المؤلفات |
(دَخَلَ عَلَيَّ أبي رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّم)) (3) |
استحباب التلقيب |
مسألة: يستحب التلقيب لأنه نوع من التكريم، وللأسوة، حيث قالت (سلام الله عليها): (دخل عليّ أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)). وهل يدل على الاستحباب أو الجواز؟ الظاهر الأول للقرينة الداخلية، كما أن قرينة جعل الإسلام احترام الناس أصلاً، للآيات والروايات و... وقد قال سبحانه: ((كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ))[1] وما أشبه، يدل عليه. وفي الأحاديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكني أصحابه. ولا يبعد أن يكون اللقب أو الكنية بالنسبة إلى الأقرباء ـ خصوصاً الكبار منهم كالأب والأم ـ آكد استحباباً، ويلمع إليه ما سبق[2] وأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أباً لها (عليها السلام). وهنا سؤال لا بد من الإجابة عليه، وهو أن القرآن قد يمدح الإنسان مثل: ((كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ))[3] و ((فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ))[4] و ((فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا))[5]، على غير ذلك، وقد يذمه مثل: ((إِنَّ الإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً))[6] و ((خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ))[7] و ((إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً))[8] إلى غير ذلك، فكيف الجمع؟ والجواب: أن الأول بالنظر إلى الذات، والثاني بالنظر إلى فعل الإنسان بنفسه ومعنى (خلق) إنه كذلك[9]، لا أنه في طينته الجبرية، كما هو واضح. وذكرها (عليها السلام) الكنية واللقب، من جهة التلذذ بتكرار اسم المحبوب كما قاله أهل البلاغة، وتقديم الكنية، من جهة الإلماع أولاً إلى القرابة القريبة، وإلاّ فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يدخل في كثير من البيوت. |
[1] الإسراء: 70. [2] قد يكون المراد إن الاحترام مشكك ذو درجات، وكلما كان الآخر أقرب للإنسان رحماً أو أقوى عليه حقاً تأكد الإحترام أكثر فأكثر. [3] الإسراء:70. [4] المؤمنون: 14. [5] الإسراء: 70. [6] المعارج: 19. [7] الأنبياء: 37. [8] الأحزاب: 72. [9] فـ(هلوعاً) مثلاً حال، وهو إشارة إلى ما عليه الإنسان في فعله، وإخبار عما سيكون عليه نفسياً أو عملياً بما هو داخل في دائرة الاختيار أو بنحو الاقتضاء. |