س18:
ما موقفنا بالنسبة للروايات الواردة في
مصادرنا حيث أننا لسنا من أهل الخبرة لنحدد
صحتها أو ضعفها من حيث السند أو المتن
وخصوصاً إذا لم نعرف رأيكم فيها هي صحيحة أم
لا؟
ج
: الروايات المرتبطة بالأخلاقيات وما
أشبه من آداب المعاشرة وغيرها لا يلزم فيها
صحة السند بل تشملها قاعدة (التسامح في أدلة
السنن) ويجوز العمل بها.
س19:
هناك من يتأمل في دعاء السمات وينسبه إلى
الإسرائيليات نظراً لتكرّر الكلام عن نبي
الله موسى (عليه السلام) وبني إسرائيل، فما
رأيكم؟
ج
: الدعاء وارد والإشكال غير
صحيح فإن القرآن الكريم كرّر عدة مرات قصة
موسى (عليه السلام).
س20 : ما رأيكم في الحديث القدسي
(لولاك ما خلقت الأفلاك...) هل هو صحيح؟ وما هو
تأويله؟
ج
: الحديث معتبر فإن الكون
خلق لأجل الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لأن
الغرض من الخلق في قوله تعالى: (وما خلقت الجن
والإنس إلا ليعبدون) لم يكن يتحقق لولا وجود
الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأهل بيته
الطاهرين ) عليهم السلام).
س21 : ما هو الحديث القدسي، وهل
هو كلام الله سبحانه وتعالى وهل يجب
الالتزام به والأخذ بأوامره ونواهيه؟
ج
: الحديث القدسي هو كلام
الله سبحانه لكنه ليس بقرآن، كالأحاديث التي
تكلّم بها عزّ وجل مع موسى (عليه السلام) وهو
حجة إذا توفرت فيه شروط الحجية كالسند وما
أشبه.
س22: هل صحيح أن دعاء العهد إذا قرأناه أربعين مرة سوف
نكون من أنصار الإمام الحجة(عجل الله فرجه الشريف) ولو بعد موتنا، وفي أي وقت
بالتحديد تكون القراءة؟
ج: في الحديث إن من بلغه ثواب على عمل، فعمل ذلك الشيء
لثوابه، أعطاه الله ذلك الثواب، وثواب هذا الدعاء هو أن يكون الإنسان من أنصار
الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) ولو بعد موته، ويقرأ أربعين صباحاً، كما
ورد في(مفاتيح الجنان) و(الدعاء والزيارة)؟
س23: عندما نقرأ كتب الروايات مثل(بحار الأنوار- الكافي)
وغيرهما نجد روايات على خلاف الفتاوى الفقهية، وقد تخالف بعض المسائل العقائدية
، فكيف يكون ذلك؟
ج: المحدثون العظماء كالشيخ الصدوق وغيره، جمعوا ما
بلغهم من الأحاديث وذكروا إسنادها، وذكر السند معناه: أنه على الفقيه مراجعة
الإسناد ومتابعة علم الرجال والموازين الأخرى لمعرفة الصحيح منها، ولفهم وجه
الجمع بين الروايات.
س24: يوجد في بعض كتب السيرة أن الإمام الجواد(عليه
السلام) قد أجاب على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد، ما مدى صحة هذه الرواية؟
وكيف يمكن ذلك خصوصاً إذا أخذنا عامل الوقت الذي لا يستوعب هذه الأسئلة
وإجاباتها طوال اليوم فكيف بمجلس واحد؟
ج: الرواية واردة والمقصود بالمجلس هو ما يشبه المؤتمر
العلمي الذي ربما يستمر لعدة أيام وهناك وجوه أخرى مذكورة في محلها.
س25: روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله:(من سار على
غير بصيرة كالذي سار على غير الطريق لا تزيده سرعة السير إلا بعداً) ما هو
المقصود بقوله(عليه السلام)؟
ج: لا بد أن يكون المؤمن بصيراً في طريقة عمله، وأن لا
يقدم على عمل بدون تفكر وبصيرة و إلا فيكون ما بذله من جهد غير ناتج وبذلك يكون
قد ابتعد عن الهدف المرسوم له.
س26: في الحديث أن الرسول(صلى الله عليه وآله)
لما جاءه ملك الموت قال: أمهلني إلى أن يأتي أخي جبرائيل، فلما جاءه
جبرائيل(عليه السلام) سأله الرسول(صلى الله عليه وآله) واستشاره فقال
له:(وللآخرة خير لك من الأولى) فهل ترون صحة هذه الرواية خصوصاً وأن
الرسول(صلى الله عليه وآله) عالم بهذه الآية والقرآن قد نزل على قلبه؟
ج: الرواية معتبرة والمراد بيان أن الله عز
وجل قد إختار لرسوله(صلى الله عليه وآله) الآخرة على الأولى وقد قبض روحه
باختيار منه(صلى الله عليه وآله) إكراماً وإجلالاً له وفي ذيل الرواية أن
جبرائيل(عليه السلام) قرأ له فوله تعالى(ولسوف يعطيك ربك فترضى).
س27: هل هناك رواية عن أهل البيت(عليهم السلام)
تقول:(ما منا إلا مسموم أو مقتول)، وما هو رأيكم في صحة هذه الرواية؟
ج: هذه الرواية معروفة، ويغني عن البحث فيها
سنديّاً ثبوت مضمونها تاريخياً.
س28: جاء في الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه
وآله)(شرار أمتي عزابها) فإذا كان الإنسان أعزب وكان متديناً وملتزماً، فما
هو حكمه؟ علماً بأَن الزواج في هذا الزمن أصبح شيئاً ليس من السهل الحصول
عليه لكثرة البطالة وغلاء المهور، فهل يشمله هذا الحديث؟
ج: المراد أن العزوبة تقتضي الفساد عادةً
فالحديث الشريف بيان للاقتضاء لا للعلية التامة واللازم على الشباب التعجيل
في أمر الزواج حتى لا يقعوا في الحرام الموجب للمرض والفساد، أو في الكبت
الجنسي الموجب للأمراض الخطيرة.
س29: جاء في الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه
وآله) أنه قال:(علامة المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن
خان) فهل من يأتي بهذه أو ببعضها ينطبق عليه تعريف المنافق في اصطلاح القرآن:
وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر، والحال أنه يقر بالشهادات الثلاث؟
ج: النفاق له مراتب مختلفة، وشعب عديدة، وليس
المقصود بالمنافق في الحديث الشريف: المنافق المذكور في القرآن الكريم.
س30: ما معنى هذا الحديث (لا تجتمع أمتي على
ضلالة)؟
ج: أي إذا كان المعصوم(عليه السلام) فيهم،
وقد فسر بعض العلماء هذا الحديث بأنه لا تجتمع أمتي على ضلالة إذا كان معهم
علي بن أبي طالب(عليه السلام) والأمة كمجوعة مذاهب لا بد أن بعضها مع الحق،
وهذا البعض هو الذي يطابق ما نص عليه الرسول(صلى الله عليه وآله) في متواتر
الروايات بقوله:(كتاب الله وعترتي) ونحوه من الأحاديث الشريفة.
س31: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(إنّي
مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا
بعدي أبداً) ما هو الثقل الأكبر كتاب الله أم العترة؟
ج: القرآن هو الثقل الأكبر وقد صرّحت بذلك
الروايات المتواترة.
س32: ما هو تفسير الدعاء الوارد عن الإمام(عليه
السلام) في شهر رمضان:(وقد جرت مقاديرك عليّ يا سيدي فيما يكون مني إلى آخر
عمري من سريرتي وعلانيتي وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي..) فقد يفهم منه
لأول وهلة أن الله سبحانه أجبر العباد على أعمالهم؟
ج: أي أنه تعالى العالم بالأمور والمسبّب
للأسباب بما لا ينافي الاختيار، وتفصيل الكلام في علم الكلام.
س33: في رواية عن الإمام الصادق(ع)أنه قال:
(مَنْ
كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَتْرُكْ عَانَتَهُ
فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْماً، ولَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ
والْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَدَعَ ذَلِكَ مِنْهَا فَوْقَ عِشْرِينَ يَوْماً).
هل المراد في الحديث عدد الأيام (تحديداً) أم
المراد كراهة أن يزيد عدد الأيام عن الأربعين للرجل والعشرين للمرأة؟
ج: يكره الأربعين والعشرين تحديداً والأكثر أشد
كراهة.
س34: ما مدى صحة الروايات العديدة المنسوبة للإمام
الصادق8 التي تتحدث عن كراهة إنشاد الشعر في ليلة الجمعة ويومها، بل وأكثر من
هذا أن بعضاً منها يؤكد على ان من أنشد بيتاً واحداً لم يكن له نصيب من ثواب
أعمال ذلك اليوم، وفي رواية لا تقبل صلاته؟
ج: لقد ورد بهذا المضمون بعض الروايات وقد فسرها
العديد من العلماء- بل في كتاب الحدائق نسبه إلى أصحابنا- بإرادة الشعر الباطل
واللهو والعبث، لا الشعر المفيد وما فيه الحكمة، والذي هو في رثاء أو مديح
النبي(ص) وأهل بيته(ع) .
س35: هل من الصحيح ان النبي(صلى الله عليه وآله)
أخبرنا بأن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، كما افترق اليهود إلى إحدى
وسبعين فرقة، والنصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة؟
ج: ورد بهذا المضمون بعض الروايات مما هو معتبر
السند على ما يظهر فقد روي ذلك في البحار ج28 ح21 نقلاً عن الكافي.
وهذه الروايات تؤكد على أهمية العقيدة، وتدفع
المسلمين للبحث والفحص حتى يجدوا المعتقد الحق، فيؤمنوا به، فيكونوا في الفرقة
الناجية.
وأما ما ورد من أن فرقة من هذه الفرق ناجية والبقية
في النار، فجمعاً بين هذه الرواية وروايات أخر يكون المقصود من التي ترد النار
هي خصوص من عرف الحق والحقيقة فخالف وعاند عالماً عامداً تعصباً واتباعاً للهوى
والمصالح الدنيوية وأما الجاهل القاصر فيعاد امتحانه في يوم القيامة.
س36: هناك عدة روايات وردت عن أهل بيت العصمة و
الطهارة عليهم السلام من قبيل أن أول ما خلق الله نور النبي(صلى الله عليه
وآله) وخلق منه كل خير وأنهم كانوا أنواراً حول العرش محدقين فهل هذه الروايات
ومثيلاتها لها سند معتبر من وجهة نظر سماحتكم أم أنها من و ضع الغلاة؟
ج: الروايات وأمثالها وردت في الكتب المعتبرة
وفيها صحاح السند.
س37: هل تتعارض هذه الروايات مع القرآن الكريم ؟وهل
لها معاريض من كلام المعصومين(عليهم السلام) أنفسهم؟
ج: لا تتعارض هذه الأحاديث مع القرآن الكريم وهناك
آيات يستفاد منها ذلك أيضاً، منها قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم
ومنك ومن نوح وإبراهيم) الأحزاب/7، فانه يظهر منها أن نور نبي الإسلام(صلى الله
عليه وآله) كان قبل نوح(عليه السلام) وأخذ الله منه الميثاق قبل أن يأخذ من نوح
النبي(عليه السلام)، ولا يسع المجال للتوضيح الأكثر في هذا المضمار فراجع أصول
الكافي كتاب الحجة للإطلاع الأكثر، وكتاب(الفقه العقائد) للإمام الشيرازي قدس
سره.
س38: ما رأيكم في الروايات المذكورة في كتاب بحار
الأنوار عن ان الإمام الحسـن(عليه السـلام) كان رجلا مزواجاً مطلاقاً؟
ج: الذي عليه التحقيق إن هذه الروايات موضوعة
وساقطة سنداً ومتناً جاء بها بنو أمية آنذاك لكي ينالوا من شخصية الإمام
الحسن(عليه السلام).
س39: هناك العديد من الكتب التي كتبت عن علم الرجال،
فأياً من هذه الكتب يمكن الركون إليها واستخدامها كمصدر موثوق في معرفة حال
الرجال؟
ج: (جامع الرواة) للأردبيلي و(معجم رجال الحديث)
للسيد الخوئي و(تنقيح المقال في علم الرجال) للمامقاني وغيرها.
س40: ما صحة الرواية المروية في كتاب الكافي الجزء الثامن حديث رقم 32 عن أبي عبد الله(عليه السلام)، حيث يخبر أحد شيعته بأن الله عز وجل لا يُدخل أحداً منكم النار؟
ج: (منكم) المراد به- بمقتضى الجمع مع بقية الروايات- المؤمنون كاملوا الإيمان، وواضح عدم دخول أحد منهم في النار، وأما المؤمنون الذين ابتلوا بالمعاصي الكبيرة ولم يُطهَّروا في - المواقف السابقة - فربما يدخلون النار ثم تدركهم الشفاعة(كما في بعض الروايات الشريفة).
س41: لقد قرأت في بعض المنتديات عن فضل غسل يوم الجمعة، وقد ذُكرت له فوائد دنيوية
وأخروية، وكان من ضمن فوائده الدنيوية (أنه لا يبلى جسده ولا يأكل جسده الدود )، فهل هذا صحيح، وإن كان كذلك فأرجو إبلاغي بالمصدر؟
ج:لم نجد (فعلاً) به دليلاً، ومما وجدناه: (ومن أحب أن يبقى طرياً تحت الأرض فلا يبلى جسده فليشتر بسط المسجد) مستدرك الوسائل ج3 ص385، وورد: (ومن أحب أن يبقى طرياً نضراً لا يبلى فليكسُ المساجد بالبسط) مدينة المعاجز ج2 ص360، لكن لا بأس بالإتيان به رجاء ذلك.
س42: أود الاستفسار عن معنى هذا الحديث، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (ليس من المروءة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر)، ما هي الأشياء التي على الإنسان أن لا يتحدث بها؟
ج: ما يلقاه الإنسان في السفر من خير أو شر على قسمين: هناك ما يكون ذكره مخالفاً للمروءة، بل قد يكون محرماً –كما إذا صدق عليه عنوان الغيبة أو هتك ستر المؤمن-، وهناك ما لم يكن ذكره مخالفاً للمروءة، فكل ما كان مخالفاً للمروءة ينبغي عدم التحدث به. علماً بان العرف هو المرجع في تشخيص ما هو موافق للمروءة أو مخالف لها.
س43: روى الشيخ الصدوق في الفقيه و الشيخ الطوسي في التهذيب بإسنادهما عن البرقي، عن علي(عليه السلام) قال: (يجب على الإمام أن يحبس الفساق من العلماء، والجهال من الأطباء، والمفاليس من الأكرياء) فما رأيكم في هذا الحديث؟
ج: كل من يتعاطى إضرار المسلمين، ولم ينقلع بالموعظة، فإن على إمام المسلمين أن يوقفه عند حدّه، ويدفع الضرر عنهم، ولعل ما في الحديث من مصاديق ذلك، ولكن بشروطه المذكورة في باب الحدود حتى لا يهضم حق أحد.
س44: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعلي بن أبي طالب)، هل هناك سند لهذا الحديث؟
ج: رواه ابن شاذان القمي في كتابه: (مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام)، المنقبة السادسة والثمانون)، وفي غاية المرام ج20ص214، والبرهان ج1 ص28 ح15، مضافاً إلى أن الحديث المتواتر المشهور المأثور عن النبي(صلى الله عليه وآله) برواية الخاصة والعامة هو: (كتاب الله وعترتي أهل بيتي)، ومن المعلوم: أن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) سيد العترة والمقدم منهم.
س45: أود أن أستفسر عن حديثين وردا في بعض كتب الإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته)، الأول عن الرسول(صلى الله عليه وآله): (من علامات المؤمن اللاعنف)، والثاني عن الإمام علي(عليه السلام): (من عامل بالعنف ندم)؟
ج: جاء في البحار ج64 ص365 و366 طبعة مؤسسة الوفاء بيروت، وهو بطبعة دار الكتب الإسلامية طهران:ج67 ص365 و366 (مأخوذاً من الكافي الشريف)، عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه جاء همام إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقال: صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه، فقال(عليه السلام): (المؤمن هو الكيّس الفطن، -إلى أن قال-: ولا عنف ولا صلف.. عالم حازم، لا بفحاش ولا بطياش، وصول في غير عنف..).
س46: كتاب سليم بن قيس الهلالي، هل هو ثابت وصحيح عند سماحة السيد المرجع(دام ظله)؟
ج: قال صاحب الوسائل(رحمه الله): (وقد قال الثقة الصدوق محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب(الغيبة): (ليس بين الشيعة خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم وأقدمها، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها وتعول عليها) الوسائل الجزء الأخير رقم 548.
س47: يقول الإمام علي (عليه السلام): (العشق مرض
ليس فيه أجر ولا عوض) ما معنى هذا القول؟
ج: لو أصيب المؤمن بمرض غفر الله له بذلك ذنوبه،
وزاد في حسناته، فلو حمد الله على ذلك ضاعف له الغفران والأجر، ولكن لو كان
المرض في معصية الله (تعالى) لم يحصل على شيء من الغفران والأجر، والعشق (بين
الأجنبيين) لا يخلو من المعاصي عادةً.
س48: قرأت في موقعكم وفي بعض كتب السيد المرجع ما
يشير إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله) استشهد، والحقيقة أني لأول مرة أسمع
بهذه الرواية؟
ج: جاء في التاريخ أن يهودية قدمت له ذراعاً
مسموماً، فلمَّا مضغ النبي (صلى الله عليه وآله) أول لقمة من ذلك الذراع أنطقه
الله تعالى بإذنه، وقال: (يا رسول الله أنا مسموم فلا تأكلني)، فلفظ النبي (صلى
الله عليه وآله) ما كان في فمه، إلا إن هذا المقدار من المضغ ترك أثراً في جسده
(صلى الله عليه وآله) ظهر بعد مدّة من تلك الحادثة، فرحل رسول الله (صلى الله
عليه وآله) عن هذه الدنيا شهيداً.
س49: في أي الكتب وردت رواية (من علامات المؤمن
اللاعنف)؟
ج: جاء في البحار ج64 ص365 و366 ط مؤسسة الوفاء
بيروت، بطبعة دار الكتب الإسلامية طهران: ج67 ص365 و366 (مأخوذاً من الكافي
الشريف) عن الإمام الصادق (عليه السلام): أنه جاء همام إلى أمير المؤمنين (عليه
السلام) وقال: (صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه، فقال (عليه السلام):
(المؤمن هو الكيّس الفطن، إلى أن قال: ولا عنف ولا صلف... عالم حازم، لا بفحّاش
ولا بطيّاش، وصول في غير عنف...).
س50: ما صحة الحديث
التالي:قال سبحانه وتعالى:(يا ابن آدم جعلتك في بطن أمك، وغشيت وجهك بغشاء لئلا
تنفر من الرحم، وجعلت لك متكأ عن يمينك ومتكأ عن شمالك، فأما الذي عن يمينك
فالكبد، وأما الذي عن شمالك فالطحال، فهل يقدر على ذلك غيري؟ فلما أن تمت
مدَّتُك وأوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك، فأخرجك على ريشة من جناحك، لا لك
سن تقطع، ولا يد تبطش، ولا قدم تسعى، فانبعث لك عرقان رقيقان في صدر أمك يجريان
لبناً خالصاً، وألقيت محبتك في قلب أبويك، فلا يشبعان حتى تشبع، ولا يرقدان حتى
ترقد، فلما قوي ظهرك واشتد أزرك، بارزتني بالمعاصي في خلواتك، ولم تستح مني،
ومع هذا.. إن دعوتني أجبتك، وإن سألتني أعطيتك، وإن تبت إلي قبلتك..)؟
ج: وردت بعض مضامين هذا الحديث في أحاديث متفرقة.
س51: ما الفرق بين الرواية
والدراية للحديث؟
ج: الفرق هو: أن الرواية
هي: النقل، والدراية هي: الفهم، فرواية الحديث نقله، ودراية الحديث فهمه.
س52: ما قول سماحة السيد في
هذه الرواية: عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (ع): "إن
الشرك أخفى من دبيب النمل". وقال: "ومنه تحويل الخاتم ليذكر الحاجة وشبه هذا"؟
ج: تحويل الخاتم ليذكر
الحاجة هو فيما إذا طلب أحد من شخص حاجة، فوعده بإنجازها له مثلاً، ولئلا ينسى
إنجاز الحاجة حوّل خاتمه من إصبع إلى أخرى ليتذكر بذلك الحاجة، ويقوم بإنجازها.
وهذا التحويل هو نوع اعتماد على الخاتم، مع أنه ينبغي للمؤمن أن يعتمد على الله
(تعالى) فقط، وإن لم يكن هنالك مانع من الاستفادة من الأسباب الطبيعية للوصول
إلى المسببات لكن مع عدم الغفلة عن الله سبحانه والعلم بأن سببية الأسباب إنما
هي بإعطاء الله سبحانه لا بذاتها.
س53: أريد تفسير
المقولة الشهيرة التي تستفاد من بعض الروايات: (الجنة تحت أقدام الأمهات)؟
ج: إن الله تبارك وتعالى قرن شكر العبد لربه بشكر
الوالدين وتعظيمهما، فقال تعالى: (أن اشكر لي ولوالديك..). فمن عظّمَ والديه
واحتَرَمهما وخصوصاً الأم التي غذته مادياً ومعنوياً، ضمن الطريق والسبيل إلى
الجنة، والتوفيق في الدنيا للأعمال التي توصله إلى الجنة.
س54: هل باب التوبة مفتوح أمام الناس في حال ظهور
الإمام(عج)؟
ج: نعم باب التوبة مفتوح مادام في العمر بقية.
س55: ماذا أراد الإمام
الحسين(عليه السلام) من قوله: «خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد
الفتاة»؟
ج: قوله(عليه السلام): «خط الموت على ولد آدم
مخطّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف،
وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس
وكربلاء، فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً، لا محيص عن يوم خط بالقلم» .
صريح في أنه(عليه السلام) كان عارفاً بما هو مقدم عليه، مزمعاً على الشهادة
والثورة على يقين ودراية.
س56: هل عبارة (عليه السلام) أو (عليه الصلاة والسلام) مختصة بالأنبياء
والأوصياء؟
ج: نعم، إن سيرة المتشرعة جرت على ذلك، فإنهم إذا ذكروا أحد المعصومين لفظاً أو
كتابة صلّوا وسلّموا عليه، وأما إذا ذكروا غير المعصومين من المؤمنين ترحّموا
عليه.
س57: ما
مدى صحة الحديث الذي ينسب إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله): "أخرجوا المشركين
من أرض الجزيرة"؟ وما هي دلالاته؟
ج: جاء في كتاب «جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام: ج21 ص289 و290» بأنه
مضافاً إلى هذا الحديث وغيره: أن المشهور عند الفقهاء - بل ادّعى بعض عليه
الإجماع، مضافاً إلى السيرة القطعية المستفاد منها الإجماع أيضاً - أنه لا يجوز
للمشركين والكفار حتى أهل الكتاب استيطان الحجاز وجزيرة العرب، وفي تحديد ذلك
اختلاف، فقيل بأنه مكة والمدينة فقط، وقيل بإضافة مناطق أخرى أيضاً مثل اليمامة
وخيبر وينبع وفدك ومخاليفها... وغير ذلك.
س58: إذا كان قول (يا علي) هو لطلب العون ما شرعيته والأدلة عليه؟ وهل كان
النبي(صلى الله عليه وآله) عندما يقول (يا علي) يقصد في قوله هذا المناداة أم
طلب العون؟ وهل كان أهل البيت(سلام الله عليهم) عندما يتوجهون إلى الله بالدعاء
يستغيثون بالنبي(صلى الله عليه وآله) أو الإمام علي(سلام الله عليه) في دعائهم؟
ج: شرعيته مستندة إلى القرآن الحكيم، حيث ينسب الله(عزوجل) الإعطاء والإغناء
إلى رسوله الكريم كما في الآية الكريمة «59» و«74» من سورة التوبة، وغيرهما من
الآيات الكريمات، ومستندة إلى الرسول الكريم، حيث كان يقول لعلي(سلام الله
عليه) كلما هجم عليه العدو في غزوة أحد، وقد فرّ المسلمون وتركوا الرسول وحده:
«يا علي اكشف هذه الكتيبة عني»، ومستندة إلى أهل البيت(سلام الله عليهم) أيضاً،
فإنهم في جميع أدعيتهم المأثورة عنهم نراهم يتوسلون إلى الله تعالى بخاتم
أنبيائه وأهل بيته في مسألتهم إياه.
س59: أريد أن أستفسر عن مصطلح الليالي الكوامل، وهل لها تأثير في العقد والزواج؟
ج: الكوامل هي الأيام التي ينبغي عدم إيقاع العقد أو الزواج فيها، إذ إنها لا
تخلو من التأثير، لكن على نحو المقتضي لا العلة التامة، ولذلك ينفع فيها
التصدّق والدعاء ويرفع تأثيرها.
س60: قال النبي
الأكرم(صلى الله عليه وآله): (من رضيتم دينه وخلقه فزوجوه). أولاً: هناك من يرى
أنه حديث في العموميات، وأن هناك متطلبات إضافية (تفصيلية) ينبغي مراعاتها في
اختيار الزوج أو الزوجة فيذهب إلى قراءة الأبراج مثلاً . ثانياً: هل هناك فرق
بين الدين والأخلاق؟
ج: الحديث النبوي المذكور يشير إلى أمرين
أساسيين، هما: الدين والأخلاق، فالدين لترسيخ معنويات الفرد، والأخلاق لتوثيق
روابطه الأسرية والاجتماعية، والإنسان الذي يتصف بهذين الأمرين يُرجى خيره
ويُؤمَن شرّه، وبقية المتطلبات تكون (بالنسبة للزوجين) هامشيات، ولا تأثير
جذرياً لها في الحياة الزوجية، هذا ولا يخفى أن الأبراج ونحوها مما لا يعتمد
عليها شرعاً ولا يحبّذ مراجعتها.
س61: هذا النص المشهور: (كذب المنجمون ولو صدقوا)، هل هو حديث نبوي أم ماذا؟
ج: لم نعثر على مثل هذا النص، نعم في الروايات ما يشير إلى ذلك، أن التنجيم لا
يعتمد على أساس رصين، مضافاً إلى أن الله تعالى يمحو ما يشاء ويثبت.
س62: هناك من يرى أن القول المنسوب إلى أمير المؤمنين(سلام الله عليه): (لا تطلب
الخير من بطون جاعت ثم شبعت، لأن الشح فيها باق، بل اطلب الخير من بطون شبعت ثم
جاعت، لأن الخير فيها باق) ليس صحيحاً، وأن الصحيح بهذا الشأن هو ما قاله أمير
المؤمنين (سلام الله عليه)، راوياً إياه عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله):
(يا عليُّ لأَن أُدخل يدي في فم التنين إِلى المرفَق أَحبُّ إِلي من أَن أسأل
من لم يكن ثم كان)؟
ج: القول الأول ليس تعبيراً بالنص، وإنما هو تعبير بالمعنى، فقد جاء في كتب
العامة – مثل: المشروع الروي ج1 ص35 - عن الإمام أمير المؤمنين(سلام الله عليه)
أنه قال: (ولا تأكلوا من يد جاعت ثم شبعت). وأما القول الثاني المذكور عن
الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) فهو موجود في كتب الخاصة.
س63: ما
المقصود من قول الإمام صاحب العصر والزمان(عجل الله تعالى فرجه الشريف):
(وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني
والصيحة فهو كذاب مفتر)؟ وما صحة ما يروى عن لقاء كبار العلماء بالإمام(عجل
الله تعالى فرجه الشريف)؟
ج: المقصود هو: تثقيف المؤمنين على ثقافة غيبة إمامهم الغائب، وسدّ الطريق على
مدّعي السفارة، أو مدعي الوكالة الخاصة ونحو ذلك، وإلاّ فقد ثبت صحة ما يروى من
لقاء كبار العلماء والصلحاء له والتشرف بنور طلعته(عجل الله تعالى فرجه
الشريف).
س64: عندي استفسار حول كلام قرأته في أحد الكتب يتعرض لآثار الأسماء الحسنى، يقول
عن اسمي (الغني المغني): (من ذكرهما عشر جمع كل جمعة عشرة آلاف مرة، ولا يأكل
حيواناً أغناه الله تعالى عاجلاً وآجلاً، وإن قرأ مع ذلك الفاتحة كذلك رزق
الغنى يقيناً). السؤال هنا: هل يقصد بالحيوان جميع اللحوم الحمراء والبيضاء؟
وهل يشمل اجتنابها كل ما يطبخ معها، مثل الماء الذي يطبخ مع اللحم ثم يشرب أو
يرش على الأرز، وهل الاجتناب يخص أيام الجمع فقط أم يشمل كل الأيام خلال فترة
الجمع العشر؟
ج: يكره ترك أكل اللحم، ففي الحديث الشريف عن الرسول الكريم أنه قال لعثمان بن
مظعون - وهو الصحابي الجليل الذي أسلم بعد ثلاثة عشر رجلاً وهاجر الهجرتين،
وشهد بدراً - في جواب على سؤاله حيث قال: يا رسول الله إني هممت أن أحرّم اللحم
على نفسي، أجابه الرسول الكريم: لا تفعل، فإني أشتهيه وآكله، ولو سألت ربّي يطعمنيه كل يوم، لفعل. علماً بأنه جاء في الأحاديث الشريفة بأن من استمر على
قراءة سورة الواقعة في كل ليلة، وخاصة ليالي الجمعة، واستمر على قول: (أستغفر
الله ربي وأتوب إليه)، في كل يوم مائة مرة صباحاً ومائة مرة مساءً، وعلى قراءة
السور الأربع: الكافرون والتوحيد والفلق والناس في كل يوم، وقراءة آية: ((إنّ
الله هو الرزاق ذو القوة المتين)) 27 مرة بعد صلاة الصبح ولمدة أربعين يوماً،
وقراءة سورة القدر 10 مرات كذلك بعد صلاة الصبح، وأخلص لله في صلاته وصيامه
وخدمة الآخرين، وحسّن أخلاقه مع الناس وخاصة مع الأولاد والوالدين والأهل
والأقرباء، وسّع الله عليه، ورزقه من حيث لا يحتسب، قال الله تعالى: (ومن يتق
الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن
الله بالغ أمره). الطلاق/2و3.
س65: لقد أحببت فتاة بالجامعة، ولا أعلم إذا كانت تحبني أم لا، فأنا أستحي جداً
من النساء، ولكنني الآن أصبحت غير قادر على تحمل هذا الواقع، وغير قادر على
الدراسة، فهذه السنة أنا راسب حتماً، ولم أعد قادراً على التركيز في الصلاة،
أنا غير قادر على أن أتخلص من حب هذه الفتاة، لذلك عرضت عليكم سؤالي راجياً
منكم مساعدتي، حاولت كثيراً أن أتخلص من هذه المشكلة، ولكني لم أستطع فهي معي
بالقاعة في الجامعة، وأنا بشكل عام أغض بصري، لكني غير قادر على غض بصري عنها،
وحسب العرف فإن شاباً عمره 19 مثلي يعد صغيراً على الزواج؟
ج: في الحديث الشريف ما مضمونه: (إنّ القلب حرم الله، وينبغي أن لا يدخله حب
غير الله تعالى). وفي حديث آخر: (إن القلب إذا خلا من حب الله ابتلي بحبّ
غيره). وقد وصف القرآن الحكيم المؤمنين بأنهم أشد حباً لله تعالى بقوله سبحانه:
((والذين آمنوا أشدّ حباً لله)). البقرة/165. لذلك على الإنسان المؤمن أن يخرج
حب غير الله من قلبه، وأن يدعو الله(عزوجل) بأن يغنيه بالحلال، وأن يرزقه زوجة
صالحة مؤمنة خلوقة، والله سميع مجيب الدعاء، والكلام مع غير المحارم هو - كما
في الحديث الشريف - من مصائد الشيطان، ولذلك يجب أن لا يتجاوز الكلام العادي
والمتعارف. وللتسريع في أمر الزواج ينبغي المداومة على قول: (أستغفر الله ربي
وأتوب إليه) في كل صباح ومساء مائة مرة، والمواظبة على قراءة الآية: 54 حتى 55
من سورة الأعراف، وقراءة السور الأربع: (الكافرون والتوحيد والفلق والناس) كل
يوم صباحاً ومساءً. وعليك أن تسعى في جلب رضا الوالدين وخاصة رضا الأم فإنه
أساس سعادة الإنسان دنيا وآخرة.
س66:
ورد في المستدرك للنوري ج13 ص11 حديث4، قال رسول الله(ص): (المؤمن إذا لم يكن
له حرفة يعيش بدينه)، هل حرف الدال في كلمة (بدينه) مفتوحة أم مكسورة، وما
المقصود من هذا الحديث؟
ج: الدال مكسورة، والمقصود من الحديث أنه: المتعارف عادة أنّ الإنسان الذي لا
مال له ولا حرفة يرتزق منها يحاول أن يرتزق بدينه، والتظاهر بأنه متديّن وأهل
للمساعدة ونحو ذلك، وهذا الأمر مذموم شرعاً ومنهي عنه.
س67: ما هو المقصود من (المطلوبية) في عبارة (برجاء المطلوبية)؟
ج: المقصود: هو أن يأتي الإنسان بالعمل برجاء أن يكون هذا العمل مطلوباً عند
الله تعالى، وذلك لأنه لا دليل معتبر عليه.
س68: ما مدى صحة هذه
الرواية التي وجدتها في كتاب السيدة سكينة للسيد عبد الرزاق المقرم؟ وإن صحت،
فما معنى استغراقها في الله:
إن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين (عليه السلام) أتى عمه أبا عبدالله
الحسين (عليه السلام) يخطب إحدى ابنتيه فاطمة وسكينة، فقال له أبو عبدالله
(عليه السلام): (أختار لك فاطمة فهي أكثرهما شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله
(صلى اله عليه وآله)، أما في الدين فتقوم الليل كله، وتصوم النهار، وفي الجمال
تشبه الحور العين، وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله تعالى فلا تصلح
لرجل)؟
ج: الرواية معتبرة، ومعنى الاستغراق هنا هو:
الانقطاع الكامل عن الدنيا والتوجه التام إلى عبادة الله تعالى، وبرغبة تامة
وكاملة بحيث لا يبقى مع تلك الرغبة الشديدة في طاعة الله وعبادته رغبة فيما سوى
ذلك.
ﺱ69: ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠياً(عليه السلام) ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺪﻡ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ،
ﺻﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ(ص)، ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺍﻻﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﺸﺎﻫﻖ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ، حيث
ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ الوصول ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ؟
ﺝ: ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻋﻦ ﻣﺴﻨﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺝ1 ﺹ84 ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ، ﻟﻘﻮﻝ ﻋﻠﻲ
(عليه السلام) ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺻﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻒ ﺍﻟﻨﺒﻲ (صلى اله عليه وآله):
(ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺨﻴّﻞ ﺇﻟﻲ ﺃﻧﻲ ﻟﻮ ﺷﺌﺖ ﻟﻨﻠﺖ ﺃﻓﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ)، ﻭﻓﻲ ﺧﺒﺮ ﺁﺧﺮ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻗﺐ ﺍﺑﻦ
ﺍﻟﻤﻐﺎﺯﻟﻲ ﺹ202: ﺧﺮﺝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ (صلى اله عليه وآله) ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻋﻠﻲ ﻭﺗﺮﻙ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﻓﺴﻘﻂ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻀﺤﻚ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: (ﻣﺎ ﺃﺿﺤﻜﻚ ﻳﺎ ﻋﻠﻲ)؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻤﺎ
ﺃﺻﺎﺑﻨﻲ ﺷﻲﺀ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ(صلى اله عليه وآله): (ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻴﺒﻚ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﻤﻠﻚ
ﻣﺤﻤّﺪ ﻭﺃﻧﺰﻟﻚ ﺟﺒﺮﺋﻴﻞ)؟
ﺱ70: ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺠﻢ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺀ (ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ) ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ،
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻬﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ بما ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻪ؟
ﺝ: ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺭﺳﻞ ﺟﺒﺮئيل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ(صلى الله عليه وآله) ﻭﻫﻮ
ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻭﻣﻌﻪ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺻﻲّ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻲ (عليه السلام)، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺃﻣﻮﺭ
ﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻷﻥ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺻﻤّﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺃﻭ ﺗﺸﻮيهه، ﻭﺇﺭﺟﺎﻉ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ، ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺩﺍﺭ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻭﺩﺍﺭ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﻣﺘﺤﺎﻥ، ﺃﺧﺒﺮ
ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻣﻦ ﻭﺻﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ،
ﻭﺍﻟﺘﺮﺻﺪ ﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﺰﻳﻎ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً، ﻭﻟﻮﻻ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ
ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ(صلى الله عليه وآله) ﻭﻷﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ (ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ) ﻟﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺛﺮ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ أﺳﺒﺎﺏ أﺧﺮﻯ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﻔﺼﻠﺔ.
ﺱ71: ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ: (ﻳﺎ أحمد.. ﻟﻮﻻ علي ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻘﺘﻚ ..) ﻫﻞ فعلاً أن
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﺃﺿﻴﻒ ﺇﻟﻴﻪ: (.. ﻭﻟﻮﻻ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻘﺘﻜﻤﺎ ..)؟
هل ﻫﺬﺍ ﺍﻟكلام صحيح؟
ﺝ: لا شك أنه ﻟﻮﻻ ﻋﻠﻲ ﻟﻤﺎ ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﻦ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ، ﻭﻟﻮﻻ ﻓﺎﻁﻣﺔ ﻭﻧﺴﻠﻬﺎ
ﻭﺟﻬﺎﺩﻫﻢ ﻟﻤﺎ بقي ﻣﻦ ﺍلإﺳﻼﻡ شيء. وﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻀموﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ في ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ،
ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮ، ﻭﺣﺴﻦ ﻟﻮ
ﺭﺍﺟﻌﺘﻢ ﻣﺴﺘﺪﺭﻙ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻨﻤﺎﺯﻱ ﺍﻟﺸﺎﻫﺮﻭﺩﻱ ﺝ3 ح168.
س72: قال (صلى اله عليه وآله): "لا تكرهوا الفتنة في آخر الزمان فإنها تبير
المنافقين". أولاً: كيف نعرف "آخر الزمان". ثانياً: ما هي دلالات الحديث لاسيما ونحن نعايش أحداثاً ربما فيها تقارب أو تشابه مع ما يجري اليوم هنا أو
هناك؟
ج: البعثة الشريفة، وانشقاق القمر هما من علائم آخر الزمان كما في الآية
الكريمة «اقتربت الساعة وانشق القمر» وفي الحديث الشريف، والمؤمن يكون راجياً
الفرج وبوار المنافقين في كل آن ولحظة.
س73: لماذا شبهت مولاتنا فاطمة الزهراء بليلة القدر؟
ج: لأن الإثنتين موصوفتان بالقدر العظيم، وبالخفاء، ويفوز من التزم بإجلالهما
وإحياء أمرهما. وفي بحار الأنوار (من التأويل) بسنده إلى الإمام الصادق أنه
قال: («إنا أنزلناه في ليلة القدر»، الليلة فاطمة، والقدر الله، فمن عرف فاطمة
حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر). (ج43 ص65).
س74: ما الحكمة من إخفاء قبر السيدة الزهراء؟
ج: إن قبرها (سلام الله عليها) أخفي حسب وصيتها، ويبقى مخفياً إلى يوم القيامة،
وإخفاؤه هو نوع من أنواع الاستنكار على ظالميها وظالمي بعلها ودليل على عدم
الاعتراف بهم وبخلافتهم _خصوصاً إذا ضممنا إلى ذلك عدم رضاها بصلاتهم عليها
وحضور جنازتها_ وبالنتيجة هو موجب لسلب شرعية خلافتهم، وقد صرّح البخاري في صحيحه بأنها (صلوات الله عليها) ماتت وهي واجدة (غضبى) عليهم.
س75: يقال أن الإمام علياً (عليه السلام) دُفن في عين آدم(عليه السلام)، هل هذه
العين هي العين الحقيقية أم شيء آخر؟ وما هو؟
ج: جاء في الوسائل: ج14 في أبواب المزار، الباب 37 روايات تقول: بأن الإمام
أمير المؤمنين (عليه السلام) مدفون في قبر نوح (عليه السلام)، وفي مستدرك
الوسائل ج2 ص314: فقبر أمير المؤمنين (عليه السلام) مع قبر نوح في الغري،
وتابوته فوق تابوت نوح في موضع واحد.
س76: جاء في بعض الروايات أن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) إذا ظهر وضع
يده على رؤوس العباد فتكمل عقولهم. أليس مقتضى العدل الإلهي إكمال عقول البشر
منذ بداية الخليقة؟ خصوصاً وأن ذلك سبب لقلة المعاصي والجرائم إلى حد الندرة!
يعني لو أكمل الله عقول أولئك لما ارتكبوا تلك المعاصي! وبالتالي سوف يكون لهم
سبيل للاحتجاج على الله، أنه لماذا لم تكمل عقولنا فلا نعصيك؟!
ج: إن وضع اليد على الرؤوس كناية عن تربية الناس، وخصوصاً الناشئة، وتثقيفهم
بالثقافة الدينية الصحيحة، فإن الإنسان - كما في الحديث الشريف - يولد على
الفطرة وأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه، إن الله تعالى قد منح الإنسان
العقل، ولكن قد يغطّي هذا العقل التربية والثقافة غير الصحيحة، وقد يفتحه
ويكمله التربية والثقافة الصحيحة، وهو واضح. مضافاً إلى أن الله تعالى خلق
الملائكة من عقل محض، وخلق الحيوان من شهوة محضة، وخلق الإنسان مركباً من عقل
وشهوة، ومنحه الاختيار، وأراه الطريقين الصحيح والخاطئ، وامتحنه بانتخاب أحدهما
بحرّية.
س77: بالنسبة إلى تربة ومسبحة الإمام الحسين (عليه السلام) .. ما مدى قداستهما؟
وهل كل تراب كربلاء مقدس أم قسم خاص ومعين منه؟
ج: مدى قداسة التربة الحسينية يُعلم من انتسابها للإمام الحسين عليه السلام.
وقد دلت الأخبار المتواترة على قداسة هذه التربة وشرفها العظيم، ففي كامل
الزيارات (باب فضل كربلاء) في موثقة عمرو بن ثابت عن أبيه عن مولانا الإمام أبي
جعفر قال:"خلق الله تبارك وتعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين
ألف عام، وقدَّسها، وبارك عليها، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدَّسة مباركة،
ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنَّة وأفضل منزل ومسكن، يُسكن
اللهُ فيه أولياءه في الجنَّة" (كامل الزيارات: ص280. ورواه في التهذيب 6: 72).
وفي موثقة قدامة بن زائدة عن أبيه عن مولانا الإمام السجّاد عن عمته العقيلة
زينب عن أم أيمن عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل قال:"وهي (أي
أرض كربلاء) أطيب بقاع الأرض وأعظمها حرمة، وإنّها من بطحاء الجنّة"( كامل
الزيارات: 273).
وعن أبي الجارود قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): (اتخذ الله أرض
كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتخذها حرماً بأربعة
وعشرين ألف عام، وإنه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيرها رفعت كما هي
بتربتها نورانية صافية، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة وأفضل مسكن في الجنة،
لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون أو قال: أولو العزم من الرسل، فإنها لتزهر بين
رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض، يغشى نورها أبصار
أهل الجنة جميعاً، وهي تنادي: أنا أرض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت
سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة" (كامل الزيارات: ص 268). ثم إن هذه القداسة
تشمل كل أرض كربلاء بمساحة خمسة فراسخ في خمسة فراسخ، كما عن الإمام الصادق
(عليه السلام): «حريم قبر الحسين (عليه السلام) خمس فراسخ من أربعة جوانب
القبر» البحار ج98 ص111 حديث27.
س78: ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (حسين مني وأنا من حسين)،
فإذا كانت الجملة الأولى: (حسين مني) واضحة لدينا، فما هو المقصود من (وأنا من
حسين)؟
ج: المقصود هو: إن بقاء النبي الكريم إنما كان بسبب سبطه الشهيد الإمام الحسين
(عليه السلام): إذ لولاه لم يبق للنبي الكريم ذكر ولا للإسلام اسم، فإن غاصبي
الخلافة وبني أمية خطّطوا ضمن مؤامرة ماكرة لدفن اسم النبي الكريم (صلى الله
عليه وآله)، حتى نقل المغيرة _وهو نديم معاوية_ بأن معاوية عندما سمع المؤذن
يقول: "أشهد أن محمداً رسول الله" قال بكل غيظ وحقد "لا والله إلا دفناً
دفناً".
س79: ما مفهوم كلمتي الاعتدال والتطرف؟
ج: الاعتدال هو الاتزان والتوسّط في الأمور، قال الله تعالى: "وكذلك جعلناكم
أمة وسطاً" البقرة/143، والتطرّف هو الخروج عن الاعتدال، قال الله سبحانه:
"أفمن يمشي مكبّاً على وجهه أهدى أمّن يمشي سوياً على صراط مستقيم" الملك/22.
س80: الحديث المعروف والمشهور: (..يا محمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي
لما خلقتك)، هل صحيح أن هذا الحديث بعد فترة زمنية أضيف إليه (..ولولا فاطمة
لما خلقتكما..)؟
ج: نعم هذا الحديث صحيح، فإنه لولا علي لما تمكن الرسول من نشر الدعوة، ولولا
فاطمة ونسلها وجهادهم لما بقي من الإسلام شيء.
س81: ليس المقصود من السؤال هو الاستفسار عن معنى الحديث، بل كان السؤال عن
الإضافة التي حصلت للحديث، يعني هل القسم الثاني ورد وذكر من قبل بعض العلماء
أم أن الحديث (بقسميه) ورد من قبل المعصوم (عليه السلام)؟
ج: الإضافة واردة عن المعصوم، وما كان علماؤنا الأجلاء الأتقياء ليضيفوا شيئاً
من عند أنفسهم، وينسبوه إلى المعصوم، فهم أتقى وأورع من أن يفعلوا ذلك. وحسن لو
راجعتم كتاب مستدرك سفينة البحار للشيخ علي النمازي الشاهرودي ج3 ج168-169 فإنه
نقل الحديث مع الزيادة.
س82: يقال: هذا الحديث لا يوجد في أي من كتب الحديث المشهورة، وإنما نقله بعض متأخري المتأخرين دون أن يسنده واشتهر على الألسنة، فما رأيكم؟
ج: الحديث المذكور موجود بكامله في المصدر المشار إليه: مستدرك سفينة البحار
ج3 ص168-169، وقد نقله عن كتاب (ضياء العالمين) للشيخ أبي الحسن الجد الأمي
للشيخ محمد حسن (صاحب الجواهر)، فليراجع، وكون الكتاب الناقل للحديث من الكتب
المتأخرة لايضر، بعد فرض تخصص ووثاقة صاحبه. علماً بأن تصحيح الحديث لا يتم فقط
من خلال اعتبار السند، بل أيضاً من خلال اعتبار المضمون، وهذا المضمون المذكور
في غاية الاعتبار.
س83: ما الوجه في كون النظر إلى وجه الإمام علي (عليه السلام) عبادة؟
وكذلك النظر إلى وجوه عباد الله الصالحين والوالدين يكون عبادة، كيف؟
ج: لعل الوجه هو: أن النظر إليه (عليه السلام) مقدمة للاقتباس من نوره
والاهتداء بهديه (عليه السلام)، وكذلك ذريته وعباد الله الصالحين، وبالنسبة
للوالدين النظر (برأفة ورحمة) هو نوع برّ بهما وإحسان إليهما، وقد جاء في
الأمالي للشيخ الصدوق عن الإمام الرضا(عليه السلام) قال: (النظر إلى ذريتنا
عبادة)، فقيل له:يا ابن رسول الله النظر إلى الأئمة منكم عبادة، أم النظر إلى
جميع ذرية النبي(صلى الله عليه وآله)؟ فقال: (بل النظر إلى جميع ذرية النبي صلى
الله عليه وآله). وفي عيون الأخبار الرواية نفسها بالسند نفسه مع زيادة: (ما لم
يفارقوا منهاجه ولم يتلوثوا بالمعاصي).
س84: كيف يمكن لنا تقوية علاقتنا بالإمام المهدي (عجل الله
تعالى فرجه الشريف)، إذ كثيراً ما أحس بضعف في هذه العلاقة المقدسة .. ولا أدري
ما السبب، أريد أن أعيش هذا المعتقد الراسخ، وأتفاعل معه بكامل أبعاده، ثم ماهي
ثمرات هذه العلاقة على حياة الفرد وسلوكياته؟
ج: تقوية العلاقة بالإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) تكون من خلال عدة أمور
منها: أولاً: الاهتمام له ولغيبته، يعني أن يستشعر الإنسان دائماً حالة الألم
والأسى لفراقه، كما يستشعر تلك الحالة حين يفارق أعز أعزائه، كما ورد في دعاء
الندبة: (عزيز علي أن أرى الخلق ولاترى ولا أسمع لك حسيساً ولانجوى..).
ثانياً: الدعاء له دائماً خصوصاً بالأدعية المأثورة كدعاء (اللهم كن لوليك)
ودعاء العهد ودعاء الندبة.
ثالثاً: طاعته: وإنما تكون بطاعة الله تعالى، بالتزام أوامره وانتهاء نواهيه،
فإنه كما ورد عنهم: (شيعتنا من أطاع الله)، وقد ثبت في الروايات أن أعمالنا
تُعرض عليه (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإن رآها صالحة سرّه ذلك وأسعده، وإن
رآها سيئة آلمه ذلك وأحزنه.
رابعاً: عمل الخيرات وإهداؤها له: كالحج والصدقة والزيارة وأمثال ذلك.
فإن التزم الإنسان المؤمن بالمذكورات قويت علاقته بإمام زمانه، وزادت توفيقاته،
وختم له بالخير إن شاء الله تعالى.
س85: هل المعصومون الأربعة عشر (عليهم السلام) متساوون في علمهم وشأنهم وفضلهم
ومقامهم..؟
ج: المعصومون الأربعة عشر كلهم نور واحد، وهم سواء في كل شيء إلا في مقامهم عند
الله تعالى، فإن الرسول الكريم هو ـ بحسب الأدلة ـ أشرف خلق الله وأفضل بريّته،
ثم الإمام أمير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء (عليهما السلام)، ثم الإمام
الحسن (عليه السلام)، ثم الإمام الحسين (عليه السلام)، ثم الإمام المهدي صاحب
العصر والزمان(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ثم الإمام زين العابدين (عليه
السلام) وهكذا إلى الإمام العسكري (عليه السلام).
س86:
جاء في (عيون أخبار الرضا): 2 / 159 ـ 160:
دخل المأمون (على الإمام الرضا) وقرأ عليه كتاب فتح بعض قرى كابل، فلما فرغ،
قال له الإمام (عليه السلام): «وسرّك فتح قرية من قرى الشرك»، فقال المأمون:
أوليس في ذلك سرور؟ فقال الإمام (عليه السلام): «يا أمير المؤمنين اتق الله في
اُمة محمد (صلى الله عليه وآله)، وما ولاّك الله من هذا الأمر، وخصّك به، فإنك
قد ضيّعت أمور المسلمين، وفوضت ذلك إلى غيرك يحكم فيهم بغير حكم الله، وقعدت في
هذه البلاد، وتركت بيت الهجرة ومهبط الوحي، إن المهاجرين والأنصار يظلمون دونك،
ولا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، ويأتي على المظلوم دهر يتعب فيه نفسه، ويعجز
عن نفقته، ولا يجد من يشكو إليه حاله، ولا يصل إليك، فاتق الله يا أمير
المؤمنين في أمور المسلمين وارجع إلى بيت النبوة ومعدن المهاجرين والأنصار
...». قال المأمون: يا سيدي فما ترى؟. قال (عليه السلام): "أرى أن تخرج من هذه
البلاد، وتتحول إلى موضع آبائك وأجدادك، وتنظر في اُمور المسلمين، ولا تكلهم
إلى غيرك، فإن الله سائلك عمّا ولاّك". فقال المأمون: نِعْمَ ما قلت يا سيدي !
هذا هو الرأي.
والسؤال هو: كيف نفهم ما قاله الإمام الرضا (عليه
السلام) للمأمون: يا أمير المؤمنين اتق الله في اُمة محمد (صلى الله عليه
وآله)، "وما ولاك الله من هذا الأمر، وخصك به ...."
ج: قد يكون المراد من قوله: (ما ولاك الله من هذا
الأمر، وخصك به) التولية التكوينية لا التشريعية (التنصيب)، وذلك نظير قوله
تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لاينصرون) سورة القصص آية:
41. وأما التعبير عن المأمون بـ(أمير المؤمنين) فهو تقية كما هو ظاهر، حفاظاً
على نفسه وشيعته المؤمنين.
س87: عن الإمام أمير
المؤمنين (عليه السلام): (لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري، ووالله
لأسلِّمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصة، التماساً
لأجر ذلك وفضله وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه). السؤال: كيف يمكن أن
تسلم أمور المسلمين دون الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام ع)؟! وهل يصح قول من
يقول بأن الإمام في حالة عدم توليه ما خصه الله به هو أيضاً موجود؟ أم نقول بأن
وجود الإمام والأمور كلها بيده هو (الأسلم)، وإن وجود الإمام والأمور ليست كلها
بيده (أقل سلماً)؟
ج: لاشك في أن وجود الإمام والأمور كلها بيده هو
الأسلم، ولكن ذلك الأمر لم يكن ممكنناً في ذلك اليوم لعدم قبول عامة الناس به،
ولو أصر الإمام على أخذ حقه الذي جعله الله له - من الخلافة والحكم- بالقهر
والقوة، لكان فيه _مضافاً إلى إكراههم على ذلك وليس في الدين إكراه_ ما أشار هو
(عليه السلام) إليه بقوله: «أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس عن دينهم»
البحار ج43 ص171، وهو إشارة إلى ما كان قد عزم عليه القوم من أنهم كانوا
مستعدين للبقاء على الإسلام إذا حصلوا على الإمارة في ظله، وإلا إن لم يعطوا
ذلك، فكانوا متأهبين للانقلاب، وإنكار كل شيء، هذا وكان الناس حديثي عهد
بالإسلام، وكانوا على أتم استعداد لأن يعلنوا عن ردتهم الى الجاهلية، كما جاء
ذلك عن أهل مكة، فإنهم عندما وصلهم خبر ارتحال الرسول الكريم أعلنوا عن اجتماع
فوري طارئ، فاجتمع رؤساء مكة وزعماؤها، وقال قائلهم: لقد وصلنا خبر ارتحال
الرسول، فلنعلن ارتدادنا عن الإسلام والرجوع إلى الجاهلية، فقال بعضهم من الذين
كانوا قد تأثروا بأخلاق الرسول الكريم وبحسن تعامله معهم: لقد كنا آخر من دخل
في الدين، فلا نكون أول من خرج منه، فلننظر ماذا يجرى في المدينة، فإن بقوا على
الإسلام بقينا، وإلا رجعنا كما يرجعون، فإذا كانت المدينة يصيبها الفوضى على
أثر مشكلة الخلافة، كان الارتداد الجماعي عن الإسلام قطعياً، هذا مضافاً الى
رؤوس الكفر الذين كانوا يتحينون الفرصة المناسبة للانقضاض على المسلمين والقضاء
عليهم وعلى الإسلام قضاءً تاماً بشن حرب الإبادة عليهم، فلهذا وغيره ترك الإمام
المطالبة بحقه، إذن كان الإمام في الواقع يرى نفسه بين خيارين: أما أن يأخذ
بحقه وفيه خطر القضاء على الإسلام والمسلمين، وإما أن يسكت عن حقه ليبقى
الإسلام ويبقى المسلمون ولو بالاسم، ويقوم هو (عليه السلام) وأصحابه المخلصون
بحفظ الحق، ويضمنون بقاءه، ومن جانب آخر يعملون على تصحيح المسيرة من خلف
الأستار قدر الإمكان، فكان الثاني هو المطلوب.
س88: الإمام الصادق (عليه السلام) كان يقرأ القرآن ووصل الى كلمة (نادانا نوحا)،
أحد أصحابه أراد أن يصلح للإمام فقال له: "يا مولاي لو تحسن العربية فهي
(نادانا نوح) مرفوعة"، والإمام رد عليه: (دعني من سهككم) ويقصد بالسهك: يعني
ريحة العرق.. هل هذه الرواية صحيحة وما هي مغزاها؟ وهل صحيح نحن نقرأ القران
بالقراءات السبع؟
ج: هذه الرواية ليست صحيحة لوجود مثل (السياري) الوضاع للحديث فيها، وهي واضحة
البطلان، مضافاً إلى أن القراءة المعتمدة عند المسلمين والتي عليها جميع
المصاحف الموجودة هي قراءة حفص عن عاصم عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
س89: ممكن توضيح قول الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) عن الزواج.. حيث قال: (تخيّروا
لنطفكم، فإن الخال أحد الضجيعين)، وقال أيضاً: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)،
فهل يجب أن نسأل عن عمام البنت وأخوالها؟ والسؤال الثاني هو: إن أحد أخوال
البنت هو من الفاجرين والفاسقين والمنحطين خلقياً، فهل هذا يؤثر أم لا، علماً
بأن البنت من أب وأم وأخوة خلوقين وذات سمعة طيبة بين الناس..؟ أرجو إرشادي
لطريق الإصلاح.
ج: المراد في الحديثين الشريفين من الخال هو أخ الزوجة لا خال البنت، وبعبارة
أخرى خال المولود، لأن إخوة الزوجة (البنت) وأهلها يشكلون بيئتها وحاضنتها،
ولاشك أنها تتأثر بهم إضافة إلى العناصر المشتركة الموروثة، وقد فسر الرسول
الكريم ذلك في حديث آخر، حيث حذّر من البنت الحسناء في المنبت والبيئة السيئة،
فقال: (إياكم وخضراء الدمن)، قيل: (يارسول الله وما خضراء الدمن؟) قال: المرأة
الحسناء في منبت السوء).
س90: ما هو البرنامج
اليومي لي كفتاة لكي أستطيع الحصول على السعادة والرضا من قبل رب العالمين؟
ج:
1- قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته المعروفة: «الله الله في
نظم أمركم» والنظم في الحياة لا يمكن تحققه إلاّ بالالتزام بالدين الإسلامي
العظيم والعمل وفق أحكامه الرصينة والحكيمة، لذلك يجب وضع البرنامج اليومي
مطابقاً لما أمر به القرآن الحكيم والرسول الكريم وأهل بيته المعصومون، فيبدأ
مثلاً: بأداء صلاة الفجر، ثم بالتعقيب وتلاوة القرآن قليلاً، ثم مساعدة
الوالدين لأجل تهيئة الفطور، وبعده تنظيم البيت وتنظيفه وغسل الأواني وما
استعملوه في طعام الفطور ونحو ذلك، ثم مزاولة الأعمال اليومية من دراسة وتدريس
مثلاً، وفي أيام العطلة بتهيئة كتب دينية وأخلاقية للمطالعة والمراجعة، وإذا
كان عندها إخوة وأخوات حاولت قضاء بعض الوقت في تربيتهم وتعليمهم، وأيضاً اللعب
السالم معهم، ثم الاستعداد لمساعدة الوالدة في تهيئة طعام الغذاء ومعاونتها،
والتهيّؤ شيئاً فشيئاً لصلاة الظهرين والاشتغال بعد الصلاتين بشيء من التعقيب
وتلاوة القرآن، ثم مساعدة الوالدين في بسط المائدة وصبّ الطعام وبعد الطعام
القيام بإعانة الوالدة في غسل الأواني ووضعها في محلّها، وهكذا يكون ملء الوقت
بالمطالعة وتعليم الإخوة والأخوات حتى يحين وقت صلاة العشاءين، وبعد صلاة
العشاءين الاشتغال بمساعدة الوالدة في تهيئة طعام العشاء وإلى آخره.
2- لكل إنسان (رجلاً كان أو امرأة) ظروفه ورغباته وطموحاته الخاصة، وبالتالي
يختلف المنهج اليومي من شخص إلى آخر، وعموماً، على المؤمن السعي لأن يكون في
حال أحسن وأفضل، وذلك بأن يجدّ ويجتهد للارتقاء في درجة ورعه وتقواه، وهذا
يحتاج الى الإلمام بأحكام الدين وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام)، وأيضاً
ينبغي للإنسان تحسين حال معيشته فجدير بالمؤمن أن يكون ناجحاً في بناء أسرته
وعزيزاً في مجتمعه، وتحقيق كل ذلك، يكون بالتوكل على الله تعالى، والعزم على
الإنجاز، ونظم الأمور، وتقسيم الوقت. والأحرى بكل مؤمن ومؤمنة، في ختام كل يوم،
بأن يستهدي بنور قول الإمام الصادق (عليه السلام): (ليس منّا من لم يحاسب نفسه
في كل يوم، فإن عمل خيراً استزاد الله منه وحمد الله عليه، وإن عمل شراً استغفر
الله منه وتاب إليه). فهذا الحديث الشريف له ارتباط وثيق مع كل واحد منّا
دائماً، مهما كان وفي أي مكان. فالإنسان يتكلّم خلال اليوم والليلة كثيراً
ويعمل كثيراً، فما أحوجه لأن يجلس وحده ويحاسب نفسه على ما قاله وعمله.
س91: يروى عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (أمرت أن أقاتل الناس
حتى يقولوا لا إله إلا الله)، والسؤال: هل هذا الحديث صحيح؟ وإذا كان حديثاً
صحيحاً، هل يعني أن مَنْ لم يُسلم ينبغي أن يُقاتَل حتى يُسْلِم؟
ج: الحديث غير موجود في كتبنا بل هو في كتب العامة، ولا يعتمد عليه، مضافاً إلى
أنه لا ينسجم مع قول الله تعالى: «لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغيّ»
البقرة/256.
س92: ما المقصود من الحديث الشريف: (حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ). هل
هو دعوة إلى كراهية الدنيا وترك الأهل والولد والمال، والابتعاد عن المدن
والحواضر، واللجوء إلى الانعزال عن المجتمع، أو الإقامة في الصحارى والكهوف؟
ج: المقصود هو النهي عن التعلق بالدنيا. فالإنسان مجبول على حبّ الخير والنعمة،
فإذا كان هذا الحب طريقاً إلى حب الله والتعلق بحوله وقوته وكماله وجماله، كان
حب النعم سلّماً للكمال، أما اذا كان استغراقاً في هذه الدنيا ولصوقاً بها فإنه
يغدو غفلة عن خالقها، وأنه إنما أوجدها كطريق ومعبر ليس إلاّ. ولذلك كان شعار
المؤمنين هو: (إنا لله وإنا اليه راجعون).
س93: (إذا اشتبكت عليك الأمور اجعل أولها بآخرها وآخرها بأولها ..). ماذا يقصد
الإمام علي (عليه السلام) بهذا الحديث؟
ج: الحديث المروي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة في
الحكمة رقم (76) هكذا: (إن الأمور إذا اشتبهت اعتُبر آخرها بأولها) يعني: يقاس
الأخير منها بالأوائل، فإنه بحسب البدايات تكون النهايات.
س94: كيف يكون للمرأة دور في التمهيد لدولة العدل دولة الإمام المهدي (عجل الله
تعالى فرجه الشريف)؟
ج: يمكن أن يكون للمرأة دور كبير، وذلك لأنها هي الأصل في صلاح الأسرة، والأسرة
الصالحة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع الصالح. إذا صلحت المرأة استطاعت حتى
إصلاح الرجل، ثم إصلاح أولادها ذكوراً وإناثاً بتربيتهم التربية الصحيحة
والمطلوبة عند الله والرسول وأهل البيت (عليهم السلام)، ثم إن الأولاد الصالحين
يستطيعون إصلاح مجتمعهم، بل سائر المجتمعات أيضاً، وهذا كله يخلق الأرضية
المناسبة لقيام دولة العدل الإلهي إن شاء الله تعالى.
س95: بعد الغيبة هل الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) غائب أم نحن
الغائبون؟
ج: الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أمره الله تعالى بالغيبة عنّا،
لأنا لم نعرف قدر الحضور، ومتى ما عرف العالم قدر الحضور، حضر إن شاء الله
تعالى.
س96: ما المقصود بقول الرسول (صلى الله عليه وآله) (علماء أمتي كأنبياء بني
إسرائيل)؟
ج: التشبيه المذكور في الحديث الشريف يمكن أن يكون في: 1- تحمل مسؤولية الهداية.
2- أداء هذه المسؤولية بأمانة. 3- المقام والمنزلة عند الله تعالى. 4- الثواب
الكبير والأجر العظيم. 5- كونهم أعلام الهداية.
س97: يروى عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "وفي القرآن نبأ ما قبلكم،
وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم".. ماذا يقصد الإمام بقوله (وخبر ما بعدكم)؟
ج: «خبر ما بعدكم» على ما جاء في كتاب «توضيح نهج البلاغة: ج4 ص417 الحكمة 313
هو: أحوال القبر والبرزخ، ثم القيامة والجنة والنار.
س98: بالنسبة لحديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يقول: (من مات ولم يعرف
إمام زمانه مات ميتة جاهلية)، سؤالي: ما هي المعرفة التي يقصدها الحديث؟ فكلنا
نعرف أن إمام زماننا هو صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟
ج: المقصود من المعرفة هنا هو: على المؤمن أن يعرف بأن الله تعالى فرض عليه
طاعة هذا الإمام المعصوم كما فرض عليه طاعته تعالى وطاعة رسوله الكريم، وأن
يقرّ له (للإمام) بالطاعة، وأن يعرف المؤمن بأنه (عليه السلام) عند الله تعالى
حي يرزق، يسمع كلامه، ويردّ سلامه، ويشهد مقامه.
س99: من هو الوسواس الخنّاس؟ وما هو تأثيره على الإنسان وفي أي الأمور؟
ج: الوسواس الخناس هو - كما في الحديث الشريف -: إسم الشيطان الذي يوسوس
للإنسان حتى يمارس الخطيئة ويرتكب المعصية، فإذا عمل المعصية وارتكب الخطيئة
أنساه الاستغفار والتوبة، وإذا نسي الإنسان التوبة والاستغفار وتراكمت ذنوبه -
والعياذ بالله - صار من أهل النار وكان حصب جهنم.
س100: هل صحيح أن الذي يموت بالحريق شهيد؟
ج: جاء في الأحاديث الشريفة بأنَّ أفراداً يكون لهم ثواب الشهيد وأجره، ومن
هؤلاء من أصابهم ومن دون اختيار حرق، أو غرق، أو هدم، وماتوا على أثر ذلك، فإن
الله تعالى يعطيهم ثواب الشهيد، لا أنَّ لهم حكم الشهيد.
س101: كيف يكون الإنسان محباً لله (عز وجل)؟
ج: قال الله تعالى وهو يخاطب نبيّه الكريم: «وذكّرهم بأيام الله» إبراهيم/5،
وفي التفسير عن الإمام الصادق (عليه السلام) يعني: ذكّرهم بنعم الله وآلائه،
وفي الحديث الشريف ما مضمونه بأن تذكير الإنسان نفسه بالنعم التي أنعم الله
تعالى بها عليه، مثل نعمة الجمال والكمال، ونعمة العقل والإدراك، ونعمة السمع
والبصر، والنعم الكثيرة الأخرى التي لا تعدّ ولا تحصى، يجعل الإنسان يشعر
بمحبّة خالقه والمنعم عليه، ماذا لو كان الإنسان مثلاً غير مستوي القامة
كالحالة التي عليها البهائم، فكم سيكون ذلك شاقاً وصعباً عليه؟ ولو كان بصره
على رأسه لا في وجهه فكم كان سيعاني من صعوبة في النظر إلى الأشياء؟ ولو كان
كفّه غير مبسوط وأصابعه غير ممدودة كما عليه الطيور والدواجن مثلاً فكم كان
سيعسر عليه مزاولة أعماله اليومية في الحياة؟ إلى غير ذلك وهو كثير، فإذا تذكر
الإنسان هذه النعم أحبّ الله تعالى حباً جماً... وذلك كما قال سبحانه: «والذين
آمنوا أشد حباً لله» البقرة/165.
س102: ماذا يعني الإمام الحسين (عليه السلام) عندما قال: (ومن تخلف (عني) لم يدرك
الفتح)، أيُّ فتح؟ مع العلم أنهم سوف يقتلون في المعركة؟
ج: المراد هنا الفتح المعنوي لا المادي، فأيّ فتح أعظم من فتح الإمام الحسين
(عليه السلام)، حيث فتح عقول الناس بنهضته الإصلاحية المباركة على أهدافه
الإنسانية السامية التي جاء بها جدّه الرسول الكريم، وأحكم قواعدها أبوه الإمام
أمير المؤمنين: من الإباء والعزّة، والشهامة والكرامة.. ورفض الطغيان والطغاة
والظلم والظالمين، هذا مضافاً إلى فتح آخر، حيث شغل قلوب الناس بمودته وحبّه،
والتضحية والنداء من أجله، وهذه زيارة الأربعين وغيرها خير نموذج على هذا الفتح
المعنوي الكبير.
س103: هل يمكنكم إعطائي أدلة على وجود الله بدون التطرق إلى المصطلحات الفلسفية؟
ج: قال الله تعالى: «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه
الحق» فصّلت/53، يعني أن معرفة الله تعالى وحصول اليقين به يتمان من خلال
التدبّر في خلق السماء والأرض وما فيهما وما بينهما، والنظم الدقيقة التي
تجريان عليها، وكذلك التدبر في خلق الإنسان العجيب، وتكوينه الغريب، وما أودع
الله فيه من القوى والأسرار، (إن في ذلك لآيات لأولي النهى)، وكما قال ذلك
الأعرابي البسيط حين سُئل عن دليل وجود الله: (البعرة تدل على البعير، والأثر
يدل على المسير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج لا يدلان على اللطيف
الخبير!)، وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ما مضمونه: (ما رأيت شيئاً
قط إلا ورأيت الله قبله (لأنه أوجده) ومعه (لأنه أبقاه) وبعده (لأنه يفنيه)).
بهذه الطريقة تتم المعرفة، عن طريق الآثار.
س104: لماذا يُكنّى
الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بأبي صالح؟ وهل له ولد بهذا الاسم؟
ج: جاء في الأثر وبعض الأدعية التعبير بهذه
الكنية عنه (صلوات الله عليه وعجل الله تعالى فرجه الشريف)، علماً بأن الكنية
لا تستلزم أن يكون للإنسان ولد بهذا الاسم، بل الكنية تكون للإنسان حتى وإن لم
يكن له ولد، أو كان له ولد ولم يكن بهذا الاسم.
س105: ما مدى صحة الحديث المنسوب إلى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم)
والذي جاء فيه أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال:"لقد جئتكم بالذبح"؟ وجاء
الحديث المشار إليه في أحد مسانيد العامة كما يلي: "قال يعقوب، حدثنا أبي،
عن ابن إسحاق، قال: "وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه عروة، عن
عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قلت له: ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت من رسول
الله فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوماً في الحجر،
فذكروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا
عليه من هذا الرجل قط، سفَّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرق
جماعتنا، وسب آلهتنا، لقد صرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا. قال: فبينما
هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم)، فأقبل يمشي
حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفاً بالبيت، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما
يقول، قال: فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها،
فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، ثم مر بهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فقال: تسمعون يا
معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح."
ج: قال الله تعالى في حق رسوله الكريم: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»
الأنبياء/107، وقال سبحانه في حقه أيضاً: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه
ما عنتّم حريص عليكم» التوبة/128، والحديث المذكور لا ينسجم معه، ولا مع
التاريخ المشهور لدى الجميع، الذي يروي عن الرسول الكريم أنه قال لعامة قريش
يوم فتح مكة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». والتنافي للآيات والسيرة العطرة للنبي
الأعظم من جهة وبين هذا الحديث المزعوم من جهة أخرى واضح لا يحتاج إلى بيان!
هذا، وقد جاء في الحديث الشريف التأكيد على عرض الحديث على القرآن فإن وافقه
أخذ به، وإن خالفه كان باطلاً.
س106: يروى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "ليس من شيعتنا من قال بلسانه
وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه، واتبع آثارنا
وعمل بأعمالنا، أولئك شيعتنا". وقرأنا عن سماحتكم قولكم لطالبات العلوم
الدينية: "محبتكنَّ لأهل البيت (عليهم السلام) وإظهارها هو أمر حسن وفاضل، ولكن
نيل مقام القرب منهم يتطلب العمل باﻹسلام والالتزام به، وليس إظهار المحبة لهم
فقط. وإن إظهار اﻹنسان محبته للإمام المعصوم (عليه السلام) - مهما كان مستوى
المحبة ـ ليس دليلاً قاطعاً على محبة اﻹمام لذلك الشخص أو أنه يوجب محبة اﻹمام
(عليه السلام)، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم واﻹمام (عجل الله تعالى فرجه
الشريف)، بل إن الامتثال لسيرة اﻹمام والالتزام بها هو الذي يوجب محبة اﻹمام
(عجل الله تعالى فرجه الشريف)". والسؤال: في يوم الحساب هل يعامل الشيعي الوارد
ذكره في هذا الحديث معاملة غيره؟
ج: الحديث الشريف المذكور عن الإمام الصادق هو: لتعريف الشيعي الصادق في
تشيّعه، لأن الشيعي والتشيّع مشتقّة من المشايعة للرسول الكريم وأهل بيته
المعصومين (عليهم السلام)، والمشايعة تعني: المتابعة لهم (عليهم السلام) في
سيرتهم وأخلاقهم، وهذا غير عنوان «المحبّ»، فإن المحبة عنوان يأتي في رتبة بعد
التشيّع، نعم إن لها مزايا تشبه مزايا التشيع فيما إذا كانت المحبّة صادقة،
وليست مجرّد لقلقة لسان، والمحبة الصادقة لها علائم وأدلة، ومن أهم علائمها
وأدلتها: إطاعة المحبّ، كما قال الله تعالى: «قل إن كنتم تحبّون الله
فاتّبعوني» آل عمران/31 ونظمه الشاعر: بقوله: «إن المحبّ لمن أحب مطيع»، فمن
يدّعي حب الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين لابدّ أن يكون في سيرته وأخلاقه
بصورة تصدّق ادعاءه، فيكون شبيهاً لهم في أخلاقهم وسيرتهم (عليهم السلام)، ومن
ينتحل أحدهما ويدعيه، فإن الله يعامله بلطفه ورحمته معاملة خاصة لا تشبه معاملة
غيره ممن لم يدّع ذلك، لكن بشرط أن يموت على ذلك، إذ قد يسلب الشيطان عند الموت
ما يدّعيه الإنسان لو كان كاذباً في ادعائه، أو بسبب أعماله السيئة ومعاصيه
الكثيرة.
س107: ما معنى إحاطة الله بجميع الموجودات؟
ج: يعني أنه (عز وجل) يعلم أعمالهم وأفعالهم وأسرارهم ونياتهم، وهي واضحة له.
س108: هل صحيح أن محمد بن الحنفية ابن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)
مَرَضَ بمرضه الشديد _ويقال بأنه أصيب بالشلل_ بسبب الحسد؟
ج: يقال أن عدم التحاقه بأخيه الإمام الحسين (عليه السلام) وعدم حضوره في
كربلاء كان لعذر من شلل أصاب كفّيه، فكان لا يقدر على حمل السيف، وذلك _كما
قيل_ لعين أصابته بسبب قطع فاضل درعه بيديه.
س109: هل هناك مجوس من أهل الكتاب ومن غير أهل الكتاب؟
ج: أهل الكتاب يطلق على النصارى واليهود بصورة القطع واليقين، وأما المجوس
فمختلف فيهم، نعم قد ألحقهم المشهور بأهل الكتاب، وعدوهم منهم.
س110: ما هو المقصود من أن الله (نور)؟
ج: روي عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) حين سئل عن معنى قوله تعالى:
(الله نور السّماوات والأرض)، أنه قال (عليه السلام): (هادِ لأهل السموات، وهاد
لأهل الأرض).
والمقصود من أن الله تعالى «نور» كما جاء في الآية السابقة يعني: منوّر
السماوات والأرض، وإنما ورد النور في صفات الله تعالى، لأنه كما أن النور ظاهر
في نفسه مظهر لغيره، فكذلك الله سبحانه ظاهر في نفسه للعقول ومظهر لغيره من
الأشياء للأبصار والعيون.
س111: هل مولاتنا فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها)، هي البنت الوحيدة للرسول
الأعظم (صلى الله عليه وآله)؟
ج: هي البنت الوحيدة التي خلّفها الرسول الكريم بعده، إذ لم يكن للنبي الكريم
عند استشهاده أحد غيرها، ولكنها (عليها السلام) كما كان يرى الإمام الشيرازي
الراحل كانت رابعة بناته، والتي تمت ولادتها من بينهن بعد بعثته المباركة،
بينما الأخريات ولدن قبل البعثة النبوية الشريفة، وعليه: فإن السيدة خديجة ولدت
للنبي الكريم (صلى الله عليه وآله) أربع من البنات: زينب ورقية وأم كلثوم
والسيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).
س112: على ضوء الحديث الشريف: (مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنْ عِصَابَةٍ، وَفِي
تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ، فَقَدْ خَانَ اللهَ،
وخانَ رَسُولَهُ، وخانَ الْمُؤْمِنِينَ).
ما حكم من يختاره حزبه أو الجهة التي ينتمي إليها لتولي منصب أو وزارة ليست من
اختصاصه، في الوقت الذي هناك المئات ممن هم أكفأ منه وأفضل، خصوصاً وأن الأداء
الأحسن في أية وظيفة أو وزارة سيعود خيره على ملايين المؤمنين والمؤمنات،
والعكس بالعكس؟
ج: جاء في الحديث الشريف الدعاء بالرحمة لمن عرف قدره فوقف عند حدّه ولم
يتجاوزه، والدعاء بالرحمة من النبي الكريم ومن أهل بيته المعصومين مستجاب عند
الله تعالى، وهو ما يحثّ الإنسان ويدعوه إلى أن يعرّض نفسه لتشمله هذه الرحمة
المستجابة، وذلك بالوقوف عند حدّه وعدم تجاوزه، لأنه لو لم يقف عند حدّه
وتجاوزه فإنه ليس فقط سيجرّ الويل على نفسه، بل على كل مجتمعه الذي تسلّط
عليهم، مضافاً إلى تسبّبه إقصاء الكُفُؤ عن أداء مهمته وحرمان المجتمع من خيره
وعدله، وقد دلّ التاريخ وبينت التجارب النتائج السيئة والمرّة التي نتجت عن
تسلط غير الأكفاء على المجتمع وإقصاء أهل الكفاءة عن مقامهم ومراتبهم، كما حصل
بعد الرسول الكريم حيث قام غير الأكفاء بالتسلّط على الناس وإقصاء أهل بيت
الرسول الكريم عن مقامهم الذي أقامهم الله تعالى فيه وإزالتهم عن مراتبهم التي
رتّبهم الله فيها، فنتج عن هذا الاختلاف العظيم بين الناس ممّا أدى إلى التناحر
والتباغض والحروب والدمار إلى يومنا هذا.
س113: عندما نذكر إمام زماننا (عجّل الله فرجه الشريف) ونَصِفه بالإمام الحجة
المنتظر، فهل كلمة (المنتظر) (بفتح الظاء أم بالكسر)، وما هو الفرق في كلا
الحالتين؟
ج: المعروف في المحاورات العرفية هو «المنتظَر» بالفتح، وهو يعني: ينتظره
المؤمنون لإقامة ما وعد الله تعالى به الأمم من قيام دولة كريمة، عادلة ورحيمة،
يسعد بها كل الناس ويرغد عيشهم، وتقر عينهم في الدنيا والآخرة، وفرق
(المنتَظَر) بالفتح عن «المنتظِر» بالكسر، هو أن الإمام (عليه السلام) هو مَنْ
ينتظِر أمر الله تعالى وإذنه بالظهور، عجّل الله تعالى فرجه وسهّل مخرجه وجعلنا
وإياكم جميعاً من أعوانه وأنصاره إن شاء الله تعالى.
س114: جاء في الحديث الشريف: (من صلّى عليّ مرّة لم يبق من ذنوبه ذرة)، فهل الأمر
كذلك حقاً وبدون شرط؟
ج: هذا الحديث الشريف وأمثاله هو حق ولكن مشروط بشروط منها: ألف ـ الإيمان
بالله ورسوله وأهل البيت، وباءـ العمل الصالح.
س115: المتعارف لدينا
وبحسب الحديث الشريف بأن الزنا دَين، وأنه كما تدين تدان، فإذا كان هذا صحيحاً
فما ذنب أخته أو زوجته بما يفعله هو..؟ أي أني آتي بجريمة وتعاقب أختي عليها؟
ما تفسيركم الكريم؟
ج: لقد مثّل لنا الرسول الكريم (صلى الله عليه
وآله) الحياة الدنيا والناس الذين يعيشون فيها بالسفينة التي تجري في بحر عميق،
وفيها مسافرون، فأراد أحد المسافرين وبدليل أنه مثلاً حجز مقعداً له في السفينة
أن يخرق السفينة في مكانه الخاص به، يقول الرسول الكريم بأنه لو سكت المسافرون
عنه ولم يردعوه عن عمله هذا وخرق السفينة، فإنه لن يغرق هو وحده وإنما يغرق
الجميع، مع أن الجميع لا ذنب لهم، وهكذا التعدي على نواميس وأعراض الآخرين،
فإنه يسبّب هو بنفسه فتح باب التعدّي على ناموسه وعرضه، وهذا لا يتنافى مع عدل
الله سبحانه، بل هو من العدل وهو أمر واضح.
س116: هل العرش والكرسي واللوح والقلم وأمثال ذلك عدة أشياء لا ارتباط بينها، أم
أنها شيء واحد، وهي كنايات عن علم الله تعالى وقدرته؟
ج: العرش شيء، والكرسي شيء آخر، وهكذا اللوح والقلم، ولكن يربطها رابط واحد،
وهو أنها جميعاً مخلوقة ومؤتمرة بأمره تعالى، ودالة على عظمته سبحانه، ونفوذ
سلطانه (عز وجل)، وشمول قدرته (تبارك وتعالى).
س117: جاء في (عيون أخبار الرضا: 2/159-160):
دخل المأمون (على الإمام الرضا (عليه السلام))، وقرأ عليه كتاب فتح بعض قرى
كابل، فلما فرغ، قال له الإمام (عليه السلام): «وسرّك فتح قرية من قرى الشرك»،
فقال المأمون: (أو ليس في ذلك سرور؟) فقال الإمام (عليه السلام): «يا أمير
المؤمنين اتق الله في أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، وما ولاّك الله من هذا
الأمر، وخصّك به، فإنك قد ضيّعت أمور المسلمين، وفوّضت ذلك إلى غيرك يحكم فيهم
بغير حكم الله، وقعدت في هذه البلاد وتركت بيت الهجرة ومهبط الوحي، وإن
المهاجرين والأنصار يظلمون دونك، ولا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمّة، ويأتي على
المظلوم دهر يتعب فيه نفسه، ويعجز عن نفقته، ولا يجد من يشكو إليه حاله، ولا
يصل إليك، فاتق الله يا أمير المؤمنين في أمور المسلمين، وارجع إلى بيت النبوة
ومعدن المهاجرين والأنصار...». قال المأمون: (يا سيدي فما ترى؟). قال (عليه
السلام): (أرى أن تخرج من هذه البلاد وتتحول إلى موضع آبائك وأجدادك، وتنظر في
أمور المسلمين، ولا تكلهم إلى غيرك، فإن الله سائلك عمّا ولاّك). فقال المأمون:
(نِعْمَ ما قلت يا سيدي! هذا هو الرأي).
س1: هل تؤكد مضامين الحديث أن بعض الفتوحات التي قام بها المسلمون كانت بدوافع
غير رسالية، وهو ما يراه عدد من الباحثين والمؤرخين؟
ج: الحديث الشريف ومضامينه الراقية ليس في مقام بيان هذه الجهة المذكورة في
السؤال، بل في مقام بيان كبر المسؤولية وعظيم العبء الملقى على عاتق الحكام،
وبيان عدم كفاءة أمثال المأمون العباسي، الذين تربّعوا على كرسي الحكم من دون
استحقاق، وغصبوا حق الأكفاء الأبرار، ولانشغالهم بسكرة الملك، ونشوة الجاه
والمقام، وغفلتهم عن أمور الرعية، وعن إدارة شؤون الناس، وعن الأخذ بظلامة
المظلومين الذين لا يجدون من يأخذ لهم بظلامتهم، علماً بأن الفتوحات الإسلامية
كانت على قسمين: قسم كان الأعداء يستعدّون ويجيّشون الجيوش للانقضاض على
الإسلام والمسلمين كالإمبراطورية الفارسية، والذي رسم خطة الدفاع والانتصار على
العدو الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وانتصروا عليهم، وانمحت
الإمبراطورية الفارسية من الوجود، وقسم كان الناس قد تعبوا من حكّامهم الكفار
الجائرين، فكانوا يطلبون من المسلمين إنقاذهم، ويفتحون باعهم لمجيء جيوش
المسلمين، ويتعاونون معهم للقضاء على حكامهم الكافرين.
س2: في ظل توجه عموم الحكومات إلى قضايا خارجية على حساب حقوق الشعب في الحرية
والعدل والمساواة وحاجاته الحياتية، ما الذي ينبغي فهمه من هذا الحديث الرضوي
الشريف؟
ج: الذي ينبغي فهمه من هذا الحديث الشريف هو: أن حق الرعية وحق الشعوب على
الحكام كبير وعظيم، وإن كل تقصير في أدائه ورعايته من جهة الحكام يجعلهم كما عن
الإمام الصادق (عليه السلام) مورداً لغضب الله تعالى وعقابه، وللقيود والأغلال
في نار جهنم والعياذ بالله مضافاً إلى الخزي والعار والسبّة واللعنة الدائمة
عليهم في الدنيا.
س118: ورد في القرآن الكريم ما مضمونه أن الله يغفر الذنوب جميعاً، السؤال كيف
يغفر الذنوب جميعاً، مع أنه ورد في الروايات أن الذنوب مع العباد لا تغفر إلّا
بعد التحلل من صاحبها، وهل يكون يوم القيامة موقف بين الطرفين، فيقوم الله (عز
وجل) بإرضاء الطرف الآخر لكي يعفو عن مرتكب الذنب بعدما تاب لله، وتاب الله
عليه، ووعده الله بالغفران؟
ج: الذنوب الصادرة من الإنسان على قسمين: 1- مرتبطة بالإنسان نفسه، وعصى الله
فيها، فإن الله غفور رحيم. 2- مرتبطة بغيره فعلاجها ما ذكرتم ونُقل في
الروايات، لأنها من حقوق الناس، والله لا يغفر الذنب الذي صدر من الشخص في حق
غيره، فإن الله عادل حكيم، نعم، قد يعوض الطرف الآخر حتى يرضى بالعفو عن
المذنب.
س119: ما المقصود بقول الرسول (صلى الله عليه وآله): «علماء أمتي كأنبياء بني
إسرائيل»؟
ج: المقصود هو: فضلهم وشأنهم عند الله تعالى، وهي إشارة إلى تأثيرهم وخدمتهم
لعباد الله في الهداية والاستقامة ونحو ذلك مما يقوم به الأنبياء السابقون،
مضافاً إلى ما فيه من كناية بخاتميّته (صلى الله عليه وآله)، فإنه حيث لا نبيّ
بعده كان للعلماء مثل دور الأنبياء، ولذلك قال بعضهم بأن المقصود من العلماء في
الحديث الشريف هم: أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
س120: كيف يمكننا أن نقيم علاقة طيبة ومتينة مع إمامنا صاحب العصر والزمان (عجل
الله تعالى فرجع الشريف)؟
ج: إقامة العلاقة المتينة معه (سلام الله عليه) تتم بالطاعة لله تعالى وقبول
رسالة جده الرسول الكريم، وولايته وولاية الأئمة من آبائه (صلوات الله عليهم
أجمعين)، وبانتهاج سيرتهم وهديهم وانتظار فرجهم (عليهم السلام).
س121: ماهو تفسيركم للمقولة التالية عن الإمام الحسين صلوات الله عليه: (كونوا
أحراراً في دنياكم)؟
ج: إن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان حراً.. ولقد كرّمنا بني آدم بإطلاقه حراً
كريماً أبياً فطرة الله التي فطر الناس عليها.. وقد ولد حراً غير مملوك فهو عبد
لخالقه فقط، وهذا فخر عظيم كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كفاني عزاً
أن أكون لك عبداً وكفاني فخراً أن تكون لي رباً.. فإن نعمة الحرية موهبة من
الله تعالى للإنسان ومن فطرته فلا يجعل نفسه ويذلها ويعبد غير الله إنساناً
مخلوقاً مثله أو يتبع نفسه وشهواته (عبد الشهوة أذل العبيد)، فقول أبي عبد الله
(عليه السلام) لأهل الكوفة الذين باعوا أنفسهم ليزيد يعني فيما يعني أنه:
حاسبوا أنفسكم وراجعوا عقولكم فقد وهبكم الله العزة والكرامة ولا تكونوا عبيداً
للظالم، وقد منحكم الله الحرية فلماذا تختارون لأنفسكم العبودية، وكما قال
الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تكن عبداً لغيرك وقد خلقك الله حراً).
س122: ما حكم ممانعة أهلي وعدم سماحهم لي بالذهاب إلى الجهاد والدفاع عن
المقدّسات، وسبب منعهم هو خوفهم عليّ وارتباطي بالدوام؟
ج: جاء في الكافي الشريف بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (أتى رجل
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إني راغب في الجهاد نشيط.
قال: فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل
تكن حياً عند الله ترزق، وإن تمت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت رجعت من
الذنوب كما ولدت. قال: يارسول الله، إن لي والدين كبيرين، يزعمان أنهما يأنسان
بي، ويكرهان خروجي. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقرّ مع والديك، فو
الذي نفسي بيده، لأنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة). مما يعني: أن رضا
الوالدين وعدم تأذّيهما من فراق الأولاد شرط قبول الأعمال وحصول الثواب، وسخط
الوالدين وتأذّيهما حرام موجب للعقوق والنيران والعياذ بالله.
س123: القول (لا تأكلوا الناس بآل محمد، فإن التآكل بهم كفر):
أولاً: لمن هذا القول، فهناك كتب تنسبه للإمام الصادق (عليه السلام)، وأخرى
ترجعه إلى فقرة من وصية لـ(لمفضل بن عمر لجماعة الشيعة).
ثانياً: ما المقصود من هذا القول؟
ج: إن الرواية المذكورة في السؤال قد وردت في سياق كلام للإمام الصادق (عليه
السلام)، وهناك روايات أخرى بنفس المضمون، مع اختلاف جزئي في الألفاظ، مروية عن
الإمامين السجاد والباقر (عليهما السلام)، وغيرهما. وفي تحف العقول وغيره خبر
عن المفضل بن عمر. ولا مشكلة من هذه الناحية، فلا يستبعد أن تكون الرواية مما
أخذه هو منهم (عليهم السلام).
وثانياً: المقصود من هذه الرواية هو إنذار أولئك الذين يتاجرون بتعاليم الرسول
الكريم وأهل البيت (عليهم السلام) وتاريخهم وسمعتهم ووصيتهم وكل ما يمتّ إليهم
في سبيل أن يأكلوا أموال الناس بالباطل.
س124: ماذا يفعل المرء عندما يتخبطه الشيطان ويبتعد عن الخط؟ ما هو السبيل للرجوع
للخط الإلهي؟
ج: قال الله تعالى: «ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة
والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتّبعون الرسول النبيّ الأمي ...» الأعراف:156
و157، مما يعني أن الرجوع إلى طاعة الله والحصول على رحمته الواسعة له الشروط
التالية: أ_ الالتزام بالتقوى. ب_ إيتاء الزكاة ويشمل كل الواجبات المالية من
خمس وغيره. ج_ الإيمان بآيات الله سبحانه. د_ متابعة النبي الكريم وأهل بيته
المعصومين في سيرتهم وأخلاقهم.
س125: قال الإمام الجواد (عليه السلام) لأبي هاشم
داود بن القاسم الجعفري: (يا داود إن لنا عليكم حقاً برسول الله (صلى الله عليه
وآله)، وإن لكم علينا حقاً، فمن عرف حقنا وجب حقه، ومن لم يعرف حقنا فلا حق
له).
ما تفسير هذا القول الكريم، وخاصة الفقرة الأخيرة (فمن عرف حقنا وجب حقه، ومن
لم يعرف حقنا فلا حق له)؟
ج: هذا الحديث الشريف يشير إلى أن الحقوق في
الإسلام متقابلة، يعني: هناك حق ـ كما في هذا الحديث الشريف ـ أوجبه الله تعالى
لرسوله وأهل بيته على الناس وهو: طاعتهم والولاية لهم ومحبتهم، فإذا قام الناس
بأداء هذا الحق إلى الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين، استحقوا عليهم (سلام
الله عليهم) أن يشفعوا لهم عند الله تعالى في قضاء حاجاتهم في الدنيا، وفي
الجنة والعتق من النار في الآخرة، وأما إذا لم يقم الناس بما عليهم من حق
الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين، فينتفي عنهم (عليهم السلام) حق الناس!
وبعبارة أخرى: إنه (عليه السلام) يقول: إن لأئمة الهدى (عليهم السلام) حقّاً،
بانتمائهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) جسدياً بالولادة والنسب،
ونورانياً باختصاصهم بالطهارة والعصمة ونور الوحي. فيجب على الخلق ولايتهم
وطاعتهم وإعطاؤهم حقوقهم، فمن تولاهم وأطاعهم ورفض أعداءهم وآتاهم حقوقهم، وجب
له عليهم (صلوات الله عليهم) المقابلة بالمثل، مما يتناسب مع إمامة الإمام تجاه
الأمة والرعية، وذلك مثل الإرشاد، والسياسة والتمكين في الأرض، كما قال الله
تعالى: «وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً»، وكما قال الإمام
السجاد (عليه السلام): «فجعلها نظاماً لألفتهم وعزاً لدينهم». ولا شك في أن هذه
الحقوق مجعولة لهم من الله (عز وجل)، بنصوص الآيات والروايات.
س126: قال أبو الحسن (عليه السلام): (مَن قال في
دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يثنّي رجليه أو يكلّم أحداً: (إنّ الله
وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ..
اللّهم صلّ على محمد وذريته). قضى الله له مائة حاجة: سبعين في الدنيا وثلاثين
في الآخرة).
السؤال: القول (اللهم صل على محمد وذريته) من الـــــــــواضح أنـــــــــه لا
يشمل الإمام أمير المـؤمنيـن علـــي بن أبي طالب (صلوات الله عليه!!) هل تصح
هذه الصلاة؟!
ج: هذه الصلوات مروية بهذه الكيفية «اللهم صل على
محمد النبي وعلى ذريته وعلى أهل بيته». فتشمل الإمام أمير المؤمنين (عليه
السلام)، وعلى فرض ورود المذكورة في السؤال فإنها لا تستثنيه (عليه السلام)
أيضاً لقول الله تعالى في آية المباهلة: «وأنفسنا وأنفسكم» آل عمران:61، وقد
أجمع المفسرون خاصة وعامة أن الآية الكريمة عدّت علياً(عليه السلام) نفس الرسول
(صلى الله عليه وآله)، وإذا كان كذلك، فالصلوات المذكورة لا تستثني الإمام أمير
المؤمنين (عليه السلام) بل تتضمنّه، لأنه نفس الرسول الكريم.
س127: هل نحتاج في الشريعة إلى محامين أم تكفي إقامة البينة؟
ج: إقامة البينة العادلة تكفي لقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله): «إنما
أقضي بينکم بالبيّنات والأيمان» ولذلك لا حاجة غالباً في الشريعة إلى محامين ـ
وإن كانت المحامات في نفسها جائزة ـ وذلك لسهولة القضاء في الإسلام وعدم
التوائه، نعم قد لا يكون صاحب الحق عارفاً بمسائل المرافعة وإحقاق حقه، فله أن
يستعين بعارف فيها.
س128: الرجاء شرح هذا الحديث الشريف:
عن أبي الحسن (عليه السلام): (إن الدعاء يرد ما قدّر وما لم يقدّر). فقال له
عمر بن يزيد: وما قد قدّر عرفته، فما لم يقدّر؟ فقال (عليه السلام): (حتى لا
يكون) الكافي: ج 2 ص 469 ح 2.
ج: هذا الحديث الشريف يشير إلى الآية الكريمة التي تقول: «يمحو الله ما يشاء
ويثبت وعنده أم الكتاب»، الرعد:39، وقد جعل سبحانه العمل الصالح، والدعاء،
والصدقة والإحسان إلى الآخرين، وحسن الخلق مع الأهل والأولاد ومع الناس ماحياً
للآجال المعلّقة، والبلايا والآفات غير الحتمية، ومثبتاً لطول العمر والعافية
مكانها إن شاء الله تعالى.
س129: ما تفسير حديث للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)،
يقول فيه: (والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، بل اندمجتُ على
مكنون علم لو بحتُ به لاضطربتم اضطراب الأَرشِية في الطُوِيّ البعيدة)؟
ج: جاء في كتاب «توضيح نهج البلاغة: ج1 ص90» للإمام الشيرازي الراحل عند شرحه
لهذه العبارة ما خلاصته: إن الإمام (عليه السلام) يعلّل سكوته بأنه لم يكن
خوفاً من الموت، لأنه لا يخاف الموت، بل يأنس به أشدّ من استئناس الطفل بثدي
أمه، إذ طريق الحياة الأبدية التي وصفها الله بالحيوية والسعادة هو الموت، ثم
إنه (عليه السلام) يشير إلى بعض العلل التي تسبّبت سكوته بقوله (عليه السلام):
بل اندمجت وانطويت على علم مكنون بما أعلمه من نتائج الأمور وعواقبها - وإن
الله تعالى إنما أمهل هؤلاء الظالمين للامتحان والاختبار - بحيث لو بُحت بها
وأظهرتها، لاضطربتم أنتم أيها الناس اضطراب الحبل في البئر البعيدة والعميقة!
ثم يواصل (قدّس سرّه) كلامه ويقول: (فإنه عليه السلام لو أخبرهم بامتلاك أولئك
الأمر وما يسبّبون من إراقة الدماء وتغيير الأحكام، وسوق الناس بالغلظة،
والاستئثار بفيء المسلمين، وما إلى ذلك لاضطربوا أشدّ الاضطراب). ولمزيد من
التفصيل ينبغي مراجعة المصدر المذكور.
س130: في مضمون حديث: إنّ رجلاً قال للنبي (ص) إني أحب علياً، فقال (ص): (إذن
استعد لكثرة الأعداء..)، ماذا يمكن أن نفهم من هذا الكلام؟
ج: نفهم منه الإشارة إلى الحديث الشريف القائل: «الناس أعداء ما جهلوا»، فعدم
معرفة الناس بمقام الإمام أمير المؤمنين ومنزلته عند الله وعند الرسول وأنه
الإمام المفترض الطاعة، وأنه الخليفة بأمر الله تعالى بعد الرسول الكريم، وأنه
بمنزلة نفس الرسول الكريم بنصّ القرآن الحكيم، وأن طاعته طاعة الله ورسوله،
وحبّه حب الله ورسوله وبغضه بغض الله ورسوله، عدم معرفتهم بذلك جعلهم يعادونه
ويعادون من أحبّه ووالاه، ونفهم منه أيضاً أنه (عليه السلام) هو الحق، (لأنّ
الحق دائماً مرّ وصعب، وفي معرض العداء والاستعداء وأكثر الناس للحق كارهون وله
معادون) وأن من ناواه كبني أمية هم الباطل.
س131: بعد ختام قراءة القرآن الكريم، يقول الشيعة اسمين للبارئ سبحانه: (صدق الله
العلي العظيم)، هل هناك إشكال في الاكتفاء بذكر اسم واحد فقط؟
ج: ما يقوله الشيعة هو ما دل عليه القرآن الحكيم، وأرشد إليه الحديث الشريف،
ففي القرآن الحكيم قال: «وهو العلي العظيم». البقرة: 255. وفي الحديث الشريف عن
النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (ابتداؤه بسم الله الرحمن الرحيم
وختمه صدق الله العلي العظيم). سفينة البحار، ج8 ص485.
س132: ما تفسير ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (يا عبد الأعلى..
فاقرأهم السلام ورحمة الله - يعني الشيعة - وقل: قال لكم: رحم الله عبداً استجر
مودة الناس إلى نفسه وإلينا، بأن يظهر لهم ما يعرفون ويكف عنهم ما ينكرون)...
وقال: (عليكم بمجاملة أهل الباطل، تحمّلوا الضيم منهم، وإياكم ومماظتهم، دينوا
فيما بينكم وبينهم إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام)؟
ج: هذا الحديث المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) والكلام المذكور في خطابه
لعبد الأعلى، هو: إشارة إلى الحديث الشريف القائل: «العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس»، يعني: أن الإمام الصادق (عليه السلام) الذي هو القمة في المعرفة
بزمانه وبما يقتضيه الزمان من الوظائف الشرعية والعقلائية، ينبّه عبد الأعلى
ليوصل ذلك إلى جميع محبّي الإمام وشيعته حتى يكونوا عارفين بزمانهم وعارفين بما
يقتضيه زمانهم من وظائف شرعية وإنسانية، فيسلم بذلك دينهم ودنياهم. نعم، إن
التاريخ قد سَجّل صفحاتٍ سوداء وقاسية بالنسبة إلى العصر الذي كان فيه الإمام
الصادق (عليه السلام) وكان فيه محبّوه وشيعته، وخاصة عصر خلافة المنصور العباسي
الذي كان قد أمر بإلقاء القبض على كل من يسلّم على الإمام الصادق (عليه السلام)
أو يتحدث معه، أو يلتقي به، والناس عادة يكونون على دين ملوكهم، فكانوا
يتعاونون معه في الظلم والجور، والشدة والقسوة على الإمام الصادق (عليه السلام)
وعلى شيعته ومحبّيه، ويكتبون التقريرات الباطلة ضدهم، ويشتركون في مطاردتهم
ومؤاخذتهم، ويتآزرون على تعذيبهم وقتلهم، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم. لذلك
جاءت التعاليم الحكيمة للمحبّين والشيعة: باجترار مودة الناس، وبأن يتظاهروا
للناس بأنهم مثلهم، بل أنهم منهم، يعني: بإظهار ذلك في القول والعمل، وفي
السيرة والسلوك، وبأن يجاملوا أهل الباطل، ولا يجادلوهم ويتحمّلوا أذاهم
ويصبروا على ما يرون منهم من جفاء وقسوة إذا كان لابد لهم من مخالطتهم
ومجالستهم، ولولا هذه التعاليم الحكيمة، والوصايا الرفيعة لم يسلم أحد من
الشيعة ولا المحبّين ولا حتى الإمام الصادق (عليه السلام) من البطش والتنكيل.
والخلاصة: أنها تعاليم حكيمة خاصة بذلك الزمن العصيب، وأما اليوم، حيث عصر
الارتباطات، فيجب على المسلمين نشر حضارة الإسلام وثقافة القرآن الحكيم
السماوية التي يجسّدها الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) وذلك
بالحكمة والموعظة الحسنة.
س133: إذا سُرقت بضاعة من المحل الذي فيه أحد الشركاء بسبب تقصيره، فهل يتحمل هذا
الشريك المسؤولية؟ وهل يجوز لشركائه تغريمه؟
ج: الشريك الذي يعمل في الشركة أمين، والأمين لا يتحمل ضمان التلف بسرقة كان أو
غير سرقة، إلا إذا حصل التلف بسبب تقصيره وتفريطه.
س134: ما معنى ما ورد في خطبة للإمام علي بن أبي طالب(ع) قوله: (إذا تمّ نفاق
المرء ملك عينيه)؟
ج: هناك أحاديث شريفة عن الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين تحكي هذا المعنى،
ولكن بعبارات مختلفة، فعن الرسول الأعظم(ص): «من عمل في بدعة خلاّه الشيطان
والعبادة وألقى عليه الخشوع والبكاء» ـ البحار: ج69 ص216، وعنه أيضاً: «إذا تمّ
فجور العبد ملك عينيه فبكى منهما متى شاء» ـ نهج الفصاحة: ص191 حديث191، وعن
الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «أقسم بالله لسمعت رسول الله (صلى
الله عليه وآله) يقول: إن الشيطان إذا حمل قوماً على الفواحش مثل الزنا وشرب
الخمر والربا وما أشبه ذلك من الخنا والمآثم، حبّب إليهم العبادة الشديدة،
والخشوع والخضوع، والركوع والسجود، ثم حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى
النار» ـ البحار: ج74 ص272 وج81 ص230 وبشارة المصطفى ص28. وهذه الأحاديث
الشريفة وغيرها تدلّل على أن من النفاق ومن علامات المنافق أنه لدى الموعظة
والتأنيب يتظاهر الإنسان بالبكاء وتسيل عيناه بالدموع، لكن دون أن يغيّر ما به
من اعوجاج وانحراف، ودون أن يتدارك ما سلف منه ويقوم بتصحيحه، وذلك مثل عمر بن
سعد، فإنه عندما خاطبته عقيلة بني هاشم (سلام الله عليها) بقولها: (يابن سعد
أَيُقتل أبوعبدالله وأنت تنظر إليه)، بكى ولكن دون أن يتدارك الموقف بإصلاح أو
تعديل.
س135: ما
هو الدليل على أنّ المراجع هم (رواة الأحاديث)؟
ج: الدليل على ذلك أمور منها:
أ- إنّ استنباط الأحكام الشرعية وبيانها هو نفس رواية الحديث، ولكن بالمعنى،
فلا فرق بين أن يسأل الإنسان الفقيه عن حكم فيجيبه بنص الرواية أو يجيبه بفتوى
مستفادة من الروايات والآيات.
ب- رواة الحديث في زمن الأئمة (عليهم السلام) كانوا غالباً من الفقهاء مثل
زرارة ومحمد بن مسلم وأضرابهما.
ج- إمضاء الأئمة (سلام الله عليهم) لجمع من أصحابهم الذين كانوا يروون الحديث
على الإفتاء بحسبه أيضاً، كما هو الحال في أبان بن تغلب، ويونس بن عبد الرحمن،
وزكريا بن آدم وغيرهم (رضوان الله عليهم).
ويمكن القول: إن التعبير في الحديث الشريف والتوقيع المنيف برواة الحديث، دون
التعبير بالفقهاء والعلماء، لعله كان مطابقاً للمتعارف من تسمية الفقهاء في ذلك
الزمان برواة الحديث، أو كان موازياً ومساوياً له في التسمية، أو كان كناية
أوضح من التصريح بأن فقهاء الشيعة وإن كانوا لا ينقلون نصّ الروايات في جواب
مستفتيهم وفي رسائلهم العملية، إلاّ أن ما يفتون به هو مستند إلى الروايات
المروية عن الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين بحيث صاروا هم رواة الحديث حقيقة
وواقعاً.
س136: سفينة نوح كيف حملت المخلوقات التي هي لا تطيقها الأرض، وما معنى (ذات ألواح
ودسر)؟
ج: سفينة نوح (عليه السلام) هي السفينة الوحيدة التي ضَمن الله تعالى لها
السلامة، وذلك _كما جاء في الحديث الشريف_ ببركة أسماء الرسول الكريم (صلى الله
عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) التي زيّن نوح شيخ المرسلين
السفينة وحصّنها بأسمائهم (عليهم السلام)، ولذلك شبّه الرسول الكريم أهل بيته
بسفينة نوح إشارة إلى سلامتها وسلامة ركاّبها دون غيرها، وكانت هذه السفينة تسع
المؤمنين الذين لم يتجاوز عددهم السبعين مضافاً إلى حمل زوجين من كل أصناف
الحيوان، ومعنى «الألواح والدسر» ألواح السفينة والمسامير المستخدمة لشدّ
الألواح وربط بعضها ببعض، وهي في الواقع كناية عن السفينة، لأنها تتكوّن من
الألواح والمسامير.
س137: كيف نقترب من
الله عز وجل أكثر فأكثر؟
ج: التقرب إلى الله تعالى إنما يكون بالتقوى كما
قال الله تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» الحجرات:13، والتقوى _على ما في
الحديث الشريف_ هي عبارة عما يلي: أ- أداء الواجبات بإخلاص، ب- ترك المحرمات
بورع، ج- الالتزام بالأخلاق والآداب في كل شيء ومع كل أحد وخاصة مع الوالدين
والأهل والأولاد.
س138: ما مدى صحة الحديث المنسوب إلى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم)
والذي جاء فيه أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال:"لقد جئتكم بالذبح"؟ وجاء
الحديث المشار إليه في أحد مسانيد العامة كما يلي: "قال يعقوب، حدثنا أبي،
عن ابن إسحاق، قال: "وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه عروة، عن
عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قلت له: ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت من رسول
الله فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوماً في الحجر،
فذكروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا
عليه من هذا الرجل قط، سفَّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرق
جماعتنا، وسب آلهتنا، لقد صرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا. قال: فبينما
هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم)، فأقبل يمشي
حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفاً بالبيت، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما
يقول، قال: فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها،
فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، ثم مر بهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فقال: تسمعون يا
معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح."
ج: قال الله تعالى في حق رسوله الكريم: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»
الأنبياء/107، وقال سبحانه في حقه أيضاً: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه
ما عنتّم حريص عليكم» التوبة/128، والحديث المذكور لا ينسجم معه، ولا مع
التاريخ المشهور لدى الجميع، الذي يروي عن الرسول الكريم أنه قال لعامة قريش
يوم فتح مكة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». والتنافي للآيات والسيرة العطرة للنبي
الأعظم من جهة وبين هذا الحديث المزعوم من جهة أخرى واضح لا يحتاج إلى بيان!
هذا، وقد جاء في الحديث الشريف التأكيد على عرض الحديث على القرآن فإن وافقه
أخذ به، وإن خالفه كان باطلاً.
س139: هل هناك حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) في الحث على حمل الهدية إلى
العيال؟
ج: ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من دخل السوق فاشترى تحفة،
فحملها إلى عياله، كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور،
فإن من فرّح ابنته فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل، ومن أقرّ بعين ابن، فكأنما
بكى من خشية الله، ومن بكى من خشية الله أدخله الله جنات النعيم).(وسائل
الشيعة، كتاب النكاح، باب/3، حديث/1).
وقال (صلى الله عليه وآله): (عيال الرجل أسراؤه، وأحب العباد إلى الله عزّ وجلّ
أحسنهم صنعاً إلى أسرائه).(وسائل الشيعة ج 20 ص171).
س140: هل صحيح أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان يرى أن القياس أو الاستحسان
يصلح للدليل الثانوي، وماذا بالنسبة لما يُدعى بـ(سد الذرائع)؟
ج: ليس صحيحاً، بل الصحيح أنه (عليه السلام) نهى عن القياس والاستحسان والمصالح
المرسلة ونحوها نهياً شديداً، وقال بأنها تسبّب محق الدين وتسخط الله رب
العالمين، مضافاً إلى أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته
المعصومين (عليهم السلام) لم يتركوا حكماً من أحكام الله تعالى إلاّ بيّنوه
لنا، ففي الحديث الشريف عن الرسول الكريم أنه قال: "معاشر الناس ما من شيء
يقربكم إلى الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به، وما من شيء يقربكم إلى
النار ويباعدكم عن الجنة إلا وقد نهيتكم عنه). ونحوه غيره من الأحاديث الشريفة.
س141: 1- هل هذا عليه إجماع فقهاء الشيعة؟
2- أليس هناك من يقبل القياس ونحوه، بما يعرف بـ(سد الذرائع)... بمعنى أنه
مردوع في حالة اعتماده دليلاً رئيساً فقط؟
ج: 1- نعم، على ذلك إجماع فقهاء الشيعة إجماعاً محصّلاً ومنقولاً، قولاً
وعملاً.
2- لم يعرف في فقهاء الشيعة من يقبل أو يقول بذلك، ولذا قد اتُّهم من مال إليه
بأنه من بقايا ذهنيّاته قبل استبصاره.
س142: ورد في الحدیث (لو أمرتُ أحداً أن یسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد
لزوجها)، فهل هذا الحدیث معتبر؟ وهل هو وارد عن أئمتنا (عليهم السلام)؟
ج: نعم الحديث المذكور معتبر، وحيث إنه يبتدئ بكلمة: «لو»، وهذه الكلمة «لو» من
حيث اللغة هي حرف امتناع لامتناع، يعني: عدم جواز أن تسجد المرأة لزوجها، لعدم
جواز أن يسجد أحد لأحد! فكلاهما ممتنعان، ولا وجود لهما على أرض الواقع، فيكون
المراد من الحديث الشريف: التأكيد على أنّ الحياة الزوجية تكون سعيدة باحترام
الزوجة زوجها وتقديم رأيه وقوله على رأيها وقولها فيما إذا كان قوله ورأيه غير
مخالف للشرع، وهذا الاحترام منها والتزامها به تجاه الزوج يحث الزوج على أنه
يقابلها بالاحترام والإكرام، وبذلك يعيشان حياة زوجية سعيدة.
س143: ما مدى فاعلية الحديث الشريف: (إنما الأعمال بالنيات) في حياتنا اليومية؟
ج: الحديث الشريف: (الأعمال بالنيّات، ولكل امرئ ما نوى)، له فاعلية كبيرة في
حياتنا، لأنه إذا كانت نية الإنسان حسنة فسيرى الحسنى في حياته، وإذا كانت غير
حسنة فسيرى السوء والشر والعياذ بالله.
س144: نحن نعلم بأن نهاية الإنسان إما الجنة وإما النار، ولكن يقال: إذا كان
الإنسان صالحاً وارتكب ذنباً واحداً، فإنه يبقى في النار مقداراً من السنين، ثم
يُحوَّل للجنّة، فهل هذا صحيح؟
ج: وردت أحاديث أخرى تفسّر ما ورد في السؤال، وتقول بأن هذا فيما إذا لم يوفّق
الإنسان الصالح للتوبة، ومات على ذنوبه، ولم يشمله العفو الإلهي، علماً بأن في
الحديث الشريف ما معناه: بأن الله تعالى يوكّل بعض ملائكته بحساب شخص فيقولون:
يا ربنا إنه صالح، ولكن عنده بعض الذنوب والزلاّت، فيخاطبهم الله تعالى بأن
ينظروا في صحيفة أعماله، فإن كان قد عفا في أيام حياته عمّن قصّر في حقه،
فيعفوا عنه مقابل ذلك، وهذا ما يدل على سعة رحمة الله تعالى، وأنه يعفو ويغفر
بشرط أن يكون لدى الإنسان ما يقرّبه إلى رحمة الله وعفوه.
س145: هل كان الشيطان يأتي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ويغريه بالدنيا، وكذا
الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، إن كان جوابكم لا فما هو ردكم على الرواية
التي تقول أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يصلي إذ أتاه الشيطان بشكل
ثعبان وعضه، فرفسه الإمام (عليه السلام)، وقال: إني أعلم أنه الشيطان (مضمون
الرواية)؟
ج: قال الله تعالى حكاية عن لسان الشيطان إبليس: (قال ربِّ بما أغويتني لأزينن
لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين) الحجر: ٣٩ـ٤٠، يعني:
إن الشيطان يحاول إغواء الجميع ويطمع في إضلالهم، لكن النبي الكريم وأهل بيته
المعصومين يعملون تجاه الشيطان بقوله سبحانه: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه
عدواً) فاطر: ٦، فإنهم (عليهم السلام) اتخذوه عدواً فلم يصغوا إليه، ولا ركنوا
إلى وساوسه وإغراءته، وفي الحديث الشريف عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)
ما معناه: بأن الشيطان قد استسلم له أمام استقامته، وأما قصة الإمام زين
العابدين (عليه السلام) والشيطان في الصلاة فهي ليست للإغراء، وإنما هي
للامتحان ولصرفه (عليه السلام) عن صلاته، فلم ينصرف عنها، وليس في الرواية أن
الإمام رفسه برجله، بل فيها أن إبليس انقض (في صورة أفعى) على رؤوس أصابع قدمي
الإمام يكدمها بأنيابه وينفخ عليها من نار جوفه، فلم يكسر الإمام إليه طرفه
ولاحرّك قدميه ولا داخله وهم في صلاته، وعندها انقض شهاب محرق من السماء على
إبليس، فصرخ وعاد إلى صورته الأولى وقال: (يا علي أنت حقاً سيد العابدين كما
سميت).
س146: ماذا يقصد بالنورانية في هذا الحديث الشريف عن مولانا أمير المؤمنين (صلوات
الله عليه): (إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتى يعرفني بالنورانية، فإذا عرفني
بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان.. ومن قصّر عن معرفة ذلك فهو شاك
ومرتاب)؟
ج: المقصود من معرفتهم بذلك هو: ما دل عليه قول الله تعالى في آية التطهير:
«إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً» الأحزاب:33، وما
جاء في تفسيره من حديث الكساء الذي يقول: إن الله تعالى خلق نور الرسول الكريم
وأهل بيته المعصومين قبل أن يخلق الخلق، ثم ببركة نورهم خلق الكون الرحيب
والإنسان العجيب وسائر المخلوقات: «إني ما خلقت سماءً مبنية، ولا أرضاً مدحية
... إلا لأجلكم ومحبتكم» موسوعة: «من فقه الزهراء (ع)» ج1 ص51، ومن المعلوم أن
الذي لا يعرف الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين)
بهذه المعرفة، فإنه يشمله ـ لا سمح الله ـ تتمة الحديث المذكور في السؤال.
س147: ما معنى هذا الحديث أو المقولة: (لا يطاع الله من حيث يعصى)؟
ج: يعني أنّ الطاعة لا تحصل من خلال الحرام والمعصية، مثلاً: يسرق ويعطي
للفقير.
س148: ما هي أركان الإيمان؟
ج: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (الإيمان أربعة أركان: الرضا بقضاء الله،
والتوكل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والتسليم لأمر الله). الكافي: ج2،
ص56، ح5. وهذه الرواية الشريفة تهدي الإنسان إلى التسليم لأمر الله سبحانه
والرضا به وقبوله وتطبيقه، وقد أمر (عز وجل): أ- بالإيمان به وباليوم الآخر من
الحساب والجزاء والجنّة والنار.
ب- بالإيمان برسوله وبما جاء به من عند الله تعالى.
ج- بالإيمان بأهل بيت رسوله وأنهم أوصياؤه وخلفاؤه.
د- بالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا
يحتاج إلى مطالعة مجموعة كتب من مثل تفسير مجمع البيان ونهج البلاغة وأصول
الكافي وكامل الزيارات ونحوها، مضافاً إلى مراعاة ما يلي:
1- الاعتقاد بكل ذلك بالقلب. 2- والإقرار بهم باللسان. 3- والعمل بالأركان،
يعني: التطبيق العملي وإبداء المظهر الخارجي لما اعتقد الإنسان به قلباً وأقرّ
به لساناً، وهذا الحديث الشريف فيه تصريح بأن الإيمان هو عبارة عن ثلاثة أمور
مترابطة بحيث إذا فقد الإنسان أحدها فإنه والعياذ بالله يفقد الإيمان، لذلك
ينبغي للمؤمنين الالتزام بهذا الحديث الشريف المروي عن الإمام أمير المؤمنين
(عليه السلام) وتطبيقه في حياتهم حتى يكونوا مصداقاً للحديث الشريف إن شاء الله
تعالى.
س149: ما معنى كلام الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):
(أما بعد، فإنّ المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن
ليدركه، فما أتاك من الدنيا فلا تكثر به فرحاً، وما فاتك منها فلا تكثر عليه
جزعاً، واجعل همّك لما بعد الموت، والسلام)، وكان ابن عباس يقول في كلام الإمام
هذا: (ما اتّعظت بكلام قط اتّعاظي بكلام أمير المؤمنين)؟
ج: معنى كلامه (عليه السلام) هو حثّ الناس على الاشتغال بما إذا لم يشتغلوا به
فسوف لا يصلون إليه ولا يحصلون عليه، وهو ما يرتبط بالدار الآخرة من السعادة
الأبدية والجنّة، فإنه إذا لم يعمل الإنسان في دنياه لتحصيلها لم يصل إليها ولم
يحصل عليها، فمن جهة يحث (عليه السلام) الناس على ذلك، ومن جهة أخرى يحذّر
الإنسان من جعل جميع اهتمامه وكل اشتغاله بما هو يصل إليه ويحصل عليه بأقل سعي
وعمل، من مثل الرزق الذي تكفّله الله تعالى للإنسان، ومثل بعض المقدّرات التي
تصيب الإنسان، وهذا من بليغ العظات، وهو واضح.
س150: إذا كان الله في يوم القيامة قد جعل للصالحين الحور العين، فماذا يكون
للمؤمنات الصالحات؟
ج: يكون لهنّ أزواجهن المؤمنون، والمؤمنون _ كما يستفاد ذلك من الجمع بين
الأحاديث _ يجعلهم الله تعالى أجمل من الحور العين.
س151: ماذا يقصد الإمام الجواد (عليه السلام) بكلامه هذا: (الناس أشكال، وكل يعمل
على شاكلته)، ما المراد من الشاكلة هنا؟
ج: قال الله تعالى في الآية «84» من سورة الإسراء: «قل كل يعمل على شاكلته»
يعني: على طريقته وطبيعته، وعلى نيّته.
س152: لماذا لم يسترجع مولانا أمير المومنين علي (عليه السلام) فدكاً حينما تسلّم
السلطة والخلافة الظاهرية؟
ج: جاء في كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) في المجلّد الأوّل صفحة 92 أنّه
سُئل الإمام الرضا (عليه السلام) عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لمَ
لمْ يسترجع فدكاً لما ولي أمر النّاس)، قال (عليه السلام): (لأنّا أهل بيتٍ إذا
ولّانا الله عزّ وجل لا يأخذ لنا حقوقنا ممّن ظلمنا إلّا هو، ونحن أولياء
المؤمنين إنّما نحكم لهم، ونأخذ لهم حقوقهم ممّن يظلمهم، ولا نأخذ لأنفسنا).
وهذا يعني أنّ سنّتهم وطريقتهم (عليهم السلام) أنّهم حين يستلمون الحكم لا
يستردّون الحقوق المغصوبة منهم! ولعلّ ذلك لئلّا يُقال: إنّهم استخدموا السلطة
لتحصيل مكاسب شخصية، ومنافع خاصة، وإنّما يتركون الأمر لله، هو يأخذ لهم
بحقّهم!
إضافةً إلى أنّ هدفهم من المطالبة بفدك أساساً لم يكن الحصول على فدك، لينتفعوا
بها وبغلّتها! كيف وأيّام كانت في أيديهم كان يوزّعون غلّتها وريعها على
الفقراء، وكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (وما أصنعُ بفدك وغير فدك،
والنّفس مظانّها في غد جدث)! وإنّما كانت الغاية الأساسية لمطالبتهم هي كون فدك
وسيلة مهمّة يتقوَوْن بها على تحصيل الخلافة، وبالتالي الاستمرار في تسيير
الأمّة في طريق الهدى، الذي هو طريق الفوز والنّجاة في الدّنيا والآخرة،
تحقيقاً لقوله (صلى الله عليه وآله): (ما إن تـمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي،
وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض).
هذا وقد اقتدى أمير المؤمنين (عليه السلام) _ في تركه المطالبة بفدك عندما نال
الخلافة _ بالنبي (صلى الله عليه وآله)، حيث إنّه _صلوات الله عليه وآله_ لم
يسترجع بيته في مكة حين فتحها.
س153: أريد أن أكون من شيعة الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ومن
أنصاره، فما السبيل إلى ذلك؟
ج: السبيل إلى ذلك هو عبارة عن:
أ- أداء الواجبات بإخلاص وفي أوّل وقتها مع معرفة أحكامها، والأحكام موجودة في
مثل كتاب «المسائل الإسلامية».
ب- اجتناب المحرّمات بورع وخوف من الله تعالى، وبعض المحرّمات موجود في مثل
مقدمة كتاب «المسائل الإسلامية» أيضاً.
ج- مراعاة الأخلاق والآداب الإسلامية في كل شيء ومع كل أحد، وخاصّة مع الزوجة
والأهل والأقربين، وحول هذا الجانب يمكن مراجعة كتاب «مكارم الأخلاق» للشيخ
الطبرسي.
س154: يوجد في بعض الاستفتاءات جملة (يعتمد على العُرف)، فهل المراد هو عُرف
المجتمع أم عُرف آخر؟
ج: المراد هو عُرف المجتمع إلاّ إذا كان من الأمور ذات التّخصّص، فيكون المراد
العُرف الخاص.
س155: هل يوجد تغيير
في الأقدار، وكيف يحدث ذلك؟ أي هل بعض الأعمال تغيّر الأقدار؟
أعرف أنّ النّبي يوسف (ع) كان من المفترض أن يبقى سنة واحدة، لكن لأنه طلب من
صاحبه في السجن أن يذكره عند ربه، بقي سبع سنين، أرجو توضيح هذا الأمر؟
ج: مقدّرات الإنسان كلّها بيد الله تعالى، وهي
خير، إلاّ أن يغيّرها الإنسان بتصرّفاته وأقواله إلى الشّر _ لا سمح الله _،
علماً بأنّ القضاء والقدر _ كما يستفاد من الرّوايات _ على قسمين: حتم وغير
حتم، والحتم: هو الذي لا يقبل التغيير ولا ينفع كل ما يعمله الإنسان لدفعه
وتغييره، وغير الحتم: وهو الذي يقبل التغيير، مثل ما جاء في قصة النبي يوسف (ع)
من لبثه في السجن بضع سنين على أثر قوله للّذي ظنّ أنّه ناج منهما: اذكرني عند
ربك. وفي التفسير عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: «لم يفزع يوسف في حاله إلى
الله فيدعوه، فلذلك قال الله تعالى فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع
سنين، قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف... فمن ألهمك تأويل
الرّؤيا؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي وتسألني أن
أخرجك من السّجن، واستعنت وأمّلت عبداً من عبادي، ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في
قبضتي، ولم تفزع إليّ؟ البث في السّجن ...»، تفسير الصافي ج3 ص22.
علماً بأنّ الذي يقبل التغيير من القضاء يمكن تغييره إلى الأسوء من خلال
الأعمال السّيّئة وإلى الأحسن من خلال الأعمال الصّالحة، فالذي يصل رحمه مثلاً
يزيد الله في رزقه وفي عمره، ومن يقطع الرّحم يقلِّل له في الرّزق ويبتر من
عمره.
س156: ما هو رأيكم بتشبيه بعض الشّخصيات بأسماء وألقاب أهل البيت (عليهم السلام) كـ "زينب العصر وحسين العصر" أو بأسماء أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) كأن يقال
أنّ فلاناً (أبو ذر زمانه) أو غير ذلك من التّسميات والألقاب؟
ج: ينبغي للمؤمنين اجتناب مثل ذلك، وخاصّة بالنسبة للتّشبيه بالمعصومين (عليهم
السلام) وذويهم المقربين إليهم فإنّه ممّا لا يجوز شرعاً وعقلاً، كيف وقد قال
الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة في الخطبة رقم «2»: «لا
يقاس بآل محمد (عليهم السلام) من هذه الأمّة أحد»، ثم يذكر الإمام (عليه
السلام) السبب ويقول: «ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين،
وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التّالي، ولهم خصائص حق الولاية،
وفيهم الوصيّة والوراثة».
س157: كيف يتم التعامل مع الصّحابي خالد بن سعيد بن العاص، وخاصة أنّه نحن نشير
بالّلعن الشامل وعلى الدوام لبني أمية؟
ج: هناك قاعدة أصولية تقول: ما من عام إلّا وقد خصّ، والصحابي المذكور
بـموالاته للرسول الكريم ولأهل بيت رسوله المعصومين (عليهم السلام) قام بتخصيص
هذا العام واستثنى نفسه من عموم الّلعن الذي كتبه الله تعالى في كتابه العزيز
قائلاً: «والشجرة الملعونة في القرآن» الإسراء:60، وفي التفسير: هم بنو أمية _
الصافي ج3 ص199 _ 202 _، وهناك في الحديث الشّريف ما مضمونه شكاية أحد شعراء
أهل البيت (عليهم السلام) _ وهو من بني أمية _ إلى الإمام الصادق (عليه السلام)
وسؤاله عن شمول الّلعن له وعدم شموله، وإجابة الإمام (عليه السلام) بأنّك
بموالاتك لنا أصبحت منّا أهل البيت، مما يعني: خروجه بالموالاة من بني أمية
موضوعاً، ودخوله في غيرهم ممّن لا لعن لهم، بل لهم الرّحمة من الله والمغفرة
والرّضوان.
س158: ما هو دورنا كشباب جامعي في التّمهيد لظهور الإمام الحجّة المنتظر روحي
وأرواح العالمين له الفداء وعجّل الله تعالى فرجه الشريف؟
ج: بعد النظر إلى واقع المجتمعات الشيعية _عموماً_ وبحسب أولويات احتياجاتها
وطبيعة أزماتها _حالياً_، فإن دور الشباب الجامعيين وسائر المؤمنين والمؤمنات
هو ما أشار إليه سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) بقوله: (ونحن في زمن
الغَيْبة، فإنّ المسؤولية هي تعلّم الإسلام والعمل به وتعليمه، وتقع على عاتق
كل فرد، سواء أكان رجلاً أو امرأة، وعلى كل فرد منا أن ينظر ما هي وظيفته تجاه
نفسه وتجاه الآخرين، وما هي الواجبات المترتبة عليه ليؤديها، وما هي المحرمات
التي يجب عليه الانتهاء عنها ليتجنبها).
وقال(دام ظله): (ونحن في عصر الغيبة، إن أردنا أن نكسب رضا وليّ العصر وصاحب
الزمان(عج)، فإنّ هذا الأمر يرتبط ارتباطاً وثيقاً وأكيداً بمدى معرفتنا
للوظيفة والواجب الملقى علينا والعمل بهما. على كلّ حال، إنّ وظيفتنا هي التي
يرضى بها الإمام عنّا إن نحن عملنا بها، وإذا أردنا أن نعرف نسبة رضاه عنّا،
وكم هي في المائة مثلاً، فلنفكّر مع أنفسنا في مدى معرفتنا للوظيفة وعملنا بها،
تجاه أنفسنا والآخرين، أقرباء وأرحاماً وسواهم، هذه أهم مسألة وواجب علينا ودور
لنا في عصر الغيبة، وإنّ الدرجات التي تُمنح في الآخرة ستكون على هذا الأساس
أيضاً).
س159: هل صحيح ما سمعته من أحد الخطباء أنّ كل من قُتل لابد أن يرجع إلى الدنيا
ويـموت فيها، لأنّ القرآن الكريم يقول: (كل نفس ذائقة الموت)، والمقتول لم يذق
الموت، وحتّى الأئمة (عليهم السلام) سيرجعون لأنّهم قتلوا؟ وكيف يرجع الإمام
الحجّة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) مع أنه يُقتل في دولته؟
ج: جاء في الحديث الشريف ما يفيد المعنى المذكور في السّؤال، فقد نقل العلّامة المجلسي في موسوعته الثّقافية الفريدة: «بحار الأنوار: ج53 ص65 و66» عن بصائر
الدرجات حديثاً شريفاً عن زرارة يسأل فيه الإمام الباقر (عليه السلام) عن هذا
الأمر: «قال: فقلت: إنّ الله عز وجل يقول: «كل نفس ذائقة الموت» الأنبياء:35،
أفرأيت من قُتل لم يذق الموت؟ فقال (عليه السلام): ليس من قُتل بالسيف كمن مات
على فراشه، إنّ من قُتل لابد أن يرجع إلى الدّنيا حتى يذوق الموت»، وهذا بظاهره
يدل على أنّ من قُتل يرجع ليذوق الموت، وليس العكس بأنّ من مات يرجع ليُقتل،
وهو واضح، وحيث إنّ الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) قد
استشهدوا، وحتّى الإمام المهدي (عليه السلام) ينال الشّهادة، فإنّهم سيرجعون،
مضافاً إلى حديث الرّجعة الذي ورد فيه رجوع من محّض الإيمان محضاً ومن محّض
الكفر محضاً.