كتابات.. أكثر وضوحاً (8): التملّق هل هو مرض العصر؟!

علي حسين عبيد

 

 موقع الإمــام الشيرازي

27/ذو القعـــــدة/1430       

طالما أن الإنسان سعى منذ نشأته ولا يزال نحو تطوير قابلياته ومواهبه على الأصعدة كافة، فإنه حقق ولايزال يحقق تقدماً في مجال صقل العلاقات الاجتماعية والسياسية والانتاجية وتطويرها وتشذيبها المتواصل من الشوائب التي لا تليق بالبشر سواء من حيث السلوك أو التفكير أو كلاهما في آن واحد، ومع ذلك لم تكن مستويات النجاح أو الفشل في منظومة العلاقات متساوية بين الأمم، بل ثمة فوارق في هذا المجال تشكلها وتدعمها بعض الظواهر المرفوضة أو المقبولة من قبل المجتمعات على كثرتها وتنوعها، ومن هذه الظواهر المقيتة هي ظاهرة التملق التي لم تكن وليدة اليوم ولعل جذورها تعود الى مئات بل آلاف الأعوام. وما نلاحظه على العلاقات القائمة في مجتمعنا بروز هذه الظاهرة بل واستشراؤها في أغلب المفاصل العلاقاتية ما أدى الى اختلال في المعايير التي تحدد جودة هذه العلاقات او رداءتها، غير أن الإشكالية الكبيرة التي انطوت عليها منظومة العلاقات القائمة في مجتمعنا الآن تتمثل بانتشار ظاهرة التملق على المستويين الفردي والجمعي ممثلة بعلاقات الأفراد مع بعضهم أو علاقات الجماعات كمؤسسات ومنظمات وغيرها مع بعضها....

وثمة من هذه الظاهرة ما يتعلق بتملق ضعاف النفوس للأغنياء، وهم لا يعلمون إن الغنى هو (غنى النفس)، وأن كرامة الإنسان وصيانتها ستقوده الى الثراء الخالد المتمثل برضا الله تعالى والناس معاً، لذلك ينبغي أن يعمل جميع المعنيين على محاربة هذه ظاهرة التملق لأنها أساس الظلم، وأساس الشعور بالغبن، وأساس استفحال الاحباط والنكوص وضعف الانتاج من خلال الارباك العلاقاتي الذي تصنعه هذه الظاهرة وقبولها من قبل بعض عناصر المجتمع سواء من المتملقين أو المتملَّق لهم.

وبالقضاء على التملق (وهو امر ربما يكون محالا) لكن بالحد منه ورصد عناصره نكون قد حققنا خطوات هامة نحو بناء المجتمع المتوازن الذي يقوم على مبدأ التكافؤ والعدل والمساواة بين ما ينتجه الفرد وبين ما يحصل عليه، بعيداً عن سبل وطرائق التملق الملتوية.

* من مقال للكاتب علي حسين عبيد بعنوان "التملق مرض العصر" نشرت في صحيفة الصباح العراقية