المؤلفات |
(وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك) (60) |
التنويع في الدعاء |
مسألة: يستحب تنوّع الدعاء وتعدد ما يطلبه من الحوائج وعدم الإقتصار على دعاء واحد، ولذا لم يكتف النبي (صلى الله عليه وآله) بواحدة منها، لاختلاف معاني هذه الكلمات. فالصلاة: هي العطف. والبركة: الثبات والإستمرار. والرحمة: هي الإفاضة. والغفران: الستر، لأن للممكن ـ بما هو ممكن ـ نواقص وقصوراً، ولذا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (وإنه ليُران على قلبي)[1] مما هو لازم الممكن وإلاّ فهم (عليهم السلام) في أرفع درجات العصمة والكمال، ومن هذه الجهة كان النبي (صلى الله عليه وآله) يستغفر كل يوم سبعين مرة من غير ذنب. والرضوان: عبارة عن رضاه سبحانه وتعالى، وقد ذكرنا: إن الرضا عبارة عمّا ذكروه بقولهم: خذ الغايات واترك المبادئ، لأن الله سبحانه وتعالى ليس محلاًّ للحوادث. ولعل الإتيان بالجمع في بعض الجمل، والإفراد في بعض الجمل ـ مع إمكان تصور كل واحد من الجمع والإفراد في كل الجمل ـ للتفنن في العبارة فإنه من أقسام البلاغة كما نجد ذلك بوفرة في القرآن الحكيم وفي كلماتهم (صلوات الله عليهم) وفي كلمات البلغاء. وخطاب الله سبحانه وتعالى بضيغة المفرد لا بصيغة الجمع لئلا ّ يتوهم اشتراك غيره معه في ذلك المقام[2] كما في الإنسان حيث إنه يشاركه غيره وانما قال سبحانه: ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون))[3] بصيغة الجمع إشارة إلى إشراكه سبحانه وتعالى الملائكة في إنزال الكتاب، ويمكن أن يكون وجهه غير ذلك مما ذكر في علم الكلام والبلاغة. |
[1] بحار الأنوار 17/44 ب15. [2] ربما يكون المراد بـ(في هذا المقام) الإشارة إلى دفع توهم (إن الملائكة أيضاً يصلون على النبي (صلى الله عليه وآله) ((ان الله وملائكته يصلون على النبي)) [الأحزاب: 56].. فأجاب بقوله: (في هذا المقام) إلى أن خصوصية مقامهم (عليهم السلام) وهم تحت الكساء، كان مقام الإفاضة المباشرة منه تعالى وقد طلب الرسول (صلى الله عليه وآله) في مقامه ذلك أسمى مراتبها وأعلى درجاتها، فاقتضى ذلك طلب ما هو منه جل وعلا مباشرة، إضافة إلى أن بعض الدعوات الاُخرى قد يقال باختصاص طلبها منه تعالى فتأمل. [3] الحجر:9. |