نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(أتأذن لي أن أدخل معكما تحت الكساء) (33)

التفنن والتنوع في الكلام

لعل الوجه في قوله (معكما) دون (معك) إنه (عليه السلام) لو قال معك كان إهانة للحسن (عليه السلام) فقال: معكما، ففرق بين (السلام عليكما) وبين معكما، كما يعرفه أهل البلاغة.

وأما الإستئذان فكان منه (صلى الله عليه وآله) فقط، حيث إن حق السبق له، والحسن (عليه الصلاة والسلام) وإن دخل تحت الكساء، لكنه كان وارداً على صاحب الحق، لا أن حق السبق شمله حتى يتوقف ـ من هذه الجهة ـ الإذن عليه أيضاً[1].

وربما يحتمل أن يكون الاختلاف في ضمير المفرد والتثنية، باعتبار التفنن والتنوع في الكلام، حيث إن من فنون الكلام أن يكون مختلفاً، حتى لا يمل السامع نتيجة لوحدة الكيفية، كما قالوا في باب الالتفات كقوله سبحانه: ((وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ))[2] فإن التفنن لا فرق فيه بين الغيبة والحضور والتكلم وبين سائر أضراب التفنن.

وهكذا يقال في جملة من آيات القرآن، حيث اختلاف العبارات ـ وذلك. على فرض الإلتزام بوحدة المؤدى في بعضها ـ فقد ذكر بعض الأدباء: إن الله سبحانه وتعالى كما خلق الكون متفننا فيه من الجهات المختلفة، في الألوان والأطعمة والأذواق والأشكال والأحجام وغير ذلك، كذلك جعل الإنسان بحيث يتطلب التفنن والتنوع في كل شيء.

قالوا: وهذا هو وجه ـ أو من وجوه ـ التفنن في العبادة، مثلاً: الصلاة فيها: تكبيرة وحمد وسورة وركوع وسجود وقيام وقعود وتشهد وتسليم وما أشبه، وركعاتها: إثنتان وثلاثة وأربعة وواحدة وأكثر كما في بعض الصلوات المذكورة في المستحبات، إلى غير ذلك.

وكذلك الحال في الحج والإعتكاف والوضوء والغسل وما أشبه ذلك مما ذكر في مبحث فلسفة الأحكام، وقد أشرنا إلى بعض ذلك في كتاب (الفقه: الآداب والسنن) وكتاب: (في ظل الإسلام) وغيره.

[1] هذا كله بالنظر إلى الظواهر ـ كما هو واضح ـ لا بلحاظ مقام الولاية وشبهها ولذا ذكر: (من هذه الجهة).

[2] يس: 22.