الفهرس

فهرس الفصل السادس

المؤلفات

 التاريخ

الصفحة الرئيسية

 

الثقلان وديعتا رسول اللّه (ص)

ثم ان رسول اللّه (ص) لم يزل بعد يوم الغدير يكرّر من قوله:

(يا أيها الناس اني فرطكم، وأنتم واردون عليَّ الحوض، ألا واني سائلكم عن الثقلين، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني انّهما لن يفترقا حتى يلقياني، وسألت ربّي ذلك فأعطانيه، ألا واني قد تركتهما فيكم: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي، فلا تسبقوهم فتفرّقوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم، أيها الناس لا ألفينّكم بعدي ترجعون كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض، فتلقوني في كتيبة كمجرّ السيل الجرّار، ألا وان علي بن أبي طالب أخي ووصيّي، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله).

تأكيد حديث الغدير

وعن علي (ع) انه قال: أمرني رسول اللّه (ص) أن أخرج فاُنادي في الناس: (ألا من ظلم أجيراً أجره فعليه لعنة اللّه، ألا من توالى غير مواليه فعليه لعنة اللّه، ألا ومن سبّ أبويه فعليه لعنة اللّه).

قال علي (ع): فخرجت فناديت في الناس كما أمرني رسول اللّه (ص) فقال الناس: هل لما ناديت به من تفسير؟

قلت: اللّه ورسوله أعلم.

قال (ع): فقام جماعة من أصحاب النبي (ص) فدخلوا عليه، فقالوا: يا رسول اللّه (ص) هل لما نادى علي من تفسير؟

قال (ص): نعم، أمرته أن ينادي: ألا من ظلم أجيراً أجره فعليه لعنة اللّه، واللّه يقول: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى)(1) فمن ظلمنا أجرنا فعليه لعنة اللّه.

وأمرته أن ينادي: من توالى غير مواليه فعليه لعنة اللّه، واللّه يقول: (النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم)(2) ومن كنت مولاه فعليّ مولاه، فمن توالى غير علي وذرّيته فعليه لعنة اللّه.

وأمرته أن ينادي: من سبّ أبويه فعليه لعنة اللّه، وأنا اُشهد اللّه واُشهدكم اني وعلياً أبوا هذه الاُمّة، فمن سبّ أحدنا فعليه لعنة اللّه.

قال الخباب بن الأرتّ: كان هذا الحديث قبل ارتحال النبي (ص) من هذه الدنيا بتسعة عشر يوماً.

سريّة اُسامة إلى الروم

ثم عقد رسول اللّه (ص) اللواء والإمرة لاُسامة بن زيد، وندبه أن يخرج بجمهور الاُمّة إلى حيث اُصيب أبوه من بلاد الروم، وكانت هذه هي آخر سريّة عقدها رسول اللّه (ص) في حياته، وكان قد اجتمع رأيه على إخراج جماعة من الذين تآمروا عليه في العقبة وتعاهدوا بينهم على نكث البيعة في معسكره، حتى لا يبقى في المدينة عند ارتحاله (ص) من يختلف في الرياسة، ويطمع في التقدّم على الناس بالإمارة، ويستتب الأمر لمن استخلفه من بعده ولا ينازعه في حقّه منازع.

فعقد (ص) لاُسامة الإمرة على كبار الصحابة وذوي أسنانهم وهو حدث السنّ، حتى لا يطعن أحد في تعيين اللّه ونصب رسوله علياً خليفة من بعده وأميراً للمؤمنين بحداثة السنّ، ثم جدّ في إخراجهم، وأمر اُسامة أن يعسكر بالجرف على أميال من المدينة، وأمر الناس بالخروج إليه والمسير معه، وحذّرهم من التلوّم والإبطاء عنه. وقال (ص): نفّذوا جيش اُسامة، نفّذوا جيش اُسامة، لعن اللّه من تخلّف عن جيش اُسامة، يكرّرها ثلاثاً(3).

الإستغفار لأهل البقيع

بينا كان رسول اللّه (ص) يُحرص أشدّ الحرص على تسيير جيش اُسامة، ومغادرة رؤوس أصحابه المدينة، وتخليتها لعلي (ع) من المعارضين، إذ عرضت له الشكاة التي ارتحل فيها من الدنيا، وكانت شكاته على أثر اُكلة خيبر المسمومة، فإنه مازال ينتقض به سمّها حتى قال (ص) عند ارتحاله: (اليوم قطعت مطاياي الأكلة التي أكلتُ بخيبر، وما من نبيّ ولا وصيّ إلاّ شهيد). وهناك روايات اُخرى في سبب شهادته (ص) مذكورة في المفصّلات.

فلما أحسّ رسول اللّه (ص) بذلك أخذ بيد علي بن أبي طالب (ع)، واتبعه جماعة من الناس، وتوجّه إلى البقيع، فقال لمن اتبعه: انني قد اُمرت بالإستغفار لأهل البقيع، فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم وقال: (السلام عليكم يا أهل القبور، ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع اللّيل المظلم يتبع أولها آخرها).

ثم استغفر (ص) لأهل البقيع طويلاً.

ثم أقبل إلى علي أميرالمؤمنين (ع) وقال له: (يا أخي انّ جبرئيل كان يعرض عليّ القرآن كل سنة مرة، وقد عرضه عليّ في العام مرتين، ولا أراه إلاّ لحضور أجلي)، ثم قال: (يا علي إني خيّرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها، وبين لقاء ربّي والجنّة، فاخترتُ لقاء ربّي والجنّة خالداً فيها، فإذا أنا متّ فتغسلني) وأوصاه أن يكون (ع) هو الذي يلي أمره.

لا نجاة الا بعمل مع رحمة اللّه

ثم عاد رسول اللّه (ص) من البقيع إلى منزله، فمكث ثلاثة أيام موعوكاً، ثم خرج إلى المسجد معصوب الرأس معتمداً إلى علي أمير المؤمنين (ع) بيمنى يديه، وعلى الفضل بن العباس باليد الاُخرى حتى صعد المنبر فجلس عليه، ثم حمد اللّه وأثنى عليه وقال: (معاشر الناس قد حان منّي خفوق من بين أظهركم، فمن كان له عندي عدة فليأتني أعطه إياها، ومن كان له عليَّ دَيْن فليخبرني به).

فقام إليه رجل فقال: يا رسول اللّه ان لي عندك عدة، اني تزوّجت فوعدتني أن تنحلني ثلاثة أفواق.

فأمر (ص) له بذلك وقال: انحلها وافضل.

ثم قال: معاشر الناس! انه ليس بين اللّه وبين أحد شيئاً يعط به خيراً، أو يصرف به عنه شرّاً، الاّ العمل، أيها الناس لا يدّعي مدّعٍ، ولا يتمنّى متمنٍّ، والذي بعثني بالحق نبياً لا ينجي إلا عمل مع رحمة اللّه، ولو عصيت لهويت، ثم قال: اللّهمّ هل بلّغت؟ ثم نزل فصلّى بالناس صلاة خفيفة، ثم دخل بيته.

الكتاب والعترة خليفتا رسول اللّه (ص)

فلمّا كان من الغد أقبل الأنصار وأحدقوا بالباب، وعلموا بشدّة نقاهة رسول اللّه (ص) والضعف الذي هو فيه فجعلوا يبكون، فسمع رسول اللّه (ص) البكاء فقال: من هؤلاء الباكون؟

قالوا: هم الأنصار يا رسول اللّه.

فقال (ص): مَن هنا مِن أهل بيتي؟

قالوا: علي (ع) والعبّاس، فدعا بهما وخرج متكياً عليهما واستند إلى جذع من جذوع مسجده، واجتمع الناس حوله، فحمد اللّه وأثنى عليه وقال: (معاشر الناس! انه لم يمت نبيّ قطّ إلا خلّف تركة، وقد خلّفتُ فيكم الثقلين: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي، فتمسّكوا بهما، فمن ضيّعهما ضيّعه اللّه، ألا وان الأنصار كرشي وعيبتي آوي إليها، اُوصيكم بتقوى اللّه والإحسان إلى محسنهم، والتجاوز عن مسيئهم).

مع اُسامة بن زيد

ثم انّ رسول اللّه (ص) دعا اُسامة بن زيد الذي أمره أن يعسكر بالجرف وقال له: سِر على بركة اللّه حيث أمرتك بمن أمّرتك عليه.

فقال اُسامة: بأبي أنت واُمّي يا رسول اللّه ، أتأذن لي في المقام عندك حتى يشفيك اللّه، فإني متى خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي قلبي منك قرحة.

فقال له رسول اللّه (ص): انفذ يا اُسامة إلى ما أمرتك.

فخرج اُسامة من يومه ذلك، ونادى منادي رسول اللّه (ص): ألا لا يتخلّف عن جيش اُسامة أحد ممن أمَّرته عليه.

ثم أمر (ص) قيس بن عبادة والحباب بن المنذر بإخراج جماعة من الأنصار كانوا قد تثاقلوا، وأمرهم بترحيل القوم إلى عسكرهم، ففعلا ذلك حتى ألحقوهم بالعسكر، وقالا لاُسامة: إنّ رسول اللّه (ص) لم يرخّص لك في التأخير، فسر من قبل أن يعلم بتأخيرك، فارتحل بهم اُسامة، وانصرف قيس والحبّاب إلى رسول اللّه(ص) وأخبراه بمسير القوم، ومع ذلك فقد تخلّف عن جيش اُسامة بعض كما ورجع منهم آخرون إلى المدينة.

النبي (ص) يصلّي بالمسلمين جالساً

وكان رسول اللّه (ص) لشدّة شكاته في تلك الليلة لا يفارقه علي (ع) والفضل بن العباس، وكان بلال عندما يؤذّن لكل فريضة يأتي إلى النبي (ص) فيقول: الصلاة يا رسول اللّه، فإن قدر رسول اللّه (ص) على الخروج إلى الصلاة خرج وصلّى بالناس، وإن لم يقدر أمر علي بن أبي طالب (ع) أن يصلّي بهم.

وفي صباح تلك الليلة أتاه بلال على عادته يؤذنه بالصلاة، فوجده قد ثقل عن الخروج، فنادى: الصلاة رحمكم اللّه، فأذّن رسول اللّه (ص) بندائه ورأسه في حجر علي (ع). ولم يتمكّن (ص) من الخروج إلى المسجد.. هذا والمسلمون جالسون للصلاة فتقدّم أحد الصحابة إلى المحراب، فلمّا كبّر سمعه رسول اللّه(ص)، فقال لمن حوله: سنّدونـــي وأخرجوني إلى المسجد.

فخرج (ص) وهو معصّب الرأس معتمداً بين علي (ع) والفضل بن العبّاس ورجلاه يخطّان في الأرض من الضعف، فتقدّم رسول اللّه (ص) ونحّى الصحابي عن المحراب، وابتدأ الصلاة وكبّر لها مستأنفاً وهو جالس، وبلال يسمع الناس التكبير.

فلما أكمل (ص) صلاته قال لمن حوله: عرّجوا بي إلى المنبر، فأجلسوه على أدنى مرقاة منها واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورهنّ فبين باك وصارخ والنبي (ص) يخطب ساعة ويسكت ساعة.

وكان مما ذكر (ص): أن حمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال (ص): (ألا أيُّها الناس اني مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فتمسّكوا بهما، فلا تتقدّموا أهل بيتي فتمرقوا، ولا تتأخّروا عنهم فتزهقوا، وأوفوا بعهدي، ولا تنكثوا بيعتي التي بايعتموني عليها، اللّهمّ اني قد بلّغت ما أمرتني، ونصحت لهم ما استطعت، وما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت وإليه اُنيب).

وفي رواية انه (ص) قال: ألا قد خلّفت فيكم كتاب اللّه فيه النور والهدى والبيان، ما فرّط اللّه فيه من شيء، حجّة اللّه عليكم وحجّتي وحجّة وليّي، وخلّفت فيكم العلم الأكبر، عَلَم الدين، ونور الهدى: وصيّي علي بن أبي طالب، ألا هو حبل اللّه فاعتصموا به جميعاً ولا تفرَّقوا عنه.

أيّها الناس ! لا تأتوني غداً بالدنيا تزفّونها زفّاً، ويأتي أهل بيتي شعثاً غبراً، مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم.

أيّها الناس ! اللّه اللّه في أهل بيتي، فإنهم أركان الدين، ومصابيح الظلم، ومعدن العلم، علي أخي ووزيري، وأميني والقائم من بعدي بأمر اللّه، والموفي بذمّتي، ومحيي سنّتي، أول الناس بي ايماناً، وآخرهم عهداً عند الموت، وأولهم لي لقاءاً يوم القيامة، فليبلّغ شاهدكم غائبكم.

أيّها الناس ! ومن كانت له قبلي تبعة فها أنا ومن كانت له عدة أو دَيْن فليأت فيها علي بن أبي طالب فإنّه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد عليّ تبعة.

ثم قام (ص) معتمداً بين علي (ع) والفضل بن العبّاس ودخل منزله.

مع المتخلّفين عن جيش اُسامة

ثم انّ رسول اللّه (ص) بعث من استدعى له المتخلّفين عن جيش اُسامة، فلما حضروا قال لهم (ص): ألم آمركم أن تنفّذوا جيش اُسامة؟!

فقالوا: بلى يا رسول اللّه.

فقال (ص): فلم تأخّرتم عن أمري؟

فقال بعضهم: اني كنت قد خرجت ثم رجعت لاُجدِّد بك عهداً.

وقال بعض آخر: اني لم أخرج لأني لم اُحب أن أسأل عنك الركبان.

فقال رسول اللّه (ص): نفّذوا جيش اُسامة، نفّذوا جيش اُسامة ـ يكرّرها ثلاثاً ـ لعن اللّه من تأخّر عنه(4)، ثم اشتدّ ضعفه (ص) وانقطع عن الكلام لعظم ما لحقه من التعب والضعف، فبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده ونساء المسلمين وجميع من حضره (ص).

الرزية كل الرزية

ثم مكث رسول اللّه (ص) هنيئة كذلك، حتى إذا أفاق من ضعفه نظر إلى من حضره وقال (ص): (ايتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً)، فقال بعضهم: ان الرجل ليهجر! (5).

هذا والقرآن يقول: (ما ضلّ صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى)(6).

عند ذلك أعرض رسول اللّه (ص) بوجهه عن القوم، فنهضوا.

قال سليم: وكان ابن عباس كلما تذكّر ذلك بكى وقال: الرزيّة كل الرزية ما حال بين رسول اللّه (ص) وبين أن يكتب لنا ذلك الكتاب.

أنتم المستضعفون بعدي

ولما أعرض رسول اللّه (ص) عن القوم بوجهه، نهض القوم من عنده وانصرفوا، وبقي عنده علي بن أبي طالب (ع) والعباس بن عبدالمطلب وأهل بيته خاصة.

عندها التفت اليهم رسول اللّه (ص) وقال لهم: أنتم المستضعفون من بعدي وصمت، فنهضوا وهم يبكون وقد يئسوا من النبي (ص).

مع ابن عباس

ثم ان ابن عباس استأذن على رسول اللّه (ص) فأذن له، فلما دخل عليه ورآه بتلك الحالة قال: بأبي أنت واُمي يا رسول اللّه قد دنا أجلك؟

قال (ص): نعم، يابن عباس.

فقال: يا رسول اللّه فما تأمرني به؟

قال (ص): يابن عباس خالف من خالف علياً ولا تكوننّ لهم ظهيراً ولا ولياً.

ثم بكى رسول اللّه (ص) حتى اشتدّ ضعفه، فلما أفاق قال: يابن عباس سبق الكتاب فيهم وعلم ربي، والذي بعثني بالحق نبياً لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر ولايته وحقه حتى يغيّر اللّه ما به من نعمة، يابن عباس! إذا أردت أن تلقى اللّه وهو عنك راضٍ فاسلك طريقة علي بن أبي طالب، ومِل معه حيث ما مال، وارض به إماماً، وعادِ من عاداه، ووالِ من والاه، يابن عباس! إحذر أن يدخلك فيه شك، فإن الشك في علي (ع) كفر باللّه.

في وداع الأنصار

ثم انّ رسول اللّه (ص) دعا الأنصار، فلما حضروا التفت إليهم وقال: (يا معشر الأنصار قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسّعتم في السكنى، وبذلتم للّه مهج النفوس، واللّه يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى، وقد بقيت واحدة، وهي تمام الأمر وخاتمة العمل، العمل بها مقرون، اني أرى أن لا يفرق بينهما جميعاً، لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست، من أتى بواحدة وترك الاُخرى كان جاحداً للاُولى ولايقبل اللّه منه صرفاً ولا عدلاً).

فقالوا: يا رسول اللّه بيّنها لنا نتمسّك بها فلا نضلّ ونرتدّ عن الإسلام.

فقال رسول اللّه (ص) في جوابهم: (كتاب اللّه، وأهل بيتي، فإن الكتاب هو القرآن، وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام اللّه جديد غض طري شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه، يقوم غداً فيحاجّ أقواماً فيزلّ اللّه به أقدامهم عن الصراط، واحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير أخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، ألا وان الإسلام سقف تحته دعامة لا يقوم السقف إلا بها، فلو انّ أحدكم أتى بذلك السقف ممدوداً لا دعامة تحته فأوشك أن يخرّ عليه سقفه فيهوي في النار. أيها الناس! الدعامة دعامة الإسلام وذلك قوله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه)(7) فالعمل الصالح طاعة الإمام ولي الأمر من بعدي علي بن أبي طالب والتمسّك بحبله. أيها الناس! أفهمتم؟ اللّه اللّه في أهل بيتي مصابيح الظلم، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ومستقر الملائكة، منهم وصيي وأميني ووارثي علي بن أبي طالب وهو مني بمنزلة هارون من موسى، ألا هل بلّغت معاشر الأنصار؟ ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا ان فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب اللّه).

وداع مع المهاجرين

ثم أمر رسول اللّه (ص) بأن يجمعوا له المهاجرين، فلما اجتمعوا التفت إليهم وقال: (أيها الناس اني قد دعيت واني مجيب دعوة الداعي، قد اشتقت إلى لقاء ربّي واللحوق بإخواني من الأنبياء، واني اُعلمكم اني قد اوصيت إلى وصيّي، ولم أهملكم إهمال البهائم، ولم أتارك من اُموركم شيئاً).

فقام إليه أحدهم وقال: يا رسول اللّه أوصيت بما أوصى به الأنبياء من قبلك؟

قال (ص): نعم.

فقال الرجل: فبأمر من اللّه أوصيت أم بأمرك؟

قال (ص) له: اجلس يا فلان، أوصيتُ بأمر اللّه، وأمره طاعته، وأوصيت بأمري، وأمري طاعة اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه، ومن عصى وصيّي فقد عصاني، ومن أطاع وصيّي فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع اللّه...

ثم التفت (ص) إلى الناس وقال: أيها الناس! اسمعوا وصيّتي، من آمن بي وصدّقني بالنبوة واني رسول اللّه (ص) فاُوصيه بولاية علي بن أبي طالب وطاعته والتصديق له، فإن ولايته ولايتي وولاية ربّي، قد أبلغتكم فليبلّغ الشاهد الغائب: ان علي بن أبي طالب هو العلم، فمن قصر دون العلم فقد ضلّ، ومن تقدّمه تقدّم إلى النار، ومن تأخّر عن العلم يميناً هلك، ومن أخذ يساراً غوى، وما توفيقي إلا باللّه، فهل سمعتم؟).

قالوا: نعم.

وفي رواية: انه (ص) قال: ألا اني مخلف فيكم كتاب اللّه ربّي عزّوجل، وعترتي أهل بيتي.

ثم أخذ بيد علي (ع) فرفعها وقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، خليفتان نصيران، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فأسألهما ماذا خُلّفت فيهما.

مع الثقلين: الأكبر والأصغر

قال أبو سعيد الخدري: ان آخر خطبة خطبنا بها رسول اللّه (ص) لخطبة خطبنا في مرضه الذي قبض فيه، خرج متوكياً فجلس على المنبر ثم قال: (يا أيها الناس اني تارك فيكم الثقلين) وسكت.

فقام رجل فقال: يا رسول اللّه ما هذان الثقلان؟

قال (ص): ما ذكرتهما إلا وأنا اُريد أن اُخبركم بهما، الثقل الأكبر: كتاب اللّه سبب طرفه بيد اللّه وطرف بأيديكم، والثقل الأصغر: أهل بيتي.

ثم قال (ص): وأيم اللّه اني لأقول لكم هذا ورجال في أصلاب أهل الشرك أرجى عندي من كثير منكم.

ثم قال (ص): واللّه لا يحبّهم عبد إلاّ أعطاه اللّه نوراً يوم القيامة حتى يرد عليّ الحوض، ولا يبغضهم عبد إلا احتجب اللّه عنه يوم القيامة.

وكان ممّا قاله رسول اللّه (ص) والمسلمون مجتمعون حوله: أيها الناس! انه لا نبي بعدي، ولا سنّة بعد سنّتي، فمن ادّعى ذلك فدعواه وباغيه في النار، أيها الناس! احيوا القصاص، واحيوا الحق لصاحب الحق، ولا تفرقوا، وأسلموا وسلّموا، كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويّ عزيز.

ومما قاله (ص) في أيامه الأخيرة: أيها الناس حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم، فأما حياتي: فإن اللّه هداكم بي من الضلالة، وأنقذكم من شفا حفرة من النار، وأما مماتي فإن أعمالكم تعرض عليّ، فما كان من حسن استزدت اللّه لكم، وما كان من قبيح استغفرت اللّه لكم.

فقام بعض من حضر وقال: وكيف ذاك يا رسول اللّه وقد رممت؟ يعني: صرت رميماً.

فقال: كلا، ان اللّه حرم لحومنا على الأرض فلا تطعم منها شيئاً.

وإلى هذا أشار أبو عبداللّه الصادق (ع) عندما قال: مالكم تسوؤن رسول اللّه (ص)؟

فقال له رجل: جعلت فداك وكيف نسوؤه؟

قال (ع): أما تعلمون ان أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية اللّه ساءه؟ فلا تسوؤا رسول اللّه (ص) وسرّوه.

الوصية والوصي

ولما ثقل رسول اللّه (ص) في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجر علي(ع)، والبيت مملوء من أصحابه من المهاجرين والأنصار، والعباس بين يديه يذب عنه بطرف ردائه، فالتفت رسول اللّه (ص) إلى عمه العباس وقال: يا عباس يا عم النبي أقبل وصيّتي في أهلي، وفي أزواجي، واقض ديني، وأنجز عداتي، وأبريء ذمّتي.

فقال العباس: يا رسول اللّه أنا شيخ ذو عيال كثير، غير ذي مال ممدود، وأنت أجود من السحاب الهاطل، والريح المرسلة، تباري الريح سخاءاً وكرماً، فلو صرفت ذلك عني إلى من هو أطوق له منّي.

فقال رسول اللّه (ص): أما اني سأعطيها من يأخذها بحقّها، ومن لايقول مثل ما تقول، يا علي هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد، يا علي أقبل وصيتي، وأنجز مواعيدي، وأدِّ ديني، يا علي اخلفني في أهلي واُمّتي، وبلّغ عني من بعدي.

قال علي (ع): لما نعى رسول اللّه (ص) إليّ نفسه رجف فؤادي واُلقي علي لقوله البكاء، فلم أقدر أن اُجيبه بشيء.

ثم عاد (ص) لقوله، فقال (ص): يا علي أوَتقبل وصيّتي؟

قال (ع): فقلت ، وقد خنقتني العبرة ولم أكد ابين: نعم يا رسول اللّه.

فقال (ص): يا بلال ايتني بذي الفقار، ودرعي ذات الفضول، ايتني بمغفري ذي الجبين، ورايتي العقاب، ايتني بالعنزة والممشوق.

فأتى بلال بذلك كله إلا درعه كانت يومئذ مرهونة في أصوع من شعير، كان (ص) قد استقرضها لقوته وقوت عياله.

ثم قال (ص): ايتني بالمرتجز والعضباء، ايتني باليعفور والدلدل، فأتى بها فوقفها بالباب.

ثم قال (ص): ايتني بالأتحمية والسحاب، فأتى بهما، فلم يزل يدعو بشيء شيء، فافتقد عصابة كان يشدّ بها بطنه في الحرب، فطلبها فأتى بها والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار.

ثم قال (ص): يا علي قم فاقبض هذا في حياة منّي، وشهادة من في البيت، لكيلا ينازعك أحد من بعدي.

قال علي (ع): فقمت واستودعت ذلك جميعاً منزلي، ثم جئت فقمت بين يدي رسول اللّه (ص) فنظر إليَّ ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إليَّ وقال: هاك يا علي هذا لك في الدنيا والآخرة.

ثم قال (ص) لي: يا علي أجلسني، فأجلسته وأسندته إلى صدري.

قال علي (ع): فلقد رأيت رسول اللّه (ص) وان رأسه ليثقل ضعفاً وهو يقول يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم: إنّ أخي ووصيّي ووزيري وخليفتي في أهلي واُمّتي علي بن أبي طالب، يقضي ديني، وينجز موعدي، يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا علياً، ولا تخالفوا عن أمره فتضلّوا.

ثم قال (ص): أضجعني يا علي، فأضجعته، فقال (ص) لبلال: يا بلال ايتني بولديَّ الحسن والحسين، فانطلق فجاء بهما فأسندهما إلى صدره، فجعل (ص) يشمّهما.

قال علي (ع): فظننت انهما قد غمّاه ـ يعني أكرباه ـ فذهبت لآخذهما عنه.

فقال (ص): دعهما يا علي يشمّاني وأشمّهما، ويتزوّدا منّي وأتزوّد منهما، فسيلقيان من بعدي زلزالاً، وأمراً عضالاً، فلعن اللّه من يخيفهما، اللّهمّ إنّي أستودعكهما وصالح المؤمنين.

مع ابنته فاطمة (عليها السلام)

قال سلمان: بينا أنا عند رسول اللّه (ص) في مرضه الذي قبض فيه، إذ دخلت عليه فاطمة (ع) فلما رأت ما به (ص) خنقتها العبرة حتى فاضت دموعها على خدّيها، فأبصر ذلك رسول اللّه (ص) فقال: ما يبكيك يا بنيّة، أقرّ اللّه عينك ولا أبكاها؟

قالت (ع) : وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف؟ فمن لنا بعدك يا رسول اللّه؟

فقال (ص) لها (ع) : يا فاطمة لكم اللّه فتوكّلي عليه واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء، واُمّهاتك من أزواجهم، ألا أُبشرك يا فاطمة؟

قالت (ع) : بلى يا أبه.

قال (ص): أما علمت ان اللّه تعالى اختار أباك فجلعه نبياً، وبعثه إلى كافة الخلق رسولاً، ثم اختار علياً فأمرني فزوّجتك إياه، واتخذته بأمر ربّي وزيراً ووصيّاً، يا فاطمة انّ علياً أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقاً، وأقدمهم سلماً، وأعزهم خطراً، وأجملهم خلقاً، وأشدّهم في اللّه وفيّ غضباً، وأعلمهم علماً، وأحلمهم حلماً، وأثبتهم في الميزان قدراً، وأشجعهم قلباً، وأربطهم جأشاً، وأسخاهم كفاً.

فاستبشرت فاطمة (ع) ، فأقبل عليها رسول اللّه (ص) وقال: هل سررتك يا فاطمة؟

قالت (ع) : نعم يا أبة، الحديث.

وصايا خاصة

قال ابن عباس: لما مرض رسول اللّه (ص) وعنده أصحابه قام إليه عمار بن ياسر فقال له: فداك أبي واُمي يا رسول اللّه من يغسلك منا إذا كان ذلك منك؟

قال (ص): ذاك علي بن أبي طالب (ع)، لأنه لا يهمّ بعضو من أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك.

فقال له: فداك أبي واُمي يا رسول اللّه فمن يصلّي عليك منّا إذا كان ذلك منك؟

قال (ص): مه! رحمك اللّه، ثم قال لعلي (ع): يا ابن أبي طالب إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني، وانق غسلي، وكفّني في طمريّ هذين، أو في بياض مصر، وبرد يمان، ولا تغال في كفني، واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري، فأول من يصلّي عليّ الجبّار جلّ جلاله من فوق عرشه، ثم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا اللّه عزّوجل، ثم الحافّون بالعرش، ثم سكّان أهل سماء فسماء، ثم جلّ أهل بيتي ونسائي الأقربون فالأقربون، يؤمون ايماءاً، ويسلّمون تسليماً.

حقوق الناس

قال ابن عباس: ثم ان رسول اللّه (ص) قال لبلال: يا بلال هلمّ عليّ بالناس، فاجتمع الناس، فخرج رسول اللّه (ص) متعصّباً بعمامته، متوكياً على قوسه، حتى صعد المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال: يا معاشر أصحابي أيّ نبيّ كنت لكم؟

قالوا: كنت للّه صابراً، وعن منكر بلاء اللّه ناهياً، فجزاك اللّه عنّا أفضل الجزاء.

فقال (ص): وأنتم فجزاكم اللّه، ثم قال (ص): انّ ربّي عزّوجل حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم، فناشدتكم باللّه أيّ رجل منكم كانت له قِبَل محمد مظلمة إلاّ قام فليقتص منه، فالقصاص في دار الدنيا أحبّ إليَّ من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء.

فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له: سوادة بن قيس وقال: فداك أبي واُمّي يا رسول اللّه، انك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني، فلا أدري عمداً أو خطأً.

فقال (ص): معاذ اللّه أن أكون قد تعمّدت، ثم قال: يا بلال قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق.

فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة: معاشر الناس من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة؟ فهذا محمد (ص) يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة!

فلما وصل منزل فاطمة (ع) طرق الباب وهو يقول: يا فاطمة قومي فوالدك يريد القضيب الممشوق.

فأقبلت فاطمة (ع) وهي تقول: يا بلال وما يصنع والدي بالقضيب الممشوق في مثل هذا اليوم؟!

فقال بلال: يا فاطمة أما علمتِ انّ والدكِ قد صعد المنبر وهو يودّع أهل الدين والدنيا.

فصاحت فاطمة (ع) وقالت: واغمّاه لغمّك يا أبتاه، من للفقراء والمساكين وابن السبيل، يا حبيب اللّه وحبيب القلوب؟

ثم ناولت بلالاً القضيب، فجاء به حتى ناوله رسول اللّه (ص)، عندها قال رسول اللّه (ص): أين الشيخ؟

قام الشيخ وهو يقول: ها أنا ذا يا رسول اللّه بأبي أنت واُمّي.

فقال (ص): تعال فاقتصّ منّي حتى ترضى.

فجاء الشيخ وقال: فاكشف لي عن بطنك يا رسول اللّه، فكشف (ص) عن بطنه مستسلماً للقصاص.

فقال الشيخ: بأبي أنت واُمي يا رسول اللّه، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك؟

فأذن (ص) له، فوضع الشيخ فمه عليه يقبّله وهو يقول: أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول اللّه (ص) من النار يوم النار.

فقال (ص) له عند ذلك: يا سوادة بن قيس أتعفو أم تقتصّ؟

قال: بل أعفو يا رسول اللّه.

فقال (ص): اللّهمّ اعف عن سوادة بن قيس كما عفى عن نبيّك محمّد.

أقول : الظاهر ان سوادة بن قيس أراد أن يقبّل جسم رسول اللّه (ص) فقال ما قال، وإلا فالرسول (ص) لا يخطأ حتى في مثل ما ادعاه سوادة، لأن العصمة تمنع عن الخطأ، ولعل الرسول (ص) لم يكذبه حتى لا يقول الناس ان النبي (ص) حيث أراد التخلّص من القصاص كذب سوادة.

ثم قام رسول اللّه (ص) فدخل بيت اُم سلمة وهو يقول: ربّ سلّم اُمّة محمد من النار، ويسّر عليهم الحساب.

فقالت اُم سلمة: يا رسول اللّه ما لي أراك مغموماً متغيّر اللون؟

فقال (ص): نعيت إلى نفسي هذه الساعة، فسلام لك في الدنيا، فلا تسمعين بعد هذا صوت محمد أبداً.

فقالت اُم سلمة: واحزناه حزناً لا تدركه الندامة عليك يا محمداه.

 

1 ـ الشورى: 23.

2 ـ الأحزاب: 6.

3 ـ راجع شرح النهج لابن أبي الحديد: ج6 ص52, دار إحياء التراث العربي, وفيه: (انفذوا جيش اُسامة, لعن الله من تخلّف عنه, وكرّر ذلك).

4 ـ وفي شرح النهج لابن أبي الحديد: (انفذوا جيش اُسامة لعن الله من تخلّف عنه وكرر ذلك) ج6 ص52/ دار إحياء التراث العربي.

5 ـ راجع مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص355 ح3326 وفيه: (قال رسول الله: ائتوني باللوح والدواة, أو الكتف, اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً, فقالوا: إن رسول الله ليهجر) ومثله في صحيح مسلم: ج3 ص1259 ح1, وراجع صحيح البخاري ج1 ص29 ط دار إحياء التراث العربي, باب كتابة العلم, وفيه: (قال عمر: إن النبي غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا) والبخاري: ج6 ص11 باب مرض النبي, وفيه: (فقال بعضهم: ان رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله). [الناشر].

6 ـ النجم: 2 ـ 4.

7 ـ فاطر: 10.