الفهرس | المؤلفات |
العلم زينة وفريضة |
وقال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه، ولا تكونوا علماء جبارين فذهب باطلكم بحقكم)(1). وقال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): (تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة، ومُدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وهو عند الله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام، وسالك بطالبه سبيل الجنة، وهو أنيس في الوحشة، وصاحب في الوحدة، وسلاح على الأعداء، وزين الأخلاء، يرفع الله به أقواماً يجعلهم في الخير أئمة يُقتدى بهم، ترمق أعمالهم وتُقتبس آثارهم)(2). وقال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (طلب العلم فريضة على كل حال)(3). إلى غيرها من الروايات الواردة في فضل العلم، وأهمية تحصيله. نعم، لا شك أن الطريق الأفضل لرقي الإنسان هو العلم، فبالعلم يصل المرء إلى الدرجات العلا في الإيمان، إذ حتى الإيمان لابد وأن يكون إيماناً واعياً ويقيناً كاملاً، لا أن يكون إيماناً ناتجاً عن جهل وسطحية وتمسك بالقشور، بل الإيمان الحقيقي هو الناتج عن علم ومعرفة، فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (المتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يبرح مكانه)(4). وقال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(5). فحصر سبحانه الخشية في أعلى مراتبها بالعلماء؛ لأنهم العارفون بأصول العبادة وأنواعها الصحيحة الموصلة لله عز وجل، فعلمهم هو الذي زادهم خشية من الله تعالى. ومن هنا ندرك أن العلم الذي لا يوصل صاحبه إلى خشية الله تعالى لا يكون نافعاً نفعاً حقيقياً، هذا إذا لم يكن ضاراً، وعلى ذلك يمكن فهم قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (قيمة كل امرئ ما يحسنه)(6) أي ما يحسنه من العلم والمعرفة والعمل. فيجب أن لا يتوانى شبابنا في هذا المجال، ليعرفوا أن سر انتصارهم على أعدائهم، وتقدمهم في جميع مجالات الحياة؛ مرهون بالعلم وتحصيل المعرفة، ونحن نلاحظ اليوم كيف أن أوربا وبعض الدول الأخرى تطورت وحصلت على مكاسب كبيرة، عندما تمسكت بالعلم، رغم أن العلم الذي سعت إلى تحصيله كان علماً دنيوياً، فكيف الحال إذا كان علماً يجمع بين الدنيا والآخرة؟ فلا شك ولا ريب أن نتيجة ذلك سوف تكون عظيمة، فنحن متى ما هيّأنا المقدمات الصحيحة، وتمسكنا بالعلم، تطورنا وبدت علينا علامات الرقي والسعادة، وتمكنا حينئذ من جلب الناس إلى الإسلام وتعاليمه النيّرة، واستطعنا زرع بذور الخير فيهم. وإلا فإننا ـ مع تخلفنا وتأخرنا ـ لا نستطيع أن نكسب الآخرين إلينا، بل في هذه الحالة سيعمل الآخرون على حرفنا وجرفنا عن طريق الحق ـ من حيث لا نعلم ولا نشعر ـ كما هو حاصل لدى الكثير اليوم ؛ لأن الدنيا دار الأسباب والمسببات، ولا يمكن الحصول على المكاسب المادية والمعنوية التي أودعها الله تعالى في الحياة الدنيا، دون تهيئة الأسباب الموصلة إليها، ومن أهم الأسباب العلم والعمل معاً. |
1ـ أمالي الشيخ الصدوق: ص359 المجلس 57 ح9. 2ـ أمالي الشيخ الصدوق: ص615 المجلس 90 ح1. 3ـ بصائر الدرجات: ج1 ص2 باب طلب العلم ح3. 4ـ غرر الحكم ودرر الكلم: ص41 الفصل الأول أهمية المعرفة ح9. 5ـ سورة فاطر: 28. 6ـ نهج البلاغة: قصار الحكم: الرقم 81. |