المؤلفات |
(ولا مغموم إلاّ وكشف الله غمه) (115) |
كشف الغمة وأقسامها |
مسألة: يستحب كشف غم المغموم، وقد ذكرنا الفرق بينه وبين الهم وأنه يسمى (غماً) لأنه كالشيء الذي يغطي شيئاً آخر، ومنه (الغمام) للسحاب، و (الأغم) لمن غطى شعر رأسه جبهته، إلى غير ذلك، و (الغم) يغطي قلب الإنسان بغطاء من الحزن. ثم لا يخفى إن (الغم) قد يكون سببه الإنسان نفسه، وقد يكون سببه الأمور التكوينية الطبيعية، التي لا بد وأن تعتري الإنسان مهما كان، ولكشف كليهما أجر وأهمية، إلاّ أن الثاني أهم، وأما لو كان الإنسان بنفسه سبباً وكان حله بيده، فلا يكن لكشف كربه تلك المنزلة. فإن الدنيا (دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة)[1] كما قالله علي (عليه السلام) والأقسام أربعة: إذ الإنسان بطبيعته يمرض ويهرم ويفتقر، أو يكون جاره جار سوء، أو تكون له امرأة أو لها زوج غير صالحين، إلى غير ذلك، وهذه طبيعيات. كما قد يكون هو بنفسه سبب وقوعه في المشكلة. وفي هاتين الصورتين قد لا يكون قادراً بنفسه على حل المعضلة فيتأكد حينئذ استحباب مساعدته، وقد يكون قادراً على حلها بأن كان الحل بيده من أي الصورتين كان، كما إذا تمرض بسبب موجة برد فجائية أو بحادث اصطدام، وكان بإمكانه علاج نفسه، وكذلك لو عرض نفسه اختياراً للإستبراد أو الوباء، بمعرفة واختيار حتى تمرض وكان العلاج بيده، فإنه وإن استحب مساعدته إلاّ ان الإستحباب أضعف مما لو لم يكن قادراً، وهذا التقسيم ـ بلحاظ الشدة والضعف في الإستحباب ـ يفهم عرفاً من نفس النصوص بالإظافة إلى بعض الملاكات: مثل (إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلاّ الله)[2] فالأمر أشد في هذه الصورة للإضطرار وعدم قدرته على الدفع عن نفسه. ومثل ما ورد من أن جماعة لا يستجاب لهم دعاء لأن علاج مشكلتهم بأيديهم، إلى غير ذلك، وكيف كان فإن كشف الغم وإن كان مطلقاً مستحباً إلاّ إن بعضه آكد من بعض. |
سوق الناس إلى الله |
مسألة: ينبغي سوق الناس إلى الله تعالى، وبيان أن الله سبحانه هو الذي يفرج الهم (وفرّج الله همه) ويكشف الغم (وكشف الله غمه). فإن أزمة الأمور طراً بيده تعالى ((وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى))[3] ((وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ *وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ))[4] ((وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ))[5]. |
[1] نهج البلاغة: الخطبة 226. [2] بحار الأنوار: 75/38 ب 79 ح 1. [3] الأنفال: 17. [4] الشعراء: 79 ـ 82. [5] الأنعام: 18. |