السياسة

س1: ما هو القانون الذي يعمل به في الدول الإسلامية؟

ج : القانون المستفاد من الكتاب والسنة والإجماع والعقل.

س2: هل في الإسلام (أحزاب)؟

ج: لا بأس بالحزب إذا كان مقدمة للبرلمان الذي هو مقرر للتنفيذ، أما الحزب الذي هو مقدمة للبرلمان الذي بيده التشريع فلا، وذلك لأن تشريع القانون خاص بالله سبحانه.

س3: من يصنع هذا القانون بصيغة عملية؟

ج: الفقهاء العدول العلماء بالدين والدنيا.

س4 : لماذا لا يجوّز الإسلام الأحزاب غير الإسلامية؟ أليس ذلك كبتاَ للحريات ، وأليس ذلك يوجب أن تكون حكومة الإسلام اقل حرية من حكومة أمريكا وفرنسا؟ مع أن الاسلام دين الحريات، لا دين الكبت والخنق.

ج: إن الإسلام دين بني على العقيدة الصحيحة والشريعة المدعمة بالأدلة، وليس من الصحيح إجازة الصحيح للغلط، وواضح أن الانحراف في العقيدة ينتهي إلى الانحراف في العمل، والانحراف في العمل معناه هدم الحياة. ولا يقال أن بلد الإسلام اقل حرية بل يقال أن أمريكا بجهلها أجازت الفوضى، لأن تلك فوضى وليست حرية كما أباحت الزنى، وأجازت استغلال الإنسان القوي (الرأسمالي) للإنسان الضعيف، وان أمريكا وفرنسا وبريطانيا مثلاَ لم تجز إلا الأحزاب التي تعمل في إطار الوطنية، ولا تجيز الأحزاب التي تعمل خارج هذا الإطار.

س5: هل في الإسلام انتخاب، وأصوات، وبرلمان، ومجالس بلدية؟

ج: نعم فيه كل ذلك لكن بالصيغة الإسلامية، فالبرلمان للتنفيذ وتطبيق القوانين الكلية على الموارد الجزئية، لا للتشريع.

س6: ما هي النظرية السياسية لسماحتكم بالنسبة لمسألة الحكم في الإسلام وما هو تعليقكم على نظرية ولاية الفقيه؟

ج: الحكم في عصر غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) يجب أن يبتني على نظام (شورى الفقهاء) حيث تتخذ القرارات المتعلقة بمجموع الأمة طبقاً لنظر أكثر الفقهاء المراجع، وأما في المسائل الفردية فيرجع كل شخص إلى مرجع تقليده، للتفصيل يمكنكم مراجعة كتاب (الفقه السياسة) و (الشورى في الإسلام) لسماحته دام ظله.

س7: هل ولاية الفقيه مطلقة أم مقيدة؟

ج: ولاية الفقيه مقيدة بالإطار الشرعي وضمن شورى الفقهاء المراجع.

س8: هل يجب الانصياع لأحكام الولي الفقيه أم لا؟

ج: يلزم الانصياع لشورى الفقهاء المراجع.

س9: ما هو حكم الانتخاب لمجلس الأمة والوزارات وما أشبه وما هي الشروط التي يلزم توفرها في المرشح لكي يجوز انتخابه؟

ج: تجوز المشاركة في الانتخابات مع مراعاة الضوابط الشرعية. أما الانتخاب فينبغي أن يكون للأفضل.

س10: هل يرى الإسلام أفضلية في الحلول السلمية على استعمال العنف؟

ج: الأصل في الإسلام هو السلم.

س11: هل يجوز في الإسلام فرض الحصار الفكري على المجتمع؟

ج: لا يجوز.

س12: ما هو رأي سماحتكم بالحوار الشيعي: الشيعي عبر شبكات الإنترنت حيث تجري في هذه الحوارات طرح قضايا عقائدية وسياسية وغيرها تتيح للأطراف المتحاورة معرفة ما يجري في البيت الشيعي من قضايا عامة وطرح ما يثيره الأعداء من الشبهات والتشكيكات وردّها؟

ج: لا إشكال في الحوار مع مراعاة الموازين الشرعية.

س13: كيف تعامل الإسلام مع السلطة؟

ج: يجب أن تكون السلطة بالنسبة إلى غير المعصوم(عليه السلام) باختيار الناس ورضاهم، مضافاً إلى توفر الشروط الشرعية الأخرى.

س14: هل يجوز حرق ممتلكات الآخرين كسيارتهم أو بيوتهم أو ما أشبه، وتهديدهم بمجرد الاختلاف في الآراء؟

ج: لا يجوز.

س15: ما هو الأصل والأساس الفقهي لولاية الفقيه وما علاقته بشورى الفقهاء المراجع؟

ج: هناك أدلة عديدة تدل على ولاية الفقيه في الأمور الحسبية، أما الأمور العامة التي ترتبط بالعباد والبلاد كالحرب والسلم والمعاهدات الدولية وما أشبه، فالولاية لا تكون إلاّ لشورى الفقهاء المراجع مما يشكل نوعاً من الوقاية من الأخطاء التي توجب الأضرار الكبيرة والتي ترتبط بالدماء والأموال والنفوس وما أشبه، وقد ذكرت المباني الفقهية لذلك في(الفقه).

س16: ما رأي سماحتكم فيما يحدث من عمليات إرهابية وعنف ضد الأبرياء؟

ج: لا يجوز العنف،والمشاكل والمسائل الاختلافية لا بد أن تحل بالطرق السلمية.

س17: هل يجوز إدخال الأبناء المدارس الحكومية مع ما فيها من مخاطر أخلاقية وعقائدية، سواء في البلدان الإسلامية أوغيرها؟

ج: ينبغي تعليم الأولاد ما يصلح دينهم ودنياهم، وعلى الوالدين توجيههم وتحصينهم وتوفير المناخ الديني المناسب في المنزل وغيره، والحل المناسب هو تأسيس مدارس دينية متطورة في مختلف البلاد.

س18: في مثل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها اليوم في العراق ما هي النصيحة التي يقدمها سماحتكم إلى الشباب المؤمن في هذا البلد الجريح؟

ج: ينبغي بعد الإيمان بالله (تعالى) والالتزام بالشريعة المطهرة التثقف بثقافة القرآن الحكيم وثقافة أهل البيت عليهم السلام، ونشر ذلك بين الناس، وهداية أكثر عدد من الشباب، والحيلولة دون وقوعهم في فخاخ الشياطين، والتخلق بالأخلاق الحميدة، وخدمة الناس جميعاً. ومن الأمور المهمة في هذه المرحلة: تأسيس اللجان الدينية والثقافية والاجتماعية التي تنهض بسد الفراغات الموجودة في المجتمع. قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} وفي الحديث الشريف: (يد الله مع الجماعة).

س19: في الدول الإسلامية التي تجري فيها الانتخابات قد لا تتدخل المرجعية في إبداء رأيها حول اختيار الشخص أو القائمة، فهل هذا يعني أن المكلّف حرّ بلا قيد أو شرط في انتخاب القائمة أو الشخص؟ أم لابد من مراعاة الشروط؟

ج: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). وعليه فكل إنسان مسؤول عن ما يجري على بلده وشعبه، وينبغي عليه القيام بما يقدر عليه من إصلاح وكل ما يسهم في توفير السعادة للمجتمع، وهذا لا يكون إلا بمراعاة شروط المرشحين وانتخاب المؤمن الثقة الخدوم منهم.

س20: لماذا بايع الإمام الحسن (سلام الله عليه) معاوية؟

ج: الإمام الحسن (ع) صالح معاوية ولم يبايعه، وقد كان الإمام (ع) مضطراً الى الصلح, وذلك من أجل المصلحة الإسلامية عامة, وحفاظاً على دماء المؤمنين خاصة, بعدما رأى تخاذل أكثر أصحابه وركونهم الى الدعة والراحة, ورغبتهم في الصلح, فلم يكن أمامه إلا قبول هذا الخيار على مرارته وصعوبته, فصالح معاوية كما صالح جده (ص) المشركين في الحديبية.

س21: ما هو نظركم في الانتخابات؟

ج: إن الذي يحق له الإمامة والحكومة على قسمين:

1- منصوص من الله (تعالى)، وهو النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثنا عشر من أهل بيته (عليهم السلام) الذين عيّنهم الرسول، وعرّفهم بأسمائهم. ولا مجال للانتخابات في هذه الصورة.

2- غير منصوص من الله (تعالى)، بل مذكور بالمواصفات والمؤهلات وهذا يكون في زمن الغيبة كزماننا هذا، فيجوز الانتخاب (في هذا الفرض)، ويتحرّى الكفوء والمؤهل للحكم المتوفر فيه الشروط الشرعية المذكورة في محلها.

س22: في العراق نحن مقبلون على انتخابات نيابية قريباً، فإذا كنت أعتقد أنه لا يوجد من أعرفه مؤهلاً لأعطيه صوتي، فهل يجوز شرعاً أن أعطيه لأيٍ كان، أم أنّ الأفضل الاحجام عن الانتخابات؟
ج: السيد المرجع: يشترك لينتخب ـ مع التحقيق والمشورة ـ المؤمن الأفضل، والخدوم الأنفع لأبناء وطنه المؤمنين، ولا ينتخب أياً كان، فإنها مسؤولية كبيرة، ولا يستهان بها.

س23: تحت عنوان (التنافس الانتخابي) تجري - في بلدان إسلامية – عمليات تسقيط الآخر، دون مراعاة للضوابط الأخلاقية التي دعا إليها نبي الإسلام الذي قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). ما رأي سماحتكم بهذه الظاهرة التي انعكست بشكل سلبي على حقوق الشعب وحياتهم، وحاضر البلاد ومستقبلها؟
ج: قال الله تعالى وهو يخاطب الرسول الكريم: ((قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)) الاسراء/53، وقال سبحانه: ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)) الحجرات/13، يعني لا لتناكروا وتباغضوا ويسقط بعضكم البعض الآخر، وقال عز وجل: ((سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنّة عرضها كعرض السماء والأرض)) الحديد/21. والمسابقة إلى المغفرة والجنة تتطلّب احترام الآخرين وتكريمهم، وفي تكريم الآخر واحترامه تكريم واحترام للإنسان نفسه، فلابد للمؤمنين المتصدين للعمل السياسي من مراعاة الثقافة الإسلامية في مثل هذه الأمور، كي يكونوا مرفوعي الرأس عند الله وفي نظر مجتمعهم، بل في نظر كل المجتمعات البشرية، ويكونوا قدوة حسنة في هذا المجال للجميع إن شاء الله تعالى.

س24: ما هو رأي سماحتكم في "ظاهرة" انخراط علماء دين، وخاصة من طبقة ذوي العلم والثقافة المتوسطة، أو من هم دون ذلك، في العمل السياسي، مع بقاء تمثيلهم للمؤسسة الدينية شكلاً وممارسة؟ وكأنهم قد استسهلوا هذا الطريق لتحقيق طموحاتهم، إن في النجاح أو الشهرة، أو في المكانة المجتمعية، فضلاً عن المكاسب المادية والمعنوية، والتي قد يصعب على أترابهم الحصول عليها بيسر، في النشاط المؤسسي الديني التقليدي. والحال أن انشغالهم هذا سيفضي إلى ابتعادهم عن التحصيل العلمي بالضرورة لعدم تفرغهم له، وأولوية اهتماماتهم الجديدة، وقد يتعارض هذا الوضع، مع تعاليم (الأمانة) في الإسلام، وأيضاً يتعارض مع طروحات مؤسسة المرجعية العلمية، التي لها اشتراطات للتصدي لتمثيل الشعب نيابياً، والعمل السياسي في الدولة، تتعلق بالكفاءة والأهلية العلمية. بموازاة ذلك، فإن فشل أو انحراف ذلك المتصدي سينعكس سلباً على عموم المؤسسة الدينية. فما قولكم دام فضلكم؟
ج: جميع أفعال الإنسان ومواقفه لا تخلو من إحدى الأحكام الخمسة، إما الحرام أو الواجب أو المستحب أو المكروه أو المباح، وفي الحكمين الأولين لا بد للمكلف من أجل إبراء ذمته أمام الله تعالى من أن يكون مجتهداً أو مقلداً أو محتاطاً، وتزداد أهمية هذا الأمر وخطورته كلما زادت تبعات العمل وآثاره في الدارين، وخاصة لمثل علماء الدين والمنخرطين في سلكهم، فإن عليهم _كما حثت عليه الأحاديث الشريفة_ أن يكونوا زاهدين في الدنيا ومناصبها، معرضين عن مباهجها وزخارفها، مقبلين على إصلاح أنفسهم ونشر الصلاح بين الناس، عاملين للثواب وللآخرة، ويكونوا خير مصداق لما أوصى به الإمام أمير المؤمنين الإمامين الهمامين: الحسن والحسين ع بقوله: "وألاّ تبغيا الدنيا وإن بغتكما، ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما، وقولا بالحق، واعملا للأجر، وكونا للظالم خصماً، وللمظلوم عوناً ..." الكتاب رقم "47" من نهج البلاغة.

س25: ينقل عن سماحتكم القول: (يقول لك الإسلام: إعمل ما تشاء، فلك حرية العمل شريطة ألا تضر غيرك، فإنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، لا ضغط ولا جبر ولا إكراه ولا كبت للحرية في الإسلام). السؤال: هل سلوكيات التدخل في حياة الآخرين وحرياتهم الشخصية كحريتهم في المعرفة واللباس مسموحة؟
ج: إن الإسلام كما يحترم الفرد ويعطيه حريته اللائقة به كإنسان، يحترم المجتمع والآخرين ويعطيهم حريتهم اللائقة بهم كأفراد وكمجتمع إنساني، نعم في الإسلام بيان ما هو الأفضل للإنسان من حيث السلوك والسيرة، ومن حيث الأخلاق والآداب محدوداً بالبيان فقط، حيث لا إجبار ولا إكراه في الإسلام، ولمزيد من التفصيل في مجال الأخلاق والآداب ينبغي مراجعة كتاب (مكارم الأخلاق) للشيخ الحسن بن الفضل الطبرسي، وأيضاً (الاحتجاج) للشيخ أحمد بن علي الطبرسي.

س26: أين تكمن الأزمة التي يقدمها المفكرون الإسلاميون حول العلمانية إلى حد رفضها وتكفيرها، مع أن العلمانية - بحسب قول منظريها - ليست هي الإلحاد، فالعلماني المسلم، هو مسلم أولاً، ولكن بسبب تخوفه من عبث رجال السياسة في الدين وعبث بعض مدعي التقوى في أمور السياسة والسعي وراء السلطة، فإنه يكون علمانياً في أمور إدارة الدولة. فالعلماني المسلم هو مسلم عقائدياً، وعلماني سياسياً، وعلمانية "العلماني المسلم" مصدرها خوفه على دينه وبلاده من عبث من لا ضمير لهم؟
ج: الأزمة تكمن وتستتر وراء المخالفات التي يرتكبها الساسة غير الإسلاميين (وإن كانوا من المسلمين) باسم العلمنة لقانون السماء، ذلك القانون الذي انتخبه الله تعالى لسعادة الإنسان في حياته المتواصلة عبر الأجيال على الأرض، ولذا نقول في هذا المجال:
ألف: قال الله تعالى: «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» المائدة/55، وهذه الآية الكريمة تبيّن لنا بأن الله تعالى حصر حق الولاية بمعنى: حق الحكومة والحاكمية في ثلاثة أشخاص فقط، وهم: الله تعالى خالق الإنسان، والخالق له حق الحاكمية والحكومة بالذات وهو واضح، ثم إن الله تعالى خوّل هذا الحق إلى رسوله الكريم، وبعد الرسول الكريم خوّله إلى أهل البيت (عليهم السلام)، حتى إذا وصلت النوبة إلى الإمام الثاني عشر وحصلت الغيبة الكبرى، خوّل (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هذا الحق محدوداً بحدوده الشرعية إلى المجتهدين الجامعين لشرائط التقليد بقوله (عجل الله تعالى فرجه الشريف): «فإنهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله»، ومن المعلوم أن الحكومة والحاكمية إذا كانت بيد غير هؤلاء الثلاثة وبيد غير المخوّلين من الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) فإن هذا سيكون مخالفةً لهذا القانون السماوي الذي صرّحت به الآية الكريمة «55» من سورة المائدة، وهذا المنهج السماوي حق الحكومة والحاكمية هو الذي دعا المحققين من علماء المذاهب والأديان حتى غير المسلمين بل الغربيين منهم إلى أن يعترفوا بعدم وجود أمّة على وجه الأرض يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالسماء غير الشيعة المعتنقين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك لأنهم يطبقون هذه الآية الكريمة، ويعملون بها.
باء: قال الله سبحانه: «ألا له الحكم» الأنعام/62، وقال تعالى: «ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون» المائدة/50، وقال عزوجل: «وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله» الشورى/10، وقال تعالى: «وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه» البقرة/213، وقال سبحانه: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم» النساء/65، وغيرها من الآيات الكريمات الصريحة في أن الحكم والحكومة والحاكمية كلها عناوين خاصة بالله سبحانه وبمن أذن الله له، بل قد الله شرط قبول الإيمان بقبول حكمه وحكم من خوله.
جيم: قال الله تعالى: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» المائدة/44، وقال سبحانه: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون» المائدة/45، وقال عز وجل: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون» المائدة/47، وغيرها من الآيات المباركات التي عدّت المتخلّف عن حكم الله في عداد الفاسقين والظالمين والكافرين والعياذ بالله.
دال: حكم الله وحكومته وحاكميته _وكذلك الرسول وأهل بيته_ يعني في الحقيقة والواقع- على ما فسّره الإمام الشيرازي الراحل -: إدارة البلاد والعباد بأحسن وجه يسعد البلاد والعباد به، قال سبحانه وهو يصف حكم الرسول الكريم☥: «يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحلّ لهم الطيبات، ويحرّم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم» الأعراف/157، وقال تعالى أيضاً: «استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم» الأنفال/24، فالسعادة مع الحياة هي في ظل حكم الله وحاكميته وكذلك الرسول وأهل بيته ومن خوّلوه لذلك، بينما أثبتت التجارب أن حاكمية غير هؤلاء المنصوص عليهم في الآية الكريمة 55 من سورة المائدة، حاكمية الهيمنة والسلطة، والظلم والجور وهو واضح.

س27: ما حكم الحاكم أو السياسي أو المسؤول الذي لا يخدم الناس كما يجب عليه؟
ج: قال الله تعالى: «ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون» يونس/14، وجاء في الكتاب رقم «5» من نهج البلاغة أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كتب إلى أحد المسؤولين المحافظين: «وإن عملك ليس لك بطُعمة، ولكنه في عنقك أمانة»، وفي الكتاب رقم «26»: «ومن استهان بالأمانة، ورتع في الخيانة، ولم ينزّه نفسه ودينه عنها، فقد أحلّ بنفسه الذلّ والخزي في الدنيا، وهو في الآخرة أذلّ وأخزى، وإن أعظم الخيانة خيانة الأمّة، وأفظع الغِش غِش الأئمة». نعم فالمسؤول الذي لا يخدم الناس كما يجب عليه سيحاسبه التاريخ حساباً عسيراً، مضافاً إلى ندمه بعد انتهاء مسؤوليته، وحسرته في آخرته حيث إنه كان قادراً على خدمة الناس وقد قصّر فيها ولم يعتبر من تقصير المسؤولين الذين سبقوه، ولاقوا الذل والخزي على تقصيرهم، هذا إضافة إلى العقاب الإلهي الأخروي.

س28: لماذا يتجنب الشيعة ذكر (صلاح الدين الأيوبي) لاسيما أنه حرر القدس من الصليبيين؟!
ج: تحرير القدس لا ينافي مؤاخذته ومحاسبته على جرائمه التي ارتكبها في قتل المسلمين وسفك دمائهم بلا مبرر ولا ذنب، فإنه أجرم في حقهم، وكان جلّاداً بكل معنى الكلمة بما فعله في حق الفاطميين في مصر، وغيرهم، لهذا يعادي المؤمنون هذا الظالم.

س29: عن أبي خديجة قال: بعثني أبو عبد الله (عليه السلام) إلى أصحابنا فقال: (قل لهم إياكم إذا وقعت بينكم خصومة... أنْ تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا، فإنّي قد جعلته عليكم قاضياً، وإياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر). السؤال: كيف يكون تجسيد هذه الرواية الشريفة في وقتنا الحاضر؟ وهل مضمون الرواية يمنع الاعتراف بـ(الدولة المدنية) فضلاً عن السعي لها، باعتبارها التجربة التي نجحت – نسبياً – في العديد من دول العالم؟
ج: الرواية الشريفة تشير إلى ما جاء في القرآن الحكيم في الآية الكريمة «60 ـ 61» من سورة النساء وهو قول الله تعالى: «ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيداً * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدوداً» سورة النساء الآيات 60-61. فإن شأن نزول هاتين الآيتين الكريمتين على ما جاء في تفسير مجمع البيان أنه كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فقال اليهودي: أحاكم إلى محمد، لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، ولا يجور في الحكم، فقال المنافق: لا بل بيني وبينك كعب بن الأشرف، لأنه علم أنه يأخذ الرشوة، فنزلت الآيتان الكريمتان، مما يدل على أنه لابد من أن يكون الترافع إلى الحاكم المؤمن الفقيه الجامع لشرائط الحكم والقضاء، والقاضي بالحق، ومن دون ارتشاء، وهذا مما يتلازم مع وجود دولة عادلة وقضاء عادل، ففي زمن الرسول الكريم حق الدولة والقضاء العادل موكول إليه ومن بعده إلى أهل بيته، وفي زمن الغيبة إلى الوكلاء العامين الجامعين للشرائط، وذلك للتوقيع الشريف القائل: «فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» ثم إلى من يرتضونه ويرونه أهلاً لذلك، وعليه: فلا منافاة بين مضمون الرواية وبين القبول بالدولة المدنية، إذا كان المراد من الدولة المدنية هو استحداث بعض الأشكال التنظيمية التي تتناغم مع الزمان والمكان وبإشراف ممن أعطاه الله تعالى حق الإشراف، ولا تتعارض أو تتنافى مع أصل الدين وأحكامه، أما الدولة المدنية بغير هذا المعنى، فلا يمكن الجمع أساساً بينها وبين ما ندب إليه الإسلام من إحقاق الحق وإرساء معاني الحرية والعدالة.

س30: تقوم دول العالم المتقدمة على أساس وجود مؤسسات المجتمع المدني، حيث تعمل هذه المؤسسات على توجيه المواطنين إلى مستوى من نقد أداء الحكومة، وتتقصى احتياجات الناس، وتقدم المساعدات. ما هو رأيكم بمؤسسات المجتمع المدني من الناحية الشرعية؟ وهل تتعارض مع وجود المؤسسات الدينية؟
ج: الإسلام يشجّع على المؤسسات التي تعمل في المجال الإنساني، وترفع من المستوى المادي والاقتصادي، وتقوّي الدخل اليومي، وتدعم الموارد المعيشية لأفراد المجتمع، وخاصة إذا كان ذلك مقروناً بحفظ كرامة الفرد، ورفع مكانته ومنزلته الإنسانية.

س31: في أجواء الاحتقان الطائفي المتواجدة في عدد من البلاد الإسلامية، والتي يستثمرها أعداء الإسلام من المستعمرين والتكفيريين في تحقيق أهدافهم الإجرامية، أين يكمن الحل الذي ينبغي أن ينطلق منه المسلمون من أجل الوصول إلى الاقتناع بحتمية وجود الآخر ليكون (الآخر) مصدر غنى وليس عامل فرقة وفتنة؟
ج: قال الله تعالى: «إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم» الرعد:11، وجاء في تفسير الآية في كتاب «تقريب القرآن الى الأذهان ج3 ص66» للإمام الشيرازي الراحل ما يلي: «أي: يغيّروا الحالة التي هي بأنفسهم، فإذا جدّوا واجتهدوا في العمل أورثهم العزّ والسيادة، وإذا كسلوا أورثهم الانحطاط والذلة، وإذا تناولوا المحرّمات أورثهم الأمراض، وإذا اتقوا أورثهم الصحة وهكذا، فإن كل حالة فردية أو اجتماعية، فإنما هي وليدة عمل الفرد والجماعة» انتهى، مما يعني: أن التغيير يحتاج إلى إصلاح الجذور أولاً بدءاً بالمناهج الدراسية وانتهاءً ببرامج الراديو والتلفاز والقنوات الفضائية.. وللتوسع في هذا المجال يمكن مطالعة كتاب «ممارسة التغيير» وكتاب «الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية» للإمام الشيرازي الراحل. هذا على صعيد العمل طويل الأمد، وأما على صعيد الحلول المباشرة فلا بدّ من مراعاة الأمور التالية: 1. التوزيع العادل للثروة واجتثاث الفقر، فإن الفقر كاد أن يكون كفراً وبطشاً على الفقراء. 2. الحث على الرحمة الإنسانية والتعاون الاجتماعي، المنبعث من النص الشريف في عهد الإمام أمير المؤمنين(ع) إلى مالك الأشتر بقوله المبارك: «الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق». 3. التنديد بالشدّة والعنف وكل مظاهر الإرهاب والترويع والعدوان، المأخوذ من التنديد القرآني الكريم: «ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة» البقرة:74، وقوله سبحانه: «ولكن قست قلوبهم وزيّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون» الأنعام:43. 4. التعايش السلمي، المؤكد عليه في الكتاب الحكيم: «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة» البقرة:208.