المؤلفات |
(وقال: السلام عليك يا جداه يا رسول الله) (22) |
بحث في معنى السلام و... |
مسألة: يستحب سلام الوارد على الأمور ود عليه، وكذلك يستحب سلام الصغير على الكبير. ولا يخفى إن السلام بمعنى: إن يكون الطرف سالماً من الآفات والعاهات وغيرها، وقد كان السلام تحية الأنبياء (عليهم السلام) كما يدل على ذلك قوله سبحانه: ((قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ))[1] كما أن البسملة كانت معهودة متداولة لدى الأنبياء السابقين أيضاً، كما ورد في قصة الهدهد: ((إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))[2] وذلك لأن الأحكام بالنسبة إلى الأنبياء واحدة[3] إلاّ في بعض الخصوصيات ولذا قال (صلى الله عليه وآله): (إني بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق)[4]. أما السلام بالنسبة إلى الأموات، فالظاهر أنه إما تحية محضة منسلخة عن معناها اللغوي، وإما بمعنى: السلامة في الآخرة، لأن السلامة في الآخرة أيضاً مطلوبة للإنسان، بل المطلوب الواقعي له ذلك، إذا قيس إلى الدنيا، إذ الدنيا مؤقتة وزائلة، بينما الآخرة باقية ودائمة، ولذا قال (عليه السلام): كما يحكيه القرآن الحكيم: ((وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا))[5] فسلامة الولادة تمتد إلى ساعة الموت، كما أن سلامة الموت تمتد إلى الحشر وسلامة الحشر تمتد إلى الأبد، لوضوح أن الطفل إذا ولد ناقصاً كما إذا كان أعمى أو أعرج أو أصم أو أبكم أو ما أشبه ذلك، بقي كذلك إلى حين موته على الأغلب، وكذلك الأمر إذا كان الإنسان مبتلى حال موته فإنه يبقى كذلك ـ في الجملة ـ. كما ورد: إن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران[6]. نعم قد تنال الإنسان الشفاعة وهو في القبر أو في يوم القيامة. لا يقال: لا يحتاج الأمر إلى السلامة يوم يبعث حياً، لأن الإنسان الذي يسلم في القبر يسلم في الحشر. لأنه يقال: ليس كذلك لأنه ورد في روايات متعددة: إن القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النيران، وإما يلهى عن بعضهم إلى الحشر، فمن الممكن أن يكون الإنسان سالماً حين الموت ـ فترة القبر ـ ولا يكون سالما في الآخرة، كما لو جرى له امتحان إلهي هناك، بسبب أنه كان يعيش في الفترة بين الرسل، وما أشبه ذلك وخرج من الامتحان فاشلاً فإنه سيعاقب حينئذ. وهذا بحث كلامي ذكرناه استطراداً. |
[1] هود: 69. [2] النمل: 30. [3] ولذلك جرى استصحاب الشرائع السابقة فيما لم يثبت فيه النسخ، بل كان ذلك للإطلاقات راجع (الأصول) للإمام المؤلف (قدس سره). [4] نهج الفصاحة: 191 ح 944. [5] مريم: 33. [6] بحار الأنوار: 6/214 ب 8 ح 2. |