الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

من الأدلة على ولايتهم (عليهم السلام)

ثم إنه يدل على ولايتها (عليها السلام) خصوصاً أو ضمن سائر المعصومين (عليهم السلام) أدلة كثيرة، وقد سبق أو سيأتي بعضها كدليل أو مؤيد، منها:

قوله (عليه السلام): (فاطمة حجة الله علينا)[1].

و: حديث الكساء، كما سيأتي بيان ذلك.

و: قوله (صلى الله عليه وآله): (لولا علي لما كان لفاطمة كفؤ آدم فمن دونه)[2].

و: ما دل على تساويها (عليها السلام) مع الإمام علي (عليه السلام).

و: ما دل على الأفضلية من الأنبياء (عليهم السلام) مع قيام الأدلة على ثبوت الولاية لهم ـ على درجات ـ.

و: الأولوية القطعية من أمثال: (عبدي أطعني تكن مثلي).

و: قوله (عليه السلام): (الخلق بعد صنائعنا).

و: (فبكم يجبر المهيض ويشفي المريض وما تزداد الأرحام وما تغيض)

و: (فوض إليه دينه).

و: (كونهم (عليهم السلام) أوعية مشيئة الله).

و: صدور الخوارق منهم.

و: التوقيع المروي عن صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) كما سيأتي[3]. إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة.

كما يدل على ولايتهم (عليهم السلام) عموماً، قوله تعالى: ((النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ))[4]. بالإضافة إلى الآيات والروايات المتواترات، لما قد ثبت من أنهم (عليهم السلام) نور واحد، وأن لأولهم ما لخرهم، كما في الروايات، وقال سبحانه: ((إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ))[5] الآية، فهم (عليهم السلام) كالنبي (صلى الله عليه وآله) في مرتبة الولاية، وإن اختلفوا في مراتب الفضل، فبعد الرسول (صلى الله علية وآله) علي (عليه السلام) وبعده أو مقارناً له ـ كما يظهر من جملة من الأحاديث ـ فاطمة (سلام الله عليها)، ثم الحسن (عليه السلام)، ثم الحسين (عليه السلام)، ثم القائم (عليه السلام)، ثم الأئمة الثمانية قبله (عليهم السلام) كما يظهر من الأحاديث.

ماذا تعني الأولوية؟

وهل المراد الأولوية التكوينية؟[6] أو في صورة التدافع؟ أو أن له (صلى الله عليه وآله) سلطة فوق سلطة الإنسان، كما في سلطة الله تعالى على السيد المسلط على العبد؟ أو الحكومة؟ أو الثلاثة الأخيرة؟ أو الخمسة جميعاً، لجامع السلطوية فليس من استعمال اللفظ في أكثر من معنى؟

احتمالات، وإن كان بعضها أقرب.

نعم إذا كان (أولى) بمعنى التفضيل العرفي يكون الثاني فقط، لكنه خلاف الظاهر حيث الاحتفاف بالقرائن الداخلية والخارجية، فتأمل.

سلطة الهدم والبناء

والظاهر إن لهم (عليهم السلام)، سلطة الهدم كما لهم سلطة البناء، من قبيل الزوج الذي له سلطة النكاح والطلاق، أو الشركة حيث العقد الجائز للشريك، كلاهما[7]، بخلاف مثل البيع اللازم حيث البناء فقط، ومثل ثالثٍ جعل الخيار بيده، حيث له الهدم فقط.

فكما إنه سبحانه له حق طلاق نساء الناس أو تزويجهن، ولو بدون رغبتهم، كذلك لهم (عليهم السلام) هذا الحق خلافةً منه تعالى، لكن من الواضح أنهم (عليهم السلام) في طوله سبحانه، وإنهم أوعية مشيئته كما تقدم، وإن كانوا (عليهم السلام) لا يقومون بإعمال أمثال هذه القدرة عادةً، كما سيأتي.

من معاني التفويض

ثم إن التفويض التكويني إليهم (عليهم السلام) هو بالمعنى الذي ذكرناه، ودل عليه النص مثل (فيما إليكم التفويض وعليكم التعويض)[8] والإجماع.

والتشريعي أيضاً كما ذكرناه ودل عليه (المفوض إليه دين الله)[9] و (أنَّ الله أدَّب نبيه بآدابه ففوض إليه دينه)[10] إلى غيرها من الروايات المتواترة.

وفي قباله تفويضان باطلان:

الأول: عزل الله سبحانه عن أي شيء، وإنما يكون كمن أشعل مصنعاً وفوضه إلى آخر واعتزل هو عن العمل إطلاقا، وهذا يخالفُهُ النص والإجماع، بل الكتاب والعقل أيضاً.

الثاني: تفويض الأمور وتركها وسائر الكون، لا إلى أحد، بأن يكون الله سبحانه قد خلق الكون وهو يدور بنفسه كمن يشغل مصنعاً ويتركه يدور بدون قيام أحد مقامه، وهذا هو الذي قاله اليهود مما ذكره سبحانه: ((وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا))[11].

وهذا التفويض الباطل بالمعنى الثاني، هو نقطة النقيض لفكرة الجبر، التي تقول إن الله سبحانه يفعل كل شيء، بينما الأول بمعنى أنه تعالى لا يفعل أي شيء، والحقيقة إنه أمر بين الأمرين، فالآلات منه سبحانه والعمل من الإنسان ولذا يثاب ويعاقب.

عود على بدء

ولما سبق من أن الله سبحانه جعل بيدهم (عليهم السلام) الكون، تصدر منهم (عليهم السلام) الخوارق، معجزة وكرامة، بما أنهم أوعية مشيئة الله تعالى، وكذلك ما سبق من أنه تعالى فوّض إليهم التشريع كما ورد (المفوَّض إليه دين الله).

والأول يشمل الهدم والبناء، كإماتة الإمام الرضا (عليه السلام) الساحر وإحياء عيسى (عليه السلام) الأموات، والتبديل والتحويل، قال سبحانه: ((فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً))[12]، ومن سنة الله جعله تعالى التكوين والتشريع بأيديهم (عليهم السلام)، وذلك كأن يجعل الشام عراقاً وبالعكس، وكأن يجعل الرجل امرأة وبالعكس، كما في قصة الإمام الحسن (عليه السلام)[13].

بين التصرُّف والصلاحية

ولم نجد تصرُّفهم (عليهم السلام) في التشريع، وإن كان لهم صلاحية ذلك، ولعل السبب في ذلك أن لا يتخذ الحكّام ذلك ذريعة للتصرف في الأحكام، وبالرغم من ذلك ترى الحكام قد تصرَّفوا في أحكام الله تعالى كما في المتعتين، وكما في صلاة التمام في عرفات وغير ذلك، فكيف بما إذا كانوا يرون الرسول (صلى الله عليه وآله) يفعل ذلك، ولذا قالوا باستحباب البول في المزبلة، لكذب نسبوه إلى النبي (صلى الله عليه وآله).

ومما تقدم ثبتت الولاية بمعانيها السبعة: كونهم (عليهم السلام) للتكوين علّة، وطريقاً كطريقيّة عزرائيل للموت، وإنه قائم بهم، وكذلك التشريع: علّة وطريقاً، وقياماً، بإضافة أن لهم (عليهم السلام) الحكومة، حيث لا تلازم بين الأخير وسائر أقسام التشريع.

التوقيع الشريف

ويؤيد ذلك ـ بل يدل عليه ـ التوقيع المروي عن صاحب الزمان (أرواحنا فداه) في دعائه:

(أسألك بما نطق فيهم من مشيتك، فجعلتهم معادن لكلماتك، وأركاناً لتوحيدك وآياتك، ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان، يعرفك بها من عرفك، لا فرق بينك وبينها إلاّ أنهم عبادك وخلقك، فتقها ورقتها بيدك، بدؤها منك وعودها إليك، أعضاد وأشهاد ومناة وأذواد وحفظة ورواد، فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن لا إله إلاّ أنت)[14] إلى آخر الدعاء.

و (مناة): ـ على وزن دعاة جمع داعي ـ من منى الله تعالى فلاناً بخير، أي أعطاه له. و (اذواد): ـ جمع ذائد كأصحاب جمع صاحب ـ من ذاد بمعنى طرد، فالمعنى: من ينال خيراً أو يطرد عن شيء لا يكون إلاّ بهم (عليهم السلام) لا علّة بل فعلية. وملأ السماء والأرض: كالشمس تملأ الكون وإن كان جسمها الظاهر صغيراً.

ولعل سر ورود الزيارة الجامعة والدعائين لرجب عنهم (عليهم السلام) لبيان الطريق الوسط بين مادية الخلفاء الذين استهتروا فيها وإفراط المتصوفة القائلين بوحدة الوجود أو الموجود في تلك الأزمنة المتأخرة. ومن الواضح أن ظهور (لا إله إلا الله) بسببهم (عليهم السلام)، من جهة امتلاء العالم بالشرك الوثني أو المسيحي أو اليهودي، بل والعامة القائلين بالتجسيم ونحوه، وقد قال علي (عليه السلام): (فمن وصف الله فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنّاه ومن ثنّاه فقد جزَّأه)[15] الحديث. ولا يخفي أن ما ذكرناه في الجملة، يظهر من مئات الآيات والروايات مما ذكر في مباحث أصول الدين فراجع.

لا فرق بين حياتهم ومماتهم (عليهم السلام)

ثم إنهم (عليهم السلام) وهم أموات كالأحياء من جهة التكوين وجهة التشريع، لإطلاق الأدلة، إلاّ في الأمر السابع الذي هو فعلية الحكومة.

ولا يقال: إنهم (عليهم السلام) كيف يتصرفون في التكوين وهم أموات؟

لأنه يقال:

أولا ً: لا موت لهم (عليهم السلام) فإنهم ((أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ))[16] وإنما بدلوا الملبس، بل كلُّ حيٍّ إذا مات كان كذلك، فقد خلقهم للبقاء لا للفناء، وقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ لمن اعترض عليه حينما خاطب قتلى المشركين يوم بدر ـ: (ما أنت بأسمع منهم)[17].

وفي الزيارة: (وأنك حي)[18] إلى غير ذلك.

وثانياً: على فرض كونهم (عليهم السلام) أمواتاً، ما المانع من أن يعطي الله سبحانه للميت الحياة، كالرزق والشفاء وغير ذلك؟! وفي القرآن الحكيم: ((وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ))[19]، ومن المعلوم إن الماء بالمعنى المتعارف ليس حياً، فإن الله تعالى هولّة العلل، ولا فرق عنده في الإحياء بسبب بين أن يكون حياً أو ميتاً. وفي آية أخرى:

((يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ))[20]، وفي بقرة بني إسرائيل المذبوحة إنها سببت حياة المقتول، كما سبب أثر الرسول حياة عجل السامري، وكذلك رش الماء على الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف فماتوا فعادوا أحياء في قصة ارميا، المذكورات في القرآن الكريم.

ولذا لم تكن قصة البقرة مثلاً مجرد سرد تاريخ، بل لعبر: منها أن الله سبحانه يحيي الميت من الميت، كما لم تكن آية النجوى، مجرد قصة منسوخة، بل لإفادة أن الناس ـ عادة ـ يقومون بأداء العبادات التي تتعلق بالجوارح، أما إذا وصل الأمر إلى المال ظهر عمق إيمانهم، فلا يقال: ما فائدة الآية المذكورة تتلى إلاّ فضيلة علي (عليهم السلام).

رفعة منزلتهم (عليهم السلام) ذاتية

ثم إن رفعة المعصوم (عليه السلام) أمر جوهري كرفعة الذهب على التراب، وقد دلت على ذلك الأدلة الأربعة.

والمراد بدلالة العقل: الدليل الإنِّي حيث يكشف أعمالهم عن ذلك، واللِّمّي بالنسبة إلى الكبرى حيث إن القدرة المطلقة بدون محذور في الخلق، يعطي خلق الأرفع أيضاً، نعم الانطباق على الأشخاص الخاصين ـ أي الصغرى ـ نقلي.

قال سبحانه ((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ))[21].

وقال تعالى: ((انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ))[22].

وقال سبحانه: ((ونفضل بعضها على بعض في الأكل))[23] إلى غيرها من الآيات والروايات المتواترة، وقد دلت على ذلك الكرامات الخاصة أيضاً.

ولا يستشكل بأنه لو كان خلق زيداً أو عمرواً، مثلهم لكان يستحق الدرجات الرفيعة، لوضوح انه يلزم في الحكمة خلق كل مهية ممكنة لا محذور في خلقها، وإلاّ لزم العجز أو الجهل أو الخبث، تعالى عن ذلك علواً كبيرا[24].

نعم ما في ذاته محذور عدم القابلية كخلق المتناقضين مثل أن يخلق شيئاً واحداً نملةً وفيلاً، أو زوجاً وفرداً، أو وجوداً وعدماً أو ما هو خلاف المصلحة، لا يكون الأول للاستحالة الذاتية، والثاني للاستحالة العرضية، إذا القبيح محال على الحكيم تعالى.

مجالات ستة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

ثم إن القرآن الحكيم ذكر الأسوة برسول الله (صلى الله عليه وآله)[25]، وفي كلام علي (عليه السلام): (فتأسّى متأسٍّ بنبيه وإلاّ فلا يأمن الهلكة)[26] وفي الزيارات قد ورد التأسّي بالأئمة (عليهم السلام)، حجج الله تعالى، هذا فيما لم يكن من مناصبهم ومختصاتهم.

والظاهر أنه (صلى الله عليه وآله) تتوفر لديه وفي حيطته أمور ستة:

1 ـ الأحكام الأولية: قولاً أو فعلا أو تقريراً، كوجوب الصلاة وحرمة الخمر إلى سائر الأحكام التكليفية والوضعية، والمراد بها أعم مما ذكر، ومن مثل الصيام في الحضر والإفطار في السفر، فإن الثاني وإن كان ربما يقال له الحكم الثانوي باعتبار أن التشريع أولاً وبالذات هو الصيام، إلاّ أنه أيضاً حكم أولي باعتبار أن المكلف مخير بينهما فهما موضوعان عرضيان.

2 ـ الأحكام الثانوية: وهي الطولية، مثل أحكام اللإضطرار ونحوها والرسول (صلى الله عليه وآله) أسوة فيهم كل في مورده، فقد اضطر الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى الدخول الى مكة بقوة السلاح، والى الصلاة جالساً في مرضه، وهذا من مختصاته، كما أنه لم يعمل حسب (ما لا يعلمون)[27] وما (أخطأوا) و (ما سهوا) و (ما نسوا) لأنه منزه عنها. أما إنّه هل عمل حسب (ما أُكرهوا) بنفسه الشريفة (صلى الله عليه وآله)؟ فلم أجده.

والعامة يقولون: بالسهو والنسيان فيه (صلى الله عليه وآله) لكن إجماع الشيعة، على خلاف ذلك، وكذلك العقل والنقل.

3 ـ الأمور العامة: كشرائه ناقة، أو زواجه من يثبت عمرها كذا، وأكله وشربه كذا، فإنه لا يلزم الإقتداء به ههنا بحيث إن التارك لا يأمن الهلكة.

نعم إن عمله يدل على الجواز، وقول بعض العامة القائلين باللزوم ـ ولذا قال بوجوب البول في المزبلة ولو في السنة مرة ـ باطل البناء والمبنى، ولذا لا يقولون بمثل ذلك في ما نسبوا إليه من حمله زوجته ونظرها إلى الطبّالين، وهذا أيضاً باطل عندنا مفترى عليه (صلى الله عليه وآله وسلم).

4 ـ الحكوميات: التي هي عبارة عن تطبيقه (صلى الله عليه وآله) كبرى المصلحة على صغرى خارجية في شؤون الناس، كنصب أسامة أميراً، أو فلاناً والياً على البحرين، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يجب على علي (عليه السلام) في زمان حكومته أن يفعل ذلك بعينه، وإن فرض أن المنصوب بقي على العدالة.

5 ـ التصرفات الولائية بالمعنى الأعم: فإنها وإن كانت جائزة له (صلى الله عليه وآله) خلافة عن الله سبحانه، إلاّ أنا لم نجد إنه (صلى الله عليه وآله) عمل بها كجعل حّر عبداً أو عكسه، أو إبطال زواج أو جعله، أو إبطال ملك أو عكسه، إلى ما أشبه ذلك، وروي تهديد علي (عليه السلام) جعل الأحرار عبيداً في قصة طغيان الفرات، كما لم نجد مثل هذا التصرف عن الأئمة (عليهم الصلاة والسلام).

وما ذكره بعضهم من قصة سمرة[28] وان القلع كان بالولاية محل نظر، بل هو جائز حنى للفقيه حيث يُلجِئُه الأمر إلى ذلك، كما بيناه في (الأصول) فإنه حكم قضائي في أمثال هذا التنازع.

6 ـ الاختصاصات: كزواجه (صلى الله عليه وآله) أكثر من أربع، وغيره، مما ذكره الشرائع والجواهر وغيرهما في باب النكاح، وهي خاصة به (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كان ربما يوجد نحو منه في بعض المعصومين (عليهم السلام) مثل حرمة زواج علي (عليه السلام) امرأة مادامت فاطمة (سلام الله عليها) في بيته، مما يكون من مختصات فاطمة (سلام الله عليها)، وحرمة أن يخاطب غير علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين، مما كان من خصائصه، وما يظهر من اختصاص بعض الأحكام بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) كما يظهر من بعض الأخبار.

شمولية علمهم وقدراتهم (عليهم السلام)

ثم إنهم (عليهم السلام) ومنهم فاطمة (صلوات الله عليها) يحيطون علماً وقدرة ـ بإذن الله تعالى ـ بالكائنات جميعاً إلاّ ما استثني[29]، وقد تقدم في الزيارة الرجبية ما يدل على ذلك كما في جملة من الأحاديث: (يعلمون ما كان وما يكون وما هو كائن) فإنه ليس بمحال عقلاً، ويشبه ذلك في الماديات الهواء والحرارة والجاذبية وغيرها، كما أن عزرائيل يحيط علماً وقدرةً في بُعْد الإماتة، بكل إنسان بل بالملائكة أيضاً ـ كما ورد في الأحاديث ـ.

وقد قال الله سبحانه في إبراهيم عليه السلام: ((وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالأَرْضِ))[30].

وفي يعقوب (عليه السلام): ((وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ))[31]. وهم (عليهم السلام) أفضل من الملائكة والأنبياء كما دلت على ذلك النصوص وإجماعنا، وقد سبق الإشارة إلى ذلك.

وفي رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله تعالى: ((إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً))[32] فإطلاق الشاهد[33] وقرينية إطلاق الصفات الأخرى يدل على العموم، ومن المعلوم أن الشاهد لا يكون إلاّ من حضر.

وقال سبحانه: ((وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً))[34].

ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك: ((يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً))[35].

وفي الروايات: (لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات)[36] فإذا كان لبني آدم هذه القدرة ـ لولا المنع ـ فأهل البيت (عليهم السلام) أولى.

وتقول في تشهد الصلاة: (السلام عليك أيها النبي) وفيه ظهور الحضور، وفي الحديث: (نزهونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم)[37] حيث إن جماعة اتخذوهم (عليهم السلام) آلهة فنهوا عن ذلك، أما بعد الألوهية ففيهم (عليهم السلام) كل خير والتي منها عموم العلم والقدرة، وفي جملة من زيارات الحسين (عليه السلام) كما في بعض فقرات (الزيارة الجامعة) دلالة على ذلك.

وما ورد من إبلاغ الملك السلام إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا ينافي ما تقدم، فهو كإبلاغ الملك صحيفة الأعمال إليه سبحانه، وسؤالهم (عليهم السلام) عن أشياء كسؤال الله في قوله تعالى ((وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى))[38] إلى غير ذلك، مما لا يخفى على من راجع الروايات المتواترة.

بين العلم الغيبي والسلوك العملي

ثم الظاهر أن علمهم الغيبي لا يؤثر في سلوكهم العملي، فالحسن (عليه السلام) يشرب السم مع أنه لم يكن مجبوراً، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مضغ اللّحم المسموم الذي أثر فيه وأخيراً انتهى إلى الموت، وعلي

عليه السلام) كان يعلم بوقت موته، ومع ذلك خرج إلى المسجد مع إمكانه أن يستنيب في صلاة الجماعة ذلك اليوم، أو يستصحب معه حرّاساً، أو يسجن ابن ملجم أو يخرجه من المسجد أو يجعل عليه حراساً أو ما أشبه ذلك.

أما القول بأنهم (عليهم السلام) لا يعلمون عند نزول الموت، أو أنهم مضطرون، كما في دسّ هارون والمأمون السم إلى الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام) أو ما أشبه ذلك من الأجوبة فليست بمقنعة وخلاف ظاهر الأدلة.

بل لو كان العلم الغيبي يؤثر، لما بكى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لفقد ولده إبراهيم، ولما بكى الحسين (عليه السلام) لفقد أولاده وأصحابه، مع أنهم (عليهم السلام) يعلمون بل ويرون انتقالهم إلى جنات النعيم، هل يبكي أحدنا لذهاب ولده إلى مكان حسن جداً وهو يراه عين اليقين؟ بل لم يكن يعقوب (عليه السلام) يبكي من فراق يوسف (عليه السلام)، وهو يعلم انه حي وسيرجع إليه بعد مدة ملكاً.

لا يقال: حتى على فرض موت يوسف (عليه السلام) فلماذا هذا البكاء من يعقوب (عليه السلام) حتى ابيضت عيناه وخيف عليه أن يكون حرضاً أو يكون من الهالكين؟

لأنه يقال: كما أن العيون والشمس منبع الماء والنور، كذلك جعل الله سبحانه للمعنويات منابع، فيعقوب (عليه السلام) منبع العاطفة ليتأسّ الناس به ويستمدونها منه، ولولا ذلك لم يكن لهم ما يتأسّون به.

فعلمهم الغيبي (صلوات الله عليهم أجمعين) لا يؤثر في عواطفهم الإنسانية، كي يكونوا أسوة، وإلاّ لقال الناس أن علياً (عليه السلام) كان يخوض الحروب لعلمه بأنه لا يقتل ونحن لا نعلم ذلك.

بل ميثم التمار جاء إلى الكوفة وقد كان يتمكن من الفرار من مكة إلى موضع لا يصله سلطان ابن زياد، إلى غيرها من الأمثلة الكثيرة.

وكذلك حال القدرة الغيبية، إذ لا يستعملونها إلاّ حال الإعجاز، فلقد كانوا قادرين على رفع الضيق عنهم وعن المؤمنين، فهم (عليهم السلام) ـ ولا مناقشة في المثال ـ كوكيل الإنسان الغني لا يتصرف في أمواله إلاّ بإذن الموكل، وإن كان قادراً على التصرف، والله سبحانه العالم.

الأحكام المستفادة:

وقد أشرنا أن إلى الأحكام التي ذكرت، في الكتاب مما يستفاد من كلماتها (علهيا السلام) إنما ذكرناها بإيجاز دون التطرق لمختلف الأدلة والأقوال وشبه ذلك، وإلاّ فالتفصيل يحتاج إلى مجلدات ضخمة، حسب قولهم (عليهم السلام): (علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع)[39] ولعل الله سبحانه يوفق بعض مواليها (عليها السلام) من الفقهاء، كي يتشرف بتفصيل ذلك، وهو المستعان. ولا يخفى أن الأحكام التي استفدناها، قد تستخرج استناداً إلى الدلالة المطابقية أو التضمنية أو الإلتزامية، وقد يتم استخراجها استناداً إلى دلالة الاقتضاء[40] وربما الدلالة العرفية أيضا، وإن لم تكن من الأربع المذكورة. وربما كان الحكم أو العلم به منشأ لتعليل أو توضيح بعض كلماتها (عليها السلام)[41].

وقد استطردنا أحيانا إلى ذكر بعض الأمور الأخرى، بالإضافة إلى الاعتقاديات وفلسفة الأحكام، والأحكام الخمسة.

وهذا الكتاب يتطرق غالباً للحديث عماّ يستنبط من أقوالها (عليها السلام)، أما فعلها وتقريرها: فبحاجة إلى كتاب ضخم، ويكفي أن نشير هنا إشارة عابرة إلى بعض النماذج من فعلها وسيرتها (عليها السلام).

دروس من سيرتها (عليها السلام)

ففي سيرة وحياة الزهراء (عليها السلام) مواضع كثيرة للتعلم، إذا تعلمها المسلمون، بل البشرية، سعدوا في الدنيا قبل الآخرة، وأسعدوا الآخرين.

نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

زواجها الميمون، حيث زوجها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول بلوغها (عليها السلام)[42].

وكذلك إذا زوّجت البنات في أوائل البلوغ سعدن وانقطعت إلى حد بعيد جذور الفساد في المجتمع، إذ معنى زواجهن في ذلك السن زواج الأولاد الذكور أيضا في سن البلوغ، فلا ترغب النفس أو تهم بالحرام.

وقد رأينا جملة من العشائر في البلاد الإسلامية، تجري على ذلك، وبذلك تشذ الجريمة وتتضاءل أرقامها إلى ما يقارب الصفر، بخلاف ما لو لم يتبع هذا المنهج حيث تتصاعد تصاعداً كبيراً، وذلك يؤدي إلى الأمراض والعقد النفسية والتوترات العصبية وهدم العوائل وكثرة المشاكل إلى غيرها.

كما أن في الجهاز البسيط لزواجها (صلوات الله عليها) أكبر الدرس لتخفيف المهور والقناعة بالميسور، وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها[43] وأقلهن مهراً)[44].

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (القناعة مال لا ينفد)[45].

وعن علي (عليه السلام): (لا كنز أغنى من القناعة)[46].

وذلك من أسرار السعادة وتحرك الشباب بشكل أكثر جدية نحو الأمام، فإن الزوجين يتعاونان على التقدم في الحياة ـ بعد الزواج ـ إلى الأمام، وربما يكون ذلك مما يوضح بعض السر في قوله تعالى: ((إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله))[47] بينما غلاء المهور وتعقيد مقدمات وبرامج الزواج والمبالغة في المظاهر، يوجب التأخير في الزواج، أو يؤدي بالكثير إلى البقاء عزاباً وعوانس مدى الحياة، بما يستلزم ذلك من أضرار وأخطار.

وكذلك ادارتها (صلوات الله عليها) لشؤون البيت، حيث فُوِّضت إليها الأمور الداخلية، والخارجية إلى علي (عليه السلام) فإنها توجب الراحة النفسية والصحة الجسدية، إذ إن الأعمال الشاقة ـ وإن كانت مقرونة بالتعب والنصب ـ توجب الصحة والسلامة، بينما الراحة والدعة تؤديان إلى مختلف الأمراض.

ومما يؤيد هذا المعنى هو أن التاريخ ـ حسب الاستقراء الناقص ـ لم يسجل لها (صلوات الله عليها) تمرضاً إلاّ مرة واحدة.

أما مرضها الأير فهو وليد الصدمة التي تعرضت لها بين الحائط والباب، والتي انتهت إلى شهادتها ووفاتها (صلوات الله عليها).

ولعله لأجل تعليم الأمة على الكدح والعمل، لم يمنحها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) خادمة عندما طلبت منه ذلك مع أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) الكريم الرؤوف، وذلك حتى تكون (عليها السلام) أسوة في العمل بنفسها لنساء المسلمين، وربما كان طلبها (عليها السلام) وعدم تلبيته (صلى الله عليه وآله وسلم) بمجمله تعليماً.

أما حصولها (عليها السلام) على فضة، فهو مما دعت إليه الضرورة، حيث تراكمت عليها الأعمال اليدوية الشاقة من الطحن والخبز والغسل وغير ذلك، بالإضافة إلى أطفالها الصغار وضرورة الاهتمام بشؤونهم، إلى جانب أن النساء كن يرجعن إليها في كثير من شؤونهن ومسائلهن، ثم نجد بعد حصولها على فضة، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قسم العمل بينهما، يوماً لها ويوماً لفضة كما في النص[48] وهذا أيضاً بالإضافة إلى كونه تعليماً للاُمة على مشاطرة من هم أدنى منزلة في الهموم والمهام، يتضمن تأكيداً للإلتزام بالعمل والكد والكدح رغم وجود البديل.

والجدير بالذكر إن فضة كانت متزوجة ذات أسرة، وقد يظهر هذا من خبر قراءتها للقرآن في سفرة الحج، وتلقي أولادها لها في المنزل، كما هو شأن الإسلام حيث لا يدع بنتاً بلا زواج، حتى قال سلمان المحمدي وهو حاكم في المدائن عندما تزوج امرأة هناك فوجد عندها بنتاً ـ من زوجها السابق ـ غير متزوجة: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول (ما مضمونه): لو لم تزوج البنت في الدار فزنت كان عقاب الزنا على أهل الدار.

أما طحنها (عليها السلام) وعجنها وخبزها وطبخها وغزلها وغسل الملابس ورعاية الأولاد، وقيامها بإنجاز العشرات من الحاجات البيتية بنفسها (صلوات الله عليها) أو بمساعدة فضة، ففي كل ذلك تعليم لكيفية سلوك الزوجة في الحياة الزوجية. ولو راج مثل ذلك في بيوتنا فهل بعد ذلك كنا نحتاج إلى استيراد كل شيء من الغرب والشرق، حتى اللّحم وغيره من الأوليات والضروريات؟

كما أن قولها (سلام الله عليها) لعلي (عليه السلام): (ما عهدتني كاذبة ولا خائنة)[49] تعليم لكيفية سلوك الزوجات مع الأزواج، وإلاّ فعلي (عليه السلام) كان يعلم ذلك. وهكذا نجد في عدم دخول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دارها لمّا رأى ستراً على الباب[50] تعليماً آخر لنا، ولعل الزهراء (عليها السلام) تعمدت وضع الستر حتى تكون مدعاة للتعلم، كي لا ترفل النساء في النعيم بينما كثير من الناس يعانون شظف العيش، وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع)[51]. إلى غير ذلك من النقاط المشرقة في سيرتها (عليها السلام) الوضاءة، وكلها عبر وبرامج تربوية ومناهج للسعادة الدنيوية والأخروية.

وفي الختام

وفي الختام نشير إلى أننا قد قسمنا الكتاب إلى ثلاثة فصول[52]:

الاول: أحكام مستفادة من حديث الكساء.

الثاني: أحكام مستفادة من الخطبة الشريفة.

الثالث: أحكام مستفادة من سائر ما روي عنها (عليها السلام).

والله المسؤول أن يقرنه برضاه، وأن ينفع به، إنه قريب مجيب، والحمد لله أولاً وأخرا وظاهراً وباطناً.

محمد الشــيرازي

قم المقدسة

1414 هـ

 

[1] راجع كتاب تفسير أطيب البيان 13/225، عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

[2] التهذيب: 7/470 ح9ب 41.

[3] وسيأتي ذكر مصادر تلك الأحاديث تفصيلاً بإذنه تعالى.

[4] الاحزاب: 6.

[5] المائدة: 55.

[6] بمعنى إنه أولى لأنه كوّنه.

[7] أي: الإمضاء والفسخ.

[8] بحار الأنوار: 99/195 ح 6ب 8، ط بيروت.

[9] بحار الأنوار: 52/20ح 14 ب 18.

[10] راجع بحار الأنوار: 25/334 ح 14.

[11] المائدة: 64.

[12] فاطر: 43.

[13] بحار النوار: 43/327 ح 6 ب 15.

[14] بحار الأنوار: 95/393 ح 1 ب 23 ط بيروت.

[15] بحار الأنوار: 54/176 ح 136 ب 1.

[16] آل عمران: 169.

[17] بحار الأنوار: 6/207 ب 8، وفيه: انهم أسمع منكم.

[18] بحار الأنوار: 99/103 ح 2 ب 7. وفي ج 101 ص 171 ح 42 عن كامل الزيارات: أشهد أنك حي شهيد ترزق عند ربك. وفي ص 169 ح 15 عن الكامل: وأشهد أنك ومن قتل معك شهداء أحياء عند ربك ترزقون.

[19] الأنعام: 95.

[20] الروم: 19.

[21] البقرة 253.

[22] الإسراء: 21.

[23] الرعد: 4.

[24] في مطاوي الكتاب أجوبة أخرى عديدة عن ذلك فليراجع.

[25] الأحزاب: 21.

[26] راجع نهج البلاغة ـ الخطبة: 160. خبر يريد به الطلب.

[27] الكافي: 2/463 ح 2.

[28] الكافي: 5/ 292 ح 2.

[29] كالاسم الأعظم ال73 مثلاً على رواية.

[30] الانعام:75.

[31] يوسف: 94.

[32] الأحزاب: 45 ـ 46.

[33] وحذف المتعلق يفيد العموم.

[34] النساء:41.

[35] النساء: 42.

[36] بحار الأنوار: 56/163 ب 23.

[37] راجع بحار الأنوار 25/347 ح 25 ب 10. وفيه: قد ورد في أخبار كثيرة: (لا تقولوا فينا رباً وقولوا ما شئتم ولن تبلغوا).

[38] طه: 17.

[39] وسائل الشيعة: 18/41ب 6 ح 52. ونحوه في المعنى ح 51: (إنما علينا أن نلقي عليكم الأصول وعليكم أن تفرعوا).

[40] ما يتوقف صحة أو صدق الكلام عليه وذلك نظير: ((واسأل القرية)) [يوسف: 82] وكذا استكشاف أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لأدنى مدة الحمل من ضم قوله تعالى: ((وحمله وفصاله ثلاثون شهراً)) [الأحقاف: 15] إلى قوله تعالى: ((والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)) [البقرة: 233] ومن ذلك: إلغاء الخصوصية حيث يكتشف بذلك أن ماذكر إنما كان بعنوان المصداق وكصغرى لكبرى كلية للقطع أو الإطمينان بالملاك، وقد تكون الإستفادة والإستنباط مستندة إلى (مبنى) الكلام، أو إلى مقدمات مطوية أو شرائط أو موانع كذلك، وإذا لاحظنا عصمتها (عليها السلام) وإحاطتها العلمية، ظهر بوضوح أن كلامها بشتى دلالاته حجة، فلو توقف صحة الكلام أو صدقة مثلاً على مقدمة مطوية وإن كانت بعيدة، كان ذلك دليلاً على حجيتها وصدقها وأمكن الاستناد إليها كذلك. والقارئ الكريم سيرى إن المؤلف (قدس سره) قام بملاحظة شتى الجهات السابقة الذكر وربما يكون من ذلك أيضاً: استكشاف الإنشاء من الأخبار وبالعكس عبر بعض الدلالات السابقة.

[41] اللف والنشر مرتب كما لا يخفى.

[42] راجع عوالم العلوم 11/287 ب 3 ح2 ط 2، تحقيق مؤسسة الأمام المهدي (عليه السلام).

[43] قد يكون المراد بالصباحة ههنا: الطلاقة والإشراق لا الجمال، والوجه يكتسي بالصباحة والإشراق بتأثير الحالة المعنوية والروحية والأخلاقية للانسان، قال في مجمع البحرين: (وقد صبح الوجه صباحة: أشرق وأنار) وقال في لسان العرب: (الصبيح: الوضيء الوجه).

[44] وسائل الشيعة: 15/10 ب 5 ح 9.

[45] نهج الفصاحة: 448 ح 2111 ط طهران.

[46] نهج البلاغة: قصار الحكم 371.

[47] النور: 32.

[48] راجع دلائل الإمامة للطبري ص 49 ط نجف، ومسند فاطمة (سلام الله عليها) ص 42 ح 9 ط طهران. والخرائج كما في البحار عنه ج 43/ 28 ح 33.

[49] روضة الواعظين: ص 181 ط قم.

[50] راجع مناقب ابن شهر اشوب: 3/343 ط قم. ورواه البحار عنه في ج 43/86.

[51] وسائل الشيعة: 8/490 ب 88 ح 1.

[52] قام الإمام المؤلف، بتأليف هذا الكتاب في شهرين ونصف هما جمادي الثانية ثم رمضان المبارك وقسم من شوال من العام 1414 هـ، علماً بأن فهرس بعض الأحكام المستفادة من حديث الكساء كان قد كتبها من قبل.