الفهرس | المؤلفات |
العلم الحقيقي |
إن أكثر المعضلات والمشاكل تنتج بسبب التخلف وقلة العلم، وعلى العكس فإن زيادة المعرفة وسعة العلم عند المرء تسهّل عليه كثيراً من الصعوبات، وتقربه من الله تعالى ومن الناس، وتكشف له الكثير من الحقائق المهمة، والتي من أهمها معرفة أصول الدين فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، وان طالب العلم يستغفر له من في السماوات والأرض، والحيتان في جوف الماء، وان فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب)(1)، فإذا كان الإنسان يمتلك العلمية الجيدة فانه سيستطيع بواسطة ذلك اتباع الحق، المتمثل بمعرفة الخالق تعالى، وما فرض عليه من واجبات، والتي من ضمنها اتباع الأئمة (عليهم السلام) ، فهم الهداة إلى الحق، وبواسطتهم يفوز الإنسان بأعلى المراتب في الدنيا والآخرة. فالأئمة (عليهم السلام) لا يقاس بهم أحد، على حدّ قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد)(2). فمثلاً: إن مقولة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (قيمة كل امرئ ما يحسنه) تشير إلى أن المرء إذا كان يحسن جيداً معرفة الإمام المعصوم، ويعلم عن يقين طاعة الإمام عليه، واتباعه واحترامه حياً أو ميتاً، فهذه المعرفة العظيمة تكون قيمة له، ومن خلال هذه المعرفة يمكن تقييمه بين الناس، وكذلك عند الله عز وجل. فعلينا ـ إذن ـ أن نطلب العلم من موارده الحقيقية، وهم الأئمة الأطهار (عليهم السلام)؛ لأنهم قطب الرحى في كل مجال، وهم العارفون في كل العلوم، والأدلاء على طرق ومسالك هذه العلوم، فقد ورد عن الإمام الباقر أبو جعفر (عليه السلام): (كل شيء لم يخرج من هذا البيت فهو وبال)(3). وهنالك مسألة يجدر الالتفات إليها هنا، وهي: إن بالعلم أيضاً يستطيع المرء أن يعرف قدر نفسه، ومقدار قيمته في المجتمع، لا أنه يكتشف مقام الأئمة (عليهم السلام) فحسب. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (واعلموا أن الناس أبناء ما يحسنون)(4). وهذه الكلمة الشريفة تبين للإنسان مقياساً من خلاله يعرف المرء قدر نفسه، ويقيّم ذاته، ثم قيل عن هذه الكلمة إنه: (لم يسبقه إليها أحد)، وقالوا: (ليس كلمة أحض على طلب العلم منها)، وقد نظم جماعة من الشعراء إعجاباً بهذه الكلمة أبياتا، منها ما يعزى إلى الخليل بن أحمد: لا يكون العلي مثل الدني***لا ولا الذكي مثل الغبيّ قيمة المرء كل ما يحسن المرء***قضاءٌ من الإمام عليّ وقالوا: قول علي بن أبي طالب***وهو الإمام العالم المتقنُ كل امرئ قيمته عندنا***وعند أهل الفضل ما يحسن وفي الختام نسأل الله عز وجل أن يوفقنا للعلم والمعرفة والعمل الصالح فإنها قيمة المرء. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأطلق بدعائك لساني، وأنجح به طلبتي، وأعطني به حاجتي، وبلّغني فيه أملي، وقني به رهبتي، وأسبغ به نعماي، واستجب به دعاي، وزك به عملي، تزكية ترحم بها تضرعي وشكواي، وأسألك أن ترحمني وأن ترضى عني، وتستجيب لي، آمين رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. |
1ـ غوالي اللئالي: ج1 ص357 ح28. 2ـ نهج البلاغة، الخطبة: 2. 3ـ الاختصاص: ص31 حديث الغار. 4ـ غرر الحكم ودرر الكلم: ص385 ح8774 الفصل الثاني في الإحسان. |