نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا) (103)

استحباب التجمع، والمراد بالمحب

مسألة: يستحب تجمع الشيعة والمحبين لأهل البيت (عليهم السلام).

قد يكون المراد ـ كما يظهر من بعض الروايات ـ من المحبين: الأعم من الشيعة وغيرهم ممن كانوا محبين لهم (عليهم الصلاة والسلام) ولم يكونوا من شيعتهم، فيكون من باب عطف العام على الخاص.

وقد يكون المراد منهم غير الشيعة، لأن التأكيد خلاف الأصل فهو تأسيس، كما أن الأصل في القيود كذلك.

وربما يكون الشيعي والمحب متساوقين[1] فليس غير الشيعي بمحب حقيقة، ولا إشكال في أن المحب الذي ليس بشيعي، إذا لم يكن معانداً، يكون له بعض الأجر كما تدل على ذلك جملة من الروايات.

نعم من ليس بمحب لا يكون شيعياً، إذ الشيعي ـ على وجه ـ عبارة عمن يطابق لسانه وجوارحه قلبه بالنسبة لهم (عليهم الصلاة والسلام)[2] ولو في الجملة.

والظاهر أن الشيعي يشمل الفاسق أيضاً، وإن كان العادل هو الشيعي الكامل، لأن ما ذكرناه هو مقتضى الإطلاق.

وما في بعض الروايات من أن الشيعي، هو الكامل يراد به الشيعي بالمعنى الأخص، فمثلهما مثل المؤمن والمسلم، حيث إن المؤمن والمسلم يطلق تارة على من في القمة منهما، وتارة على الأعم، والأعم هو المتبادر من إطلاقهما لا من في القمة فقط.

وقد يفرق بين المعنى اللغوي للشيعي[3] وبين المعنى الإصطلاحي[4] وعلى الأول فقد يقال بالشمول للاتباع في الجملة، فلا يشمل الفاسق بقول مطلق.

أقسام التجمع وأنواعه

وقد تقدم إن تلك الآثار، وهذا الأجر، إذا كان في الجمع يكون ـ بدرجة أو بأخرى ـ في الفرد والإثنين أيضاً، إذ لا تفهم الخصوصية هنا إلاّ في مراتب الثواب، وإن كان ظاهر الجمع الخصوصية فيما إذا لم تكن قرينة، والقرينة الملاك وغيره.

واللفظ يشمل النساء والأطفال ولو بالقرينة والغاء الخصوصية.

نعم الظاهر أن تكون تلاوة حديث الكساء، بما يسمع لا بما لا يسمع، إلاّ إذا كان الحاضرون صماً، أو كانت هناك ضوضاء تمنع من السماع، والتفريق إنما هو بلحاظ المقتضي وعدمه وبلحاظ منصرف (الذكر)، والإطلاق ـ على تقدير ـ يشمل ما لو كان بعضهم شيعة وبعضهم محبين، بأن يكون الجمع متشكلاً منهما.

... وعبر الأجهزة الحديثة

وهل يشمل ذلك مثل إذا ما كان الجمع في أماكن متعددة، يتصل بعضهم ببعض بواسطة بعض الأجهزة الحديثة كالهاتف ونحوه؟[5].

الظاهر ذلك، وقد ذكرنا نظيره في باب الطلاق وباب البيع ونحوهما[6] فإذا كان هناك شاهدان، كل منهما في غرفة منفصلة، وكان الذي يتولى إيقاع الطلاق في غرفة ثالثة، وتم اتصال بعضهم ببعض بواسطة الهاتف ونحوه، وطلق بحيث استمع الشاهدان، كان كافياً في تحقيق الطلاق.

وهكذا يكون الأمر فيما إذا كانوا في غرف متعددة، أو أماكن متعددة، يسمع كلهم الحديث بواسطة مكبرات الصوت ونحوها.

أنواع الذكر والتلاوة

مسألة: يستحب جمعُ جمعٍ من الشيعة لإقامة ذكر حديث الكساء، كما يجتمعون لزيارة عاشوراء ودعاء كميل و...

فإن هذا هو المفهوم من الكلام، لأنه يفهم من المسبب السبب عرفاً.

فإن ذكر الفضل والخير، دليل على محبوبية تلاوة هذا الحديث عند الله سبحانه، وجمع جمعٍ مقدمة له.

والظاهر أن الذكر كاف وإن لم يفهموا معناه، كما إذا لم يعرفوا اللغة العربية والإنصراف ـ لو كان ـ فبدوي، نعم لا إشكال في اختلاف درجات الثواب.

وهل يشمل ذلك إذا ما قُريء حديث الكساء بلغة أُخرى؟

لا يبعد ذلك، لشمول قوله (عليه الصلاة والسلام): (ما ذكر خبرنا هذا) بالنسبة إلى التفسير والترجمة بلغة أخرى، إذ أنه هو هو لبّاً وجوهراًَ، نعم استثني من ذلك الصلاة وصيغة الإحرام وقراءة القرآن والدعاء المأثور، بمعنى إنه لا يكون تفسير وترجمة دعاء كميل كميلاً، وإن كان موجباً للثواب، فتأمل.[7]

وهكذا الكلام في الأذكار، مثلاً: (سبحان الله) و (لا الله إلاّ الله) و (الحمد لله) إذا ذُكرت بلغة أُخرى، فلا دليل على حصول الأثر الذي رتب عليها في الروايات.

فمثلاً: ورد أن من قال: (لا الله إلاّ الله) كان له كذا من الثواب[8]، فأنه إذا ذكر هذا الذكر بلغة أخرى، لم يكن له خصوص هذا الأثر، وإن كان له أثر في الجملة، لأنه ذكر لله سبحانه وتعالى، فيشمله قوله سبحانه: ((اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً))[9]. وقوله تعالى: ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ))[10]. وما أشبه.

[1] التساوق غير الترادف، إذ المتساوقان هما المتطابقان في المصداق وإن اختلفت المفهوم، والمترادفان المتطابقان في المفهوم.

[2] في الاعتقاد بإمامتهم (عليهم السلام)، إضافة إلى محبتهم (عليهم السلام)، أما الإتباع العملي فهو سبب لإطلاق الشيعي بالمعنى الأخص عليه.

[3] شايع أي تابع لغة، فالشيعي هو المتبع.

[4] المعتقد بالإمامة.

[5] هناك مؤتمرات تعقد حالياً بالصوت والصورة بين العلماء في أماكن متباعدة عبر أجهزة بث واستقبال موجودة في منطقة وغرفة كل منهم، فيرى كل منهم الآخر ويستمع إليه، وهناك أجهزة أخرى مثل الـ: فيديو ـ فاكس تقوم بدور مماثل من وجه آخر.

[6] لمزيد التفاصيل يراجع (الفقه: المسائل المتجددة) للإمام المؤلف.

[7] قد يكون إشارة إلى إن الإستثناء حكمي لا موضوعي، وبالدليل الخارجي، أي أن استثناء الصلاة بمعنى عدم جريان حكمها ـ من الإجزاء والوجوب ونحوهما ـ على ما كانت بلغة أخرى، لا أن المراد عدم إطلاق لفظ الصلاة عليها موضوعاً، أو إلى أن إيجابه للثواب في الجملة أو كليهما.

[8] راجع ثواب الأعمال للصدوق:ص22 ح11 ط بيروت.

[9] الأحزاب: 41.

[10] البقرة: 152.