نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(وقال: اللهم) (47)

استحباب الدعاء في كل الأحوال

مسألة: يستحب الدعاء في كل حال، فإن الدعاء سلاح المؤمن[1] ومخ العبادة[2] وقد قال سبحانه: ((وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))[3] وقال تعالى: ((قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ))[4].

والدعاء استمداد من خالق الكون ومن بيده كل شيء، وهو ـ بالإضافة إلى أنه أمر واقعي ـ يعطي الأمل والرجاء الذي يعد من أهم الحلول للكثير من المشكلات.

أمّا إنه أمر واقعي فواضح، إذ أن بعض الأشياء البسيطة فقط هي ـ بإرادة الله تعالى ـ بيد الإنسان، وله بها العلاج، أما غالب الأسباب والعلل والشرائط القريبة والبعيدة، بل أكثر من ذلك، فليس بيد الإنسان، وهو عبر الدعاء يستمد العون منه تعالى في علاجها وحلها، ومن يستكبر فهو بين جاهل ومعاند، لأن الإنسان حتى الطبيعي والدهري يعلم ـ إذا التفت ـ أن غيره يدير الكون، وأنه لا حول له ولا قوة.

وأما إن الدعاء يمنح الرجاء، فلأن الأمل بالله سبحانه ورجاء حل المشكلة وقضاء الحاجة يبعث على البهجة والسرور وراحة الأعصاب وطمأنينة النفس، وهي تؤثر في الجسد، وتوجب الصحة والعافية، وكذلك تستلزم الإندفاع نحو الأمام، بعكس اليائس الذي يتخلى عن جهاده وأعمالله ومشاريعه، نظراً لتشاؤمه ولذا قال سبحانه: ((إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ))[5].

لا يقال: إن كان القضاء قد جرى بالخير، فطلبه طلب لما هو بحكم الحاصل، وإن كان قد جرى بالشر فالدعاء لا يؤثر.

لأنه يقال:

نقضاً: بأنه كما لا يصح أن يقال إن جرى القضاء بالسفر، فلا فائدة في تهيئة الوسائل والمقدمات، وإن لم يقض به فلا أثر للتهيؤ والإعداد والإستعداد.

وحلاًّ: بأن الدعاء مقتضٍ لحل المشاكل وقضاء الحوائج، فإن انضمت إليه سائر الشرائط وارتفعت الموانع تحقق المعلول وحصل المقصود.

وبعبارة أخرى: إن الدعاء جزء من العلل التكوينية ـ وهو جزء خفي وهناك أجزاء جلية ظاهرة ـ وقضاء الله وقدره جرى بتحقق المعلول عند تحقق علته، وبعدم تحققه عند انتفاء العلّة بما هي علّة ـ ولو با نتفاء أحد أجزائها ـ فكما قضى بتحقيق الإحتراق عند وضع المرء يده في النار دون مانع، كذلك قضى بإعطاء كثير من الحاجات عند الدعاء أو الإلحاح بالدعاء لفترة تطول أو تقصر، حسب تقديره جل وعلا.

[1] وسائل الشيعة: 4/1094 ب 8ح 3.

[2] وسائل الشيعة: 4/1086 ب 2 ح 9.

[3] غافر: 60.

[4] الفرقان: 77.

[5] يوسف: 87.