نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(وفيهم مهموم إلاّ وفرج الله همه) (114)

تجمع المهمومين لأجل الدعاء

مسألة: يستحب تجمع المهمومين والمغمومين وأصحاب الحوائج لأجل الدعاء. وإطلاق (يد الله مع الجماعة)[1] يشمله، ولا وجه للإنصراف.

وهو أقرب لا نكسار القلب وأدعى للإجابة، ولذلك لما دعى أصحاب يونس (عليهم السلام) وتضرعوا وهم مجتمعين استجاب الله تعالى دعاءهم.

والفرق بين الهم والغم:

إن (الهم) ما يهم ويهتم الإنسان بفعله، مما هو لصالحه أو لصالح غيره، وربما يعمم، كزواج ولده وتأسيس معمل ومكسب له أو لنفسه، وطلب العلم وشبه ذلك، ومنه ما يهم بفعله للوصول إلى مقصده.

و (الغم) ما يغمه، كأنه غطاء على قلبه، ويطلق على ما ابتلي به الإنسان من المشاكل، وذلك كغم المريض وكغم الفقير وكغم المسجون وما أشبه ذلك.

ولقد كان من المتداول سابقاً، وكنا نرى كثيراً، مجالس عامة تعقد للدعاء عند حلول بلية نازلة سماوية أو أرضية، بحيث كان يظهر على البلاد ذلك كطابع عام، وكان ذلك من أسباب انكشاف الهموم والغموم، ولعل من أسباب زيادتها الآن، قلة مجالس الدعاء والتضرع العامة.

التفريج عن المهموم

مسألة: يستحب التفريج عن المهموم، وهو الذي يهم بأمر ولا يتمكن عليه، أو هو بحاجة إلى من يعينه، فيكون الإنسان عونه في أن يفرج همه، وهذا من المستحبات الأكيدة، ويدل عليه بالإضافة إلى هذا الحديث، أحاديث متعددة[2].

فإن الله سبحانه خلق الإنسان وجعل له حاجات واهتمامات روحية وجسمية فردية واجتماعية، ولا يستطيع أن ينال كثيراً منها بمفرده، فجاء الأمر الإلهي بمساعدة الإنسان في الوصول إليها، فمن ساعد كان له أجران: أجر أخروي وأجر مساعدة الناس له في التفريج عن همومه أيضا، كأثر وضعي لعمله، (فمن كف يده عن الناس، فإنما يكف عنهم يداً واحدة، ويكفون عنه أيادي كثيرة)[3] كما في كلام علي (عليه السلام).

والحياة بالتعاون تتقدم إلى الأمام في مختلف أبعادها[4] ولذا قال سبحانه: ((تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوانِ))[5] والمراد أن يعين بعضهم بعضاً.

والفرق بين: (أعان) و (عاون) و (تعاون): إن الأول من جانب واحد، والثاني من الجانبين مع تقدم أحدهما على الآخر، والثالث من الجانبين بشكل متزامن دقة أو عرفاً.

ولا يخفى إن كل الأقسام الثلاثة من المستحب، وإن كان الثالث أفضل.

والبر: عمل الإنسان بالنسبة إلى الغير.

والتقوى: عمله بالنسبة إلى نفسه.

وربما يستفاد من الحديث أن غير الإنسان ـ كالجن ـ أيضاً قد يبتلى بالهم والغم والحاجة، لأنه (صلى الله عليه وآله) قال: (وفيهم) ومرجع الضمير إلى من هو من أهل الأرض، وقد علمت شمول أهل الأرض لغير الإنسان.

[1] نهج الفصاحة: ص 646 ح 3211، وفيه: (على الجماعة).

[2] راجع (الفقه: الآداب والسنن).

[3] راجع بحار الأنوار: 75/53 ب 42 ح 9.

[4] راجع (الفقه: الإجتماع) و(الفقه: السياسة).

[5] المائدة: 2.