ما بعد الانتخابات العراقية .. خطوة نحو الإصلاح أم إحباط جديد


 

 

موقع الإمام الشيرازي

23/جمادى الأولى/1447

 

 

أنهى العراق الانتخابات البرلمانية السادسة في 11 نوفمبر الماضي، بمشاركة بلغت نحو 55% من الناخبين المؤهلين (حوالي 22 مليون ناخب)، وفقاً لتقديرات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

هذه الانتخابات، التي جرت في ظل استقرار نسبي مقارنة بالدورات السابقة، لم تشهد مفاجآت كبيرة، بل عكست الأغلبية الشيعية مع تنافس داخلي محدود، وسط انتقادات حادة من مثقفين عراقيين لعيوب النظام الانتخابي.

ورغم الهدوء النسبي والتنظيم الجيد، أبرزت الانتخابات تحديات مستمرة كغياب تعديل جذري لقانون الانتخابات، وتأثير المال السياسي والسلاح، مما حد من فرص القوى المعارضة والمدنية.

وكما يشير الخبراء فإن مقاطعة من بعض القوى المدنية، فضلاً عن مقاطعة التيار الصدري، مما يثير تساؤلات حول شرعية البرلمان الجديد.

بدورها، عكست ردود الفعل من المثقفين البارزين إحباطاً عميقاً، مع التركيز على ضرورة إصلاح النظام الانتخابي لضمان تمثيل حقيقي.

د. سعدون محسن ضمد (إعلامي وباحث) يرى في النتائج "فرصة مواتية" للقوى المدنية لرفض المشاركة المستقبلية دون تطبيق كامل لقانون الأحزاب وتعديل قانون الانتخابات لضمان عدالة في الدوائر والتمويل.

ويحذر من أن المشاركة الحالية مجرد تمثيل على مسرح "وظيفة كورس" تمنح البرلمان شرعية زائفة، وسط سيطرة "المال السياسي والسلاح".

ويدعو إلى جبهة معارضة خارجية "بخطاب صريح" يستهدف شرائح الناخبين، محذراً من "النوم أربع سنوات ثم السقوط في الفخ ذاته".

د. طاهر البكاء (أكاديمي ووزير سابق) يسأل "ألَم يحن الوقت لإصلاح العملية الديمقراطية؟"، مشدداً على ضرورة تجاوز أخطاء العقدين الماضيين بتشكيل ائتلاف حاكم وآخر معارض حقيقي. يرى أن "لا معنى للانتخابات إذا شارك الجميع في تقاسم السلطة ونهب موارد الدولة"، مما يجعل الديمقراطية شكلية.

فلاح المشعل (كاتب وصحفي): يصف الانتخابات بـ"صراع رؤوس الأموال مع قوة النفوذ ومراكز السلطة"، محذراً من أن "مَنْ لا يملك أموالاً ضخمة وسلطة عليه أن لا يفكر في الترشح"، مما يعزز الشعور بالديمقراطية الزائفة التي تفضل النخب المالية على التمثيل الشعبي.

هذه الآراء تتقاطع في نقدها وتدعم فكرة بناء معارضة قوية، كما أشار ضمد، لكشف "زيف النظام وفساده".

وهكذا، ومع بدء المشاورات البرلمانية، يبقى السؤال الجوهري – كما طرحه ضمد – هل ستتحد القوى المعارضة (شاركت أو قاطعت) لتشكيل جبهة تصحح المسار؟ الانتخابات أكدت الاستقرار، لكنها كشفت هشاشة الديمقراطية أمام التحديات الهيكلية. بالتالي، فإن الفترة المقبلة ستحدد إن كانت هذه النتائج خطوة نحو الإصلاح أم مجرد فصل جديد في دورة الإحباط.

قال الله تعالى: (وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ)(التوبة: 105)