المؤلفات |
وجلى عن الأبصار غممها (61) |
إزاحة الستائر |
مسألة: يستحب أو يجب إزاحة الستائر عن البصائر، إذ الظاهر ان المراد بالأبصار: البصائر، لأن ذلك هو الذي قام به الرسول (صلى الله عليه وآله). وهو بين واجب ومستحب، أما هذا العضو الخارجي الذي يبصر به الإنسان فليس الحديث بصدده[1] والله العالم، وإن كان يجب علاج العين فيما إذا عميت أو أصيبت وأمكن علاجها، أو يستحب، كل في مورده، قال علي(عليه السلام): (فقد البصر أهون من فقدان البصيرة)[2]. قولها (عليها السلام): (غممها) الغمة: الستر، ولذا يسمى السحاب: الغمام، لأنه يستر ما في السماء من النيرات[3]، فقد كانت القلوب ـ قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ جاهلة بالحقائق، والأبصار لا ترى الدرب الصحيح نحو الحياة السعيدة. وربما يقال في الفرق بين المقاطع الثلاثة: إن المراد بـ (فأنار الله بأبي محمد ظلمها) أي المجهولات المطلقة، و(كشف عن القلوب بهمها): المتشابهات والمشتبهات، و(جلى عن الأبصار غممها) المجهولات بالعرض، ألساتر.[4] أو يقال: المراد بالظلم: ظلم العقيدة، وبالبهم: ما يتعلق بها[5]، وبالغمم: كل ما يرتبط بمسيرة الحياة.[6] أو يقال: الظلم: ما يتعلق بمدركات القوة المتعقلة[7]، والبهم: ما يتعلق بالقوة المتوهمة[8]، والغمم: ما يتعلق بالقوة المتخيلة والحواس. والله العالم، ويحتمل أن تكون الجمل من باب التفنن في التعبير، فتأمل. |
[1] وذلك للقرائن المقامية، وسياق كلامها عليها السلام. [2] غرر الحكم ودرر الكلم ص41 الفصل الاول: اهمية المعرفة ح5. [3] وفي لسان العرب مادة (غمم) الغمام: الغيم الأبيض، وانما سمي غماما لانه يغم السماء، أي يسترها. [4] كالفطريات المستورة كما ورد (ويثيروا لهم دفائن العقول)، نهج البلاغة الخطبة1/ 37. [5] كتفاصيل المعاد والحشر والنشر وتفاصيل الخلقة وشبه ذلك. [6] كالسلوك والمعاشرة والعادات والتقاليد وسائر مناهج الحياة اليومية والعملية. [7] أي: الكليات. [8] كالحب والبغض والخوف والرجاء والحسد... الخ. |