المؤلفات |
(وطهرهم تطهيراً) (64) |
الطهارة والتطهير |
مسألة: يستحب أو يجب الطهارة والتطهير مطلقاً، ودليل التعميم قد سبق، وحيث إن للطهارة مراتب، فيكون الرجس وما عدا المرتبة الدنيا من الطهارة، واسطة بأن لا يكون رجس ولا تكون طهارة برتبها ودرجاتها الرفيعة، فلا يكون ـ على هذا ـ (وطهرهم تطهيراً) من باب التأكيد، وإنما يفيد معنى جديداً وهو ارتفاعهم (عليهم السلام) إلى غاية مراتب الطهارة، فإنه لو اكتفى النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله (أذهِب عنهم الرجس) لتوهم الإكتفاء بإذهاب الرجس فقط بدون الإرتفاع إلى أسمى مراتب الطهارة. وبذلك يظهر أن قوله (عليه الصلاة السلام): (تطهيراً) يفيد أيضاً هذا المعنى، فهناك إذهاب الرجس، وهناك التطهير في أعلى درجاته، وهناك (تطهيراً) الذي هو أقصى درجات الطهارة[1]. هذا وإن كان من الممكن أن يكون (تطهيراً) للتأكيد. ثم إن أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) خلقوا أطهاراً، فليس المراد بطلب الإذهاب: الرفع، بل الدفع[2] إذ لم يكن فيهم (عليهم السلام) رجس حتى يطلب إزالته. وكذلك المراد بـ (التطهير) خلقه طاهراً، وقد يكون المراد بذلك الإستمرار، كما قال علي (عليه الصلاة والسلام) بالنسبة إلى قوله سبحانه: ((اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ))[3] بمعنى: طلب استمرار الهداية، فإن ممكن الوجود بما هو هو، في كل لحظة معرض للطرفين، وإنما يميل إلى الطرف الأرفع، بلطف الله سبحانه وتعالى، كما يميل إلى الطرف الأنزل بخذلانه، فالإنسان في كل لحظة بحاجة إلى هداية وتسديد جديد من الله تعالى، فالمطلب ابتدائي في بعض، واستمراري في بعض، سواء أخذ جانب الطهارة أم جانب النجاسة، الأول في المعصومين (عليهم السلام) وفي المؤمنين، والثاني في الكفار والمنافقين والفساق. وقد ذكروا أن مثل الكون بالنسبة إلى الله سبحانه، كمثل الصور الذهنية بالنسبة لنا في كل لحظة تحتاج إلى عناية وإفاضة، وإلاّ انهدمت واضمحلت، إذ البقاء بالغير لا بالذات كالحدوث. |
اتصافهم عليهم السلام بجميع الفضائل |
مسألة: يجب الاعتقاد بأن أهل البيت (عليهم السلام) متصفون بجميع الفضائل والكمالات وأعلى مراتب الطهارة. |
[1] يستفاد إرادة الدرجات العليا من الطهارة: من الإطلاق، ومن السياق، ومن القرائن المقامية والخارجية الأخرى. [2] الرفع: إزالة ما هو موجود. والدفع: الحيلولة دون وجوده، فلو تمرض زيد وعولج كان هذا رفعا، أما لو كان في معرض التمرض والوباء، فلقح بالمضادات من قبل، كان هذا دفعاً. [3] الفاتحة.: 6. |