المؤلفات |
(ويقول لك: وعزتي وجلالي) (90) |
القسم وموارده |
مسألة: يستحب الحلف، وقد يجب، إذا كان الأمر المحلوف عليه مهماً، كما حلف الله سبحانه، وإنما يجب إذا كان المحلوف عليه شرفاً وعرضاً ينتهك بترك الحلف، كما في المرافعات، أو مال صغيرٍ وهو متوليه، أو ما أشبه ذلك. وهذا لا ينافي كراهة مطلق الحلف، ولذا لم يحلف الإمام زين العابدين (عليه السلام) وأعطى المهر لمن ادعت عليه عدم إعطائه لها المهر، معللاً بأن الله سبحانه أجل شأناً من أن يحلف عليه لأجل المال. والحلف من الله سبحانه في هذا الأمور تأكيدٌ للأمر، لا لهم (عليهم السلام) بل للناس حينما يبلغهم الخبر. وقد أكثر الله سبحانه من القَسَم في القرآن الحكيم. أما قوله تعالى: ((لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ))[1] وما أشبه، فالظاهر أنه إلماع إلى الحلف، بدون أن يحلف، جمعاً بين التجليل والحلف، لا أن (لا) زائدة كما قالله بعض الأدباء. وقوله سبحانه: ((لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ))[2] حلف بالعمر بالضم، لكن صيغة الحلف تأتي بالفتح، ولعل (الكاف) لمن يتأتى منه الأمر مثل: ((وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ))[3] حيث قال الأدباء: إنه اريد به من تتأتى منه الرؤية. وقد ذكرنا في (الفقه) صحة إحلاف كل إنسان بما يعتقد به من كتاب ونحوه، كاليهود والنصارى ومن أشبههم، بل لا يستبعد صحة الإحلاف بمثل العباس (عليه السلام) بالنسبة إلى من يخشاه ويهابه، حيثما توقف ظهور الحق على ذلك دون ما عداه، وتفصيل الكلام في ذلك في باب الأيمان[4]. أما الحلف بما هو باطل محض كالصنم ونحوه، فلا يجوز إلاّ إذا اضطر إليه، حيث إن الضرورات تبيح المحظورات، وقد ورد في الحديث: (ليس شيء مما حرم الله إلاّ وقد أحله لمن اضطر إليه)[5] إلاّ ان تزاحمه جهة أخرى كما لو استلزم ذلك ترويجاً. |
[1] البلد: 1. [2] الحجز: 72. [3] السجدة: 12. [4] راجع (الفقه: كتاب الجعالة، الأيمان، النذر). [5] وسائل الشيعة: 16/137 ب 12 ح 18. |