الفهرس

المؤلفات

 السياسة والدولة

الصفحة الرئيسية

 

ملحقات

 

نص جواب
آية الله العظمى الإمام السيد محمد الشيرازي دام ظله
على سؤال جماعة من المؤمنين عن آرائه حول الصورة المستقبلية للعراق


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على الأخوة المؤمنين ورحمة الله وبركاته

لقد سألتم عن العراق والصورة التي ينبغي أن يكون عليها في المستقبل بعد سقوط النظام الحالي بإذن الله تعالى وسنشير ههنا إلى بعض البنود حسب ما يستفاد من الموازين الإسلامية المطابقة للموازين الإنسانية الفطرية، قال تعالى: فطرت الله التي فطر الناس عليها
الأول : يجب أن تكون الأكثرية هي الحاكمة كما يجب إعطاء الأقلية حقوقها، فإن الأكثرية كان لها الدور الأكبر في إنقاذ العراق مرارا عديدة في هذا القرن: مرة في ثورة العشرين ومرة أخرى في الحرب العالمية الثانية حيث أفتى العلماء بوجوب إخراج المستعمرين من قاعدة الحبانية فتحرك الشعب العراقي بأسره حتى أخرجهم، ومرة ثالثة: ابان المد الأحمر وقد سجلت الكتب التاريخية تلك الحوادث بتفاصيلها
وقد قال الله سبحانه وتعالى: وأمرهم شورى بينهم
وقال جل وعلا: وشاورهم في الأمر
وورد في الحديث الشريف: لئلا يتوى حق امرئ مسلم
الثاني: من الضروري استناد الدولة إلى المؤسسات الدستورية حيث يلزم منح الحرية لمختلف التجمعات والتكتلات والفئات والأحزاب غير المعادية للإسلام في إطار مصالح الأمة، كما يلزم أن تكون الانتخابات حرة بمعنى الكلمة وان توفر الحرية للنقابات والجمعيات ونحوها كما يلزم أن تعطى الحرية للصحف وغيرها من وسائل الإعلام ويلزم أن تمنح الحرية لمختلف أصناف المجتمع من المثقفين والعمال والفلاحين و… كما تعطى المرأة كرامتها وحريتها كل ذلك في إطار الحدود الإسلامية الإنسانية قال تعالى: لا إكراه في الدين
وقال تعالى : يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم
وقال الإمام أمير المؤمنين : لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا
الثالث: اللاعنف هو المنهج العام في الداخل والخارج، كما قال تعالى: ادخلوا في السلم
كافة فإنه هو الأصل ونقيضه استثناء
الرابع: يجب أن تراعى حقوق الإنسان بكل دقة حسب ما قرره الدين الإسلامي الذي يتفوق على قانون حقوق الإنسان المتداول في جملة من بلاد العالم اليوم فلا إعدام مطلقا إلا إذا حكم ـ في كلية أو جزئية ـ مجلس شورى الفقهاء المراجع إذ في صورة الاختلاف بينهم يكون من الشبهة والحدود تدرأ بالشبهات كما ينبغي تقليص عدد السجناء إلى أدنى حد حتى من الحد المقرر في العالم اليوم كما لا تعذيب مطلقا وكذلك لا مصادرة للأموال مطلقا
الخامس: وبالنسبة إلى ما سبق يتمسك بـ : عفى الله عما سلف كما عفى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عن أهل مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء وعن غير أهل مكة، وكما صنع ذلك الإمام أمير المؤمنين ويؤيده ما ورد عن الإمام الرضا : ان حديث الجب أولى بالجريان بالنسبة إلى المسلمين من جريانه في حق غيرهم
السادس: للأكراد والتركمان وأمثالهم كامل الحق في المشاركة في الحكومة القادمة وفي كافة مجالات الدولة والامة فقد قال الله سبحانه : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وا نثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : لا فضل لعربي على العجمي ولا لأحمر على الأسود إلا بالتقوى
السابع: ينبغي أن تتخذ الدولة القادمة سياسة المعاهدة أو المصادقة مع سائر الدول في اطار مصلحة الأمة كما قام بذلك الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مع مختلف الفئات غير الإسلامية حتى المشركين، ويستثنى من ذلك عدة صور منها: صورة احتلال الكفار والمشركين لبلاد المسلمين كما حدث في فلسطين وأفغانستان حيث يجب على جميع المسلمين عندئذ الدفاع إذ المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى
الثامن: المرجع الأخير في دستور الدولة الإسلامية القادمة في العراق وفي رسم السياسة العامة والخطوط العريضة هو شورى الفقهاء المراجع حسب ما قرره الإسلام، قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : المتقون سادة والفقهاء قادة ومن الواضح ان الفقهاء المراجع يتعاونون مع الحوزات العلمية ومع المثقفين والأخصائيين في كافة الحقول الاختصاصية فإن ذلك هو مقتضى المشورة والشورى كما قال تعالى: وشاورهم في الأمر وأمرهم شورى بينهم
التاسع: يجب على كافة المسلمين السعي لكي تتوحد بلاد الإسلام وتنصهر في دولة واحدة إسلامية ذلك ان المسلمين امة واحدة كما قال تعالى: وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وقد أسس الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أساس الدولة العالمية الواحدة حيث توحدت في حياته صلى الله عليه وآله وسلم تسع دول تحت راية الإسلام ـ على ما ذكره المؤرخون ـ وفي هذا القرن كانت الهند مثالا لذلك كما ان اوربا تحاول التوصل إلى ذلك
ومن الواضح ان تفكك الدول الإسلامية ووجود الحدود الجغرافية بينها من الأسباب الرئيسية في تخلف المسلمين من جهة وفي تناحرهم وتحاربهم من جهة أخرى وفي تفوق المستعمرين عليهم واستعمارهم من جهة ثالثة
العاشر: يلزم حث المجاميع الدولية كي تقوم بالضغوط الشديدة على كل حكومة تريد ظلم شعبها، ذلك ان الإنسان من حيث هو إنسان لا يرى فرقا بين ظلم أهل الدار بعضهم لبعض وبين ظلم الجيران بعضهم لبعض وهذا هو ما يحكم به العقل أيضا ولا يجوز في حكم العقل والشرع أن ندع أمثال موسيليني وهتلر وستالين يفعلون ما يشاؤون بشعوبهم تشريدا ومطاردة ومصادرة للأموال وقتلا للأنفس بحجة انها شؤون داخلية فإذا اشتكى أبناء بلد عند سائر الأمم كان عليهم أن يرسلوا المحامين والقضاة فإذا رأوا صحة الشكوى أنقذوا المظلوم من براثن الظالم
اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة

محمد الشيرازي