نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(فما كانت إلاّ ساعةً) (13)

تحديد الأحداث

مسألة: يستحب التوقيت ـ كما سبق ـ حيث قالت (سلام الله عليها). (فما كانت إلاّ ساعة...)

إذ إن الإخبار عن الوقت الماضي أو الآتي ومقداره، داخل في (نظم أمركم)[1] ـ كما قاله علي (عليه السلام) ـ فإن النظم يشمل الزمان والمكان وسائر المزايا والخصوصيات كالكم والكيف وغيرهما من المقولات.

ويؤيده قوله سبحانه: ((لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ))[2].

وقوله سبحانه: ((مَواقِيتُ لِلنَّاسِ))[3].

والظاهر أن المراد بـ (الساعة): القطعة من الزمان، لا الساعات المستوية أو المعوجة الفلكية وإن أُطلق عليها جميعاً، للإنصراف.

وليس تواليهم (عليهم السلام) في المجيء بعيداً ـ مع قطع النظر عن الجانب الغيبي ومعرفتهم مسبقاً بالأمر ـ فإن بيت الزهراء (عليها السلام) كان له بابان، باب إلى المسجد ولم يغلقه الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث سد الأبواب بأمر الله سبحانه إلاّ بابها[4]، وباب إلى الشارع، وكان هؤلاء الأطهار (عليهم السلام) غالباً في المسجد أو حواليه.

ويدل على وجود البابين، انهم أحرقوا باب دارها (عليها الصلاة والسلام) الذي كان إلى الخارج لا الذي كان إلى المسجد، وسحبوا علياً (عليه الصلاة والسلام) ىمن ذلك الباب إلى المسجد، لا من الباب الذي كان في المسجد.

وقد كانت (سلام الله عليها) تبكي فتسمع من في المسجد، مما رأوا ان بكاءها يفضحهم ـ على تفصيل مذكور في التواريخ ـ.

ولا يخفى أن عادة ضبط الوقت مما يزيد في إقبال الناس على العمل الجاد، لأن الضابط يلتفت أكثر فأكثر إلى انقضاء عمره تدريجياً، وان ما انقضى لا يعود، وهذا يشجع أكثر على العمل الصالح.

ما هي حقيقة الزمان؟

وهنا نقاط حول الزمان نذكرها بالمناسبة.

هل الزمان والمكان انتزاعيان أو حقيقيان؟ ومن أية مقولة؟ بل هل هما شيئان أو شيء واحد، كما ذهب إليه بعض المعاصرين؟

ان ذلك من أغمض الأشياء قديماً وحديثاً، كسائر حقائق الأشياء، فالمفهوم من أظهر الأشياء ولكنه في غاية الخفاء، ومن الطريف ان الزمان متعاكس ومتخالف طولاً وعرضاً، ففي بعض الروايات إن السلطان إذا كان عادلاً، أمر الله الفلك ببطء الدوران، وإذا كان ظالماً، أمر الله الفلك بسرعة الدوران، وقد ذكرنا في (الفقه: الآداب والسنن) كيفية اختلاف الزمان في قطعتين من الأرض في إحداهما الملك العادل وفي الأخرى الملك الظالم

هذا من ناحية العرض[5].

أما من ناحية الطول فهناك ما يثير الاستغراب:

فقد ورد أن الرسول (صلى الله عليه وآله) عرج به إلى السماء، وجرت قضايا ومشاهدات كثيرة ما يستوعب ـ حسب الظاهر ـ ربما مقدار شهر من الزمان أو أكثر، بينما لما رجع لم يكن قد انقضى من الزمن في الأرض إلاّ مقدار دقيقة أو أقل[6] مما يدل على أن الأمر في الأرض أقل من المكان أو البعد الذي دخل فيه الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى بالنسبة إلى ذهابه إلى المسجد الأقصى.

وقد التزم جماعة[7] بامتداد الزمان وتقلصه حسب سرعة الحركة[8]، فإذا كان الشخص عمره عشرون سنة تحرك دون سرعة الضوء ـ بحد معين ـ إلى مجرة أخرى مما استغرق ذهابه وإيابه خمسين سنة، فإنه إذا رجع إلى الأرض يكون عمره سبعون سنة، بينما سيرى أنه قد انقضى من عمر الارض أربعة ملايين سنة[9]! وربما يؤيد هذا قوله سبحانه: ((فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ))[10] على بعض التفاسير وكذلك ((خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ))[11].

ومن الطريف في العرض ماورد في بعض المكاشفات: إن إنسانين ماتا، أحدهما مجرم والآخر محسن، فإن الأول مرّ عليه في ساعة واحدة مقدار ألف سنة، والثاني مرّ عليه في مقدار ألف سنة مقدار ساعة، ولا ينافي هذا ماسبق فليدقق[12].

ولعله يأتي يوم ينكشف فيه حقيقة الأمر بإذن الله سبحانه.

[1] مستدرك الوسائل: 13/441 ب 1. عن نهج البلاغة 3/85.

[2] الإسراء: 12.

[3] البقرة: 189.

[4] راجع تفسير الإمام الحسن العسكري ((عليه السلام)) ص 17.

[5] المراد زمن واحد ممتد على مساحتين.

[6] إحدى الروايات تفيد أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ذهب ورجع، وحركة حلقة الباب لم تتوقف بعد! مما لا يتجاوز ثوان معدودات.

[7] منهم (انيشتاين).

[8] من الأقوال القديمة عند الفلاسفة في حقيقة الزمن انه مقدار الحركة (أو مقدار حركة الفلك).

[9] مجلة العربي: العدد 400.

[10] السجدة: 5.

[11] المعارج: 4.

[12] يتضح ذلك بمراجعة توجيهه (قدس سره) في (الآداب والسنن) لتلك الرواية الشريفة.