المؤلفات |
(وَيَخُصُّكَ بِالتَّحِيَّةِ وَالإكْرامِ) (89) |
التحية والتكريم |
مسألة: يستحب تحية وتكريم من كان أهلاً لهما. و (التحية) من الحياة، والمراد بها: الحياة السعيدة. و (الإكرام) جعل الإنسان كريماً، أي رفيعاً مرضياً، فسلامة وحياة وكرامة، وهذا غاية التبجيل، ودعاء بأهم عوامل السعادة، فإن كل واحد وإن كان يطلق على الآخر أحياناً، ولذا أُريد بـ ((حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ))[1] الأعم من السلام، إلاّ أن الجمع بينها كان للدلالة على مزيد التجليل والتبجيل. فإن ألفاظ لغة العرب ـ وإن كانت مترادفات في الصورة ـ إلاّ غنها لدى الدقّة مختلفة باختلاف الخصوصيات، مثلاً الجواد والسخي والكريم كلها تعطي معنى البذل والعطاء، لكن بينها فرقاً: فالأول: من يعطي ولا يريد بذلك شهرة، ولا كمإلاّ لنفسه، عبر الجود. والثاني: من يريد كمالاً أو شهرة بذلك، ولذا لا يطلق على الله سبحانه: السخي. والثالث: من يعطي وهو كريم، وقد ظهرت منه محاسن عديدة[2] أو يقصد التكريم. والتحية إذا كانت بغير لفظ السلام لا تجب الردّ على المشهور، وإن كان ذلك مقتضى سمو الخلق ورفعة الأدب. ثم إن السلام من الله سبحانه، معناه: السلام لعبده مع قطع النظر عن التحية، أما السلام نسبة إلى الله تعالى، كما ورد في أعمال مسجد الكوفة: (اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام)[3]، وكون الله سلاماًن كما قال سبحانه: ((هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ))[4] فمعناه: أنه باعث السلام وخالقه أو أنه لا نقص فيه ولا عيب ولا تغير. مسألة: يستحب بيان إن الله تعالى قد أقرأ رسوله (صلى الله عليه وآله) السلام وخصه بالتحية والإكرام. فإن معرفة ذلك وأشباهه، توجب مزيداً من ربط وتعلق الإنسان بربه وبرسله كما لا يخفى، إضافة إلى العموميات التي تشمل المقام وأمثاله، ومنها ما سيأتي في هذا البحث من (ما ذكر خبرنا هذا...). |
[1] النساء: 86. [2] راجع لسان العرب. [3] مفاتيح الجنان: 309 (أعمال جامع الكوفة) ط بيروت. [4] الحشر: 23. |