تساوي الرجل والمرأة في الدولة الإسلامية

مسألة ـ 12ـ لكل من الرجل والمرأة في الدولة الإسلامية مكانه الطبيعي، وذلك نابع عن ملاحظة الإسلام لأمرين:

الأول: إنها إنسان كالرجل، فلها حقوق وواجبات كما أنّ له حقوقاً وواجبات.

الثاني: إنّها جعلت عاطفية أكثر من كونها عقلائية، لاستلزام الحمل والرضاع وما أشبه من إدارة الزوج جنساً وغير ذلك، لأن يكون جانب العاطفة فيها أكثر كما أنه جُعل عقلانياً أكثر، من كونه عاطفياً، لاستلزام إدارة البيت والقيام بالأعمال الخشنة كالحروب وما أشبه لذلك، وبهذه المناسبة المزدوجة تارة يحكم الإسلام بتساويهما في غالب الأحكام كالعقائد والعبادات والمعاملات وغيرها، فكما يجب عليه الصلاة والصوم، والخمس، والزكاة، والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحق له البيع، والشراء، والإجازة، والرهن والمضاربة، والمساقاة، وغير ذلك، كذلك يجب عليها كل ذلك، ويحق لها كل ذلك.

نعم، الصلاة والصيام ساقطان عنها حال العادة الشهرية، للزوم إخلائها إلى الراحة، كما أنّ الإسلام تارة أخرى يحكم باختلافها في الشهادة، والميراث والنكاح، والطلاق، والإمارة، ونحوها، فشهادتها غالباً نصف شهادة الرجل، لأنّها عاطفية كما ذكرنا، والشهادة تحتاج إلى العقلانية، والميراث يأخذ الرجل ضعفها، لأنها كلٌّ على الرجل غالباً، بنتاً وزوجةً وأماً، فهي تستهلك قسماً كبيراً من إرث الرجل أيضاً، ربما يتعدى الربع عن إرثه وربما يساوي وربما يقل، لا يقال: لكن ربما تفضل المرأة على الرجل فلا ينفق عليها، لأنه يقال الفصل غير مناسب للموازين، حيث إنّ معنى ذلك إيقاعها في العنت والإرهاق بسبب العلم وحرمانها من الجو العاطفي والأسري، ولذا كان تشريع الإسلام حكيماً حيث قرر الأمرين بقاء الجو الأسري، وعدم إيقاعها في العنت من ناحية، وتقرير وجوب نفقتها وجعل إرثها النصف غالباً من ناحية ثانية، والنكاح يحق للرجل اتخاذ أربع نساء مع العدالة المفروضة عليه، وإمكانية إرادتهن جنسياً ورضاها الكامل بذلك، بينما لا يحق للمرأة، أن تأخذ أكثر من رجل، وذلك لأنّه إذا تمكن الرجل من القيام بشؤونها، ورضيا بالزواج ـ في الأكثر من الواحدة ـ فلماذا يمنعان عن ذلك؟ خصوصاً والمرأة غالباً ذات فائض للحروب، ولأنها ترمل كثيراً ولا يرغب من يريد امرأة واحدة فقط بالزواج منها، ثم أ ليست هذه المرأة الثانية والثالثة والرابعة خلية، وأ ليس معنى ذلك أنّ الرجل إذا لم يتزوجها تبقى على الأكثر بدون زواج، فأيهما خير أن تكون ثانية ونحوها، أو تبقى تعاني الألم النفسي والانفراط العائلي والأسري؟

أما المرأة؛ فإنها لا يحق لها أن تتزوج بزوجين في حالة واحدة، لأنّ ذلك يفسد الأنساب وما يتبع ذلك من أنواع المفاسد، ولذا لم يكن هذا الشيء، جاز لها أن تتزوج في اليوم بزيد، ثم تطلق بدون ملامسة، وتتزوج بعد ذلك مباشرة بزوج ثان، وكذا في باب المتعة، وهكذا في باب اليائسة، وإن كان مع الملامسة، والطلاق جعل ابتداءً بيد الرجل، لأنّه كما تقدم عقلاني، فهو أبعد من هدم العائلة سريعاً، لكن للمرأة أنْ تشترط عند النكاح أنّها وكيلة عن الزوج في طلاق نفسها، أو أنّ أباها وما أشبه وكيل عنه إذا شاءا طلقا عند إساءة السلوك، أو عدم الإنفاق أو ما أشبه، كما أنّ للمرأة الحق في مراجعة الحاكم وجبر الرجل على الطلاق إذا لم يكن إمساك بمعروف، كما قال الله: ((فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ))[1] والإمارة العامة لا تحق للمرأة من جهة ما تقدم من كونها عاطفية، بينما الإمارة بحاجة إلى عقلانية كبيرة.

أمّا سائر الأعمال كأن تكون مدرسة، وطبيبة، وسائقة، ورئيسة قسم، وعاملة، ومديرة معمل، وغير ذلك، مع احتفاظها على شؤونها، فكلها جائزة والحجاب ليس معناه إلاّ حفظ شعرها وجسدها عن الأنظار، لئلا يسبب ذلك الطمع والانزلاق والانهيار للأسرة، كما هو المشاهد في البلاد التي حللت كل ذلك، حيث انتشر الفساد والفوضى، فللمرأة في الإسلام حرية مسؤولة لا حرية فوضوية، ويكفي في الحجاب لباس الحشمة ولا يلزم العباءة السوداء، وهناك في العقوبات يختلف الرجل والمرأة في بعض الأمور انسياقاً وراء الحكمة التي ذكرناها سابقاً، وغيرها من الحكم المعقولة.

قال سبحانه: ((لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ))[2].

وقال سبحانه: ((مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً))[3] إلى سائر الآيات.


[1] ـ سورة البقرة: الآية 229.

[2] ـ سورة البقرة: الآية 228.

[3] ـ سورة النحل: الآية 97.