، إلا أن فيصل لم يستجب لمطالب مراجع الشيعة، مما أدى بالشيخ مهدي الخالصي أحد كبار علماء العراق أن يصدر فتواه من الكاظمية المقدسة بحرمة الانتخابات ومقاطعتها، وأيد هذا الحكم كل من: آية الله النائيني، والسيد أبو الحسن الأصفهاني (قدس سره)، وكان لهذا الحكم صدى واسع في كل أنحاء العراق، فصممت حكومة العراق على إبعاد الشيخ الخالصي وبقية العلماء ذوي النفوذ في هذا الموقف إلى إيران.

صورة من شجاعة المدرس

اجتمع حملة السكاكين في عهد رضا خان أمام المجلس النيابي ونادوا بشعار (الموت للمدرس) فأجابهم المدرس بالقول: إذا مات المدرس لم يعطكم أحد مالاً لترفعوا شعاراتكم ضده، وفي أحد الأيام وفي سفر رضا خان إلى أصفهان سأل من المدرس قائلاً: في هذه السفرة هل جلب انتباهكم شيء؟

وكان ينتظر ويتوقع من المدرس أن يذكر جلال وجبروت عسكر أصفهان.

ولكن أجابه المدرس بهذا القول: نعم، شيء واحد جلب انتباهي وهو أن كل الناس في إيران يخشون سطوتكم ولا يريدونكم، في حالة أنهم لا يخشونني ويحبونني.

ثم شرح له إيثار ومحبة أحد الرعاة وكيف أن سيارته قد تعطلت أثناء الطريق وأعطى ثوبه إلى المدرس ليحتفظ به إلى الصباح وقام بإصلاح السيارة، وفي الصباح جاء له بحليب حار، وهنا قال المدرس لرضا خان: أيها الجنرال! لو أنك في نصف الليل في تلك الصحراء وقد حصل لك التأخير، لا أعرف كيف كان يكون تعامل ذلك الراعي معك.

قتل إمام أهل السنة

في سنة (303هـ) ورد الإمام أبو عبد الله أحمد بن شعيب بن علي بن بحر بن سنان النسائي أحد كبار المشاهير من محدثي أهل السنة وكان إمام عصره في الحديث، وله كتاب (السنن) المشهور الذي هو من جملة الصحاح الستة عند الجمهور، إلى دمشق الشام، وصنف بها كتاب (الخصائص) في فضائل أهل البيت (عليه السلام): دخلت دمشق والمنحرف فيها عن علي (عليهم السلام) كثير، فأردت أن يهديهم الله بهذا الكتاب.

وكان على المنبر يحدث بفضائل علي (عليه السلام)، وما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأحاديث معتبرة في كتب القوم، وقد سئل يوماً عن أمر معاوية وما وضع من الروايات في فضائله، فقال: ما أعرف له فضلاً إلا (لا أشبع الله بطنه).

وإنما أراد بذلك القول ما نقله الفريقان من: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل يوماً ليحضر معاوية عنده في شأن، فقيل له: إنه مشغول بالطعام، فأرسل إليه ثانياً، فأعيد عليه القول، ثم أرسل إليه، فقيل له: مثل الأولين، فتغير عند ذلك وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعا عليه بالدعاء المذكور، ويمكن أن يكون الوجه في ذلك ما نقل أيضاً عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام): (أن المؤمن يأكل في معاء واحد، والمنافق يأكل في سبعة أمعاء).

وبالجملة، فمازال أهل دمشق يدفعونه، حتى أخرجوه من المسجد بعد أن أشبعوه ضرباً مبرحاً، ثم أخرجوه إلى الرملة وهي من أراضي فلسطين، ولم يبق إلا أياماً حتى فارق الحياة من شدة الضرب، وأشار إلى أهله بأن يحملوه إلى مكة المعظمة فدفن فيها.

الشيخ الأنصاري والمتنفذون

جاء الشيخ الأنصاري (رحمه الله) إلى دزفول، وأخذ يستطلع أمور الناس وأحوالهم، وفي يوم من الأيام جاء إليه رجلان وكان بينهما نزاع وطلبا منه أن يترافعا إليه، ويضع نهاية لتخاصمهما.

فقال لهما الشيخ: احضرا غداً للمرافعة.

وفي الليل طلب من الشيخ أحد الشخصيات البارزة في المدينة أن يلتزم جانب أحد المتخاصمين لأنه يتصل به بقرابة.

فتألم الشيخ من هذا الكلام كثيراً لدرجة أنه عزم على أن يغادر وطنه ويهجره، وقال: البلد الذي يتدخل متنفذوه في أحكامه الشرعية، من الأصلح أن لا يظل الإنسان فيه، وخرج منه إلى النجف الأشرف.

جهاد آية الله القمي ضد رفع الحجاب الإجباري

هذه القصة وقعت حوادثها في عهد الشاه رضا بهلوي في شيراز، فقضية كشف الحجاب ابتدأت من شيراز، وهذا تفصيلها:

كان الميرزا علي أصغر خان حكمت الشيرازي يشغل إدارة البريد في وزارة المعارف والثقافة، وفي يوم الخميس من شهر ذي الحجة سنة (1353هـ) دخل شيراز، وأقامت مدرسة شاهبور حفلاً ترفيهياً على شرفه، وكان مختلف طبقات الناس قد دعوا للحضور في هذا الحفل والمشاركة فيه، وكان في برنامج الاحتفال أنه بعد إيراد الكلمات والخطب ومشاهدة العروض الترفيهية ستقوم أربعون امرأة عارية بالرقص على نغمات الموسيقى المطربة، وسيشجعن الفتيات الأخريات على الرقص معهن، وكان هذا العمل مقدمة لكشف الحجاب الرسمي، والإجباري، وقد كان لهذه القضية صدى واسع بين الناس، وقد تأثر الناس كثيراً لما حدث، وكانوا يحتملون أن الشاه لا علم له بما جرى، وبعد أيام نشر هذا الخبر في الصحف:

في ميدان الجلالية وبحضور رئيس الوزراء محمد علي فروغي ذكاء الملك حضرن بنات المدارس بدون حجاب، وقد قال علي أصغر خان حكمت ضمن كلام له قال: يظن البعض أن هذا الإقدام في شيراز كان من رأيي ولكنه رأي الحضرة العالية.

وبعد أن اطلع المرحوم آية الله الحاج حسن القمي على هذا الخبر المؤسف، خطب وبكى وقال: إن الإسلام يريد فدائيين، وأنا مستعد للفداء، ثم أبلغ محمد ولي خان الأسدي نائب التولية بأن يحذر الشاه مـــن هذا العمل، وهدده أنه إذا لم يقبل هذه التوصية واستمر في غيه فإنه سيجاهدهم جهاداً عنيفاً، وأضاف في معرض حديثه قائلاً: كنتم تصرون بشكل مستمر علي بأن التقي الشاه وأنا أرفض هذا الطلب، أما الآن فأنا على استعداد للذهاب إلى طهران والالتقاء مع الشاه للوقوف بوجه هذا الانحراف وهذا العمل غير المشروع، وفي غير هذه الصورة سأقاوم وأجاهد ما دامت لي رجلان أقف عليهما.

وبعد يوم واحد من هذا النداء حوصر بيت المرحوم، آية الله القمي وسدت أطراف الشوارع من قبل مسؤولي الدولة وأصبحت تحت المراقبة وذلك لمنع الاتصال بآية الله القمي، فكتب المرحوم آية الله القمي برسالة إلى الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم وطلب منه الدعم والمساعدة، كما اتصل مع عالمي من علماء مشهد وهما: الآقا ميرزا محمد الكفائي المعروف بآية الله زاده ابن الآخوند ملا محمد كاظم الخراساني صاحب (الكفاية)، وآية الله الشيخ مرتضى الآشتياني، وأطلعهما على مجريات الحوادث.

وبالتدريج أخذت المحاصرة تشتد وتقوى خاصة في أطراف منزله إضافة إلى الطرق المؤدية إلى المنزل بواسطة المسؤولين الحكوميين، حيث كان يتم استجواب المارة، وقد بلغت المحاصرة أشدها لإيجاد جو يشوبه القلق والخوف والرعب، ولم يكن أحد يستطيع المقاومة إلا من كان له قلب مطمئن بالإيمان وشجاعة فائقة.

وعلى كل حال فقد صمم المرحوم القمي أن يقدم على هذا العمل واتخذ قراره النهائي وأطلع العالمين الكفائي والآشتياني على أنه يريد لقاء البهلوي، وأصبح وضع المدينة متشنجاً، وكان المرحوم القمي يدرس في بيته ويحضر عنده الطلاب صباحاً وعصراً.

وفي إحدى الجلسات قال: إني أريد الإقدام على ما أعتبره وظيفتي الشرعية، وهو الوقوف بوجه الانحراف وكشف الحجاب الإجباري، وهناك عشرة آلاف شخص مستعدون للمقاومة وأنا من ضمنهم، كان من الممكن أن ينتشر هذا الخبر بسعة في مشهد والأطراف ويترك أثراً واسعاً، فحاصرت الدولة وبشكل سافر وعلني منزل السيد القمي، وسجلوا أسماء الأشخاص الذين يدخلون عنده ويخرجون فتشنج الوضع في مشهد وبقية مدن محافظة خراسان، وفي يوم (28ربيع الأول ـ سنة1358هـ) اتصل هاتفياً آية الله القمي بطهران مع رضا خان البلهوي، وفي ليلة (29ربيع الأول) تحرك باتجاه طهران يصحبه اثنان من أولاده وأحد الخدمة.

وكان السيد القمي يحتمل أن لا يستطيع العودة من طهران، وأن يؤدي الأمر إلى قتله ولذا أوصى ولده الآخر السيد عباس النجاتي بعض الوصايا المتعلقة بعائلته، وقد أبرق أحد السادة إلى المرحوم السيد يحيى صدر العلماء بما جرى، ووصلت البرقية بين صلاة الظهر والعصر إلى مسجد الحاج سيد عزيز الله في طهران، وقرأت على مسامع المصلين، وفي آخر شهر ربيع الأول، ورد المرحوم القمي ومرافقوه إلى منطقة حضرة عبد العظيم ونزل في بستان سراج الملك.

وفي أول شهر ربيع الثاني جاء أهالي طهران يتقدمهم بعض السادة العلماء وأئمة الجماعة من المجاهدين لاستقبال آية الله القمي، وكان أكثرهم يأتون بشكل مجموعات وهم يركبون السيارات أو يستأجرون القطارات، وكانت تتزايد حركة الناس وتستمر إلى منتصف الليل، مما أدى إلى انزعاج الدولة، وفي اليوم الثاني منعت الدولة حركة السير، وصادرت وسائل النقل، وألغت حركة سير القطارات ذهاباً وإياباً إلى حضرة عبد العظيم، وأما وسائل النقل العامة فقد أخذت هي الأخرى نصيبها من المنع وعدم حمل المسافرين إلى حضرة عبد العظيم، فأخذ الناس يمشون راجلين بشكل مجموعات إلى محل إقامة آية الله القمي، فأوجد ذلك مشهداً حساساً مما أثار تخوف الدولة، واخذ قلقها يتزايد في كل لحظة.

وفي الساعة العاشرة من صباح اليوم الثاني من شهر ربيع الثاني أغلق باب البستان، وأخذ عملاء السلطة يحدون من نشاط الداخلين والخارجين من البستان، وما أن حل الليل حتى حوصر بستان سراج الملك من قبل أفراد الدولة.. وأعلن منع المجيء إلى البستان.

وبعد حبس آية الله القمي، ومنع الاتصال به، جاء إليه بعض الأفراد من مسؤولي الدولة والتقوا به، فقال لهم: يجب علي الاتصال بالبهلوي، وأعرض عليه لوحده فقط ما عندي من المطالب.

وفي اليوم التالي جاء رئيس ديوان القضاء الأعلى وحاكم الوقت للقاء آية الله القمي، وكان هدفه أن يدخل مع السيد في مباحثات ومذاكرات، إلا أنه رفض البحث معه، وأصر على مجيئه هو للاتصال بالبهلوي والبحث معه وحده، وقد قيل للسيد القمي: إن رئيس الوزراء ووزير الداخلية والتخطيط جاءوا للقائكم، إلا أنه أجابهم بالقول: لا فائدة من ذلك وإني أرفض التحدث مع أي كان إلا مع البهلوي نفسه.

أما رضا خان فلم تكن لديه الرغبة في لقاء السيد القمي لأنه كان يعلم مسبقاً إنه سيكون بعد الاتصال واللقاء قد أخذت الحجة ولا يبقى عند الناس أي مجال للشك في أن عمله مخالف الإسلام هذا أولاً، وثانياً: إن آية الله القمي لم يلاحظ المقام الشاهنشاهي الكاذب عند لقائه بالشاه، وبعد أيام جاء مدير الأمن العام بصحبة محمد عبده الحاكم الأعلى للبلاد للسيد القمي، وأظهر له بأنه في مشهد على أثر حركته حدث التمرد مما أدى إلى قتل العديد من الأبرياء، وان دماءهم تقع على عاتقه في الحادثة هذه، فبكى المرحوم القمي لمقتل عدد من المسلمين الأبرياء، وقال: إن دماءهم تقع على مسؤولية الدولة وشخص الشاه، لأني جئت بيد خالية وبكامل المسالمة للتفاوض معه، وأنتم حبستموني، ومن المعلوم أن خبر اعتقالي قد وصل إلى مشهد فاعترض الناس على ذلك وأدانوه، وأنتم بدلاً من أن تنفذوا مطالبهم فقد أمطرتموهم بالرصاص.

وأخيراً قال مبعوثو الشاه للسيد القمي: ما كنت تطمع به من الالتقاء بالشاه قد أصبح مستحيلاً، كما أنه لا يمكن رجوعك إلى مشهد، وأنت الآن بين أمرين: إما أن تبقى في هذا البستان على هذه الحالة، أو أن تنتقل إلى مكان آخر تقبله الدولة؟!

فقال المرحوم القمي: إذا لم تتركوني وشأني، ولم تستجيبوا لمطالبي، ولم يسمح لي بالعودة إلى مشهد، فإني أريد أن أذهب إلى العتبات العاليات في العراق، فوافق رضا خان على سفره.

فتحرك المرحوم القمي باتجاه العراق بصحبة ولديه مع أحد الخدمة وورد كربلاء بجوار سيد الشهداء عليه السلام، فأرسل آية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني (قدس سره) وكان المرجع الأعلى في ذلك الوقت بلا منازع ممثلاً عنه وهو صهره الآقا السيد ميرزا حاملاً رسالة منه إلى آية الله القمي، وقال السيد ميرزا للسيد القمي في أثناء المقابلة: أمرني السيد أن أقبل يديكم نيابة عنه.

وقد أقام آية الله القمي بكربلاء، وقام بإدارة حوزتها العلمية، وكان مجموعة من كبار العلماء، أمثال المرحوم: آية الله الميلاني المتوفى سنة (1395هـ) وآخرون غيرهما، وعدد من الطلبة الإيرانيين قد هاجروا إلى كربلاء.

القتل العام في مسجد كوهر شاه

ما ان انتشر في مشهد خبر محاصرة بستان سراج الملك وحبس آية الله القمي ومنع الاتصال به حتى صار ذلك حديث الناس في جميع المجالس وحــــتى في صلوات الجماعة اليومية، وكان الناس يفكرون في اتخاذ الإجراءات الرادعة ضد الدولة والتأييد لموقف آية الله القمي، وفي تلك الأيام كان الشيخ محمد تقي النيشابوري الواعظ المعروف، وكان يسمى (بهلول) بسبب صراحة لهجته قد دخل مشهد، وبعد أن اطلع على القضية ارتقى المنبر في مسجد كوهرشاد الذي ازدحم بالناس، فتكلم لمدة ساعة ونصف واستعرض مجرى الحوادث وقضية كشف الحجاب، فاشتد الحماس بالناس وهاج غضبهم واستنكارهم واستعدوا جميعاً للقيام ضد النظام، وقد استمر التنديد والاستنكار إلى حدود الساعة الرابعة بعد منتصف الليل، وبسبب كثرة الزحام طلب من المجتمعين أن ينتقلوا إلى الصحن الجديد، ثم اتخذ قرار جاء فيه: أن يتحصن أهل خراسان في الصحن الجديد والحرم المطهر، تنديدا بما جرى للمرحوم آية الله القمي، وطلباً لإطلاق سراحه.

وفي صباح اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني تجمع عدد من العسكريين مقابل الصحن، وأمطروا الناس بوابل من الرصاص من الشارع حتى أن إحدى الطلقات النارية كانت قد أصابت الضريح المطهر، وقد قتل العديد في هذه الحادثة كما أصيب آخرون بجراح.

وعلى كل حال فقد أصاب الناس الانزعاج الشديد لهذا الحدث وازداد غضبهم على الدولة وأياديها، وفي نفس الوقت أعلنوا استعدادهم الكامل للجهاد فرجعوا إلى الحرم ثانية، وفي هذه الأثناء ازدادت المعارضة وجاء عدد لا يستهان به من أطراف مشهد والمدن المجاورة للمشهد ليتحصنوا في المساجد وغيرها من أماكن العبادة.

ولما وصل خبر تحصن الناس في الحرم المطهر لليوم الثالث (الأحد 13 ربيع الثاني) إلى مسامع رضا خان، وكيف أن الناس يؤيدون مطالب المرحوم آية الله القمي، قام بإصدار أوامره بالهجوم على الناس وقتـــلهم قتلاً عمداً، فنصبت المدافع والهاونات والدبابات الثقيلة في أطراف المسجد، وفي حوالي الساعة الرابعة بعد منتصف الليل تم الهجوم على الناس من كافة الجهات من قبل مأموري رضا خان الذين أطلقوا رصاصاتهم كالمطر المتساقط، فراح الكثير من الناس ضحايا، الرجل والمرأة الكبير والصغير، المدني والقروي، وقد روي: أن عدد المقتولين تجاوز الثلاثة آلاف قتيل، وفي ظرف ساعتين خلى المسجد من الناس، ونقل القتلى والجرحى بسيارات كبيرة كانت عند باب المسجد والسوق ليدفنوا خارج المدينة، وهذه النقطة تسمى بـ (قتلكاه)، والمشهور أن الحرم والصحن ومسجد كوهر شاه أغلق لمدة يومين أو ثلاثة حتى يغسلوا الآثار الناجمة من هذه الجناية الفظيعة، ثم صدر دستور التوقيف لعدد كبير بعد يوم من الجناية الكبرى فقد تم توقيف ما يقرب من مائة وخمسين شخصاً من مختلف الطبقات، منهم: العلماء والوكلاء وقضاة المحاكم والتجار والكسبة وذلك لإيجاد الرعب والوحشة في صفوف الناس، منهم على سبيل المثال المرحوم الميرزا محمد الكفائي نجل الآخوند الخراساني الذي أوقف وأرسل إلى طهران ليحبس مع أنه كان مريضاً، وتم قتله على يد الطبيب أحمدي ـ جلاد رضا خان ـ سنة 1316هـ. وقد أعدم من السلطات محمد ولي خان الأسدي نائب التولية بعد أن عزل وذلك لتعاطفه مع الناس والعلماء.

فتوى آية الله الأصفهاني بمقاومة الاستعمار البريطاني

جاء في فتوى آية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني (قدس سره) في ثورة العراق ضد الإنكليز: (بسم اله الرحمن الرحيم ـ السلام على الجميع وبالأخص الأخوة العراقيين: إن الواجب الشرعي يلزم على جميع المسلمين العمل على حفظ حوزة الدين والبلاد الإسلامية، وأن يشمروا عن سواعدهم بقدر الإمكان في ذلك، ويجب على كافة المسلمين الدفاع عن أرض العراق أرض مشاهد أئمة الهدى (عليهم السلام) والمراكز الدينية، والحفاظ عليها من تسلط الكفار، كما أدعوكم إلى الدفاع عن النواميس الدينية، وفقنا الله وإياكم لخدمة الإسلام والمسلمين).

لقد صدرت هذه الفتوى أثر فتوى زعيم الثورة الإمام الشيرازي ونصها موجود في كتاب (الحقائق الناصعة).

لا تعمل ما يحرق هذه اللحية بالنار

قيل: إن المرحوم الميرزا القمي صاحب (القوانين) وضع يده يوماً على لحية السلطان فتح علي شاه وكانت طويلة، فجرها وقال: أيها السلطان! لا تعمل عملاً يؤدي غداً يوم القيامة إلى إحراق هذه اللحية بنار جهنم.

قنبر خير منك ومن أبيك

كان أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت عالماً بالنحو والقرآن واللغة والشعر، راوية ثقة، وله تصانيف كثيرة في النحو ومعاني الشعر وتفسير دواوين العرب.

قال ابن خلكان في (وفيات الأعيان): وكان يميل في رأيه واعتقاده إلى مذهب من يرى تقدم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وكان يؤدب أولاد المتوكل، وكان المتوكل كثير التحامل على علي بن أبي طالب وعلى ابنيه الحسن والحسين (عليهم السلام)، فبينما هو مع المتوكل يوماً إذ جاء المعتز والمؤيد، فقال المتوكل: يا يعقوب! أيهما أحب إليك: ابناي هذان أم الحسن والحسين؟!

فقال ابن السكيت: والله، إن قنبر خادم علي (ع) خير منك ومن ابنيك، فقال المتوكل: سلوا لسانه من قفاه، ففعلوا به فمات، وكان ذلك لخمس خلون من رجب سنة 334هـ عن ثمان وخمسين سنة.

رد الأعمش على رسالة هشام بن عبد الملك

كان الأعمش وهو أبو محمد سليمان بن مهران الأزدي معروفاً بالفضل والجلالة والعامة أيضاً مثنون عليه، مطبقون على فضله ووثاقته مقرون بجلالته مع اعترافهم بتشيعه.

نقل صاحب (شذرات الذهب) وابن خلكان في (وفيات الأعيان)، عن أبي معاوية الضرير قال: بعث هشام بن عبد الملك إلى الأعمش : أن أكتب لي مناقب عثمان ومساوئ علي (عليه السلام)؟!

فأخذ الأعمش (رحمه الله) القرطاس وأدخله في فم شاة فلاكته، وقال لرسوله: قل له: هذا جوابك.

فقال له الرسول: إنه قد آلى أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل عليه بإخوانه، فقالوا له: يا أبا محمد! نجه من القتل، فلما ألحوا عليه كتب له: بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كانت لعلي (عليه السلام) مساوئ أهل الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك.

احمل خشبتي منذ خمسين عاماً

كان دعبل بن علي الخزاعي شاعراً فاضلاً مادحاً لأهل البيت (عليهم السلام)، صاحب أشعار فاخرة كثيرة، معروفاً بجودة الكلام، مع لطافة الطبع وظرافة الصنع، والالتفات إلى دقائق نكات المعاني والبيان وكان معاصراً لبني العباس، مولعاً بالحط من أقدارهم، وطال عمره، فكان يقول: لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها، فما أجد من يفعل ذلك.

ولما عمل في إبراهيم بن المهدي العباسي أبياته التي أولها:

نعر ابن شكلة بالعراق وأهله           فهفا إليه كل أطلس مائـــق

إن كان إبراهيم مضطلعاً بهـا           فلتصلحن من بعده لمخارق

ولتصلحن من بعد ذلك لزلزل           ولتصلحن من بعده للمارق

أنى يكون وليس ذاك بكائـــن           يرث الخلافة عن فاســـــق

دخل إبراهيم على المأمون فشكى إليه حاله وقال: قد هجاني دعبل فانتقم لي منه.

فقال: ما قال؟ لعل قوله: نعر ابن شكلة بالعراق، وأنشده الأبيات، فقال: هذا من بعض هجائه، وقد هجاني بما هو أقبح من هذا؟

فقال المأمون : لك أسوة بي، فقد هجاني واحتملته وقال فيّ:

إني من القوم الذين سيوفهـم             قتلت أخــــاك وشرفتك بمقعدي

شادوا بذكرك بعد طول بقائهم         واستنقذوك من الحضيض الأوهد

وكان دعبل قوي القلب، وكان يهجو من يستحق الهجاء ولو كلفه حياته.

فتوى السيد محمد كاظم الطباطبائي بالجهاد ضد الاستعمار

لما دخلت القوات الإيطالية لاحتلال ليبيا في شمال أفريقيا، ودخلت القوات الروسية إلى شمال إيران، وقام الإنكليز بشن هجوم على جنوبها، فعند ذلك أصدر السيد اليزدي (رحمه الله) فتواه الشهيرة: (بسم الله الرحمن الرحيم ـ في هذه الأيام تقوم دول أوروبا مثل إيطاليا بالهجوم على ليبيا، ومن جهة أخرى تحتل القوات الروسية شمال إيران، وكذلك الإنكليز فقد أنزلوا قواتهم في جنوب إيران، مما يعرض الإسلام إلى الخطر، إن الواجب الشرعي يحتم على عموم المسلمين من الممالك الإسلامية، أن يبذلوا كل غال من أرواح وأموال في سبيل طرد القوات الغازية، وأن لا يقصروا في ذلك، لأن القيام بهذا العمل من أهم الفرائض الإسلامية، ونسأل المولى العلي القدير أن يحفظ المملكتين الإسلاميتين من الهجوم الصليبي.

من مواقف السيد كاظم اليزدي (رحمه الله)

عندما دخل الجيش الإنكليزي العراق، قوبل بمواجهة عنيفة من أهالي العراق المسلمين، وكان من جملة من وقف بوجهه موقفاً بطولياً أهالي النجف الأشرف.

وعندما استولى الإنكليز على العراق استيلاء كاملاً أرادوا الانتقام من أهالي النجف الأشرف، وبهذا الصدد جاء الحاكم الإنكليزي إلى السيد محمد كاظم اليزدي ئ وقال له: إن الدولة ترجو منكم ترك النجف والذهاب إلى الكوفة، لأن الدولة تريد تأديب أهالي النجف.

فأجابه السيد (رحمه الله) قائلاً: هل أخرج من النجف لوحدي أم مع أهل بيتي؟

فقال الحاكم: بل مع أهل بيتك.

فقال السيد (رحمه الله): إن أهل النجف كلهم أهل بيتي، وإني لا أخرج لوحدي، وكل ما يصيب أهل بيتي فليصيبني، وببركة هذه الاستقامة والقدم الثابتة بقي أهل النجف في أمان من شر الإنكليز.

وكان السيد (رحمه الله) يحب الناس وكذلك الناس يحبونه، وكان أهل النجف يعتبرونه أباً باراً لهم، وكان أعراب البادية يأخذون من تراب رجليه ويضعونه في الكيس ويقسمون به ويقولون: بحق تراب قدم السيد.

ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل؟

لما أريد بناء قصر السلطنة ـ في زمان المرحوم الشيخ علي الكني ـ وكان هناك مسجداً يقع قريباً من القصر، وطبقاً لتصميم البناء الجديد فالمسجد يدخل ضمن القصر، وبدونه سيبقى البناء ناقصاً، فما كان من السلطان إلا أن يستفتي العلماء بصدد خراب المسجد ليدخل في بناء قصر السلطنة، على أن يعين أرضاً أخرى لبناء مسجد، ولما جاءوا إلى الشيخ الكني وعرضوا عليه الأمر، وطلبوا منه أن يكتب فتواه بالجواز في ذلك، استمهلهم إلى الغد، فاستر السلطان والوزراء والمعماريون عند سماعهم هذا الخبر، وفي الغد أمر السلطان أن يستعدوا للمقدمات، فجاء الشيخ الكني، وانشغل السلطان بنفسه بالمقدمات فوضع الطومار الذي يتعلق بخراب المسجد في صينية، وجاء بالدواة والقلم ووضعه على الأرض في مقابل الشيخ الكني ليمضي ذلك، أخذ المرحوم الكني الطومار وأمعن النظر فيه وكتب بذيله شيئاً وأردفه بإمضائه، وقام مسرعاً، وكان السلطان ومرافقوه قد قاموا بتوديع الشيخ بمنتهى الاحترام والتجليل.

وبعد ذلك جاء السلطان فأخذ الطومار وهو مسرور جداً فقرأ ما كتبه الكني فوجد هذه العبارة: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) فتأثر السلطان من هذا الموضوع، فأخر بناء القصر، وفي اليوم الذي توفي فيه الكني، باشروا بخراب المسجد الواقع في انتهاء شارع ـ باب همايون ـ وضموه إلى العمارات السلطانية.