المؤلفات |
(ولا طالب حاجة إلاّ وقضى الله حاجته) (116) |
طلب الحاجة وأنه مقتضٍ |
مسألة: يستحب طلب الحاجة من الله سبحانه والإلتجاء إليه في كشف الهم والغم بالتوسل بأهل البيت (عليهم السلام) الذين هم الوسائط إلى الله تعالى والوسائل إليه ((وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ))[1] ولذلك كان (وقضى الله حاجته) نتيجة طبيعية لقراءة هذا الحديث الشريف الذي يدور حول منزلة أهل البيت (عليهم السلام) ومكانتهم عند الله سبحانه وتعالى. وقد ذكرنا في بعض مباحث هذا الكتاب أن أمثال هذه القضايا منر القضايا الطبيعية التي لا يلزم أن تكون كلية، بل إن حالها حال كثير من الأمور الأخرى كقولهم: إن العقار الفلاني دواء للمرض كذا أو إن فلاناً مهندس للبناء أو خبير اقتصادي او اخصائي في الزراعة أو ما أشبه ذلك حيث لا يلزم الكلية. وكثيراً ما يستعمل الدواء ولا يرفع الداء، وكثيراً ما يقدم المهندس خريطة للبناء، أو الخبير الإقتصادي مخططاً للبلاد، ولا يكون مصيباً، وهكذا، فإن الله سبحانه وتعالى جعل للأمور الدنيوية شرائط وعلل معدة، وموانع وخصوصيات، إذا حققها الإنسان جميعها تحققت النتيجة، وإلاّ فلا، والدعاء ونحوه من هذا القبيل، فهو مقتضٍ للإجابة لا علّة تامة. فلا يقال: كيف يُدعى عند رأس الحسين (عليه السلام) ولا يستجاب، مع أنه ورد: استجابة الدعاء تحت قبته[2]، أو تستعمل تربته الشريفة ولا يتحقق لشفاء، مع أنه ورد (الشفاء في تربته)[3]، إلى غير ذلك من الأسباب الواقعية والأسباب الظاهرية. وغير خفي أن السعادة الدنيوية ـ بل الأخروية ـ قوامها: تفريج الهم، وكشف الغم، وقضاء الحاجة، وقد تكفّلها الله تعالى جميعاً ببركة حديث الكساء. |
استحباب قضاء الحاجة |
مسألة: يستحب قضاء حاجة المحتاج، فإذا قال: اسقني الماء، وهو على المائدة، كان سقيه قضاءاً للحاجة، وإن لم يسم تفريج الهم ولا كشف الغم[4]. وقضاء الحاجة أعم من الأمرين السابقين (كشف الهم والغم). ولا فرق في ذلك بين الحاجات الدنيوية والأخروية. ولا يبعد أن يكون قضاء حاجة غير المسلم ـ كإدخال السرور على قلبه[5] ـ أيضاً مندوباً وإن كان في المسلم أولى، ويؤيده الإطلاقات، أما التقييد بالمؤمن ونحوه في بعض الروايات، فلا يقيدها لأنهما مثبتان على الاصطلاح الأصولي[6]. كما يؤيده قضاء النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) حاجات غير المؤمنين، كما ورد في تفسير سورة المنافقين، من أن الرسول (صلى الله عليه وآله) أعطى بعض ملابسه لعبد الله بن أُبي لما طلب منه ذلك. وفي موارد أخرى دلالة على ذلك ولو بتنقيح المناط. |
[1] المائدة: 35. [2] بحار الأنوار: 36/286 ب41 ح107. [3] نفس المصدر. [4] النسبة بينهما عموم من وجه. [5] قد سبق بعض البحث عن ادخال السرور تحت عنوان (بشارة الغير وادخال السرور). [6] المطلق والمقيد إذا كانا متخالفين بالسلب والايجاب قيّد أحدهما الآخر كما في (أكرم العالم) و(لا تكرم العالم الفاسق)، أما إذا كانا متوافقين في السلب والإيجاب فلا، بل يكون المقيّد أشد في المطلوبية كما لو قال: (أكرم العالم) و(أكرم العالم الفقيه) و(أقم الصلاة) و(أقم صلاة الظهر)، راجع (الأصول) للإمام المؤلف.
|