نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(فقال الله: نعم قد أذنت لك) (86)

الإذن من ذي الحق

مسألة: يستحب الإذن من ذي الحق، إذا كان في تلبية طلب المستأذن، فائدة له أو لذاك أو لغيرهما، بل مطلقاً، ولو باعتبار كونه قضاء حاجة، وقضاء الحاجة إلاّ في المحرم ـ وأحياناً المكروه ـ مستحب، وقد أذن سبحانه لجبرائيل (عليه السلام) بالهبوط لما استأذنه.

هل الأصل التخلق بأخلاق الله؟

لا يقال: أعمال الله لا يقاس عليها، لأن الله يعمل الخير والشر، قال سبحانه: ((وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً))[1].

وقال تعالى: ((طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ))[2] وقال سبحانه: ((مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ))[3] وقال تعالى: ((كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ))[4] إلى غير ذلك من الإحياء والإماتة والإمراض وترك الظالم وظلمه ونحوها.

لأنه يقال:

أولاً: في الحديث: (تخلّقوا بأخلاق الله)[5]، والمراد بالأخلاق: الإطلاق لا خصوص المعنى المصطلح، كما هو[6] المراد بـ: (إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق)[7] وقالت إحدى زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله) لما سئلت عن أخلاقه (صلى الله عليه وآله): (كان خلقه القرآن)[8] ونحوهما، والإستثناء يحتاج إلى الدليل، فالأصل هو التخلّق إلاّ ما خرج.

وثانياً: انه سبحانه يعمل حسب المصلحة التي الزم بها نفسه في التكوين والتشريع، فإن الأقسام خمسة: ما هو خير محض، وما خيره أكثر، وما هو شر محض، وما شره أكثر، والمتساوي الطرفين.

وقد ثبت في الكلام[9] إن الله سبحانه لا يعمل إلاّ الأولين، فيكون التعبير بالشر مسنداً له، إلى الله تعالى مجازياً بنحو المجاز في الإسناد بل والكلمة أيضاً[10].

ولو فرضنا أن إنساناً استطاع أن يدرك مصالح الأمور ويحيط بها جميعاً، بأن علم إن الإماتة في مورد معين خير محض، أو خيره أكثر إلى حد المنع من النقيض، كان له ذلك أيضاً من حيث المقتضي ـ مع قطع النظر عن كونه تصرفاً في ملك الغير، أعني: الله سبحانه وتعالى ـ وذلك كما في قتل المسلم إذا تترس به الكفار، لأنه في اللازم لا إشكال، وفي الثاني تأتي مسألة الأهم والمهم.

وأما (الابتلاء) فهو بمعنى الإمتحان، والأمر في نظائره كذلك على ما فصل في علم الكلام.

إضافة إلى جواب آخر ذكره البعض كالطوسي (قده) والعلامة (قده) والسبزواري (قده) من ان الشر اعدام، فالأمر من قبيل باب السالبة بانتفاء الموضوع[11] ويكون التعبير به في الآيات والروايات مسنداً إلى الباري تعالى مجازياً بنحو المجاز في الكلمة[12]، والإماتة والإمراض وشبهها ـ على هذا القول ـ كلها خير وإن خفي علينا ذلك.

ثم عمله الشر، لو فرض فلأنه مالك حقيقي له أن يتصرف في ملكه، فلا يصح التخلّق في ما ثبت أنه شر فقط، فليتأمل.

[1] الأنبياء: 35.

[2] التوبة: 93.

[3] غافر: 33.

[4] النساء: 78.

[5] بحار الأنوار: 61/129 ب 42، الحجة السادسة.

[6] أي: الإطلاق، والمعنى الأوسع.

[7] مستدرك الوسائل: 11/187 ب 6 ج 1.

[8] نهج البلاغة شرح ابن أبي الحديد: 6/340 ط بيروت.

[9] راجع المنظومة للسبزواري والتجريد للطوسي وشرحهما للإمام المؤلف.

[10] إذ اطلاق (الشر) على ما خيره أكثر مجاز في الكلمة.

[11] المراد كما يبدو أن قولك (خلق الله الشر) أو (الشر مخلوق الله) غير تام، من جهة أن الشر عدم محض غير قابل للخلقة، لا أنه ممكن الخلقة لكنه تعالى لم يخلقه، من جهة المصلحة التي ألزم بها نفسه كما هو مقتضى الجواب السابق.

[12] بأن يكون إطلاق الشر على (ما يتوهم شراً) وإن كان خيراً حقيقة، أو على الشر بالقياس النسبي.