الفهرس

فهرس الفصل الثاني

المؤلفات

 الأخلاق والسلوك

الصفحة الرئيسية

 

أهمية الوقت

إن أغلب علمائنا كانوا يواصلون البحث والتدريس ويهتمون بقضايا الناس وحل مشاكلهم، رغم تقدمهم في السن، وكانوا لا يسافرون عادة إلا للضرورات، حتى لا يحول السفر بينهم وبين تحصيلهم العلم، فمثلاً: يذكر أن آية الله العظمى السيد عبد الهادي الشيرازي (رحمه الله)(1) لم يسافر لمدة خمسين سنة إلا مرة واحدة إلى طهران لغرض العلاج من ألم شديد في عينه.

نعم، هكذا كان علماؤنا لا يسمحون لأنفسهم بإضاعة الوقت في السفر وغيره، فقادهم وأوصلهم ذلك إلى مراكز رفيعة، فالسيد عبد الهادي الشيرازي (رحمه الله) أصبح المرجع الأعلى للتقليد حيث رجعت إليه الأمة بعد وفاة آية الله العظمى السيد البروجردي (رحمه الله).

وكذلك السيد الحكيم (رحمه الله)(2) لم يسافر إلا مرة واحدة للحج، ومرة أخرى إلى خارج العراق لغرض المعالجة، وكذلك كان والدي(رحمه الله)(3) فلم يسافر طوال عمره إلا ثلاث مرات، مرة إلى الحج الواجب وكنت بصحبته، وسفرة أخرى إلى مشهد المقدسة، وكان ذلك متعلقاً بجهاد السيد القمي(4)، والسفرة الأخيرة إلى مشهد أيضاً.

فالعلماء لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بعد أن ضحّوا بالراحة، وتحملوا الكثير من أجل العلم، واهتموا بالوقت فقد قال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): (لقد أخطأ العاقل اللاهي الرشد، وأصابه ذو الاجتهاد والجد)(5).

وقال (صلوات الله عليه): (إن كنتم للنجاة طالبين فارفضوا الغفلة واللهو والزموا الاجتهاد والجد)(6)، فعلينا أن نتعلم من أولئك العلماء العظام كيف نستثمر وقتنا في العلم والعمل الصالح.

ولا يخفى أنا لا نريد أن نقول: إن السفر أمر غير جيد وغير نافع، بل على العكس فان السفر من المستحبات كما فصلناه في الفقه، وإنما مقصودنا هو عدم تضييع الوقت بالسفر من دون رعاية الأهم والمهم، أما السفر النافع فقد حرضت عليه الشريعة، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (سافروا تصحوا، سافروا تغنموا)(7).

وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (سافروا تصحوا، وجاهدوا تغنموا، وحجوا تستغنوا)(8) . وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (سافروا فإنكم إن لم تغنموا مالاً أفدتم عقلاً)(9).

وحينما سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الأيام المباركة للسفر قال: (سافروا يوم الثلاثاء، واطلبوا الحوائج فيه، فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود (عليه السلام))(10).

ومن هذه الأحاديث الشريفة، يظهر أن الشريعة لم تنف السفر مطلقاً، وإن علماءنا حرصاً منهم على متابعة الأهم كانت أسفارهم قليلة، فان هناك تزاحماً بين الأهم والمهم، والعالم يأخذ بالأهم إلا في حالة الاضطرار، وما ذكرناه كله من أسباب تكون قيمة المرء.

هو السيد عبد الهادي بن السيد الميرزا إسماعيل بن السيد رضي الدين الشيرازي (1305 ـ 1382هـ) ولد في سامراء وقرأ جملة من مقدمات العلوم في سامراء وأقام في النجف، هاجر إلى كربلاء المقدسة وحضر على بعض علماءها.

وكان (رحمه الله) عالم محقق منقب، ذو رأي صائب مع غور في الدليل، قوي الحافظة أديباً شاعراً ينظم الشعر العربي الجيد والفارسي.

وكان (رحمه الله) من العلماء المجاهدين الذين وقفوا في وجه السلطة الجائرة أيام رواج المد الشيوعي والأفكار الإلحادية بعد (1378هـ ـ 1958م) وأصدر فتواه (رحمه الله) في (8 شوال 1379هـ/1960م) بأن الشيوعية ضلال وإلحاد ولا يجوز الانتماء إليها.

توفي (رحمه الله) عصر الجمعة (10 صفر /1382هـ) ودفن في مقبرة ابن عم أبيه المجدد الشيرازي الكبير.

هو المجاهد السيد محسن الطباطبائي الحكيم زعيم العالم الإسلامي ورئيس الطائفة في عصره، المولود في النجف الأشرف سنة (1306هـ) اشترك مع العلماء المجاهدين في جهاد الإنكليز سنة (1333هـ) أفتى سماحته (رحمه الله) بـ(لا يجوز الانتماء إلى الحزب الشيوعي فان ذلك كفر وإلحاد) وذلك سنة (1379هـ/ 1960م) تتلمذ على مشاهير العلماء منهم الشيخ محمد كاظم الخراساني والسيد محمد سعيد الحبوبي والميرزا محمد حسين النائيني.

هو السيد الميرزا مهدي بن السيد حبيب الحسيني الشيرازي الحائري، ولد في كربلاء المقدسة سنة (1304هـ) ونشأ بها، قرأ مقدماته الأولية فيها، هاجر (رحمه الله) إلى سامراء وأقام بها مدة لتكميل مقدماته والحضور على علماءها المهاجرين. كان (رحمه الله) تقياً، ورعاً، عابداً، زاهداً، متواضعاً، شاعراً، كثير الحفظ جيد الخط، وكان حافظاً للقرآن الكريم، وقد روي عمن عاصره أنه كان (رح) صاحب كرامات، وهذا على ذمه العديد من المتصلين به، أمثال: طي الأرض بين النجف وكربلاء وتلقيه رسالة شفوية من الإمام الكاظم (عليه السلام)، وكان (رحمه الله) من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي (رحمه الله) قائد ثورة العشرين في العراق، توفي (رحمه الله) عام (1380هـ) في كربلاء ودفن فيها.

هو السيد آغا حسين بن السيد محمود بن محمد الطباطبائي القمي الحائري من أجلاء العلماء ومشاهير المراجع. ولد في قم عام (1282هـ) حضر بحث السيد المجدد الشيرازي في سامراء عاد إلى طهران في حدود (1306هـ) فلازم أبحاث العلماء الأعاظم مدة غير قصيرة حاز فيها درجة سامية، وفي عام (1321هـ) تشرف إلى سامراء فحضر بحث الميرزا محمد تقي الشيرازي عشر سنين حتى ارتوى من معين فضله، هبط مشهد الرضا(عليه السلام) في خراسان عام (1331هـ) كثرت الرغبة به ومالت القلوب إليه وتقدم على غيره حتى كان أوجه وأجل علماء خراسان.

وفي عام (1354هـ) حدثت نفورة بينه وبين رضا البهلوي ملك إيران آنذاك؛ لأن البهلوي كان يسعى لهلاك العلماء ومحاربة الدين وإماتة السنة وإحياء البدع، (راجع طبقات أعلام الشيعة، ونقباء البشر: ج2 ص653 الرقم 1089).

غرر الحكم ودرر الكلم: ص60 ح677 الفصل الثامن وسائل المعرفة.

غرر الحكم ودرر الكلم: ص266 ح5749 الفصل الرابع أسباب الزلل.

المحاسن: ص345 باب فضل السفر ح1.

المحاسن: ص345 باب فضل السفر ح2.

مكارم الأخلاق: ص240 الفصل الأول في السفر.

10ـ المزار: ص58 ب27.