نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم) (52)

دفع الأذى عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله)

مسألة: يجب دفع ما يؤلم، ودفع ما يوجب الحزن عن أهل بيته (صلى الله عليه وآله) لقوله: (يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم).

وإطلاقه يشمل حال حياته ومماته كحال حياتهم ومماتهم، إذ لا فرق بين الحالتين فيهم (عليهم صلوات الله وسلامه)[1].

ومما يوجب حزنهم وأذاهم، دون شك، انتهاك حرمات الله والتجري على معصيته وخرق قوانينه ودساتيره.

والإيلام والأحزان بالنسبة إلى الروح واضح، لأن الجماعة الواحدة، والذين توجد بينهم أواصر قرابة أو صداقة، يؤلمهم ما يؤلم أحدهم، ويحزن أحدهم ما يحزن الآخرين، نظراً للرابطة العاطفية والمشاركة الوجدانية التي جعلها الله سبحانه وتعالى في أمثال هذه الموارد.

ولكن هل الإيلام شامل لأجسادهم أيضاً، بأن يكون ألم أحدهم (عليهم السلام) موجباً للألم في جسم الرسول (صلى الله عليه وآله)؟

ذلك محتمل، فإن الإرتباط القوي بينهم حسب الخلقة يقتضي ذلك[2]، كما ان الإرتباط بين البدن الواحد يقتضي تألم سائر الأعضاء بألم عضو ذلك، لكنه خلاف الإنصراف، إذ المنصرف من التألم، التألم الروحي والنفسي، فتأمل.

مشاطرة العائلة همومهم وأحزانهم

مسألة: يستحب أن يشارك كبير العائلة أفراد أُسرته في آلامهم وأحزانهم لقوله (صلى الله عليه وآله): (يؤلمني...) وكذلك بالنسبة إلى الأفراح للملاك.

ولم يضف (صلى الله عليه وآله) (ويفرحني ما يفرحهم) ههنا، لأنه (صلى الله عليه وآله) في مقام دفع الآلام عنهم[3]، وفي بعض الأحاديث حيث لم يكن الكلام في هذا المقام، فقد تم ذكر الأمرين معاً، حيث قال الإمام الصادق (عليه السلام): (شيعتنا منا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولا يتنا، يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا)[4].

ما هو ماء الولاية؟

ولا يخفى إن الخلقة من فاضل طينتهم (عليهم السلام) حقيقي، كما صرحت بذلك الروايات[5]، وهل الأمر كذلك بالنسبة إلى ماء الولاية، أو أن ذلك من المجاز تشبيهاً للولاية بالماء الذي جعل الله منه (كل شيء حي)؟

احتمالان.

فإذا كان من الثاني فهو من قبيل قول الشاعر: (لا تسقني ماء الملام)

ومن قبيل قوله سبحانه: ((وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ))[6].

ويؤيد ذلك ما دل على: إن الأرواح جنود مجندة[7]، وما دل على: إن القلب يهدي إلى القلب.

وقد اكتشف العلم الحديث إن للقلب[8] والفكر تموجات تؤثر سلبياً أو إيجابيا عل الآخرين ـ في ظروف معينة ـ[9].

ولهذا أسست مدارس في يومنا هذا للإيحاء النفسي وغسل الأدمغة بسبب الأمواج الفكرية والإيحاء وشبه ذلك، كما لا يخفى على من راجع بعض الكتب الصادرة في هذا المجال.

[1] إذ لاشك مثلاً في أن قتل الإمام الحسين ((عليه السلام)) أوجب أشد الحزن والألم على الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وذلك لما دلت عليه الروايات بل والآيات ((بل أحياء عند ربهم يرزقون)).

[2] وقد ثبت علمياً بل شوهدت في الخارج موارد كان شدة الارتباط العاطفي بين الطرفين سبباً لتألم أحدهما بتألم الآخر جسدياً.

[3] ربما يعلل أيضاً بكون ذلك تمهيداً لطلبه منه سبحانه (الصلوات والرحمة والبركات عليهم) فهو أدعى لذلك عرفاً، وربما يكون السبب الإشارة الرمزية إلى أن حياتهم مستغرقة عادة بالآلام والأحزان فـ(المؤمن مبتلى) [وسائل الشيعة: 14/255 ب 18 ح 8] و(ان الله إذا أحب عبداً ابتلاه) [تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 4 ط قم] و(حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) [بحار الأنوار: 70/78 ب 46 ح 12] وكذلك حياة الذين نذروا أنفسهم في سبيل الله سبحانه يضحون بالغالي والرخيص في سبيله تعالى.

[4] صدر الرواية في بحار الأنوار: 53/303 الحكاية 55 ط طهران.

[5] راجع عوالم العلوم: ج 11 ص 18 ب 2 ح 6 ط 2. تحقيق مدرسة الإمام المهدي (عج).

[6] الإسراء: 24.

[7] نهج الفصاحة: 213 ح 1052 ط طهران.

[8] قد يكون المراد به مركز العاطفة، لا هذا العضو الصنوبري.

[9] فهي كأمواج الإذاعة مثلاً في كونها غير مرئية وبحاجة إلى جهاز استقبال، وبذلك يفسر أيضاً توارد الخواطر.