كتابات أكثر وضوحاً (29): حكومة الإمام.. ليس لها نظير في التاريخ

                                                                                                                                المرجع الديني
                                                                                                                            السيد صادق الشيرازي

 

موقع الإمــــــام الشيرازي

20/شهر رمضـان/1431

ذكر المؤرخون ـ سنة وشيعة ـ أن الإمام علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) بعدما بويع، ارتقى المنبر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان المسجد مكتظّاً بالناس الذين حضروا لاستماع أول خطبة لابن عم رسول الله ووصيه وخليفته الذي أُبعد عن قيادة المسلمين خمساً وعشرين سنة، بعد أن آل إليه الحكم الظاهري، ثم أمر جماعة من أصحابه أن يتخللوا الصفوف وينظروا هل هناك مَن لا يرضى بخلافته، فقال الناس بأجمعهم: "يا أمير المؤمنين سمعاً لك وطاعة، أنت إمامنا". وحتى طلحة والزبير لم يخالفا في هذا المجلس بل نكثا بعد ذلك، فلم يعترض أي أحد في هذا المجلس، ولو اعترض لما عاقبه الإمام بالقتل ولا السجن ولا الضرب ولا قال له شيئاً يهينه أوينال منه! فهل رأيتم أو سمعتم مثل هذا في عصر الديمقراطيات الحديثة؟! الديمقراطية تعني حكم الأكثرية، فلو حصل شخص ما على واحد وخمسين في المائة من الأصوات، فهذا يخوله لأن يصبح رئيساً للبلاد ـ وهذا من أكبر أخطاء الديمقراطية، وبحثه موكول إلى محلّه ـ أما الإمام علي (سلام الله عليه) فقد بايعته الأكثرية المطلقة من الناس، ومع ذلك يصعد المنبر ليبحث إن كان هناك معارض له، وما هو سبب معارضته! فهل تجدون لهذا نظيراً في التاريخ؟! (....) فلنقرأ عن الإسلام، ولنقرأ عن غيره أيضاً، ثم نقارن بينهما. ففي القرون الوسطى كان العالِم يُقتل لمجرّد إبداء رأيه في قضية، وإن كانت علمية محضة لا علاقة لها بالدين وتشريعاته! فقتلوا القائل بكروية الأرض، هكذا كانت حالة أوربا في القرون الوسطى أي بعد مرور أربعمائة سنة على الإسلام. فهل يصح مقارنتها مع عهد الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه)؟! كلا بالطبع، ومن هنا قيل: "مَن فضّل علياً على معاوية فقد كفر". لأن معاوية لا فضل عنده ليكون علي (سلام الله عليه) أفضل منه، بل لا يقاس بآل محمد (سلام الله عليهم) من هذه الأمة ـ ولا من غيرها ـ أحد، فلقد كانوا (سلام الله عليهم) يمثلون القرآن.