تنمية الأخلاق |
س: برغم أهمية مكارم الأخلاق في الإسلام، ورغم أن الجميع يرى في مكارم الأخلاق خير الدنيا والآخرة؛ إلا أن مجتمعاتنا المسلمة عموما تعيش واقعًا لا يسر! ج: يُروى عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (أقل ما يوضع في الميزان تقوى الله والخلق الحسن). وعنه (صلى الله عليه وآله): (إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيام أحسنكم أخلاقا). يقول المرجع المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي الثاني(قده): "إن الدين الإسلامي منذ أن أعلن نبيه العظيم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) أبدى شيئاً لم يكن بالحسبان، وهو الارتباط الوثيق بين الدين والخلق". ويؤكد(قده) أن "مَنْ لا فضيلة له لا دين له؛ وإنْ صلّى وصام وزكّى وحج، ومَنْ لا دين له لا فضيلة له؛ وإنْ جاد وأعطى وواسى ووفى". ويشير المرجع الشيرازي (دام ظله) إلى أن المرء لا يلمس نتيجة سعيه إلى مكارم الأخلاق إلاّ عندما يصبح ذا قلب سليم وتصبح الأخلاق والفضائل ملكات لديه، عندها يشعر بلذّة الأخلاق والوصول إلى مراتبها العالية، وعندها يعرف قيمة ترويض النفس ومخالفة الشهوات. ويبيّن(دام ظله) أن "الأخلاق لا تصبح ملَكة عند أحد إلا بعد أن يحارب نفسه ويخالفها، ويستمرّ في مخالفتها حتى تصير مكارم الأخلاق ملَكَة .. وهذا لا يحصل بيوم وليلة بل هو بحاجة إلى وقت بطول عمر الفرد؛ لذلك أصبح الارتقاء في مدارج الأخلاق صعباً بل أصعب من الاجتهاد في الفقه. وخير دليل على ذلك، ما نلمسه في الواقع الخارجي، حين ترى أنّ عدد مَنْ بلغوا مرتبة الإنسان المتّزن أندر من عدد المجتهدين". وهذا ما جاء في مضمون السؤال. بالتالي فإن الأخلاق كغرس بذرة لتنمو وردة جميلة؛ وعموماً تنمية الأخلاق في المجتمع تحتاج إلى رعاية الدولة ومؤسساتها، واهتمام الأسرة والمجتمع ومنظماته. في الوقت أن تعلّم الأخلاق يحتاج إلى معلم وتعليم، وهذا موجود في دول العالم المتقدمة في مجال التعليم، حيث التلاميذ في المراحل الأولى؛ وحتى في المراحل الجامعية، يتعلمون ضرورة الصدق والأمانة والإخلاص في العمل والتعاون مع الآخرين ومساعدة المحتاج، كما يتعلمون مساوئ الكذب والغش والنفاق وغيرها من الصفات المرفوضة وآثارها الخطيرة على الروح والسلوك، وعادة التعليم يكون من خلال منهج يتضمن دروسًا نظرية وتطبيقية وعلى مدى سنوات. |