المؤلفات |
(لأكون معهم سادساً) (85) |
الإلتحاق بركب المتقدمين |
مسألة: يستحب الإلتحاق بركب المتقدمين وأولياء الله الصالحين، والحضور في مجالسهم ومجامعهم، لينال الملتحق درجات من التقدم والكمال، كما استأذن جبرائيل (عليه السلام) ليكون معهم، بل والمعصومون الأربعة (عليهم السلام). أما أصل استحباب نيل التقدم والتكامل والتعرض له، فلا إشكال فيه، قال سبحانه: ((سارِعُوا))[1] وقال تعالى: ((فَاسْتَبَقُوا))[2] وقال جل اسمه: ((فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ))[3] إلى غير ذلك. وأما إن المقام من صغرياته، فلأن التواجد في محضر العظيم تترتب عليه فوائد دنيوية وأخروية. وذلك لأن الرحمة والبركة والخير والإفاضة النازلة باستمرار عليه تشمل الذي معه ـ بشكل أو بآخر، بدرجة أو بأخرى ـ قال سبحانه: ((فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي))[4] وقال تعالى: ((لا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))[5] إلى غير ذلك ولا أقل من الملاك. إضافة إلى أن كون الإنسان مع عظيم الهي، يوجب الإستضاءة بنور هدايته وأخلاقه وآدابه والاستفادة من نمير علومه، وفي كليهما فائدة كبرى أخروية بل ودنيوية أيضاً، هذا مع قطع النظر عن بلوغه درجات سامية لا يمكن للأشخاص الوصول إليها عادة، إلاّ بالالتحاق بركب عظيم من العظيماء. والأشياء كما تعرف بأمثالها، كذلك تعرف بأضدادها، فكما أن كون الإنسان مع الظالم والفاسق والمنافق نقص ـ في حد ذاته وبلحاظ لوازمه أيضاً ـ كذلك طرفه كمال. ولا يقال: ليس كل مستحب طرفه مكروه، ولا العكس. لأنه يقال: ليس الإستدلال بذلك، بل بما سبق وبالفهم العرفي، كما ألمعنا إليه في مقدمة هذا الكتاب ـ في مثل المقام ـ وإن لم يكن له إطلاق. |
أهمية هذا الإجتماع الرباني |
مسألة: يستحب بيان مدى أهمية هذا الإجتماع المبارك عند الله تعالى، فإن استئذان جبرائيل (عليه السلام) كي يكون واحداً من أهل الكساء، وأن يكون معهم ولو للحظات ـ إضافة إلى سائر القرائن والأدلة التي سبقت، وستأتي في هذا الحديث وغيره ـ دليل على الأهمية القصوى لهذا الإجتماع الفريد عند الله سبحانه وتعالى، فإن للاجتماعات المعنوية أهميتها البالغة، فكيف باجتماع من هم وسائط الله وحججه؟ وإذا كانت للإجتماعات المادية، كاجتماع رؤساء الدول لأجل اتخاذ قرار إقتصادي أو سياسي أو اجتماعي أو ما أشبه ذلك أهمية، كبرى لما تتركه من آثار سلبية أو إيجابية على مستقبل البلاد، فكيف باجتماع خطّط له اله الكون، وقد ضم من بسببهم خلق الكون كله؟ وقد بين فيه الله سبحانه سر الخلقة وحقائق كونية أخرى في غاية الأهمية كما سيأتي، كما ترتبت عليه ثمار وآثار وضعية للبشرية ـ كما سيوضح ذلك إن شاء الله تعالى ـ. |
[1] آل عمران: 133. [2] يس: 66. [3] المطففين: 26. [4] إبراهيم: 36. [5] الأعراف: 150. |