(شروط الإمامة وأدوارها ودعائمها) ـ (الشعائر) دعائم استراتيجية للدور الحسيني الأعظم

السيد مرتضى الشيرازي

  

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى، محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.

 

(الإمامة): الشروط، الأدوار، والدعائم

قال الله تعالى:

(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)([1])

سيتركز الحديث ويتمحور بإذن الله تعالى حول الإمامة في قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)، وإن للإمامة والإمام (شروطاً) لا بد لكي يصل النبي إليها من أن يحوز تلك الشروط والمواصفات, وقد جمع الله تعالى هذه الشروط في كلمة إعجازية بقوله جل اسمه (..فَأَتَمَّهُنَّ..) وفي الرواية الواردة في تفسير البرهان شرح مفصل لتلك الشروط وقد ذكرناها سابقاً.

كما أن هناك (أدواراً) منوطة بالإمام عليه أن يحملها ويضطلع بها, وهنالك ثالثاً (دعائم) مترابطة مع الشروط والأدوار وهي التي يرتهن بها درجات نجاح أو إنجاح مهمة الإمام ودوره أو سلسلة أدواره.

 

دعائم الإمامة والقيادة الربانية العظمى

وكل واحد من هذه العناوين الثلاثة يستدعي بحثاً شاملاً إلا ان كلامنا الآن سيدور حول الدعائم التي تتحصن بها الأدوار التي اضطلع بها الإمام من طوارق الحدثان ومن العواصف والموانع التي تتجدد على امتداد عمود الزمان (المستقبل) تلك الدعائم التي تسند تلك الأدوار وتوفر الضمانة لامتداداتها وتموجاتها.

وسنلقي الضوء بشكل موجز على بعض الدعائم لبعض أهم أدوار عدد من الأنبياء والأئمة عليهم صلوات الله وسلامه:

 

دعائم الدور الإبراهيمي (عليه السلام)

إن من الملفت إن ابراهيم (عليه السلام) كان حريصا على أن تكون له ذرية صالحة تناط بها مسؤولية الإمامة من بعده على مرّ الأجيال, ونلاحظ اهتمامه الفريد بـ(ذريته) حيث كانت أول شيء يطلبه من الله تعالى بعد نصبه إماماً مباشرة!.

قال تعالى: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)، كما نلاحظ في مواطن أخرى طلباته المتضرعة ودعواته المتنوعة ليمنح الله ذريته مزايا استراتيجية بل وأحياناً استثنائية: فقد قال تعالى عن لسان إبراهيم (عليه السلام): (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)([2])، والمطلوب هنا معنوي ومادي: المعنوي هو: أجعل افئدة من الناس تهوي إليهم والمراد بـ(من الناس) كل الناس الصالحين على امتداد الزمن!، والمادي: ارزقهم من الثمرات والمراد به الرزق الحلال الطيب.

وقال تعالى عن لسان إبراهيم (عليه السلام): (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) ([3])

واللطيف في الامر ان العديد من الآيات على لسان ابراهيم (عليه السلام) كانت تأتي بمصطلح ومفردة (من ذريتي) فما هو السر في دأب إبراهيم (عليه السلام) على طلب الذرية الصالحة القيادية المتميزة الذين يكونون في قمة القمم من الطهارة والتقوى والصلاح؟ بل يكونون ائمة يهدون الى الخير وبه يعدلون؟

الجواب:

ان الامامة - كما قلنا - لها شروط وادوار ودعائم, والدور الكبير الذي اسند إلى إبراهيم (عليه السلام) كان يستدعي عدداً من الدعائم التي تضمن لمهمته النجاح والاستمرار والديمومة ويبدو ان من أهم تلك الدعائم بل لعلها أهمها على الإطلاق - بحسب ما نستقرء ونستظهر – هي أولا: هي الذرية الصالحة, وثانيا: الذكر الحسن قال تعالى لسان إبراهيم (عليه السلام): (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ)([4]) وذلك لأن إبراهيم (عليه السلام) كان مؤسسا لمرحلة جديدة عظمى في تاريخ الأديان وكان هو الأب لما عرف بالأديان الإبراهيمية, والمؤسس يحتاج الى دعائم قوية لكي يضمن ديمومة حركته في امتداد التاريخ وتجذرها واستقرارها، وكان الذكر الحسن دعامة مهمة لتتلقي الاجيال القادمة قيادته وإمامته بالقبول، ذلك ان القائد اذا كان مشوه السمعة عند الناس فانهم لا يسكنون إلى قيادته طوعا وان رضخوا لها قسرا, والقيادة الإبراهيمية هي قيادة ربانية طوعية وهي قيادة للعقول والقلوب.

ولذلك أراد ابراهيم الخليل (عليه السلام) ان يضمن تمامية قيادته وإمامته للأمة في امتداد التاريخ عبر دعامة الذكر الحسن وعبر دعامة الذرية الصالحة الواعية القيادية المتميزة الواصلة إلى مرحلة الإمامة العظمى وبالفعل تحقق ذلك بفضل الله تعالى, فكان ابراهيم قائدا ربانيا يعترف الجميع([5]) بإمامته وريادته في الدعوة الى الله تعالى، كما انه استجيب دعاءه الآخر إذ جعل الله تعالى له ذرية طيبة مباركة خالدة الى أبد الآبدين.. فالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين هم من ذريته, كما ان كافة الأنبياء في الفاصلة بين إمامته حتى زمن خاتم الأنبياء هم من ذريته؛ ولذا سمي بأبي الأنبياء (عليه السلام) مع أن عدداً من الأنبياء الذين سبقوه كانوا هم أيضا أباء للأنبياء اللاحقين, إلا أنه (عليه السلام) اختص من بينهم باسم (أبي الأنبياء) كرامة وتكرمة وإشادة بتأسيسه الأسس الرصينة للتوحيد والدعوة الى صراط الله القويم على مستوى العالم كله.

 

دعائم الاسلام والدور المحمدي (صلى الله عليه وآله وسلم)

كما أن نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت له أدوار وكانت لأدواره دعائم, أما دوره الأساس فكان ما يتعلق بمرحلة التنزيل, اما الدعائم فهي متعددة وكان منها:

1- المساجد: ولكم ان تتصوروا كيف كان سيكون الحال لو خلت بلاد المسلمين من المساجد! ألم يكن ينهار احد أهم دعائم قيادة النبي وهدايته للمسلمين على مر العصور؟.

2- الكعبة المشرفة والمدينة المنورة.

وغير ذلك مما لا نريد التوسع في بيانه الان.

دعائم دور الصديقة فاطمة (عليها السلام)

ولو جئنا الى دور الزهراء (عليها السلام) مثلا: فسوف نجد ان تحدي الظالم والبراءة منه ومقاومته ومواجهته تعدّ أهم ادوارها (عليها السلام), اما دعائم ذلك الدور العظيم فمنها:

1- (فدك) وهي دعامة أساسية وبرهانية بأعلى درجات البرهنة, إذ لا غبار على أحقية الزهراء (عليها السلام) فيها, فمع ان فدك من الناحية المادية لا قيمة لها عند أهل البيت؛ لانهم لا يقيمون للمال وزنا, الا ان من وراء هذه الدعامة (فدك) والمعركة الصغرى التي قادتها الزهراء (عليها السلام) في المطالبة بفدك تكمن معركة كبرى وهي معركة الخلافة ومواجهة جريمة اغتصاب منصب الخلافة الظاهرية التي هي من حق أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام).

ولعل من أسباب ذلك ان القضية الكبرى (غصب حق الإمامة) هي أمر قابل للتأويل والتزوير بحجج وشبهات قد تنطلي على الكثير من المسلمين كما قاموا بذلك بالفعل وزوروا الحقائق وابتدعوا ما يسمى بالخلافة الراشدة والخلفاء الاربعة, في حين ان القضية الصغرى (غصب فدك) هي أمر أبعد عن القابلية للتأويل والتزوير ولذا نجد انه على مر التاريخ ان الخط المقدم لنسف شرعية أبي بكر وعمر كان قضية غصبها لفدك، وكانت فدك هي بوابة معرفة الحقائق الكبرى فكانت هي المعركة الصغرى التي تعد المدخل الناجح للنصر المعنوي في المعركة الكبرى.

2- كما أن (بيت الأحزان) يعتبر من دعائم دور الزهراء (عليها السلام)؛ وإلا فلماذا كانت تذهب إليه يومياً رغم حرارة الشمس وشدة التعب والنصب وهي تأخذ بيدي ولديها الحسنين وتبكي هناك ليلا ونهارا؟.

 

دعائم دور الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)

أما دور الإمام الباقر وابنه الإمام الصادق (عليه السلام)، فكان هو نشر العلوم والمعارف, بينما دعامة هذا الدور الخطير هي الحوزات العلمية المختلفة في الحواضر الإسلامية كالمدينة والكوفة والنجف وقم وكربلاء ومشهد والحلة وحلب وجبل عامل وغيرها وإعداد الفقهاء والمتكلمين والمفسرين والوكلاء على امتداد التاريخ.

ونخلص من هذه الإشارة السريعة الى أن كل دور يقتضي دعائم من سنخه، وإن كل قائد رباني له دور أو سلسلة أدوار أساسية، وعليه أن يجد دعائم رصينة تحمي ذلك الدور وتحافظ عليه، وتضمن له الديمومة والاستمرار من جهة، والتوسع والتجذر من جهة أخرى.

وهذا بحث مهم لم نعثر على من تطرق اليه تفصيلا, اذ لاشك ان أمير المؤمنين (عليه السلام) له دور ولدوره دعائم وكذلك الإمامان الحسن والحسين ثم السجاد([6]) وسائر ائمتنا صلوات الله عليهم مما يستدعي بحوثاً مفصلة.

ولا بد من التنبيه على أن ذكرنا لدور كل إمام لا يعني أنه لم يضطلع بأدوار أخرى, بل القصد إن هذا الدور هو الدور البارز في حياته والذي تميز به فيما نقله إلينا التاريخ الأمر الذي لا ينفي اضطلاعه بأدوار أخرى كما توجد شواهد عديدة على ذلك.

كما لا بد من التنبيه على ان كل الدعائم بدورها قد تستند إلى دعائم أخرى تسندها فتكون للدعائم دعائم أيضاً وهكذا.

بعد هذا التمهيد المفتاحي ننطلق لبعض الحديث عن دور سيد شباب أهل الجنة وبعض دعائم ذلك الدور الخطير:

 

دعائم دور الامام الحسين ( عليه السلام ) ([7])

أما إذا جئنا الى دور الإمام الحسين (عليه السلام) فسوف نجد أنه الثورة ضد الطاغوت والحكومة الجائرة والسلطان الظالم، وأما دعامة هذا الدور فهي: تأجيج العواطف النبيلة في النفس الإنسانية وإذكاء شعلة الغيرة والحمية والشهامة والبطولة والفتوة والتضحية والإيثار، في نفوس الأمة, ولذا نرى أن كل المصائب التي مرت عليه كانت تصب في هذا الحقل في مختلف المراحل، واسماها من مصيبة الطفل الرضيع الى مصيبة أخيه العباس الى سبي الحوراء زينب وسائر بنات الوحي وغير ذلك مما تتصدع له الجبال وتتفتت له الأكباد.

ثم أن دعائم هذه الدعائم تتمثل في الخطباء الكرام والشعراء والرواديد والمداحين والشعائر الحسينية، والحسينيات، بشكل أساسي.

وعند المقارنة بين دوري الإمام الصادق والإمام الحسين ثم دعائم هذين الدورين نجد أن ذلك في فلسفته وجوهره يعود إلى حقيقة الإنسان نفسه، ذلك إن الإنسان يسيّره أمران: العقل والقلب, ولكل منهما دوره الخاص به وان القلب مركز المحبة والعاطفة والحمية والغيرة والإخلاص والتضحية، اما العقل فهو مركز العلم والمعرفة, وان اذكاء المحبة في النفس الانسانية له طريق آخر غير طريق اذكاء شعلة العلم والمعرفة في العقل.

ومن هنا نجد ان الامام الرضا كان يعقد مجلسا حسينيا في بيته ومحل اقامته في خراسان ويبكي ومن معه على ابي عبد الله الحسين ([8])

 

احتياج الدعائم الى الترسيخ والتجذير والتطوير

ثم ان هذه الدعائم سواء كانت الحوزات العلمية أم الشعراء أم الخطباء أم المساجد والحسينيات وغير ذلك من مختلف الدعائم التي أرسى أسسها ودعائمهما الائمة الأطهار (عليهم السلام) حفاظاً على أدوارهم في مسيرتهم الاسلامية والحركية, هذه الدعائم تحتاج ـ كلما مضى الزمن ـ الى تركيز وترسيخ وتعميق وتوسعة ايضا ؛ لان الدعائم مهمتها الاساسية هي المحافظة على ذلك الدور الخطير , الامر الذي يتطلب المحافظة والمراجعة والصيانة لكل ما من شانه ان يحافظ على قوة ورسوخ وشموخ ذلك الدور العظيم الذي ضحى من اجله المعصوم (عليه السلام) سواء بنفسه كما حصل ذلك مع الامام الحسين (عليه السلام) مثلا او بعمره ووقته وطاقاته ومكانته بل وحتى بنفسه كما حصل ذلك مع الامام الصادق ( عليه السلام )([9]).

فكلما كانت الحوزات العلمية اكبر وأوسع كمياً وأكثر ثراءاً كيفياً وكلما كانت أقوى نشرا للفقه والمعارف الاخرى, كان دورها اعظم في المجتمع واكثر تأثيرا, وكانت الدعوة الى التوسعة والتجذير والتقوية والتشذيب والمراجعة وإعادة تقييم بعض الأداء, في الصميم وفي صالح الدور المناط بتلك الدعامة الكبيرة.

والذي يؤكد ذلك ما نشهده من ان الحوزات في بعض البلدان الاسلامية قد ابتعدت عن مهمتها وفقدت ريادتها ومهمتها المناطة بها كما حصل ذلك بالفعل في (الزيتونة) في تونس, و(الأزهر) بمصر الى حد كبير، إذ أصبحت حوزاتهم رقما عدديا من أرقام جامعات ومعاهد البلاد الأكاديمية ففقدت بريقها ورونقها وارتباطها المباشر بالدين ومعارف السماء الى حد بعيد بل أصبحت بدرجة وأخرى أدوات في أيدي السلطة الحاكمة توجهها حيث تشاء.

بينما لا نجد ذلك، بفضل جهود المراجع والعلماء ويقظتهم وحذرهم وشجاعتهم ووضوح الرؤية لديهم، في الحوزات العلمية الشيعية بشكل عام.

وعليه: فكلما طُوِّرت الحوزة ورفدت بالعلماء الأبرار والخطباء الفطاحل ومراكز الدراسات المتخصصة كان ذلك أفضل وأحرى وأجدر.

وهكذا أداء الخطباء الكرام، فكلما تطور الخطيب كان ذلك أفضل، ومن صور التطوير أن يكون الفقيه خطيباً، وأن يكون الخطيب فقيهاً؛ فإن الخطيب الفقيه أفضل وأكمل من غيره غير الفقيه, والخطيب المفسر أقوى في التأثير والهداية والإرشاد من الخطيب غير المفسر وهكذا.

وإن مما يؤسف له أن من النادر أو القليل ان تجد خطيبا متكلما([10]) وهو أولى من غيره وأجدر وأفضل؛ لان من مهام الخطيب بيان العقيدة الصحيحة من الفاسدة للناس وذلك ما يتيسّر للخطيب - المتكلم.

كذلك الحال في الشعائر الحسينية فإنها تحتاج الى تعميق وترسيخ وتجذير وتوسعة وتطوير

 

الشعائر الحسينية ومناهج التعليم المتطورة

عوداً على بدأ فإننا إذا بحثنا مسالة الشعائر الحسينية وأنواعها المختلفة الموجودة حاليا كالبكاء واللطم والتطبير والمشي على الجمر ولبس السواد وغيرها, نجد أنها تشكل أهم دعامة للحفاظ على قوة دفع الثورة الحسينية المقدسة، وذلك لأنها ترتبط بينبوع الصفات النفسية المحركة نحو الثورة على الطغاة، ونحو الانشداد إلى القادة الربانيين، مثل الشهامة والغيرة والحمية والرجولة والبطولة، وهذا كلها تؤججها العاطفة المشبوبة المتوقدة نحو سيد شباب أهل الجنة وأهل بيته والثلة الطيبة من المستشهدين معه، والتي تشكل هذه الشعائر الأسلوب الأمثل للحفاظ عليها.

ويتضح ذلك أكثر إذا لاحظنا البحوث المتطورة لعماء النفس في نظرية المنعكس الشرطي والاستجابة الشرطية وإذا لاحظنا النظريات العلمية في أساليب التعليم المتطورة.

 

توضيح ذلك:

إن نظام التعليم عندنا يعتمد عادة على الإلقاء والسماع من الأستاذ والتلاميذ, ومعنى ذلك إننا استعملنا حاسة واحدة فقط هي السماع, إلا أن التعليم الأكثر تطورا يعتمد على حاسة البصر أيضاً عبر الشاشات الإلكترونية, وعبر عرض رسوم ثابتة أو متحركة توضيحية، الأمر الذي يساعد على وضوح وتركيز المعلومات أكثر في الذهن، بل وإيصال المعلومة إلى الذهن بشكل أسهل وأيسر وأفضل وأكمل.

ومن البديهي أن مزيداً من الحواس إذا تفاعلت مع عملية التعليم كانت الفائدة المرجوة منه أكبر وأعمق وأكثر ثراء وإنتاجاً, فلوا أدخلنا حاسة اللمس مثلاً إضافة الى ما تقدم، في عملية التعليم والتربية والتزكية فان الفهم والنضج والتركيز لدى التلاميذ والمتعلمين سيكون أقوى وأكثر حيوية ووضوحا وتأثيراً, وكذلك الحال مع حاستي الذوق والشم وسيتجلى لنا بوضوح أهمية المنعكس الشرطي في تطوير نظام التعليم عندئذٍ.

 

التعليم التقليدي للحج, والتعليم المتطور

ولنضرب لذلك مثالاً حيوياً ملموساً: يقوم المرشدون لقوافل الحج بإقامة دورات تعليمة لمن يرومون الحج وهي تعتمد في الغالب على الطريقة التقليدية في التعليم من الإلقاء والسماع، فيقول المرشد مثلا:

"الطواف أن تضع الكعبة المشرفة على يسارك وتبدء الطواف من الحجر الأسعد ثم تدور سبعاً حول الكعبة المشرفة", وهذا تعليم نظري، إلا ان الامر مختلف عمليا؛ لان الطواف في الحج يقام به وسط زحمة من الحجاج, وتعب من الجسد وحركة تموجية ضاغطة من الحشود الكثيرة تسلب الطائف طمأنينته واستقراه, بل وكثيرا ما يرتبك الطائف لأول مرة وقد ينسى أو يغفل عن معلوماته النظرية التي اخذها من المعلم المرشد.

ومن هنا على من يريد أن يعلم الحج للآخرين عليه أن يستعين بسائر الحواس كحاسة البصر واللمس بأن يجسد لهم ذلك عمليا من خلال الرسوم المتحركة وصناعة مجسمات مشابهة للكعبة والمقام يدور حولها المتعلم ويلمس شبيه الحجر الاسعد بيده وغير ذلك مما يسمى بنظام المحاكاة([11]).

 

الشعائر الحسينية في أجواء معركة الطف والمنعكس الشرطي

كذلك الحال في مسألة الشعائر الحسينية، فإن الغاية من التطبير مثلاً هي إن يعيش المؤمن أجواء الحرب، ولذلك يُستخدم الطبل والصنج ليملأ السمع بأصوات المعركة والبصر بمشهد من مشاهدها، وكذلك جرح الرأس ليشاهد الناس منظراً تجسيدياً من مناظر المعركة بل وليشموا رائحة الدم أيضاً فيعيشوا أجواء واقعة الطف وكأنها على الطبيعة لا مجرد كلمات وخطب وأشعار وكذلك المشي على الجمر ليتجسد المؤمنون مشاهد حرق خيم العترة الطاهرة وامتلاء أرض المنطقة بشرارات النار وقطع الخشب والقماش المحترق وفرار العترة الطاهرة من نساء وأطفال على أرض مزدحمة بالنار والحرارة والجذوات المشتعلة.

وفي القصة التالية شاهد على ما نقول:

فأحد الآباء في إحدى البلاد الغربية خاف على أولاده أن ينخرطوا مع المدمنين على المخدرات؛ لأن نسبة المدمنين في ذلك البلد في المدارس المتوسطة قد تصل الى 30 %.

ففكر ذلك الأب في الوسيلة المثلى لتحصين أولاده؟ فتوصل الى أن أفضل طريقة هي طريقة المشاهِد الحقيقية والإحساس المباشر عبر اطلاع أولاده على حال المدمنين على أرض الواقع ففتش عن المراكز والدور المعدة لذلك فوجد احدى المراكز التي تضم عدداً من المدمنين الذين تجاوز ادمانهم الحد الطبيعي.

فأخذ أبناءه الثلاثة معه في جولة اعتيادية وفي ضمنها مرّ بهم على هذا المركز فشاهد الأولاد المرضى المدمنين وحالتهم المزرية وانبطاح بعضهم على الأرض أو السلالم وخروج السوائل من أفواههم وأنوفهم بلا إرادة واختيار وشاهدوا بعض تصرفاتهم الشاذة الغريبة وغير ذلك مما تشمئز منه النفوس وتنفر منه الطباع, فادركوا حقيقة الادمان على المخدرات وخطرها على حياتهم ومستقبلهم ورجعوا الى اهلهم واخذوا واحداً من أعظم دروس حياتهم.

 

فلسفة التكرار في القرآن الكريم

بعض المفكرين حلّل فلسفة التكرار في القرآن الكريم بغير ما عهدناه من تأكيد أنه لا تكرار في القرآن نظراً لأن الزوايا مختلفة والأبعاد متعددة والخصوصيات متفاوتة والدرس المستفاد مختلف فالتكرار ظاهري وليس حقيقياً، وهذه الأجوبة وإن كانت صحيحة إلا أن هذا المفكر تناول القضية من بعد آخر، وذهب إلى أن الفائدة التكرار تكمن في بعد آخر أيضاً، وهو أن نفسر التكرار من زاوية القلب وليس من زاوية العقل فقط فالتكرار تلقين وايحاء وتجذير فله موضوعية اذن بحد ذاته.

مثلا: قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) فانه ليس المراد من تلاوة هذه الآية كل مرة معنى جديداً بان يراد اهدنا الصراط المستقيم في السياسة تارة وفي الاجتماع مرة وفي الاقتصاد ثالثة وغير ذلك من الزوايا المختلفة, بل ان التكرار يراد منه التركيز على نفس المضمون مرات ومرات حتى يتجذر ويتجوهر ويتركز وليس بالضرورة ان يكون ناظرا الى زاوية مختلفة وإلى تنويع في مفردات الهداية ومصاديقها، وبعبارة أخرى: ان نفس الكلي الطبيعي للصراط المستقيم الساري في كل أفراده، هو بذاته وبكل دلالاته يجري تأكيد طلبه وتكراره ليمنحناه الله من فضله وجوده وكرمه.

مثال آخر: الاب حينما يحتضن ولده ويقول له: أحبك ويكرر ذلك مراراً وتكراراً فإنه لا يريد: إني أحبك في هذه المرة من هذه الجهة وفي المرة الثانية من الجهة الأخرى وهكذا، بل يريد تركيز هذا الحب في منطقة القلب وإذكاء هذا الشعور في نفسه؛ لأن عالم الأحاسيس يحتاج الى تأجيج وإلهاب وتسكينها أيضاً عبر التكرار.

وبكلمة: فإن منطقة القلب والعواطف النبيلة لها مقتضيات كما لها محفزات ودعائم ومظاهر وتجليات، كما أن منطقة العقل لها مقتضيات وروافد ودعائم وتجليات.

ومن هنا لايمكن ان نحصر قضية الامام الحسين في قالب الفكر الجامد وحسب بل لابد من وجود الدعامة الصحيحة لهذه القضية الكبرى الثرة المعطاء وهذه الدعامة هي العواطف النبيلة الجياشة، والتي تحتضنها الشعائر وتعد الدعائم لها من جهة والتجليات لها من جهة أخرى.

 

اشكالٌ واهٍ: يضحكون منا!

قد يقال ان الغرب يضحك منا اذ نمارس بعض أنواع الشعائر الحسينية؟

فنقول : متى اخذنا ديننا من انطباعات الآخرين عنا ومن مواقفهم تجاهنا؟ فليضحكوا او لا يضحكوا, فليس ذلك هو المقياس في شرعية الشعيرة من عدمها.

ومثال ذلك: ولاية الفقيه, فاذا ما توصل الفقيه الى ان ولاية الفقيه بحدودها سعة وضيقاً هي النظرية الصحيحة بحسب الادلة الشرعية التي توصل إليها فانه يجب عليه ان يفتي طبقا لذلك ولا يضره من قَبِل بذلك او رفضه, ضحك عليه او بكى منه, حتى وان سماه البعض استبدادا ودكتاتورية دينية او غير ذلك.

مثال آخر: الحجاب... وكذلك: حرمة الذهاب الى النوادي المختلطة الماجنة، فإن البعض قد يستهزء بلبس الفتيات المسلمات في الجامعات للحجاب أو في بعض بلاد الغرب، أو قد يستهزأ بذلك الذي لا يذهب أو بتلك التي لا تذهب الى تلك النوادي المختلطة.

والمهم أن يقال: إن استهزاء الآخرين غير مؤثر في شرعية تعاليم ديينا الحنيف أي لا يسلب شرعية مناهجنا وقوانيننا وشعائرنا، كما أنه لا يمنح غيرها الشرعية.

بل إن الغرب أصلا يضحك على أصل ديننا فضلا عن فروعه وتفاصيله ويعتبره ديننا مزيفا يدعو الى الإرهاب وسفك الدماء وغير ذلك.

هذا كله إضافة إلى أن الاستهزاء بالدين أو تعاليمه أو مناهجه أو شعائره، كان من دأب الكفار والمنحرفين في مقابل مناهج الأنبياء والمرسلين، فقد قال تعالى: (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) فهل يبقى مع ذلك مجال لأن نجعل استهزائهم وضحكهم منا، مقياساً لمدى شرعية عملٍ ما وان نهندس أفعالنا وتروكنا على ضوء مقاييسهم!

 

استدلال سقيم: انها تخلف ورجعية!

وقد سمعت البعض يستدل على حرمة بعض الشعائر الدينية بأنها تخلف ورجعية!!.

وهذا الاستدلال خطأ واضح لأن التحضر والتخلف ليس من المقاييس الشرعية ولا يعدّان أدلة إلى جوار الأدلة الأربعة!

مثلا: لبس القلادة الذهبية أو الساعة الذهبية, يعتبره البعض تحضرا وموضة، في حين إن الإجماع قائم على حرمة لبس الذهب للرجال, فهل نتخلى عن أحكامنا الشرعية من أجل ما يسمونه تحضرا وموضة؟!!

 

نموذج مذهل من غسيل دماغ شبابنا

قبل 20 سنة كنت في بريطانيا والتقيت هناك بشخص من عائلة معروفة بها العديد من رجال الدين وكان يدرس في إحدى كلياتهم السياسية، وكنت أعرفه قبل ذلك بسنين فوجدت أفكاره متغيره ومتبدلة, وكان من المذهل لي أن وجدته يقول: انني وصلت الى قناعة جديدة في سر تخلفنا، وهي إن السبب الأساس في تخلفنا هو إقامتنا لمجالس الإمام الحسين (عليه السلام) ومشاركة جماهيرنا فيها!!

وفي الحقيقة استغربت كثيرا بل ذهلت لما قال، لأني كنت أظن أن يقول مثلا إن سر تخلفنا هو الجهل أو الحكومات الدكتاتورية أو عدم تطبيق القوانين الإسلامية الحيوية كالشورى والحريات أو غير ذلك فقلت له: كيف وصلت الى هذه القناعة؟

فقال: لأنها تشدنا الى الماضي السحيق! وأليس التخلف إلا الرجوع الى الوراء لأن هذه الحادثة حصلت قبل أكثر من 1300 سنة, ثم تأتون أنتم يا رجال الدين فترجعون الناس الى ذلك الزمن السحيق، والمفروض أن نفكر في المستقبل وحسب كما يصنع الغرب!!

فاستغربت أكثر وقلت له من جنس تفكيره: هل رأيت شوارع لندن وبناياتهم القديمة قال: نعم, قلت ألا ترى كيفية محافظتهم عليها وسنهم القوانين التي تمنع من هدمها وتحافظ على نفس هيئتها الموغلة في القدم لأنهم يعتبرونها من الآثار؟

ثم قلت له: إن الأمة التي لا تاريخ لها لا مستقبل لها أيضا، ونحن نتزود من الماضي لإذكاء وتنوير المستقبل، و(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ) .

وذكرت له أمثلة أخرى إلا أنه بقي مصرا وانحرف بعد ذلك أكثر ولم يرعوِ... ومن الواضح أن (الانهزامية) تبدأ من قضية أو شعيرة أو موقف ثم تمتد وتتوسع إلى آفاق قد لا يتصورها حتى الشخص نفسه!.

 

نموذج غريب آخر!

في زمن البهلوي برزت موجة من نوع آخر ضد المجالس الحسينية (ذلك إن هذه الموجات لا تتوقف عن حد، بل تتغير اتجاهاتها فقط، فتارة ضد هذه الشعيرة وأخرى ضد تلك) وقالوا: ما هذه المجالس التي يقيمهما رجال الدين المتخلفون، وأليست إلا مجالس العجائز: بتكرارها ورجعيتها وجمودها.. والغريب انخداع البعض بهذا الكلام غير المنطقي الذي لا يعدو أن يكون استدلالاً بالصغرى على الكبرى وببعض المفردات على كل الظاهرة مع أن الجزئي لا يكون كاسبا ومكتسبا, فلو فرضنا وجود مجالس متواضعة علميا وفكريا فان ذلك لا ينفي وجود مجالس حسينية يقيمها المفكرون والمحققون والخطباء الكبار وفيهم الفقهاء والمحققون والمثقفون.

وكان السيد الوالد يقول لهم: أولا: هل تزدرون بالعجائز وهنَّ أمهاتنا أو جداتنا أو أخواتنا؟ وماذا يضركم لو عقدت مجالس لهن حسب النمط الذي يلبي حاجاتهن ويتناسب مع مستوياتهن؟.

وثانيا: إن تكرار الخطيب والقارئ ليس بالفعل المذموم، بل هو فعل ممدوح حسن، وذلك لأنه لا يكرر إلا الكلام عن الشجاعة والوفاء والتضحية والغيرة والحمية والعاطفة تجاه حماة الدين ومظلوميتهم، وما جرى عليهم ومقارعتهم لأعتى حكومة استبدادية على وجه الأرض حينذاك.

وثالثا: مَن الأفضل هل هذه العجوز التي تبكي على قادة الإسلام وحماة الإنسانية وتتفاعل معهم روحيا وعاطفيا, أو تلك العجوز في الغرب حيث تقضي باقي عمرها في مشاهدة الأفلام والمسلسلات الفارغة، وكيف لا يكون هذا تخلفاً وتحجراً ويكون ذاك تخلفاً ورجعية!

 

في الختام

وصفوة القول: إن الدعامة الرئيسية للثورة الحسينية هي: العاطفة المذكاة المشبوبة المتأججة عبر شتى الشعائر الحسينية من بكاء أو صرخة أو لطم شديد أو ادماء أو شبه ذلك...

وقد تواترت الروايات في كتبنا المعتبرة في شرعية ذلك وفي الحث عليه، وهنا نشير إلى ما ورد في كتاب كامل الزيارات عن الإمام الصادق (عليه السلام): "إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ما خلى البكاء والجزع على الحسين (عليه السلام) فإنه فيه مأجور.."

وفي التهذيب: ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطمياتُ على الحسين بن علي (عليهما السلام) وعلى مثله فلتلطم الخدود وتشق الجيوب) والحديث حول الروايات يستدعي عقد فصل خاص سنتطرق له في المستقبل ان شاء الله تعالى.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

http://m-alshirazi.com

                                                            ...............................................................................

[1]) البقرة 124.

([2]) إبراهيم 37.

([3]) إبراهيم 40.

([4]) الشعراء 84.

([5]) من أتباع الاديان السماوية الشهيرة.

([6]) يمكن أن يقال: إن دور الإمام الحسن عليه السلام هو فضح الدولة الأموية, ودعامته (الصلح) الذي لم يلتزم معاوية ببنوده مما أدى الى كشف القناع عن زيفه.. كما أن دور الإمام الحسين (عليه السلام) هو الإصلاح في أمة جده (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعامتة: (ثورته المقدسة واقعة كربلاء الشهادة)... كما أن دور الإمام السجاد هو حفظ الأمة من الضياع والترف المادي الذي ساد البلاد الإسلامية إثر موجة الفتوحات والغزوات التي كانت تقوم بها الحكومات آنذاك, ودعامته (الدعاء) الذي تمثل بزبور آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الصحيفة السجادية ... وهكذا سائر الأئمة عليهم السلام لكل منهم دور ودعائم ساندة (المقرر).

([7]) إنما أخر السيد الأستاذ (حفظه الله) دور الإمام الحسين عن دور الإمامين الصادقين (عليهما السلام)؛ لأن محور الحديث وجله سيتركز على قضية الإمام الحسين عليه السلام, خصوصا، وإننا نعيش أيام محرم الحرام 1436هـ (المقرر).

([8]) إذ كان يدعو الشعراء الى إلقاء قصائدهم الرثائية الرائعة كما حصل ذلك مع الشاعر المعروف دعبل الخزاعي في قصيدته التائية الشهيرة والتي مطلعها:

مدارس آيات خلت من تلاوة   ومنزل وحي مقفر العرصات (المقرر)

([9]) إذ انه صلوات الله عليه قتل مسموماً كسائر آبائه وأبنائه المعصومين كضريبة على قيادته الربانية للأمة الإسلامية.

([10]) عالم في علم الكلام والعقائد (المقرر)

([11]) ويمكن ان يتضمن التعليم في بعض مفرداته حاسة التذوق والشم، كأن يعطي للمتعلم بعض ماء زمزم مثلاً ليشمه ويشرب منه فيعيش أجواء الحج بشكل أقوى وأفضل.

                                                         ....................................................................

من دروس سماحة آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي، في التفسير والتدبر، المحاضرة (195)، ألقيت في مدينة النجف الأشرف، يوم الأربعاء 18/ محرم الحرام / 1436هـ.

8/صفر الخير/1436