بحوث
فقهيّة |
اتصال النجف والكوفة سأل أحد الفضلاء: النجف والكوفة اليوم متّصلتان، فهل تقولون بحكم التّخيير بين القصر والتّمام في النجف؟ قال سماحته: إنّ حكم التّخيير بين القصر والتّمام حكم خاص، وقد ذكرت الرّوايات فيها أربعة عناوين: مكّة، والمدينة، والكوفة، وكربلاء، فإذاً لابدّ أن يطلق عليها اسم الكوفة، ولكن ليست كذلك حقيقةً، نعم إذا قيل في يوم من الأيام للنجف الكوفة نقول حينئذٍ بالتّخيير، كما يطلق اليوم على السّهلة بالكوفة. بناءً على ذلك فإنّ الملاك صدق اسم الكوفة عُرفاً، لأنّ موضوع حكم التّخيير الكوفة. وحكم التّخيير حكم خلاف الأصل ويكتفي بموارد النص، وأصل التخيير ليس إجماعيًا؛ وإنْ كانت لها شهرة عظيمة، ويقول الفقهاء عن هذه الأماكن الأربعة: «التّمام أفضل والقصر أحوط»، والتّعبير عن الأحوط في القصر لجهة وجود المخالف في المسألة.
تبديل المدينة إلى مدينتين سأل أحد الفضلاء: إذا تبدّلت المدينة الكبيرة إلى مدينتين وانفصلتا، فهل لهما حكم المدينة الواحدة أم لا؟ قال سماحته: إذا أصبحت عند العرف مدينتين، وعلى سبيل المثال أصبحت بينهما الصحراء، فإنّ لهما حكم المدينتين، وبناءً على هذا فإنّ الملاك هو العرف العام، وتسمية الدّوائر الحكومية ليست لها معياراً، وأنها من ناحية التّقسيمات الإدارية هل لها اسمان أو اسماً واحداً.
حكمة السفر وقصر الصّلاة قال أحد الفضلاء ضمن البحث عن البلاد الكبيرة: في بعض روايات السفر وردت: «شغل يومه»، والعلّة تعمّم، ومن جهة أخرى نقول: أنّ حكم البلاد الكبيرة مختلفة عن البلاد الصغيرة. قال سماحته: هذا التّعليل قيل في موضوع السفر، والسفر في اللغة العربية كما مرّ، هو الخروج عن المدينة وليس التحرّك داخل المدينة، والعلّة توسّع الحكم وليس الموضوع، و«شغل يومه» لا يريد أن يقول: غير السّفر موضوعاً سفرٌ، وله حكم السفر. في رواية محمد بن مسلم، عن الإمام الباقر (عليه السلام): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(ع)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّقْصِيرِ، قَالَ: فِي بَرِيدٍ، قَالَ: قُلْتُ: بَرِيدٌ، قَالَ: «إِنَّهُ إِذَا ذَهَبَ بَرِيداً وَرَجَعَ بَرِيداً شَغَلَ يَوْمَهُ».
شمولية خبر الثقة سُئل سماحته: هل ما يقوله العلماء: أهل الخبرة الثّقة قولهم حجّة حتى وإن لم يكونوا شيعة، وهل تتنافي مع رواية: «لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا» . فقال دام ظله: حجيّة خبر الثقة غير المسلمين مورد للبحث في موردين اثنين، وهما: الأول: مسألة الأحكام، أي الواجب والحرام والمستحبّ والمكروه والمباح. الثاني: موضوعات الأحكام. وأقوال العلماء في حجّية القول المطلق لأهل الخبرة الثّقة هي في الموضوعات. وهل أنّ أهل الخبرة الثّقة حتى وإن لم يكن مسلماً، قوله حجّة في الموضوعات، ذكرت هذه المسألة في (العروة)، وقبل بها الأغلبيّة. علماً بأنّ حجيّة قول أهل الخبرة الثّقة هي في مكان لا تكون خلافها محرزة. الدّليل بأن قول الثقة غير المسلم ليست حجّة في الأحكام هو الإجماع ظاهراً. وأمّا بالنسبة للمسلم غير الشيعي، وهل أنّ قوله حجّة في باب الأحكام أم لا؟ محلّ خلاف، فجماعة كمثل الشهيد الثاني في الرجال وولده صاحب (المعالم) في الفقه، قالوا: يجب أن يكون شيعياً في باب الأحكام، وذلك استناداً على وجوه، ومنها هذه الرّواية: «لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا». لكن مشهور الفقهاء الشّهرة العظيمة، فيقولون: حينما يكون ثقة كاف، ولا يلزم أن يكون إمامياً أو اثنا عشرية، ولذلك فإنّ في الرّواة العديد من غير الشيعة الإثنا عشرية الإمامية، ولكن المشهور عملوا برواياتهم. وأمّا رواية: «لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا»، فإنّ المشهور قالوا: الجهة نهت عن الرّواية من أخذ الأحكام عن غير الشيعة، لأنّ الأغلبية كانوا كذلك، لأنه ليس هناك اطمئنان من غير الشيعة، وهو ليس محلاً للثّقة، وأمّا لو كان من أهل الثّقة ومورداً للاطمئنان، فإن الرواية لا تشمله. علماً بأنّ تتمّة الرّواية تُشير إلى هذا البحث: «وأمّا ما ذكرت يا علي ممّن تأخذ معالم دينك، لا يأخذنّ معالم دينك عن غير شيعتنا، فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، إنّهم أؤتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه، فعليهم لعنة الله وملائكته، ولعنة آبائي الكرام البررة، ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة»(بحار الأنوار. العلامة المجلسي، ج٢، ص٨٢). * جانب من الجلسات والمطارحات العلمية في بيت المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي(دام ظله)، بمدينة قم المقدّسة |