مفاهيم اسلامية |
العدد 73 الأخلاق أساس الحياة |
س: ما هو معنى الحسد وكيف يمكن التخلص منه؟ ج: الحسد: هو أن تتمنى زوال نعمة أخيك، بغير مبرر أو سبب، إلا أنك تريد أن تراه عديم النعمة. والحسد من الأمراض العظيمة للقلوب، ولا تداوى أمراض القلب إلا بالعلم والعمل، وذلك بأن تعلم حقيقة الحسد وضرره على الإنسان في الدنيا والآخرة، وأن المحسود لا ضرر عليه بل يستفيد من ذلك بأن يحصل على الثواب، ويجب أن يعرف الحاسد أن ما عنده وعند غيره هو من قضاء الله وقدره، وأن الحسد لا يورث إلا التألم والعذاب والهم بلا مقابل وبلا فائدة. قال تعالى:(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) النساء/54 وقال تعالى:(ومن شر حاسد إذا حسد) الفلق/5. ومن أهم خطوات العلاج الجدي لهذا المرض ما يلي: توفير أسباب الإيمان العميق بالله وكتبه ورسله وقضائه وقدره عن طريق إحراز المعارف اللازمة لذلك عبر أسبابها وطرقها المعروفة المألوفة، كالاحتكاك بأهل العلم وقراءة الكتب العلمية المفيدة، والتواجد في أجواء الإيمان ومحافل وأوساط المؤمنين والابتعاد عن أجواء ومصادر التشكيك والتضليل ومحافل الإفساد وأوساط المفسدين. التفكر والتأمل في حقيقة الدنيا فهي ليست سوى دار ممر وكل ما فيها إلى فناء وكل من فيها على أبواب سفر حتمي(وهو الموت). الاحتكام إلى الشريعة الغراء والتحدد بحدودوها وأساليبها التي جعلها الله عز وجل لإشباع الغرائز وإرواء الشهوات. إن معرفتنا وإيماننا بالله وكتبه ورسله وقضائه وقدره ومعرفتنا بحقيقة الحياة الدنيا وبأحكام الشريعة السمحاء إذا أضفنا إليها معرفتنا بحقيقة الإنسان من حيث مصدره ومساره ومصيره وموقعه في المخطط الرباني والمشروع الإلهي في الوجود يحصل لدينا حكم واقعي ومعرفة موضوعية لأسباب العداوة والبغضاء بين الناس الأمر الذي سيوجد بالتأكيد روح العزوف والزهد عن كل أسباب الخلاف والاختلاف والعداوة والبغضاء والترفع عنها والتعالي عليها إلا بمقدار الضرورة وبالحدود المشروعة. |
العدد 69 الحسد |
س: ما هو معنى الحسد وكيف يمكن التخلص منه؟ ج: الحسد: هو أن تتمنى زوال نعمة أخيك، بغير مبرر أو سبب، إلا أنك تريد أن تراه عديم النعمة. والحسد من الأمراض العظيمة للقلوب، ولا تداوى أمراض القلب إلا بالعلم والعمل، وذلك بأن تعلم حقيقة الحسد وضرره على الإنسان في الدنيا والآخرة، وأن المحسود لا ضرر عليه بل يستفيد من ذلك بأن يحصل على الثواب، ويجب أن يعرف الحاسد أن ما عنده وعند غيره هو من قضاء الله وقدره، وأن الحسد لا يورث إلا التألم والعذاب والهم بلا مقابل وبلا فائدة. قال تعالى:(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) النساء/54 وقال تعالى:(ومن شر حاسد إذا حسد) الفلق/5. ومن أهم خطوات العلاج الجدي لهذا المرض ما يلي: توفير أسباب الإيمان العميق بالله وكتبه ورسله وقضائه وقدره عن طريق إحراز المعارف اللازمة لذلك عبر أسبابها وطرقها المعروفة المألوفة، كالاحتكاك بأهل العلم وقراءة الكتب العلمية المفيدة، والتواجد في أجواء الإيمان ومحافل وأوساط المؤمنين والابتعاد عن أجواء ومصادر التشكيك والتضليل ومحافل الإفساد وأوساط المفسدين. التفكر والتأمل في حقيقة الدنيا فهي ليست سوى دار ممر وكل ما فيها إلى فناء وكل من فيها على أبواب سفر حتمي(وهو الموت). الاحتكام إلى الشريعة الغراء والتحدد بحدودوها وأساليبها التي جعلها الله عز وجل لإشباع الغرائز وإرواء الشهوات. إن معرفتنا وإيماننا بالله وكتبه ورسله وقضائه وقدره ومعرفتنا بحقيقة الحياة الدنيا وبأحكام الشريعة السمحاء إذا أضفنا إليها معرفتنا بحقيقة الإنسان من حيث مصدره ومساره ومصيره وموقعه في المخطط الرباني والمشروع الإلهي في الوجود يحصل لدينا حكم واقعي ومعرفة موضوعية لأسباب العداوة والبغضاء بين الناس الأمر الذي سيوجد بالتأكيد روح العزوف والزهد عن كل أسباب الخلاف والاختلاف والعداوة والبغضاء والترفع عنها والتعالي عليها إلا بمقدار الضرورة وبالحدود المشروعة. |
لعدد 68 القضاء والقدر(2) |
س: هل كل ما في الكون وكل ما يعود إلى الإنسان وكل تصرف يصدر من الإنسان من قول أو فعل فيه قضاء وقدر؟ ج: نعم ما من صغيرة ولا كبيرة في هذا الكون وما من شيء يعود إلى الإنسان، وما من قول أو فعل يصدر من الإنسان إلا وفيه قضاء وقدر. فقد روى الأصبغ بن نباته: إن أمير المؤمنين(عليه السلام) عدل من حائط مائل إلى حائط آخر فقيل له يا أمير المؤمنين أتفر من قضاء الله؟ قال(عليه السلام):(أفر من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل) توحيد الصدوق ص369. فإن مما قدّره الله في هذا الكون إن الحائط لو سقط على الإنسان يضره ويؤذيه، وأيضاً قد قدّر الله تبارك وتعالى في هذا الكون إن الابتعاد عن الحائط المائل سبب للخلاص من ضرر الحائط، فلو كان أمير المؤمنين(عليه السلام) بقي واقفاً في مكانه وانهدم الحائط عليه معناه قد انطبق هذا القانون الكوني عليه فهو القضاء. ومن هنا نعلم ان الإنسان بإرادة منه يختار ما قدّره الله تبارك وتعالى في هذا الكون من سنن وقوانين، فلقد ورد في الرواية أنه قيل لرسول الله(صلى الله عليه وآله):(رُقىً يُستشفى بها هل تردُّ من قدر الله؟)، فقال(صلى الله عليه وآله):( إنها من قدر الله) بحار الأنوار ج5 ص87. والرقى جمع الرقية بمعنى العُوذة، فقد جعل رسول الله(صلى الله عليه وآله) التمسك بالأسباب جزءاً من تقديره سبحانه فأعلم بذلك أن ليس التقدير سلباً للاختيار بل خيرةُ الإنسان وحريته في مجال الحياة من تقديره سبحانه وتعالى. نعم إن الظلمة والجبابرة وأصحاب الدواهي والمعاصي والذنوب سعوا أن يقنعوا أنفسهم وان يضللوا على الناس بأن القضاء والقدر يستلزم الجبر لكي يبرروا بذلك ما صدر منهم من دواهي ومعاصي وموبقات. فلقد سعى معاوية _ بعد ما سمّ الإمام الحسن(عليه السلام) ورأى الجو السياسي مناسباً_ إلى نصب ولده يزيد خليفة من بعده، فلما اعترض عليه عبد الله بن عمر، ردّ عليه معاوية قائلاً(إني أحذرك أن تشق عصى المسلمين وتسعى في تفريق ملتهم وأن تسفك دماءهم وإن أمر يزيد قد كان قضاءً من القضاء وليس للعباد خيرة من أمرهم) الإمام والسياسة لابن قتيبة ج1 ص170. وهكذا قال ابن سعد قاتل الإمام الحسين(عليه السلام)_ مبرراً جنايته_ بأنها تقدير إلهي، فلقد قال في ردّه على اعتراض عبد الله بن مطيع العدوي عندما قال له: (اخترت همدان والري على قتل ابن عمك)؟! فقال ابن سعد: (كانت أموراً قضيت من السماء وقد أعذرت إلى ابن عمي قبل الواقعة فأبى إلا ما أبى) طبقات بن سعد ج5 ص148. فمن هذا نفهم ان الذي حاول ان يساوي بين فكرة القضاء والقدر وبين فكرة الجبر، هم أصحاب الموبقات والدواهي العظمى، وإلاّ فإن حقيقة القضاء والقدر لا يناقض حرية الإنسان واختياره وإرادته، بل إن حرية الإنسان وإرادته واختياره هي في ظل القضاء والقدر الإلهي.
|
العدد 67 القضاء والقدر |
س1: ما معنى القضاء والقدر في المصطلح العقائدي؟ ج1: القدر: بمعنى التخطيط والهندسة والتقدير قال تعالى:(فقدرنا فنعم القادرون)المرسلات/11، والقضاء بمعنى الإجراء والتطبيق والتنفيذ قال تعالى:(ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولا) الأنفال/42، ومثال ذلك كالمهندس يهندس البناء ثم يطبق وينفذ ويجري ما هندسه على أرض الواقع، فهندسته تقدير وبناءه قضاء لتلك الهندسة. س2: ما هي موارد القضاء والقدر؟ ج2: لكل منهما موارد ثلاثة في التكوين والتشريع وأعمال الناس. س3: ما المقصود من القضاء والقدر في التكوين؟ ج3: المقصود من القضاء والقدر في التكوين هو أن الله قد قدر قوانين الكون، فلقد قدراً سماءاً وأرضاً وقدر لكل منهما قوانيناً وسنناً، وهكذا بقية الأمور التكوينية فان الله تبارك وتعالى قد قدرها وهندسها وخططها ثم قضاها في الكون، أي طبقها ونفذها وأجراها، فلقد قدّر ان تكون النار حارة ثم جعل ناراً حارة. س4: ما المقصود من القضاء والقدر في التشريع؟ ج4: المقصود من القضاء والقدر في التشريع هو أن الله تبارك وتعالى قد قدر الأحكام من الحلال والحرام والوجوب والكراهة والاستحباب، وطبق ذلك وأجراه عبر الأنبياء والمرسلين(عليهم السلام) فلقد قدر الله تعالى أن يكون الخمر حراماً والصلاة واجبة ثم قضى ذلك عبر النبي(صلى الله عليه وآله) بأن أمر الناس بالصلاة ونهاهم عن الخمر وهكذا إن الله قدّر الإحسان إلى الوالدين ثم أجرى ذلك التقدير وطبقه عبر رسوله الكريم في القرآن الحكيم قال تبارك وتعالى:( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) الإسراء/23. س5: ما هو المقصود من القضاء والقدر في أفعال العباد؟ ج5: المقصود من القضاء والقدر في أفعال العباد هو أن الله تبارك وتعالى قد قدّر حياة الإنسان من أولها إلى آخرها، فلقد قدّر ممن ستنعقد نطفته ومتى ستنعقد نطفته ومتى ستكون ولادته وكيف ستكون حياته من سعادة وشقاوة وغير ذلك ومتى ستكون وفاته وماذا سيكون سبب وفاته، قال تبارك وتعالى:(وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمرّ مع معمّر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) فاطر/11. فإذا انعقدت نطفة الإنسان وحملت به أمه ثم وضعته وصار يتدرج في الحياة ففي كل حركة من هذه الحركات هي قضاء وتطبيق وإجراء لما قدّره الله تبارك وتعالى لذلك الإنسان. |
العدد 66 الصدقات |
س1: ما معنى الصدقة؟ ج1: الصدقة: ما يعُطى _ امتثالاً لأمر الله _ للفقراء والمساكين والمحتاجين، فهي مساعدة الفقير بالمال أو الأكل أو الملبس أو المسكن، أو أي شيء قد يحتاج إليه ولا يستطيع أن يحصل عليه بنفسه لقلة الموارد التي يمتلكها. وتقسم الصدقة إلى واجبة وهي الزكاة، ومندوبة وهي صدقة التطوع، قال الله تعالى: ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله): (إن الصدقة لتطفيء عن أهلها حرّ القبور وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته). وقد وسع الإسلام في معنى الصدقة فجعل الكلمة الطيبة صدقة، وإبعاد الأذى عن الطريق صدقة، وهكذا، كما ورد: (كل معروف صدقة). س2: هل الأفضل إعلان الصدقة أو إسرارها؟ ج2: الصدقة الواجبة أي الزكاة إعلانها أفضل من إسرارها، أما صدقة التطوع فإسرارها هو الأفضل، قال الإمام الصادق(عليه السلام): (كلما فرض عليك فإعلانه أفضل من إسراره ،وكلما كان تطوعاً فإسراره أفضل من إعلانه، ولو أن رجلاً حمل زكاة ماله على عاتقه علانية كان ذلك حسناً جميلاً، وقال في قوله تعالى: (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) هي ما سوى الزكاة فان الزكاة علانية غير سر، وقال الإمام الصادق(عليه السلام): (الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية). س3: ما هي المنافع المرجوة من إعطاء الصدقة؟ ج3: لقد ندب الإسلام إلى الصدقة وأكد إيتاءها ووعد من تصدق بالثواب الجزيل والأجر الكبير، وفي القرآن الكريم والأحاديث الشريفة تأكيد كثير على الصدقة،قال تعالى: (أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض)، وقال تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون). وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (تصدقوا ولو بتمرة فإنها تسد من الجائع وتطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار). وقال(صلى الله عليه وآله): (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فان لم تجدوا فبكلمة طيبة) وقال الإمام الباقر(عليه السلام): (البر والصدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر، ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء). مضافاً إلى أن الصدقة لها تأثير معنوي على الإنسان المتصدق حيث تطهر النفس عن رذيلة البخل، وإنما تزول هذه الرذيلة ببذل المال مرة بعد أخرى حتى تتعود، إذ حب الشيء لا ينقطع إلا بقهر النفس على مفارقته حتى يصير ذلك اعتياداً، كما أن الصدقة تحث الإنسان على شكر النعمة ، فانه يلزم شكر الله تعالى على نعمه في نفسه ونعمه في ماله. وليست الصدقة خاصة ببذل المال، بل تشمل بذل الطعام والإسكان، والإكساء وما أشبه، والقيام بمثل بناء المدارس والملاجىء ودور الأيتام والمستشفيات والمساجد وحفر الآبار ومد الجسور وإضاءة الشوارع وطبع الكتب ونحوها فإنها تعد من الصدقة. |
العدد 64 التعايش السلمي |
س1: ما هي صورة التعايش السلمي في المجتمع الإسلامي؟ ج1: قال الله تعالى: ( إنما المؤمنون إخوة) وطبيعة الأخوة تنطوي على عدة أمور تؤلف بمجموعها رابطة الأخوة المقدسة، فمن جملة هذه الأمور: التعاون، والتضحية، والصفح، والعفو، والتماس العذر، والصدق، والوفاء، والإعانة...الخ، وكلها مظهر للحياة الطبيعية السليمة والسلمية، التي دعت إليها الشريعة المقدسة، وأراد الإسلام من المجتمع الإسلامي أن يعيش تحت ظل هذه العلاقات، وأن يعيش صورة السلم والطيب والهدوء، وإلغاء مظاهر العنف والخشونة في التعامل فيما بين المؤمنين بل حتى غير المؤمنين، فان التعايش السلمي الإسلامي يشمل حتى حسن التعايش مع الكفار سواء كانوا يعيشون في البلد الإسلامي أم في البلاد المجاورة أم غيرها. س2: هل القدرة على التعايش صفة ضرورية يلزم على كل مسلم أن يتحلى بها؟ ج2: إن صفة القدرة على التعايش السلمي، ليست كالشجاعة والكرم، بل إن حاملها يحتاج إلى الصبر والعفو والمسامحة والاستقامة ومداراة الناس، وغيرها من الأمور التي تزيد في ترابط المجتمع، وإن المصلح لكونه على تماس دائم مع الناس يحتاج إلى هذه الصفة، فبعض الناس الذين حوله يعيشون إما في إفراط أو في تفريط، والإنسان لا بد له من ترويض نفسه على التعامل مع جميع الناس بالصورة التي يستوعب بها الآخرين برحابة الصدر وسعته، لكي يستطيع العيش في صفوف المجتمع بصورة مؤثرة. س3: كيف يتم التعايش بين أفراد المجتمع؟ ج3: ذكرت كتب الأخلاق الكثير من الخطوط العامة في تهذيب النفس وتربيتها، فان النفس متى ما صلحت صلح المجتمع، وصار العيش فيه في أجمل صورة، وقد سئل الإمام الصادق(عليه السلام) كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا، وفيما بيننا وبين خلطائنا من الناس؟ قال(عليه السلام): (تؤدون الأمانة إليهم، وتقيمون الشهادة لهم وعليهم، وتعودون مرضاهم، وتشهدون جنائزهم). وفي كلام الإمام (عليه السلام) تأكيد على أن يكون المجتمع الإسلامي بمختلف طوائفه عبارة عن مجموعة واحدة، بعضهم لبعض، يسودهم حب الخير للآخرين، والتراحم والتعاطف، والتعاون على الخير والبر والتقوى وما ينفع الناس. كما إن من أسس مظاهر المجتمع السليم: السعي في قضاء حوائج الناس والإحسان إليهم، والتزاور فيما بينهم، حيث إنه يزيد من فرص التعاون، مضافاً إلى ضرورة التحلي بقول الصدق، وبسط الأمن حتى يعيش الناس في مجتمع مستقر يتقدم دائماً في كل المجالات، ويتمتع بالحرية، ويتحلى بالمساواة أمام القانون، وغير ذلك من الأمور التي أنشأها الإسلام منذ فجر تأريخه والتي تجعل من المجتمع مجتمعاً تسوده الألفة والمودة والمحبة، وتجعله متراصاً يشد بعضه بعضاً لا مكان فيه للكراهية والبغضاء. |
العدد 63 النية |
س1: ما معنى النيّة؟ ج1: النيّة: هي القصد، وهي تنبع من القلب وأعماقه خالصة من كل ضغط وإكراه، بعيدة عن التورية والتقية، بحيث يكون مجموع العمل المنبثق عنها مراداً لعامله راضياً به وعازماً عليه منذ البداية. والنيّة دائماً تسبق العمل، ولكل امرئ ما نوى، وأن الله يُسهّل ويمهّد بحسن النيّة سبل النجاح والصلاح، قال تعالى:(قل إن تبدوا ما في نفوسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله)، وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، وإنما ينظر إلى القلوب لأنها مظنة النيّة) جامع السعادات ج3 ص112. س2: كيف يجعل الإنسان نيته خالصة لله وحده؟ ج2: القلب مبعث الخير والشر، ولذا قال سبحانه:(آثم قلبه) حتى أن العمل الصالح الصادر من الإنسان بدون قصد ولا نيّة، لا يعد حسناً فاعلياً، وإن كان حسناً بذاته، وكذلك العمل السيء الصادر من الشخص بدون نيّة وعزم، لا يعد قبيحاً فاعلياً، وإن كان في نفسه قبيحاً. ولذا يجب الاهتمام البالغ بأمر القلب، فهو ميزان الخير والشر ، والحسن والقبح، والجميل والمشوّه، فالعمل الصالح إن كان خالصاً لوجه الله سبحانه، كان خيراً وموجباً للثواب، وإن كان مشوباً بالأغراض الشيطانية، كالرياء السمعة، وحب الاستعلاء، والشهرة والأنانية وجلب المادة، وما أشبه كان باطلاً وموجباً للعقاب، أرأيت لو علم الناس بأن أكبر العلماء إنما تعّلم وعلّم وألف لغير الله.. ولو علموا بأن أعظم الزهاد إنما تعبد وصلّى وصام لأجل دنيا أو جاه أو ما أشبه، سقط ذلك العالم والزاهد عن أعينهم ولم تكن لهما قيمة في نفوسهم؟. ولهذا السبب أكد الإسلام تأكيداً بالغاً على تصفية النيّة والإخلاص في العمل، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(إنما الأعمال بالنيّات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه). جامع السعادات ج3 ص112. س3: ما هي نظرة الشرع إلى النيّة المجردة من دون العمل من حيث علاقتها بصاحبها؟ ج3: إذا نظرنا إلى النيّة من حيث علاقتها بصاحبها، كان لها شأن ووزن، وإن ظلت سجينة في النفس، لأن نيّة الخير تنبئ عن طيب القلب وشرف النفس وكمال الذات، ونيّة السوء والشر تدل على خبث السريرة ومرض القلب ونقص في الذات والصفات. والأول أهل للأحسان والإكرام لأنه يستشعر منه الخير ويرجى منه الصلاح، على عكس الثاني الذي لا يرجى خيره، ولا يؤمن من شره، وهو بذلك يستحق الذم والعقاب بحكم العقل والعقلاء. وقد أكد الإسلام على نيّة الخير وإن لم تصل إلى مرحلة العمل، فقد جاء في سفينة البحار:(من أحب قوماً حشر معهم، ومن أحب عمل قوم شاركهم فيه). |
العدد 62 البكاء |
س1: هل البكاء محبب في الشريعة الإسلامية، وما هي أسبابه؟ ج1: البكاء طبيعة بشرية، وصفة إنسانية، وحالة تظهر على الإنسان لتعبر عن الحزن الذي يكتنف صدره نتيجة أسباب مادية ومعنوية. وطبيعة البكاء مباحة في الشريعة الإسلامية، وقد تكون مستحبة كالبكاء لخوف الله عز وجل أو لمصاب أهل البيت(عليهم السلام)، ولكن ان تستكشف محبويتها من بعض الآيات القرآنية. قال تعالى:(ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً) وقال تعالى:(إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سجداً وبكيّاً). وهناك روايات عديدة تحث على البكاء من خشية الله سبحانه، وكذلك البكاء على مصيبة الإمام الحسين(عليه السلام) مواساة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام). س2: ما هي فوائد البكاء؟ ج2: 1- للبكاء فوائد طبية ونفسية فانه يحل العقد النفسية قبل أن تترسب في النفوس وتتحول إلى أحقاد وتصرفات خارجية لا تحمد عقباها. 2- ينير القلب، ويعصم عن معاودة الذنب، ويقوي الخشوع عند الإنسان. 3- البكاء من خشية الله سبحانه أمان من الفزع الأكبر. 4- البكاء من خشية الله سبحانه أمان من الفزع الأكبر. 5- البكاء دواء للجسد وشفاء للقلب ومظهر لرقة القلوب، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(من علامات الشقاء جمود العين وقسوة القلب). س3: هل من الحكمة والصفات الكريمة أنفة الرجل عن ذرف الدموع إذا هاج به الحزن؟ ج3: ليس من الحكمة ذلك، ولذا كان الأنبياء والأئمة(عليهم السلام)- الذي هم المثل الأعلى للإنسان الفاضل- لا يمنعون أنفسهم من البكاء في موارده، فالنبي آدم(عليه السلام) بكى لطرده من الجنة حتى صنع الدمع مسيلين في خديه، والنبي يعقوب (عليه السلام) بكى على فراق ابنه يوسف حتى ابيضت عيناه، والنبي يوسف(عليه السلام) بكى على أبيه يعقوب في السجن حتى ضاق به السجناء الذين كانوا معه، والنبي الأعظم محمد(صلى الله عليه وآله) بكى على ولده إبراهيم، وفاطمة الزهراء(عليها السلام) بكت على أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتى ماتت بغصتها ومن جراء ما ورد عليها من المصائب مثل كسر الضلع وسقط الجنين، والإمام السجاد(عليه السلام) بكى على أبيه الإمام الحسين(عليه السلام) بقية حياته حتى التحق بالرفيق الأعلى. س4: ما هو فضل وثواب البكاء على الإمام الحسين الشهيد(عليه السلام)؟ ج4: هناك أخبار كثيرة تدل على أن الله تعالى لم يبعث على وجه الأرض نبياً ووصياً إلا ذكّره بمصاب الإمام الحسين(عليه السلام) فبكى عليه قبل استشهاده، وأن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) وجميع الأئمة(عليهم السلام) بكوا على الإمام الحسين(عليه السلام) بكاءً شديداً وقد قال الإمام الرضا(عليه السلام):(إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء)، وقال الإمام المنتظر(عجل الله فرجه الشريف) في زيارة الناحية:(.. فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً). أما الأخبار الصادرة في فضل البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) فهي كثيرة منها: عن الإمام الصادق(عليه السلام):(إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والحزن على الإمام الحسين(عليه السلام) فانه فيه مأجور). وعن الإمام الرضا(عليه السلام):(من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى، لم تبك عينه يوم تبكى العيون، ومن جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب). وعن الإمام الصادق(عليه السلام):(من ذكر الحسين(عليه السلام) عنده فخرج من عينه مقدار جناح ذبابة كان ثوابه على الله عز وجل ولم يرضَ له بدون الجنة). |
العدد 61 الدعاء |
س1: ما هو المفهوم الحقيقي للدعاء؟ ج1: الدعاء: هو التوسل إلى الله عزّ وجل في قضاء الحوائج وتسهيل الأمور وربما يشمل طلب تهيئة الأسباب والعوامل الخارجة عن دائرة قدرة الإنسان، وهو أحد أهم وسائل الارتباط بين العبد وخالقه جل وعلا، وكذلك هو نوع من أنواع العبادة والخضوع والخشوع والطاعة والشكر لله رب العالمين. وليس المراد من الدعاء طلب الحاجات من الله تعالى باللسان فحسب، بل المراد به حقيقته من حضور القلب وصفاء النيّة والتأدب بآداب الدعاء. س2: ما هي آثار الدعاء؟ ج2: الدعاء من الوظائف الروحية في الإسلام لتقوية العلاقة بين العبد وخالقه، وللتغلب على الأزمات والمشاكل التي تعترض الإنسان، وقد أمر الله سبحانه عبادهُ الالتزام بمنهج الدعاء، وصرح القرآن الكريم بمحبوبية الدعاء ورسم له منهجاً متكاملاً، قال الله تعالى:(وقال ربكم أدعوني أستجب لكم..)، وقال سبحانه:(قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم..)، وكما أمر الله عزّ وجل النبي الكريم(صلى الله عليه وآله) أن يوجه الناس نحو فضيلة الدعاء، كما وضمن لهم الإجابة، حيث قال الله تعالى:(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان).. وقد أكدت السنة المطهرة الشريفة على ضرورة الدعاء واستدامته لضمان تحصيل رضا الله ورعايته وتوفيقه، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(الدعاء مخ العبادة ولا يهلك مع الدعاء أحد) وقال(صلى الله عليه وآله):(الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السموات والأرضين). وقد ترك الأئمة الطاهرون من أهل البيت(عليهم السلام) بعد القرآن والرسول(صلى الله عليه وآله) تركة ضخمة وثروة عظيمة من الأدعية والأذكار، وكان للإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) قسط وافر ومجهود كبير في مجال تهذيب النفوس وتقويمها وتربيتها من خلال الأدعية المأثورة عنه(عليه السلام) والمثبتة في (الصحيفة السجادية) وغيرها من كتب الأدعية. وللدعاء آثار كبيرة على العبد بالإضافة إلى قضاء حوائجه منها: يوجب تنزيل الرحمة الإلهية الواسعة على العبد. يدفع البلاء، وهو دواء لكل داء. يستنزل الرزق ويدفع الفقر. يرد القضاء المبرم ويطيل في العمر. إنه سلاح ينجي من الاعداء. س3: ما هي شروط استجابة الدعاء؟ ج3: إن الإقبال على الله تعالى بالدعاء يتطلب من الإنسان أموراً ينبغي السعي في تحصيلها ومنها: أن يسعى لتطهير قلبه وروحه، وأن يتوب من الذنوب. معرفة الله سبحانه بوصفه خالقاً لجميع الموجودات، متصرفاً في جميع الكائنات، متصفاً بصفات الكمال. أن يفهم الإنسان ما يقوله في دعائه. العمل والسعي مع الدعاء، فالدعاء لا يعني ترك العلل والوسائل الطبيعية، بل المقصود أن يستعين بالباري عزّ وجل مضافاً إلى بذل الإنسان نهاية جهده للاستفادة من كل الوسائل الموجودة. حضور القلب ورقته عند الدعاء. التوسل برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام) ليشفعوا عند الله عزّ وجل في استجابة الدعاء حيث قال تعالى:( وابتغوا إليه الوسيلة). |
العدد 60 الإخلاص |
س1: ما معنى الإخلاص؟ ج1: الإخلاص: هو تجريد القصد والفعل من كل شائبة وعن كل غاية سوى الله عز وجل، والإخلاص سيد الصفات الفاضلة، لأنه يدعو إلى باقي الصفات، ومن علائم العمل الخالص، ان لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلاّ الله عز وجل. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (... وأدنى حدّ الإخلاص بذل العبد طاقته، ثم لا يجعل لعمله عند الله قدراً، فيوجب به على ربه مكافأة بعمله، لعلمه أنه لو طالبه بوفاء حق العبودية لعجز، وأدنى مقام المخلص في الدنيا، السلامة من جميع الآثام، وفي الآخرة النجاة من النار والفوز بالجنة). س2: ما هي الأدلة الشرعية على مطلوبية الإخلاص في العبادة؟ ج2: من القرآن الكريم قول الله تعالى: (فاعبد الله مخلصاً له الدين). وقوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين). ومن الأحاديث الشريفة قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما أخلص عبد لله عز وجل أربعين صباحاً إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه). وروي أن رجلاً قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر، فهل لنا من أجر؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا، قال: يا رسول الله إنا نعطي التماس الأجر والذكر، فهل لنا أجر؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى لا يقبل إلا من أخلص له، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية: (ألا لله الدين الخالص). وعن الإمام الجواد (عليه السلام) قوله: (أفضل العبادة الإخلاص). س3: ما هي الأمور التي تسبب عدم الإخلاص في العبادة والعمل لله تعالى؟ ج3: من جملة الأمور التي تسبب عدم الإخلاص، التعلق بالدنيا، وطلب الشهرة، والحسد، ومرافقة الأشرار والفاسدين، وعدم المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والزهد في الدعاء، وعدم حضور مجالس الوعظ والإرشاد، واتباع الهوى. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (كيف يستطيع الإخلاص من يغلبه هواه). وهذه الأمور تؤدي بالإنسان إلى عدم الإخلاص لله تعالى. س4: ما هي النتيجة التي يحصل عليه المخلص في عمله لله تعالى؟ ج4: 1- إن الله تبارك وتعالى يجري الحكمة على لسانه. 2- نجاح الأمور، والخلاص، وتنوير البصائر ونيل المطالب، وبلوغ الآمال، فعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في غرر الحكم قوله: (غاية الإخلاص الخلاص)، وقال (عليه السلام): (المخلص حري بالإجابة). وقال (عليه السلام): (عند تحقق الإخلاص تستنير البصائر). وعن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) أنها قالت: (من أصعد إلى الله خالص عبادته أهبط الله عز وجل إليه أفضل مصلحته). 3- الفوز بالجنة كما سبق قوله (عليه السلام): (وفي الآخرة النجاة من النار والفوز بالجنة). |
العدد 58 الامر بالمعروف والنهي عن المنكر |
س1: ما هي حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ج1: إنه سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، وهو فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر، كما عبر عنه أئمة أهل البيت(عليهم السلام) في أحاديثهم الشريفة، وهو من أعظم الواجبات التي تجب على الإنسان، وخصوصاً في هذا الزمان حيث عمت الفتن وفشت الضلالة، وانعدمت حقيقة الفضائل. والإسلام- الذي هو مجمع الفضائل- لا يغفل هذه الناحية العامة من الحياة السعيدة، إنه يحث الناس على أن يأمروا بالمعروف، حتى يشيع المعروف في المجتمع، كما أنه يأمر أيضاً بالنهي عن المنكر للمحافظة على نقاء وطهارة المجتمع الإسلامي، وبقاء البركة فيه. س2: ما هو الدليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإنسان المسلم؟ ج2: من القرآن الكريم، قوله تعالى:(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) سورة آل عمران الآية 104، وقوله عز وجل:(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) سورة آل عمران الآية 110، وقوله سبحانه وتعالى:(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...) سورة التوبة الآية: 71، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام): عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قوله:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يوقر كبيرنا، ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر) مستدرك الوسائل ج12 ص185. وعن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) قال:(قوام الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). س3: ماذا يترتب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ج3: الدين الإسلامي ينهى أشد النهي عن ترك الأمر بالمعروف والنهي المنكر والتهاون والمداهنة فيهما، فان في ذلك زيغ المجتمع وانحرافه عن سنن العدل وجنوح المبطلين إلى العبث به، وإن في اهمالهما والاستهانة بهما آثار عكسية في حياة الأمة، من الاستخفاف بالدين والتنكر للعقائد والاستهتار بالقيم والمثل العليا والخروج عن منهج الحق. قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم). وقيل لرسول الله(صلى الله عليه وآله) أتهلك القرية وفيها الصالحون؟ قال:( نعم) قيل: بم يا رسول الله؟ قال:(بتهاونهم وسكوتهم عن معاصي الله). وقال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):(لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به). س4: ما هي شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ج4: 1- العلم بكونه معروفاً أو منكراً ليأمن من الخطأ. 2- العلم بالتأثير ولو بشكل جزئي، فلو علم أو غلب ظنه أن لا يؤثر في غيره لم يجب عليه ذلك لعدم الفائدة. 3- القدرة والتمكن منه، وعدم ترتب الضرر عليه، فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى أحد المسلمين بسببه سقط عنه ذلك. 4- أن يكون مرتكب المنكر أو تارك المعروف مصراً على عمله، فإذا ارتكب أحد منكراً ولكنه ندم من فعله وعزم على تركه، لم يجب نهيه عن المنكر. هذا وينبغي أن يكون الآمر بالمعروف ملتزماً هو بنفسه، وإلاّ فلا يؤثر كلامه عادة، كما ينبغي أن يكون حليماً صبوراً غير متسرع ولا سيء الخلق، وأن يكون حكيماً يختار الوقت المناسب والكلام المناسب، حتى يستطيع التأثير في الآخرين وحثهم على المعروف ونهيهم عن المنكر. |
العدد 57 الإيثار |
س1: ما هو الإيثار؟ ج: الإيثار: هو تقديم غيرك من المؤمنين على نفسك في المال أو الراحة أو ما إلى ذلك من نعم الله، وهو أرفع درجات الجود والسخاء، لأن الإنسان فيه يجود بالشيء وهو محتاج إليه. وقد يؤثر الإنسان غيره على نفسه ولكن عن كره، بمعنى أنه يحس بكلفة ومؤونة حينما يؤثر أخاه المؤمن على نفسه، وذلك نتيجة لحب نفسه وحبه لمصالحها، وصعوبة رفع اليد عنها في سبيل غيره. وقد يكون إيثار الإنسان غيره على نفسه عن طوع ورضا ورغبة نفسية، وهذا أعظم وأثوب من الأول لأنه دليل الفضل والنبل والإنسانية الكاملة. س2: ما هو الدليل عليه من القرآن الكريم والسنة المطهرة؟ ج: أكد الإسلام على مفهوم الإيثار تأكيداً بليغاً في الآيات والروايات، قال الله تعالى:(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). وقال سبحانه:(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون). وقال عز وجل:(ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا). وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(من آثر على نفسه آثره الله يوم القيامة بالجنة ومن أحب شيئاً فجعله لله قال الله تعالى يوم القيامة: قد كان العباد يكافِئون فيما بينهم بالمعروف، وأنا أكافئك اليوم بالجنة). وقال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):(أفضل السخاء الإيثار). وقال(عليه السلام):(الإيثار أحسن الإحسان وأعلى مراتب الإيمان). وسئل الإمام الصادق(عليه السلام) أي الصدقة أفضل؟ قال(عليه السلام):(جهد المقل، أما سمعت قوله الله عز وجل:(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). إنّ المقل الذي يجهد فيبذل ما عنده لمرضاة الله وبه خصاصة واحتياج لهو من أفضل الناس، إنه آثر غيره على نفسه. وقد كان النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) من أروع الأمثلة للإيثار، فقد كانوا يؤثرون على أنفسهم بقوتهم ولباسهم ومسكنهم، والشواهد على ذلك كثيرة منها إيثار الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) على حياته ليلة المبيت، فباهى الله به الملائكة، وأنزل الله فيه قوله تعالى:(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) ومنها إيثار العباس(عليه السلام) أخاه الحسين(عليه السلام) ومواساته ومفاداته بنفسه، وقد أشاد الإمام زين العابدين(عليه السلام) بهذا الإيثار النادر من عمه، يقول(عليه السلام):(رحم الله عمي العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه، فأبدله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة. |
العدد 56 الرحمة |
س1: ما هي الرحمة؟ ج1: الرحمة: هي مبعث الخيرات، ومعدن الفضائل، فالبرحمة تتجمع الصلات وتتوحد البشرية، بها يبرّ الولد أباه، وبها يصل المرء قريبه، وبها يألف الزوجان أحدهما الآخر، كما أنها صفة كريمة، وعاطفة إنسانية نبيلة تبعث على بذل المعروف، وإغاثة الملهوف، وإغاثة المحروم، وبالعكس من الرحمة القساوة: فهي مبعث القذارات الروحية، ومجمع الرذائل الخلقية، وهي منبع لذمائم الصفات. س2: هل تلزم الرحمة بين أفراد المجتمع؟ وما هو الدليل عليها من القرآن الكريم والسنة المطهرة؟ ج2: ابتدأ الله تبارك وتعالى سور القرآن المجيد كلها بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) وفيها اسمان من أسمائه الحسنى، وصفتان كلتاهما من الرحمة، وكذلك سورة الحمد:(الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم) إشارة إلى علاقته سبحانه بعباده، وفضله عليهم، وبرّه بهم ورحمته عليهم. فالرحمة المطلقة دليل الكمال المطلق، ومن هنا كان الأنبياء والأئمة(عليهم السلام) أرحم الناس وكان نبينا الخاتم(صلى الله عليه وآله) أوفر نصيباً من هذا الخلق العالي، قال تعالى في وصفه(صلى الله عليه وآله):(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وقد جدَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)_ القدوة_ في هذه الصفة الإنسانية الرائعة، وكان المثال والنموذج فيها، كما كان في سائر المحاسن الأخلاقية، لقد كانت رحمة رسول الله(صلى الله عليه وآله) واسعة بحيث شملت الجميع، الصغير والكبير، الحر والعبد، الرجل والمرأة، وقد قال الله تعالى مخاطباً إياه(صلى الله عليه وآله):(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). ولقد اهتم الإسلام بإيجاد هذه الصفة في القلوب، وأكدّ على تركيزها في أعماق النفوس حتى تعطي ثمارها النبيلة: صلة الرحم، بر الوالدين، العطف على صغار الناس وكبارهم، وكل ما يرجى منه الخير. كما أمر الإسلام بالتراحم العام، وجعله دلالة الإيمان الكامل واليقين الصادق، فالمسلم المؤمن يلقى الناس كلهم وفي قلبه عطف كامن وبرّ خالص، يجتهد في تخفيف آلامهم، وتجفيف دموعهم. نعم يلزم على المسلم أن يبذل المعروف ويرق فؤاده للناس كافة إجابة لمشاعر الرحمة. والراحمون هم الذين يرحمهم الله، والذي يتجرد عن هذه الصفة فهو شقي كما قال الرسول(صلى الله عليه وآله):(من لا يرحم الناس لا يرحمه الله). |
العدد 55 التوبـة |
س1: ما معنى التوبة؟ ج1: التوبة: هي الرجوع من الذنب بالقلب واللسان والجوارح، وترك المعاصي في الحال، والعزم على عدم المعاودة في المستقبل، وتدارك ما يمكن تداركه. س2: هل التوبة واجبة على الفور، أم أن وجوبها ليس فورياً؟ ج2: التوبة واجبة على الإنسان فوراً عقلاً وشرعاً، فالعقل يحكم بوجوب الاحتراز عن الذنوب التي تدخل العبد في المهالك، وتضيع عليه ثواب الآخرة، أما شرعاً،فقوله تعالى:(يا أيها الذي آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم)، وقال تعالى:(توبوا إلى الله جمعياً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(التائب حبيب الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وأما في وجوب التوبة على الفور فلاشك فيه، لأن ضرر الذنوب يجب دفعه على الفور فلا مجال للتسويف والتأخير، وقد قال الإمام الصادق(عليه السلام):(تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة)، وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) في أحد كتبه إلى بعض أصحابه:(فتدارك ما بقي من عمرك، ولا تقل غداً أو بعد غد، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف، حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون). س3: ما هي النتائج المترتبة على التوبة؟ من نتائج التوبة: غفران الذنوب، قال تعالى:(إلاّ من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله):(التوبة تجبّ ما قبلها). نزول الرحمة على التائب، قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):(التوبة تستبدل الرحمة). طهارة القلب: قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):(التوبة تطهر القلوب وتغسل الذنوب). س4: بماذا يعرف التائبون؟ ج4: من علامات التائب؟ 1-الندم على فعل الذنب. 2-الاعتراف بالذنب إلى الله فقط من دون ذكر الذنب للناس. 3-إصلاح ما قد فسد بفعل الذنب. 4-عدم العود على الذنب. 5-النصيحة للآخرين. |
العدد 54 الصبر |
س1: ما هو الصبر؟ ج: الصبر، فضيلة إنسانية تأتي بنتائج مرضية في الإتقان وصحة العمل وإصلاح المفاسد، ومن مصاديقه الاعتدال في السلوك، فلا عجلة تسبب الخبال والزيغ، ولا تلكؤ يوجب الانحطاط والتأخر، والصبر له محل الصدارة في الحياة الإيمانية للمسلم. س2: كيف يمكن للإنسان أن يكون صابراً؟ وما هي أقسام الصبر؟ ج: قسّم العلماء الصبر إلى ثلاثة أقسام: 1- الصبر على الطاعة، كالصلاة والصيام والحج وإيتاء الزكاة وما أشبه، بمعنى أدائها كما أمر الله عزّ وجل، وعدم الكسل والضجر فيها، قال تعالى: (رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته). 2- الصبر عن المعصية، كأن يصبِّر الإنسان نفسه عن ارتكاب الجريمة واقتراف الحرام، فلا يأتي بالعصيان وإن كان فيه لذة وتاقت نفسه إلى الاقتراف. 3- الصبر على المصيبة، بأن لا يجزع الإنسان في مصيبة بقول سيء أو عمل منافٍ للحلم، بل يسلّم أمره إلى الله عزّ وجل ويتوكل عليه ويرضى بقضائه وقدره، ويحاول أن يعالج المشكلة بتعقل وهدوء. قال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)، وأفضل الصبر هو الصبر على ترك الذنوب ثم الصبر على الطاعة ثم الصبر على البلاء والمصائب. س3: ما هي ثمار الصبر؟ ج: 1- انه يوجب خير الدنيا والسعادة فيها، ورفعة الدرجات في الآخرة. 2- مهابة الإنسان في النفوس. 3- ثواب الآخرة ورفيع درجاتها. قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). س4: بماذا يُعرف الصابرون؟ ج: قال تعالى: (بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). وعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (علامة الصابر في ثلاث، أولها: أن لا يكسل، والثانية: أن لا يضجر، والثالثة: أن لا يشكو من ربه عزّ وجل، لأنه إذا كسل فقد ضيّع الحق، وإذا ضجر لم يؤد الشكر، وإذا شكا من ربه عزّ وجل فقد عصاه). |
العدد 53 الشكر |
س1: ما معنى الشكر؟ ج: الشكر فضيلة جميلة توجب كمال إنسانية الإنسان، وهو عرفان النعمة وإظهارها والثناء بها، وأن يعرف الإنسان أن النعم كلها من الله وأنه هو مسبب أسبابها. س2: كيف يشكر العبد ربه؟ وبأي شيء يكون الشكر؟ ج: الشكر على ثلاثة أنواع: 1- الشكر باللسان: بأن يتلفظ الإنسان بألفاظ الشكر(الشكر لله، أو أشكر الله) أو ما أشبه، بل كل حمد ومدح له سبحانه فهو داخل في إطار الشكر وإن لم يكن بلفظ الشكر. 2- الشكر بالقلب: بأن يعرف الإنسان بقلبه أن النعم منه سبحانه، وينوي له شكراً ومدحاً، ويخضع قلباً أمام منعمه والمتفضل عليه. 3- الشكر بالجوارح، بأن يأتي الإنسان بما يليق بالمنعم، من الطاعة والاجتناب عن المعصية، ولذا قال سبحانه:(اعملوا آل داود شكراً) أي ائتوا بالعمل الذي هو شكر. وبهذا الشكر يزداد الإنسان قرباً إلى معطي النعم فلا يفرح بالدنيا وما فيها لأن عطايا هذا الخالق الكريم أعظم وأعظم، قال تعالى:(لئن شكرتم لأزيدنكم) وقال تعالى:(من شكر فإنما يشكر لنفسه). س3: هل من الصحيح أنه من اللازم أن نشكر الله على البلاء والبؤس كما نشكره على فضله ونعمه؟ ج: نعم، فإن الله تعالى لا يفعل بعبده إلاّ خيراً، سواء أكان نعمة أم نقمة بحسب الظاهر، (قل كلّ من عند الله)، والنقمة في المؤمن أما تأديب أو تخفيف ذنب أو رفع درجة، فأي الثلاثة لا يستحق شكراً؟ س4: كيف يمكن للعبد أن يكون شاكراً وما هي حدود الشكر؟ ج: قال الإمام الصادق(عليه السلام):( يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم الله عليه في ماله حق أدّاه). ومن الجدير بالإنسان أن يعوّد نفسه على حمد الله تعالى(الحمد لله)، بل يكون دائماً لذكر الله عزّ وجل في كل مناسبة نحو:(إن شاء الله) و(عافاك الله) و(أصلحك الله) وما أشبه. وقد روي أن النبي(صلى الله عليه وآله) سأل رجلاً قائلاً:(كيف أصبحت؟ فقال: بخير، فأعاد(صلى الله عليه وآله)، فأعاد الرجل الجواب، فأعاد(صلى الله عليه وآله) السؤال، فقال الرجل: بخير أحمد الله وأشكره، فقال(صلى الله عليه وآله):(هذا الذي أردت منك). وقد كان عادة المسلمين الإتيان بذكره سبحانه في جميع مجالات الحياة حتى جاءت المناهج الغربية فبدلوا كل شيء. |
العدد 52 التواضع |
سؤال1: ما معنى أن يكون الإنسان متواضعاً؟ جواب: معناه أن يرى الإنسان سائر الناس كنفسه بل يرى لهم الفضل عليه ولا يتعالى على أحد منهم ولا يرى أنه فوقهم، والتواضع من أشرف الخصال، وهو رأس الفضائل، ودليل على كبر النفس وسموّها، وقد سئل الإمام الحسن(عليه السلام) عن التواضع فقال:(هو أن تخرج من بيتك فلا تلقى أحداً إلاّ رأيت له الفضل عليك). وعن الإمام الصادق(عليه السلام):( رأس الخير التواضع فقيل له: وما التواضع؟ فقال: أن ترضى من المجلس بدون شرفك، وأن تسلم على من لقيت، وأن تترك المراء وإن كنت محقّاً). سؤال2: ما هي حدود التواضع؟ ما الفرق بين المذلّة والتواضع؟ جواب: لقد حدد الإسلام التواضع تحديداً دقيقاً حيث سئل أبو الحسن(عليه السلام) عن حدّ التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعاً؟ فقال(عليه السلام):(التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلاّ مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ، عاف عن الناس، والله يحب المحسنين). وإذا كان التواضع ممدوحاً فإن المذلّة مذمومة، فإن كلا طرفي التواضع خارج عن الاعتدال وعن الموازين الإنسانية فإفراطه المذلّة، وتفريطه التكبّر، واللازم على الإنسان أن لا يذلّ نفسه حتى يهان ويحتقر، بل يكون متواضعاً في غير مهانة، فإذا كان هناك متكبّر طاغ يذلّ الإنسان ويزدريه ويظلم الآخرين بكبره، فالأليق أن لا يبالي به الشخص ويتكبر عليه اعتزازاً بالنفس عن مساقط الهوان وإرغاماً لكبريائه المصطنع، وإلى ذلك يشير الحديث الشريف عن النبي(صلى الله عليه وآله):(إذا رأيتم المتواضعين من أمتي، فتواضعوا لهم وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم فإن ذلك لهم مذلّة وصغار). سؤال3: ما هي سمات المتواضعين؟ جواب: قال أبو سعيد الخدري:(كان صلى الله عليه وآله ... يصافح الغني والفقير والصغير والكبير، ويسلم مبتدئاً على كل من استقبله.. هين المؤنة، لين الخلق، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بساماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، شديداً من غير عنف، متواضعاً من غير مذلة، جواداً من غير سرف..). وقد كان نبينا العظيم محمد(صلى الله عليه وآله) متصفاً بهذه الصفة الرفيعة وينبغي للمسلم أن يجتهد كي يحتذي به(صلى الله عليه وآله). سؤال4: ما هي الفوائد المترتبة على المجتمع المتواضع؟ جواب: 1- انتشار المحبة والمودة بين الناس. 2- السلامة والأمان بين الناس. 3- المهابة والاحترام من الناس. 4- الطاعة والشكر للخالق العظيم. 5- نشر الفضيلة والأخلاق الحميدة. 6- التعاون على البر والتقوى. |
العدد 51 الزواج المبكر |
سؤال: لماذا التأكيد على موضوع الزواج المبكر؟ جواب: إن الزواج المبكر من موجبات تجديد الحياة، وهو ضمان من الفساد والكآبة والقلق، وقد كان متعارفاً في السابق، فلم يكن هناك فساد ولا إفساد على النحو الموجود الآن. ولا كانت الأمراض الناشئة من العزوبة والعنوسة بهذه النسبة المعاصرة، وحيث أن الشباب في تلك الأعمار في قمة الشهوة وهيجانها يلزم الاهتمام بتزويج الشباب من بنين وبنات في تلك الأعمار المبكرة لضمان وقايتهم من الأمراض النفسية والجسدية، ومن الوقوع في المحرّمات، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(من تزوج فقد أعطي نصف العبادة). سؤال: ما هي أضرار التأخر في الزواج؟ جواب: أضرار العزوبة كثيرة: منها انحراف الصحة وقصر الحياة، ومنها إتباع الشهوات السيئة التي يشمئز منها الطبع السليم، وانقياد الإنسان إلى ارتكاب المعاصي، وقد جاء في الحديث عن الرسول(صلى الله عليه وآله):(شرار موتاكم العزاب)، وعنه(صلى الله عليه وآله):(أكثر أهل النار العزاب). سؤال: ما هي القواعد التي ذكرت في أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل البيت(عليهم السلام) حول اختيار الزوجة الصالحة؟ جواب: 1- أن تكون الزوجة مؤمنة، ذات صفات حميدة 2- أن تكون من أسرة مؤمنة طيبة قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(اختاروا لنطفكم فإن الأبناء تشبه الأخوال). 3- أن تكون قليلة المهر، فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال:(أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً). 4- أن تكون قنوعة في معيشتها، صحيحة في بدنها، إلى غيرها من المواصفات التي ذكرت في روايات أهل البيت(عليهم السلام) وعمدتها الإيمان والأخلاق. سؤال: ما هي الأسباب التي تؤدي إلى تأخير الزواج؟ جواب: معوقات الزواج كثيرة، منها: المهور الغالية مما يجعل أكثر الشباب اليوم يعزف عن الزواج، والتشريفات الكثيرة التي لا تنالها عادة أيدي أكثر الشباب بالإضافة إلى القوانين الكابتة التي تمنع عن الزواج المبكر وربما عن أصل الزواج كالقوميات والإقليميات وأمثالها مما ينافي مبدأ الأخوة الإسلامية التي هي المعيار عقلاً وشرعاً، كما أن البطالة المتزايدة، وخروج الحياة عن البساطة بسبب الحرص وما أشبه، من جملة المعوقات التي يلزم أن تترك، فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنه قال:(إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه). |
العدد 50 الزهد في الدنيا |
السؤال1: ما معنى الزهد في الدنيا؟ الجواب: الزهد: ضد الرغبة والحرص على الدنيا، ويراد من الزهد في الدنيا-في بعض درجاته-: الانصراف عن ملاذها المحظورة، وشهواتها الممقوتة، إنه باختصار: ترك شيء رغبة عنه، والزهد من المفاهيم الإسلامية السامية التي إذا ما طبقت في أي مجتمع فإنه بلا شك سوف تسوده العدالة والمواساة ويصبح مجتمعاً مثالياً. السؤال2: هل ترك الدنيا من الزهد؟ الجواب: ترك الدنيا ليس من الزهد، وإنما هو خلاف ما ورد في الآيات والروايات، ولكن حيث ان الناس يتهافتون على الدنيا ولذاتها تهافت الفراش في النار، أكثر الأنبياء والأئمة(عليهم الصلاة والسلام) قولاً وعملاً في هذا الباب حتى ليظن الظان أنهم يسوقون الناس إلى تخريب الدنيا كما زعمت الصوفية، ولكن الأمر بالعكس إنهم يريدون عمارة الدنيا عمارة معتدلة لا إفراط فيها ولا تفريط، فالماديون يتكالبون على الحطام وبذلك تصبح الدنيا بؤرة من المفاسد الخلقية، وأتوناً من الحروب المدمرة، والراهبون وأهل التصوف يطوون عن الدنيا كشحاً وبذلك تخرب الأرض وقد أرادها الله عامرة، أما الإسلام فإنه يحب الاعتدال، وفي سيرة الرسول الأعظم والأئمة(عليهم السلام) خير شاهد لذلك، إنهم عليهم السلام وإن أخذوا أنفسهم بالزهد ولكنهم لم ينسوا نصيبهم من الدنيا قال الله تعالى:(فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب). وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(من أصبح وهمه الدنيا شتت الله عليه أمره وفرق عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه ولم يؤته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن أصبح وهمه الآخرة جمع الله له همه وحفظ عليه ضيعته وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة)، وقال(صلى الله عليه وآله):(من أراد أن يؤتيه الله علماً بغير تعلم وهدى بغير هداية فليزهد في الدنيا). وقال(صلى الله عليه وآله):(يا علي من عرضت له دنياه وآخرته، فاختار الآخرة وترك الدنيا فله الجنة، ومن اختار الدنيا استخفافاً بآخرته فله النار). وليس معنى هذه الأحاديث ترك الدنيا وإنما معناها عدم التكالب عليها فإن الدنيا مزرعة الآخرة كما في الحديث الشريف. السؤال3: بماذا يعرف الزاهدون في الدنيا؟ الجواب: من علامات الزهد: العبودية لله عز وجل فقط، الاهتمام بالآخرة، تحقير الدنيا، محاربة النفس وهواها، الإنفاق في سبيل الله تعالى. السؤال4: ما هي الآثار المترتبة على الزهد في الدنيا؟ الجواب: من الآثار المهمة المترتبة على الزهد، الإيثار، فعندما تتعارض مصلحة الإنسان المتصف بالزهد مع مصلحة الأمة والجماعة، فإنه يقدم مصلحة الأمة والجماعة على مصلحته الشخصية، ومنها المواساة، فالمجتمع الذي يطبق أفراده هذه الخصلة الحميدة، تلاحظ أفراده يتشاركون فيما بينهم في الأحاسيس والمشاعر والامكانات في الظروف القاسية أي يواسي بعضهم الآخر، لذا فإن الزهد يوصل الإنسان إلى مرحلة التكامل، ويصبح متحرراً من كل أشكال المادة وقيودها. |
السياسة |
س1: ما هو القانون الذي يعمل به في الدول الإسلامية؟ ج : القانون المستفاد من الكتاب والسنة والإجماع والعقل. س2: هل في الإسلام (أحزاب)؟ ج: لا بأس بالحزب إذا كان مقدمة للبرلمان الذي هو مقرر للتنفيذ، أما الحزب الذي هو مقدمة للبرلمان الذي بيده التشريع فلا، وذلك لأن تشريع القانون خاص بالله سبحانه. س3: من يصنع هذا القانون بصيغة عملية؟ ج: الفقهاء العدول العلماء بالدين والدنيا. س4 : لماذا لا يجوّز الإسلام الأحزاب غير الإسلامية؟ أليس ذلك كبتاَ للحريات ، وأليس ذلك يوجب أن تكون حكومة الإسلام اقل حرية من حكومة أمريكا وفرنسا؟ مع أن الاسلام دين الحريات، لا دين الكبت والخنق. ج: إن الإسلام دين بني على العقيدة الصحيحة والشريعة المدعمة بالأدلة، وليس من الصحيح إجازة الصحيح للغلط، وواضح أن الانحراف في العقيدة ينتهي إلى الانحراف في العمل، والانحراف في العمل معناه هدم الحياة. ولا يقال أن بلد الإسلام اقل حرية بل يقال أن أمريكا بجهلها أجازت الفوضى، لأن تلك فوضى وليست حرية كما أباحت الزنى، وأجازت استغلال الإنسان القوي (الرأسمالي) للإنسان الضعيف، وان أمريكا وفرنسا وبريطانيا مثلاَ لم تجز إلا الأحزاب التي تعمل في إطار الوطنية، ولا تجيز الأحزاب التي تعمل خارج هذا الإطار. س5: هل في الإسلام انتخاب، وأصوات، وبرلمان، ومجالس بلدية؟ ج: نعم فيه كل ذلك لكن بالصيغة الإسلامية، فالبرلمان للتنفيذ وتطبيق القوانين الكلية على الموارد الجزئية، لا للتشريع. |
السلام |
س1: هل الإسلام دين السلام أم دين الحرب؟ ج: الإسلام دين السلام قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة) أما إذا اعتدى أحد على الناس، أو على المسلمين فالإسلام يحارب لأجل العدالة والحقيقة ورد الاعتداء. س2: كيف يدعم الإسلام السلام؟ ج: يرى الإسلام وجوب استتباب الأمن، في الداخل وفي الخارج، ففي الداخل ينفي الجريمة، وفي الخارج لا يتعدى على أحد، ويضرب على أيدي المعتدين. س3: كيف يحفظ الإسلام السلام في الخارج؟ ج: إن الإسلام لا يعتدي على أحد إطلاقاً، ومن مال من الدول إلى السلم مال الإسلام إليها قال تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) وإذا وقعت محاربة يخوضها الإسلام بأنظف صورة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، نعم من اعتدى من الدول رد الإسلام اعتداءها. س4: كيف يحفظ الإسلام السلام بين الحكومة والشعب؟ ج: إن الحكومة في الإسلام شعبية بالمعنى الصحيح للكلمة، فماذا يريد الناس غير المشاركة في الرأي، وغير الغنى والعلم والحرية والأمن والصحة والفضيلة، مما يوفرها الإسلام خير توفير. |
الثقافة |
س 1: هل في الإسلام منهاج للثقافة، وما هو؟ ج: نعم، أفضل منهاج، حيث أوجب الإسلام طلب العلم على كل مسلم ومسلمة، وهيأ له الوسائل، وألزم الدولة مساندته. س 2: فلماذا تأخر المسلمون؟ ج: إنهم تأخروا منذ تركوا منهاج الإسلام، أما حينما كانوا يعملون به، فقد فاقت ثقافتهم ثقافة الغرب وكافة شعوب الأرض، ولا أدل على ذلك من اعتراف الغرب بذلك، فكانت نسبة كتبهم ومكتباتهم، ومدارسهم ومثقفيهم، بلحاظ الوسائل في تلك الظروف، أكثر بكثير من نسبة الكتب والمكتبات والمدارس والمثقفين في هذا اليوم مع تقدم الوسائل والأسباب. س 3: وهل يحرم الإسلام المدارس والصحف والتلفزيون والراديو والسينما؟ ج: إن الإسلام يحرم المفاسد والمغريات في هذه الوسائل الثقافية، وإذا خلت منها كان الإسلام من أشد المستقبلين لها. س 4: ما هو الفارق العام بين الإسلام الثقافي، وبين منهاج الثقافة اليوم؟ ج: الفارق العام هو : مزج الإسلام العلم بالإيمان والفضيلة، وبتر الثقافة اليوم عن الإيمان والفضيلة، ومزجها بالإلحاد والرذيلة.. ولذا أصبح العلم الذي هو أفضل وسيلة للرقي والسلام والأمن، وسيلة للانحطاط والتدمير والاضطراب. |
العائلة |
س1: كيف يرى الإسلام العائلة؟ ج: يؤكد الإسلام كثيراً على العائلة ولزوم رعايتها. س2: هل الحجاب للمرأة له ارتباط بتماسك العائلة والمحافظة عليها؟ ج: يرى الإسلام ضرورة الحجاب للمرأة وقال الله تعالى: ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) وبذلك تقل الموبقات وتشتد علاقة الرجل بزوجته، والزوجة بزوجها، فتعيش العائلة في جو حب ووداد. س3: هل يحّرم الإسلام العلم والعمل على المرأة؟ ج: كلا، فإن الإسلام لم يحرم على المرأة علماً ولا عملاً، وإنما حرّم عليها التبذل والميوعة والتبرج، كما حرّم عليها أن تقوم بأعمال تنافي عفتها وشأنها. س4: ما هو رأي الإسلام في الزواج؟ ج: يرى الإسلام استحباب الزواج، فهو ضرورة حيوية يتوقف عليه بقاء النسل ولولا الزواج لأصيب الإنسان بأمراض ضارة جداً كما ثبت في الطب ودفع الضرر الزائد، حتى المحتمل منه واجب عقلاً وشرعاً. س5: وهل الزواج المبكر ضرورة؟ ج: من المؤكد عقلاً وشرعاً: الزواج المبكر كما كانت عادة المسلمين من أول ظهور الإسلام إلى ما قبل غزو قوانين الغرب والشرق لبلاد الإسلام فانه لولا الزواج لدار الأمر بين الفساد، وأقله الاستمناء وهو يوجب الفساد أيضاً، وبين المرض كما قرره الأطباء. س6: ما هو رأي الإسلام في اختلاط الفتيان بالفتيات، في مختلف مرافق الحياة؟ ج: الاختلاط المحرّم غير جائز، ويرى الإسلام أن ذلك يوجب الفساد مما يوجب وقاية المجتمع منه إلاّ إذا كان الاختلاط من قبيل اختلاطهم في الحج والمشاهد المشرفة وما أشبه. س7: ما هو تكليف الزوجين في الحياة العائلية بنظر الإسلام؟ ج: على الزوج النفقة كاملة، وإشباع غريزة المرأة الجسدية ـ حسب المقرر شرعاً ـ وعلى الزوجة إطاعة الزوج في الخروج من الدار والاستمتاع، أما الشؤون البيتية فليست واجبة على الزوجة، والنكاح لا ينعقد إلاّ برضاها، والطلاق إنما هو بيد الزوج فقط، إلاّ مع الشرط عند النكاح فيكون بيد الزوجة أيضاً. |
الشورى |
س1: ما معنى الشورى؟ ج: الشورى مأخوذة من مادة (شور) وهي تأتي بمعنى أومأ، يقال شاوره في الأمر أي طلب منه المشورة، تشاور واشتور القوم شاور بعضهم بعضاً، استشار الأمر تبين واستنار. والتشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض، من قولهم شرت العسل إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه، والظاهر أن شرت بمعنى الاستخراج هو الأقرب لمفهوم الشورى باعتباره يتضمن معنى استخراج الرأي كما يستخرج العسل من داخل خلية النحل. س2: هل الشورى التي نص عليها الإسلام جارية في جميع الأمور؟ ج: نعم، جارية في جميع الأمور الصغيرة منها والكبيرة، باستثناء التنصيص على النبوة والإمامة وجعل الأحكام الشرعية الإلهية لأسباب وعلل عقلية كثيرة ذكرها العلماء في علم الكلام. س3: ما هي فائدة الشورى؟ ج: إذا توفرت الشورى، توفر أمران: الأول مشاركة الناس في شؤون الدولة ومشاطرتها مصاعبها ومشاكلها. الثاني صعود المؤهلين وأصحاب الكفاءات إلى مرافق الحكمة والإدارة، مما يسبب تقدم البلاد والعباد، وذلك أن الشورى تأتي بالأفضل فالأفضل. س4: ما هو الدليل على وجوب الشورى؟ ج: من القرآن الكريم، قال سبحانه (وأمرهم شورى بينهم) وقال تعالى (وشاورهم في الأمر) والآية 233 من سورة البقرة (فان أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما) واستناداً لهذه الآيات يتضح: 1ـ إن الشورى مبدأ إسلامي عام لا يختص فقط في المجال السياسي بل حتى في الحياة الأسرية والاجتماعية. 2ـ إن للشورى مجالان، الأول مشورة الدولة لشعبها في الأمور المتعلقة بهم، وإدارة البلاد بالصيغة الاستشارية لا الاستبدادية. والثاني مشورة المسلمين فيما بينهم على إدارة شؤونهم. 3ـ مبدأ التشاور القائم في الأمور المتعلقة بشؤون المسلمين دون الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص. ومن السنة الروايات الشريفة الواردة عن النبي (صل الله عليه و اله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام). قول رسول الله (صل الله عليه و اله وسلم) (ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم). وقوله (صل الله عليه و اله وسلم) أيضاً (الحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره). وقال الإمام علي (عليه السلام) (من شاور الرجال شاركها في عقولها). إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة. |
شورى الفقهاء المراجع |
س1 : ما معنى شورى الفقهاء المراجع؟ ج : جماعة من الفقهاء الجامعين لشرائط التقليد والذين يكونون مورد ثقة الناس وأهل الخبرة يختارهم المسلمون، أما أحدهم رئيساً أعلى للدولة، أو جماعة منهم ليكونوا رؤساء الدولة بالاستشارة فيما بينهم، وهذا الثاني أقرب إلى روح الإسلام حيث أن نظام الإسلام استشاري كما في قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) وقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر) فإن إطلاق الآيتين يعطي أنه بدون الشورى لا يصح الحكم إلا ما خرج، مثل حكم الرسول (صلى الله عليه و سلم) وحكم الإمام (عليه السلام) وحكم من عيناه نصاً، فانه لا مجال للشورى مع النص في الموضوعات كما لا مجال للشورى مع النص في الأحكام. س2 : لماذا نظام شورى الفقهاء المراجع دون غيره من أنظمة الحكم الأخرى؟ ج : لأن الفقهاء المراجع بمجموعهم نواب الإمام (عليه السلام) فكل من اختارته الأمة مرجعاً للتقليد وكان حسب الأوصاف التي قرّرها الله سبحانه على لسان أوليائه المعصومين ) عليهم السلام) كان في ضمن الشورى، ولا وجه لأن يكون بعض المراجع في الحكم دون بعض، أما أن يستبد فقيه بالأمر فذلك خلاف للموازين، فلا يحق لأحدهم أن يستبد بالحكم ويعزل الآخرين بالقوة أو بما أشبه القوة، كتهيئة الجو العام ضدهم حتى يعتزلوا هم بأنفسهم حذراً من الغوغاء والهتك. ومن الواضح أن قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «اللهم ارحم خلفائي» وقوله (صلى الله عليه وسلم): «إني قد جعلته عليكم حاكماً» وما أشبه يدلّ على حكومة أي فقيه اختارته الأمة مرجعاً لتقليدها. فأمور الصلاة والصيام والحج وما أشبه تناط بمرجع تقليده دون غيره. أما الأمور العامة، كالاقتصاد العام، والحرب، والسلم، والسياسة العامة، والاجتماع العام، بما يرتبط بكل الأمة فلابد فيها من اجتماعهم وتمشية الأمر بأكثرية الآراء. س3 : هل تجب المشورة عند مجيء الحاكم إلى الحكم؟ ج : نعم، لأنه نوع تسلط على الناس، والناس لا يصح التسلط عليهم إلا برضاهم. س4 : هل المشورة في الواجبات والمحرمات، وسائر الشؤون الشخصية واجبة، أم أنها مستحبة؟ ج : في الواجبات والمحرمات لا مشورة، وكذلك لا مشورة في سائر الأحكام الخمسة، أما في سائر الشؤون الشخصية فتستحب المشورة. |
الأمة الواحدة |
س1: ماذا تعني الأمة الواحدة؟ ج: الأمة الواحدة هي المجموعة من الناس الذين يشتركون في مبدأ واحد أو ما أشبه. والأمة الإسلامية هي أمة واحدة في جميع الشؤون، فلا حدود جغرافية أو لونية أو لغوية أو غيرها، وإنما هي أمة واحدة وكل فردٍ فيها متساو كسائر الأفراد الآخرين. س2: ما هو الدليل عليها من الكتاب والسنّة؟ ج: من القرآن الكريم قول الله تعالى:(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الأنبياء 92. وقال تعالى: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون )المؤمنون 52. وقال سبحانه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران 110. وقال جل وعلا:( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئِك لهم عذاب عظيم) آل عمران 105. ومن السنة المطهرة، قول رسول الله (صلى الله عليه وآله):(لا تزال أمتي بخير ما تحابوا وتهادوا، وأدّوا الأمانة) البحار ج 71 ص 206 ح 11 باب 65. وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً:(لا تزال أمتي بخير ما لم يتخاونوا) البحار ج 75 ص 172 ح 10 باب 58. وعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (إلزموا الجماعة واجتنبوا الفرقة) تصنيف غرر الحكم ص 466. س3: أين نحن اليوم من هذه الوحدة التي تحدث عنها القرآن الكريم وأكدت عليها السنّة الشريفة؟ ج: إن الواقع الحالي يكشف لنا وبكل وضوح أن الوحدة التي أشار إليها القرآن الكريم غير موجودة بين أبناء الأمة الإسلامية، نعم كانت الأمة واحدة في عهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) واليوم قد حلّ العكس منها، وظهرت حالة أخرى بدلاً عن تلك الوحدة التي دعا لها الباري عزوجل وهي حالة التفرقة والتشتت، وهذه الحالة التي تعيشها البلدان الإسلامية في الوقت الحاضر نتيجة عوامل عديدة فلا يلزم أن نضع اللوم كله على الغرب المستعمر بل إن قسماً من اللوم يقع على أنفسنا لأننا بأنفسنا وأيدينا عبدّنا الطريق للمستعمرين لغزو بلادنا الإسلامية. والسبب في ذلك يعود إلى مسألة الإعراض عن ذكر الله، والقوانين الإلهية في الكتاب الكريم، وترك سيرة نبينا العظيم (صلى الله عليه وآله) وأئمتنا الطاهرين من أهل البيت (عليهم السلام) وقد قال الله سبحانه وتعالى:(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا تزال أمتي بخير ما تحابوا وتهادوا وأدّوا الأمانة واجتنبوا الحرام ووقروا الضيف وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين). |
الأخوّة الإسلامية |
س1: ما معنى الأخوّة الإسلامية؟ ج: معنى الأخوّة: أن كل مسلم في أي بلد من بلاد الإسلام أخ لإخوانه المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، فالعربي والفارسي والهندي والاندنوسي والتركي وغيرهم أخوة (أخوة في الإيمان) لا تمايز بينهم في أي شيء، وهم متساوون أمام القانون الإسلامي فلا قوميات ولا إقليميات ولا لغات ولا ألوان تفصل بعض المسلمين عن بعض. س2: ما هو الدليل عليها من القرآن والسنّة؟ ج: من القرآن الكريم قول الله تعالى: (إنما المؤمنون أخوة) ومن السنّة المطهّرة أحاديث كثيرة تؤكد على هذا المعنى. فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم وهم يد على مَن سواهم يسعى بذمتهم أدناهم) وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (من جدّد أخاً في الإسلام بنى الله له برجاً في الجنة). وعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (بالتواخي تثمر الأخوّة). وقال الإمام العسكري (عليه السلام): (أعرف الناس بحقوق إخوانه وأشدهم قضاءً لها أعظمهم عند الله شأناً). وهذه الحقيقة كرّسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عملياً في حياته حيث آخى بين أصحابه مرتين؛ مرة في مكة ومرة في المدينة، ليتعود المسلمون على الأخوّة ويواسي أحدهم الآخر إذا أصابته نكبة أو مصيبة. لقد أشاع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) حالة الأخوّة في أوساط المسلمين بشكل جعل الجميع متآخين. فكان الصغير والكبير يحمل كل منهما على عاتقة أساس الإسلام، فالأخوّة الإسلامية تعدّ بحق إحدى العوامل الأساسية الرئيسية لتقدم الإسلام، ووصوله إلى ما وصل إليه كان بسبب وجود ذلك الأساس المتين ألا وهو الأخوة الإسلامية بين المسلمين. س3: لماذا نرى هذا المفهوم غريباً عن أذهان الكثيرين وبعيداً عن واقع المسلمين على الرغم من وجود الآيات القرآنية والروايات المتضافرة والشواهد التاريخية التي تؤكد عليه؟ ج: السبب أنه مع مرور الزمن ظهر حكام مرتبطون بالغرب عطّلوا القوانين الإسلامية وأسقطوا الأخوّة ، فصار كل مسلم لا يهمه سوى نفسه، ولا علاقة له بأخيه المسلم في أي بقعة كان من العالم، وهذه الظاهرة بدأت تتكرس حتى عدّ من يعيش ضمن كتلة جغرافية واحدة مواطناً وإن كان كافراً، ومن يعيش خارج البلد أجنبياً وإن كان مسلماً، ولهذا بدأ الناس يتفرقون عن الإسلام ويفرّون عن البلاد الإسلامية، فما قيمة المسلم الذي لا تحترمه البلاد الإسلامية وتزعم أنه أجنبي وتحترم غيره وتوفر له فرص العمل وإن كان معادياً للإسلام. أنظر إلى بلاد الغرب ـ إنهم يقيمون الدنيا ويقعدونها إذا أصيب أحد منهم بسوء ـ ومعلوم أن هذا الاهتمام الكبير بالمواطن الغربي يدعوه للاهتمام بهويته والالتفاف حول بلاده وحكّامه فلا عجب بعد ذلك إذا رأينا سقوط المسلمين وتفرقهم عن بلادهم بل العجب كل العجب إذا رأينا سيادتهم أو تقدمهم! ألم يقل الله سبحانه: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). |
الحجاب |
السؤال1: ما هي الدوافع التي جعلت الدين الإسلامي يشرع الحجاب على المرأة؟ الجواب: إن الدافع الأساسي يكمن في حفظ كرامة المرأة وعزتها وحفظ المجتمع من الانزلاق في المفاسد، ويمكن الإشارة إلى بعض الفوائد الأخرى المترتبة على الحجاب أيضاً. الأولى: بقاء المحبة الزوجية: حيث ينوه علم النفس أن الزوجة المحجبة تستقطب حب الزوج واهتمامه أكثر من غيرها، لأن (الإنسان حريص على ما منع) فالمرأة المحجبة عادة أقرب إلى قلب الزوج من المرأة المتبرجة. الثانية: الحفاظ على الحياة الزوجية: فعندما تكون المرأة محجبة تستمر الحياة الزوجية أكثر كما هو المشاهد في الإحصاءات، إذ في هذه الحالة لا يرى الزوج غير زوجته وهو قانع بها.. ولا ترى الزوجة غير زوجها وهي قانعة به. لكن عندما تكون النساء سافرات، وعندما يكون هناك اختلاط، فمن الطبيعي أن يرى الزوج نساءً أجمل من زوجته.. وأن ترى الزوجة رجالاً أجمل من زوجها.. وهذا كثيراً ما يؤدي إلى تردي العلاقات الزوجية وفي النهاية إلى الطلاق. الثالثة: توقي الانحرافات الجنسية: فكم من الانحرافات والاتصالات الجنسية غير المشروعة تحدث في المجتمع في الوقت الحاضر!.. ألا يلعب السفور والتبرج دوراً أساسياً في ذلك؟ أليس الحجاب هو الأفضل لتوقي هذه الانحرافات؟ وهل من الصحيح أن يرمي الصائغ ذهبه ومجوهراته في الطريق؟ ألا يعني ذلك تعرضها للسرقة من قبل اللصوص؟ وكذلك المرأة المتبرجة كثيراَ ما تكون عرضة لسرّاق الأعراض. السؤال2: ما هي الآيات التي تؤكد على أهمية الحجاب للمرأة؟ الجواب: آيات عديدة وردت في القرآن الكريم حول الحجاب، منها قول الله تعالى في سورة الأحزاب آية (53) (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن) وقوله تعالى في سورة النور آية (31) (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) . السؤال3: ما هي الشروط الشرعية لحجاب المرأة في الإسلام؟ الجواب: أن يكون ساتراً لجميع البدن إلاّ الوجه والكفين وظاهر القدمين، بشرط عدم الزينة وعدم خوف الافتتان وأن لا يكون هنالك ناظر ينظر بلذّة أو ريبة. السؤال4: متى يجب على البنت أن ترتدي الحجاب الشرعي الكامل؟ الجواب: إذا أتمت تسع سنين ودخلت في العاشرة، وينبغي تعليمها قبل ذلك على الحجاب كي لا يصعب عليها حين البلوغ. السؤال5: هل يمنع الإسلام بفرضه الحجاب، المرأة من العلم والعمل؟ الجواب: إن الإسلام لا يمنع من العلم ولا من تعلم المرأة، ولا يمنع من عمل المرأة أعمالاً تناسب شرفها وعفافها، وإنما الذي يمنع عنه الإسلام هو الاختلاط والسفور وحضور الفتيان والفتيات الأماكن المريبة.
|
التنظيم |
السؤال الأول: هل التنظيم واجب شرعي بحيث يجب على الأفراد والجماعات الالتزام به، أم سنّة كونية؟ الجواب الأول: التنظيم بالمعنى الشرعي واجب وهو سنّة كونية، وضرورة ملحّة بالنسبة إلى الأمة الإسلامية. فهو-أولاً- واجب شرعي، فقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام) في وصيته الأخيرة(أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم). وهو- ثانياً- سنّة كونية.. فقد خلق الله سبحانه الكون كله منظماً، وقد قال تعالى في ذلك(من كل شيء موزون). فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق من الذرة أو الأصغر منها إلى المجّرة أو الأكبر منها بكل دقة وتنظيم ووزن، حتى أن الأمر إذا زاد أو نقص عن حدّه التكويني أو التشريعي أوجب اضطراباً. والتنظيم هو-ثالثاً- ضرورة حيوية.. وقوة، وقد قال الله سبحانه(وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة). أما إذا لم ننظّم أنفسنا في تنظيم واسع كبير فسيعترينا الضعف، ويتغلب علينا الأعداء، وإن واقعنا المعاصر خير دليل على ذلك، وإننا بدون التنظيم لن نستطيع مواجهة التحديات المعاصرة، ولن نتمكن من الوقوف أمام الشرق والغرب وعملائهما. السؤال الثاني: ما هو الشكل الذي يجب أن يكون عليه التنظيم حسب موازين النظرية الإسلامية؟ الجواب الثاني: 1- من الضروري أن يكون التنظيم استشارياً، لا استبدادياً، فالاستشارة ما وضعت على شيء إلاّ سببت تقدمه وازدهاره، بينما الاستبداد ما وضع على شيء إلاّ سبب تأخره وانهياره، وقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام):(من استبد برأيه هلك). وقد طبق الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) مبدأ الاستشارة في شؤونه.. رغم عصمته واتصاله بالوحي ووفور عقله، وقوة إدراكه، حتى يتعلم المسلمون منه ذلك.. 2- يجب أن يكون التنظيم توعوياً، فإنه إذا لم يكن كذلك لم ينجح في تخطيطه وعمله وربما وقع ألعوبة بيد المستعمرين والمستبدين، وقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام):(قصم ظهري اثنان: عالم متهتك، وجاهل متنسك) 3- يلزم أن يكون التنظيم قوياً متماسكاً مضافاً إلى لزوم حرية القاعدة، ولكي يكون كذلك لابد من توفر شرطين أساسيين هما: اتّباع القاعدة للقيادة الصالحة للتنظيم وذلك عن اقتناع وتفاهم متبادل، وانتخاب القاعدة للقيادة انتخاباً حراً حتى يكون بين القمة والقاعدة تفاعل حقيقيً وحتى لا يتحول التنظيم إلى مؤسسة ديكتاتورية. هذه بعض الشروط اللازم توفرها في التنظيم الإسلامي الناجح وهناك شروط أخرى لا يسعنا إيرادها هنا (لمزيد من التفصيل راجع كتاب السبيل إلى إنهاض المسلمين للإمام الشيرازي دام ظله). |
التوعية |
س1: ماذا يقصد بالتوعية؟ هل الفهم السياسي أم الرشد الفكري؟ ج1: يقصد من التوعية، إيجاد الوعي التام بكل جوانبه السياسية والثقافية والإدارية والاقتصادية والدينية تحت ظل قوانين الكتاب والسنة ليكون مستقبل المسلمين مزدهراً ومتقدماً. فإن التوعية والتثقيف هي إحدى الأسس الرئيسية لنهضة الأمة الإسلامية، وترسيخ مبادئها وتطبيقها على أرض الواقع بشكل تام وصحيح، ولأهمية الوعي والرشد الفكري يقول الله سبحانه:(ولقد آتينا إبراهيم رشده)، وإذا أردنا المعرفة فعلينا بالجهاد الفكري وبكل الوسائل المتاحة، بالقلم واللسان وبمختلف وسائل الإعلام العصرية، لتصل تعاليم الإسلام وأهدافه الإنسانية إلى كل قرية، قريبة أو بعيدة، وكل بيت صغير وكبير، فتبدأ بالنهضة من جديد، بامتلاكها الحجة من جراء رشدها وفهمها السياسي وبالتالي لا تهجم عليها اللوابس من جراء التخلف، وقد جاء في الحديث الشريف عن الإمام الصادق(عليه السلام): أن(العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس). س2: كيف يتمكن المسلمون من مواجهة التيارات الفكرية الفاسدة التي باتت تهددهم؟ وما هي السبل الكفيلة للقيام بهذه المواجهة، وبناء الشخصية الإسلامية ثقافياً؟ ج2: لبناء الشخصية الإسلامية ثقافياً نمر بمرحلتين هما: الهدم أولاً.. والبناء ثانياً.. فالمرحلة الأولى هي تحطيم الثقافات الاستعمارية الغازية، وهدم البنى الفكرية المستوردة عبر فضحها وبيان أباطيلها. وهذا يعني معرفة الأمراض الكامنة في جسد الأمة الإسلامية ومعرفة كيفية تحقق الهيمنة الاستعمارية على المسلمين، وما هي خطط ومؤامرات الاستعمار التي يحركها ضد الإسلام من وراء الكواليس؛ وذلك لان الإنسان ما لم يعرف المرض لا يستطيع معرفة العلاج، وكذلك علينا معرفة أسباب تخلفنا، وأسباب تبعض المسلمين وتشتتهم إلى دويلات متناحرة. والمرحلة الثانية: تتمثل في طرح برنامج بديل متكامل هو عبارة عن معرفة الطريق الطبيعي المؤدي إلى كيفية الحكم الإسلامي في المستقبل وفقاً للمقاييس الإسلامية، ولمعرفة الحلول علينا أن نعرف السياسة الإسلامية كيف هي وكيف تطبق في الظروف الحاضرة، والاقتصاد الإسلامي، وقوانين الاجتماع في الإسلام، وقوانين الزراعة، والتجارة والصناعة، والعيش، والحرب والسلم، والعلاقات الدولية، والأحلاف والمعاهدات، وتحقيق الحرية، وتوزيع القدرات في مراكزها الطبيعية. ومن الضروري نشر هذا الوعي بين الجماهير عبر مئات الملايين من الكتب وغيرها من الوسائل التي تضع بديلاً متكاملاً جوانبه، محددة برامجه، واضحة معالمه، بينة أساليبه وأهدافه. |
التوكّل |
السؤال الأول: ما معنى التوكّل؟ الجواب: التوكّل هو إيكال الأمور إلى الله تعالى بمعنى أن لا يحرص الإنسان بالإتيان على أكثر من الأسباب الظاهرية، ولا يغتم لما فاته ولا يحزن إذا لم يصل إلى النتيجة، وإيكال الأمور إليه سبحانه من أفضل المقامات التي يصل إليها الإنسان، ولا يصل الإنسان إلى هذا المقام إلاّ بعد جدّ وجهد. ومن ركائز الإيمان بالله عزّ وجل تفويض الأمر إليه، والاعتماد عليه في مسيرة الحياة، واستمداد العون منه في الشدّة والرخاء، والاعتقاد بأنه تبارك وتعالى المدبّر للملك، والفعّال لما يريد، وبيده وحده الإعطاء والمنع والرزق والحرمان، والنصر والهزيمة، والسبق والتخلف. والتوكّل على الله زاد المؤمنين في الحياة يمنحهم الثبات عند المحن، ويدفعهم بقوة لخوض معركة الحياة، ويملأ قلوبهم بالعزّة والطمأنينة والاستعلاء على المصاعب، والارتفاع على الشدائد. السؤال الثاني: قد يزعم بعض المفرطين: إن التوكل لا معنى له، إذ الدنيا دار الأسباب، فما هو ردّكم؟ الجواب: هذا جهل وزيغ، فإن الأسباب ليست هي وحدها الموصلة إلى المسببات، وإنما هناك إرادة قوية فوق الأسباب، هي المقررة للمصير، أرأيت من يزرع، هل هو الذي يأتي بالثمر؟ أو من يتجر هل هو الذي يأتي بالأرباح؟ وهكذا. وإن كان الأمر كذلك فلما كثيرون من يزرع ولا يحصد أو يتجر ويخسر؟ السؤال الثالث: ما هي الكيفية التي يتوكّل بها الإنسان على الله تعالى؟ وهل يكفي قوله(توكّلت على الله)؟ الجواب: مجرد التلفظ لا يكفي، أرأيت المريض، لو تلفظ بالدواء ألف مرة، هل كان يكفي ذلك ويشفيه من مرضه، حتى يستعمل الدواء؟ إنه كذلك (التوكّل) لا يكفي لفظه، إلاّ إذا عمل به الإنسان، وأنمى ملكته في نفسه، نعم قوله:(توكّلت على الله) إظهار وإيحاء وما أكثر فائدتهما، أما الإظهار؛ فلأنه شعار، والشعار مهم جداً شرعاً وعقلاً وعرفاً، وأما الإيحاء، فلأن الإنسان إذا كرّر شيئاً، خصوصاً إذا كان بصوت، أوحى ذلك الشيء المكرر إلى نفسه بالالتزام بذلك الشيء ولعل هذا هو سر ما ورد في الأحاديث الكثيرة من استحباب التلفظ بألفاظ الذكر والدعاء والقرآن وما أشبه، بالإضافة إلى فائدة التعلم والتذكر. السؤال الرابع: هل من نصوص في القرآن الكريم والسنّة المطهرة تحث على الاتصاف بروح التوكّل وتثني على المتوكلين؟ الجواب: قال تعالى:(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى فليتوكل المؤمنون). وقال تعالى:(وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين). وقال سبحانه:(ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، وقال عزّ من قائل:(ومن يتوكّل على الله فإنّ الله عزيز حكيم). وقال الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله):(من انقطع إلى الله كفاه كلَّ مؤنه، ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها). وقال(صلى الله عليه وآله):(لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطيور تغدو خماصاً وتروح بطاناً). |
الاكتفاء الذاتي |
السؤال الأول: ماذا يقصد بالاكتفاء الذاتي؟ الجواب: الاكتفاء الذاتي: يعني أن يهتم المسلمون بأن يؤمنوا احتياجاتهم من عند أنفسهم، فلا يطلبون من الشرق والغرب حاجة، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة. السؤال الثاني: وهل ذلك ممكن؟ الجواب: نعم، ذلك ممكن، فالبلد الإسلامي إذا صار يداً واحدة من غير فرق بين السودان وليبيا والمغرب ومصر وسوريا والأردن والعراق وإيران والخليج والباكستان وإندونيسيا وبنغلادش وغيرها من الأجزاء المقطَّعة من الجسم الإسلامي الواحد.. إذا صارت هذه البلاد بلداً واحداً أمكن أن يعطي كل بلد ما تحتاجه البلاد الأخرى. وهكذا يقوم المسلمون باحتياجات أنفسهم فلا يستوردون من الشرق أو الغرب، وقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام)(إحتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمّن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره) فما دام المسلمون محتاجين حتى في لباسهم وفي أدواتهم الكمالية، وفي المأكل والمشرب وغير ذلك إلى دول الغرب والشرق، فهم أُسراء في أيديهم. لذا فنحن المسلمين إذا أردنا الاستقلال عن الغرب والشرق والرجوع إلى الإسلام نحتاج إلى الاكتفاء الذاتي في بضائعنا،وأن نكتفي بمنتوجاتنا، ونكتفي بصنائعنا، ونكتفي بعلومنا، ونكتفي بخيراتنا التي تظهر من الأرض من المعادن أو الثمار أو غير ذلك، فكل شيء يصنع في بلادنا نتخذه آلة ووسيلة للاستخدام، وإذا استغنينا عن الغرب والشرق نكون نظيرهم تلقائياً. السؤال الثالث: ما هي مرتكزات الاكتفاء الذاتي؟ الجواب: الاكتفاء الذاتي يرتكز على أمرين: تجنب الإنسان البضائع والأفكار الأجنبية مطلقاً، ويجب أن تكون أفكاره نابعة من نفس الإسلام وبلاد الإسلام، ويجب نبذ الأفكار الدخيلة، ويلزم مقاطعة البضائع الأجنبية. دعوة جميع المسلمين إلى أن يتخلوا عن البضائع الأجنبية بضاعة فبضاعة، وحاجة فحاجة، وذلك ضمن برنامج متكامل الأطراف كأن يحوِّلوا البضائع المستوردة إلى البضائع المصنوعة في بلاد الإسلام، كما ويلزم أن يقطعوا حاجاتهم عن المواد الغذائية المستوردة من الخارج وينقلوا ذلك إلى المواد المنتجة في داخل بلاد الإسلام، فتنمو السلع الداخلية وتنقطع السلع الخارجية حتى يصل الأمر إلى الاكتفاء الذاتي، وبذلك يكون المسلم هو سيّد نفسه، لا أن يمدَّ يده إلى الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب، وإنما يستعمل في مسكنه وملبسه ومأكله ومشربه وجميع حاجاته ما يصنع في نفس بلاد الإسلام. |
الاعتدال |
السؤال الأول: ماذا يقصد بالاعتدال؟ الجواب: الاعتدال في اللغة: هو توسط حال بين حالين في كم أو كيف، كقولهم جسم معتدل بين الطول والقصر، وماء معتدل بين البارد والحار. وفي الاصطلاح: فالاعتدال التكويني بمعنى أن مختلف المخلوقات والأحياء في هذا العالم تكون خاضعة لنظام تكويني عادل من قبل الله سبحانه وتعالى، فلا نجد في أي مظهر من مظاهر الكون زيادة تؤدي إلى الاضطراب، ولا نقصاً يؤدي إلى الاختلال. السؤال الثاني: هل الاعتدال والتوازن من المظاهر اللازمة التي لا تنفك عن أي مخلوق؟ الجواب: الموجودات كلها تتمتع بصفة الاعتدال في أصل وجودها، وتحمل في ذاتها هذه الصفة لتكون دليلاً على العادل المطلق، فالكواكب والأجرام منتظمة في حركتها، فلا تسرع في جريانها ولا تميل قيد أنملة عن مسارها، ونرى الاعتدال في كميات الغازات والأشعة المختلفة، وهكذا الحال في عالم الحيوان، فالاعتدال والتوازن في أعدادها بما يلائم الصالح العام لهذه الحياة. السؤال الثالث: هل التعامل باعتدال مطلوب شرعاً؟ الجواب: لقد ندب الله سبحانه وتعالى الناس أن يتعاملوا باعتدال تام، كما في قوله عز وجل:(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، ولا تبسطها كل البسط) فلا إسراف في العطاء بحيث يصيب الإنسان الفقر والحاجة، ولا أن يكبّل المرء يديه فيصيبه البخل والطمع، بل أمر بين الأمرين، فلا يفقد الإنسان توازنه الاجتماعي بالإسراف والتبذير والبذخ، ولا يصيبه مرض روحي خطير مثل الحرص على المال، فيصبح طماعاً جشعاً، بل عليه أن يسلك طريقاً معتدلاً، لكي يحصل على التوازن في حياته، قال الله تعالى:(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما). السؤال الرابع: كيف نوجد مظاهر الاعتدال في المجتمع؟ الجواب: إن أبرز سبب لإيجاد مظاهر الاعتدال في المجتمع هو مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالعمل بهذا المبدأ من داخل الأسرة، إلى المدرسة، إلى السوق، وإلى المجتمع كله يؤمّن لنا الاعتدال والتوازن الأخلاقي ويحفظ لنا رصيداً ضخماً من الطاقات البشرية المؤمنة بالله تعالى، والعاملة من أجل إشاعة المعروف وخدمة عباد الله تعالى. |
المداراة |
السؤال الأول: ماذا يقصد بالمداراة؟ الجواب: يقصد بالمداراة: الملاينة ومنه الحديث(رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس) أي ملاينتهم وحسن صحبتهم واحتمالهم لئلا ينفروا عنك، وداريت الرجل أي لاينته ورفقت به، كما في اللغة، وتكون المداراة في حسن الخلق وحسن المعاشرة مع الناس. ومن الرفق المداراة مع الناس بحسن صحبتهم واحتمال أذاهم وعدم مجابهتهم بما يكرهون. السؤال الثاني: ما هو الفرق بين المدارة وبين النفاق، وألا تكون المداراة نوعاً من النفاق؟ الجواب: لا تكون المداراة من النفاق بشيء، فالنفاق هو أن يكون الإنسان ذا وجهين، يلقى صاحبه بوجه ويغيب عنه بوجه... والمداراة هي اللين مع الناس. السؤال الثالث: هل تختص المداراة بالجماعة التي بيننا وبينهم مودة أم تتعدى إلى غيرهم أيضاً؟ الجواب: لا تختص المداراة بالجماعة التي بينك وبينهم مودة، أو أي نوع من العلاقة بل حتى الأعداء عليك بمداراتهم، قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):(من أصلح الأضداد بلغ المراد). السؤال الرابع: هل هناك نصوص وردت عن النبي وأهل بيته(عليهم السلام)تحث على هذه الفضيلة؟ الجواب: لقد حثّ الإسلام على فضيلة المداراة مع الناس آكد الحثّ، فقد قال النبي(صلى الله عليه وآله)(مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش)، وقال(صلى الله عليه وآله):(أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض). وعن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في وصيته لمحمد بن الحنفية قال:(وأحسن إلى جميع الناس كما تحب أن يحسن إليك، وارض لهم ما ترضاه لنفسك، واستقبح لهم ما تستقبحه من غيرك، وحسّن مع الناس خلقك حتى إذا غبت عنهم حنّوا إليك، وإذا متّ بكوا عليك وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا تكن من الذين يقال عند موته الحمد لله رب العالمين، واعلم أن رأس العقل بعد الإيمان بالله عز وجل مداراة الناس ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف مَن لا بد مِن معاشرته حتى يجعل الله إلى الخلاص منه سبيلاً..). |
صلة الرحم |
سؤال: ما هو الرَّحم؟ ومن هم المقصودون بالصلة؟ جواب: إنه الذي جمعك وإياه رحم واحدة قريبة: كالإخوة والأخوات، أو متوسطة: كالأعمام والأخوال، أو بعيدة: كسائر من يمت الإنسان إليهم بصلة مع صدق كونه رحماً عرفاً. سؤال: كيف توصل الأرحام؟ جواب: تماسكاً للأسر وتقوية للمحبة والتي هي من أسس المجتمع الناحج وتفادياً للإحن والعداوة التي ربما تنشأ بين بعض الأقارب، أسرع الإسلام على التوصية الكافية بالأرحام بصورة عامة من ناحيتين: إيجابية: فيلزم أن يتواصلوا، ويتبارّوا، ويتراحموا، ويتفقد بعضهم بعضاً. سلبية: فيحرم القطيعة بشتى أشكالها، ويؤكد على لزوم غسل القلوب عن ضغائن ربما تستشري بينهم فلا تدع ولا تذر، قال الله تعالى:(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً)، ويقول تعالى:(الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل..أولئك لهم عقبى الدار)
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(إنّ أعجل الخير ثواباً صلة الرحم). وقيل لرسول الله(صلى الله عليه وآله): أي الناس أفضل؟ قال(صلى الله عليه وآله):(اتقاهم لله، وأوصلهم للرحم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر). وقال(صلى الله عليه وآله):(أفضل الفضائل: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك). سؤال: ما هي آثار قطيعة الرحم؟ جواب: قطيعة الرحم من الذنوب الكبيرة وآثارها وخيمة ومن جملتها: أنها تدخل النار وتغضب العزيز الجبار، وهي سبب لحلول النقم، وتعجل الفناء، وتحبس الرحمة. قال الله تعالى:(والذين ينقضون عهد الله بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار). سؤال: ما هي الآثار الإيجابية لصلة الرحم؟ جواب: صلة الأرحام تعود بالنفع الكبير إلى الأرحام أنفسهم فهي تمد في عمر الإنسان، وتكون سبباً لبسط الرزق وطول العمر، ومن الطبيعي أن يكون واصل الرحم هادئ النفس، مرتاح الخاطر، مطمئن القلب، وهي تزكي الأعمال، وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسر الحساب، وقد قال الإمام الصادق(عليه السلام):(صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة وهي منسأة في العمر، وتقي مصارع السوء). |
التعاون |
سؤال: ما معنى التعاون في قول الله تعالى:(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)؟ جواب: التعاون على قسمين: الأول: التعاون على الخير، وهو يشمل جميع الصور الإنسانية الرفيعة التي تصب في خدمة الإنسان وأهدافه النبيلة من الإعانة وقضاء الحوائج والإنفاق والتبرع بالمال والخدمة وإصلاح ذات البين والعناية بأمور الناس وغيرها. وهناك معنى آخر للتعاون، وهو السعي لنبذ الخلافات والتنسيق مع كل الأطراف، فهو أيضاً نوع من التعاون على إشاعة الخير والوحدة والأخوة. الثاني: التعاون السلبي، وهو التعاون من أجل الشر وفعله، والقبيح وفعله، وهذا خطر جداً والتاريخ مليء بهذا الأمر، ولكن أقبحها صورة هو عندما يتعاون الأفراد على قتل نبيها أو وصيه، كما كان الأمر عندما اجتمع البعض وتعاونوا على محاربة الإمام الحسين(عليه السلام)، وكذلك الحال عندما تعاون اليهود مع قريش في محاربة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) في معركة الأحزاب. سؤال: ما هي سمات المجتمع المتعاون؟ جواب: المجتمع الحي، هو المجتمع الذي بني أمره على التعاون والتكاتف، فكل فرد منه يعاضد الآخر في حوائجه، ويشاركه في أحزانه وأفراحه، فترى إنه إذا نزلت نازلة على أحد هبّ الجميع لمنازلتها وعلاجها، وإذا احتاج فرد إلى حاجة سعى الكل لقضائها وإنجاحها. ومن المعلوم ان أمر المجتمع قائم على التبادل، فمن سعيت له سعى لك، ومن شاركته همومه يشاركك همومك... وهكذا. وفي الحقيقة ان الذي يهتم بأمور الآخرين إنما يهتم بأموره، وكل من ينفرد بحوائج نفسه ويتخلى عن الناس، فإنما يتخاذل عن نفسه، إذ لا يعير له أحد أي اهتمام، ولا يسعى له في حاجة. ومن جانب آخر فانه كلما زاد تعاون الأمة، زاد رقيها، والعكس بالعكس فانه كلما انفصمت الأواصر بينهم، كثر الخمول والانحطاط، ودب اليأس في صفوفها، وقد أكد الإسلام على السعي الحثيث في قضاء الحاجات ورغّب فيه بشدّة، وجعل لذلك ثواباً كثيراً وجزاءً جميلاً، فعن الإمام السجاد(عليه السلام) قال:(من قضى لأخيه حاجته، فبحاجة الله بدأ وقضى الله له بها مائة حاجة في إحداهن الجنة، ومن نفّس عن أخيه كربه، نفّس الله عنه كرب القيامة بالغاً ما بلغت..). وقال الإمام الصادق(عليه السلام):(ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلاّ ناداه الله: عليّ ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنة). إذن علينا أن نكثف نشاطاتنا من أجل إعادة التعاون إلى ساحة الحياة وحل مشاكل الناس، والقضاء على جميع الأزمات عن طريق إعادة الأخوة والمحبة وبناء الأمة الإسلامية الواحدة لكي تعم السعادة كل الحياة. _____________________________________________ س: ما هي حقيقة السلم والسلام في الإسلام ؟ ج: الإسلام هو دين السلم والسلام بما للكلمة من معنى، فقد بنى الإسلام أساسه على السلم والسلام، ودعا إليهما دعوة صادقة، ومهّد في قوانينه ومناهجه بكل جديّة لهما، وشجّع وبكل تأكيد عليهما، وحارب كل من يسعى للإخلال بالسلم والسلام، وعدّه إن لم يرتدع محارباً لله ولرسوله، "وليس محارباً للناس فحسب"، وتوعّده بجزاءٍ صارم وحدٍّ جازم, كي لا يجرؤ أحد على أن يخلّ بالسلم والسلام، وقال في دعوة عامّة ليست للمسلمين فقط بل لكل الناس، وبصراحة تامّة: " يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوَاْ ". الحجرات: 13. فالاختلاف إنما هو لأجل التعارف، والتعايش معاً بسلم وسلام، لا للتنازع والتشاجر، والحرب والدمار، كما قال سبحانه: " يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السّلْمِ كَآفّةً ". البقرة: 28. وللتفصيل يراجع كتاب (السلم والسلام) للإمام الشيرازي (رضوان الله عليه). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ س: كيف يثبت القول بأفضلية الاقتصاد الإسلامي العملي؟ وكيف تؤمّن الدولة الإسلامية الاقتصاد الأحسن بدون أيّ ضريبة؟ ج: قال الله تعالى في سورة قريش: "فليعبدوا ربَّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" فأمرهم بالعبادة بعد أن وفّر لهم أمرين: 1ـ الاقتصاد الذي يقوّم حياتهم. 2ـ الأمن الذي يطيّب عيشهم، وهذا يدلّ على اهتمام الإسلام البالغ بالاقتصاد، واهتمامه ليس لفظياً، وإنّما هو عملي، وضمن منهاج اقتصاديّ متكامل، موجود في كتب الفقه الموسعة، والمسائل الإسلامية العملية، وفي كتب معنيّة بالاقتصاد، مثل كتاب: (الوعي الإسلامي: الاقتصاد) لآية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي، ومثل:(الفقه: الاقتصاد)، و(آداب المال)، و(الاقتصاد الإسلامي المقارن)، و(الاقتصاد عصب الحياة) للإمام الشيرازي الراحل، وقد تعرّضت هذه الكتب وغيرها إلى بيان أنه كيف تؤمن الدولة الإسلامية اقتصادها من دون ضرائب مالية مبتدعة، وإنما تؤمّن ذلك عبر الحقوق الشرعية مثل الخمس والزكاة، والجزية والخراج والتجارة ونحوها. ومطالعة كتاب: (السياسة من واقع الإسلام) و(الطريق إلى بنك إسلامي) و(تمهيدات في الاقتصاد الاسلامي) لسماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظلّه) مفيد في هذا المجال إن شاء الله تعالى. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: يقول البعض: إن
تضارب الفتاوى وتعدد المدارس الفكرية والمذهبية انعكس سلباً على الأمة فحتى
المدرسة الواحدة فيها عدة تيارات، وهناك تنافر بين علماء الطائفة الواحدة
وتضارب في الفتوى، فهناك من يحلل مثلاً الاستماع إلى الأغاني مطلقاً إذا لم تكن
تشتمل على قول الباطل أو اشتملت على محرم آخر كالاختلاط أو العري أو الشرب
ونحوه، وهناك من يحرمها مطلقاً، وهناك من يأخذ طريقاً وسطاً، فيحرم الأغاني
والموسيقى التي يقال عنها لهوية، ويبيح ما عدا ذلك. وكذا في بقية الفنون كالرسم
والنحت والتمثيل والنظرة إلى المخترعات والاكتشافات الحديثة كالإنترنيت
والسينما والقنوات التلفزيونية الفضائية ووسائل اللهو والتسلية كاللعب بالشطرنج
والنرد وغيرها، وهنالك اختلاف في المسائل السياسية وحكومة الإسلام وولاية
المرأة والديمقراطية والانتخابات والحرية وغيرها، وقد صار المسلم أو المؤمن
متردداً لا يقدم على الحياة ويخشى الوقوع في المحاذير الشرعية، فما هو رأيكم؟
س: في المسائل الشرعية دائماً ما يتم ذكر (الدولة
الإسلامية)، فما المقصود بها؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: في المسائل الشرعية دائماً ما يتم ذكر (الدولة
الإسلامية)، فما المقصود بها؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: هل الفلسفة طريق سليم لمعرفة الله؟ هل صحيح
أن الفلسفة إسلامية؟ ما حكم دراسة الفلسفة والالتزام بنتائجها؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: هل
ذكر التاريخ أن الرسول الأعظم(ص) قتل أحداً بسبب أنه غير دينه من الإسلام إلى
غيره، إلا الذين يأتون بأفعال تهدد أمن الدولة الإسلامية سياسياً أو اقتصادياً
أو اجتماعياً؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: ذات مرة سأل أبو حنيفة الإمام الصادق (صلوات الله عليه) مسألة وهي: ممن
المعصية؟ فأجاب (سلام الله عليه): أنها: إما من الله وإما من الإنسان وإما أن
يشترك فيها الإثنان، والسؤال أنه كيف تكون المعصية من الله عزوجل؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: هل يمكنكم إعطائي أدلة على وجود الله بدون التطرق إلى المصطلحات الفلسفية؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: إذا كانت صفاتُ الله تعالى عين ذاته، فكيف ندرك صفاته مع أننا لا نستطيع
إدراك ذاته؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ س: كيف أكون في حالة إتصال مع الله تعالى، مع أنني في احتكاك مع الشباب، هل آخذ طريقة العزلة، إذ أنني جالستهم وتعرّضت للخطأ، كيف أكون شاباً رسالياً ملتزماً وأنا أحتكّ بالأصدقاء؟ ج: العزلة مذمومة في الإسلام ذمّاً شديداً، فإنّه لا خير فيمن لا يؤلَف، كما أنّه لا رهبانية في الإسلام، ولذلك ينبغي للشاب المؤمن أن يكون اجتماعياً ويعيش في المجتمع وهو يحمل رسالة الإسلام وثقافته السماوية ليكون هو العامل بها أولاً، والمبلّغ لها ثانياً، عملاً بالآية الكريمة: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله، اولئك سيرحمهم الله» التوبة:71، وامتثالاً للحديث الشريف: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وبذلك يستطيع أن يكون شاباً رسالياً ومصوناً من الخطأ مع احتكاكه بالأصدقاء إن شاء الله تعالى. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: الشيء المحيّر الذي يبقى لغزاً، رغم أن العلم الإنساني فك طلاسم كثيرة، وقام
العقل بحل معادلات معقّدة مستعصية، الشيء المحير، وهو الأهم هو: معنى دخولنا
إلى الحياة وخروجنا منها، لماذا نعيش ثم نموت؟! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: هل قاعدة (التّسامح في أدلّة السُّنن) ثابتة في المكروهات؟ |