المؤلفات |
(يا ملائكتي) (67) |
بيان الحقائق |
مسألة: يستحب أو يجب ـ كل في مورده ـ بيان الحقائق التكوينية والتشريعية للآخرين كما بين الله سبحانه لملائكته الحقيقة الآتية. ولا يبعد أن يكون المراد بالملائكة كل الملائكة لا الرسل منهم فحسب، وإن كان لفظ (الملك) مشتقاً من (الألوكة) التي هي الرسالة، لكن ذلك بحسب الأصل، ثم غلب استعماله على كل ملائكة الله سبحانه وتعالى، ممن ليسوا من جنس الإنس أو الجن، فاللفظ من باب (العلم بالغلبة)، فتأمل. (وقد يكون علماً بالغلبة***مضاف أو مصحوب ال كالعقبة) |
(ويا سكان سماواتي) |
سكان السماء |
وهذا يكون من باب عطف الخاص على العام، باعتبار أن سكان السماوات منهم لهم خصوصية خاصة. ولا يصح أن يكون (سكان سماواتي) بمنزلة عطف بيان لـ (الملائكة) ـ من باب عطف المساوق على المساوي ـ لعدم انحصار الملائكة بسكان السماوات، إلاّ أن يقال: إنّ كل الكون ـ مقابل الآخرة ـ سماوات، لأن الأرض أيضاً كوكب في السماء. ومن الممكن أن يكون من باب عطف المباين، إذا كان المراد بسكان السماوات، سائر من سكن السماوات من المخلوقات غير الملائكة، لأن لله سبحانه وتعالى مخلوقات كثيرة جداً لا نعرفها حتى بالإسم، فكيف بالكُنه أو الصفة والخصوصية، فإذا كانت علومنا بالنسبة إلى الإنسان والنبات والحيوان محدودة جداً، حتى أنها لا تبلغ جزءً من ألف ألف مليون من الواقع، فكيف بما هو غائب عن حواسنا؟ وقد ذكر العلماء أن ما اكتشفوه من أنواع الموجودات في الكرة الأرضية قد بلغ الثلاقين مليون قسماً وهذا هو مبلغهم من العلم وأغلبه بنحو الإجمال الشديد، أما ما لم يطلعوا عليه، فلعله أضعاف أضعاف ذلك، خصوصاً مما في البحار مما لا يخفى كثرة، وقد ورد في الدعاء: (يامن في البحار عجائبه)[1]، وكذلك في عالم الجراثيم وشبهها. وربما كانت هناك عوالم أخرى على أرضنا ـ في أبعاد أخرى أو لا ـ لا نعلم عنها أي شيء إطلاقاً، أو لا يمكن لنا معرفتها أبداً إلاّ بحواس أخرى أو شرائط مجهولة. فإذا كان هذا حال الأرض، فما حال السماوات ومجاهيلها، والتي قال عنها تعالى: ((وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ))؟[2] |
[1] دعاء الجوشن الكبير. [2] الذاريات: 47. |